المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سيرة عبد العزيز الدباغ رضي الله عنه



سامر سويلم
20-08-2014, 10:58 PM
سيرة عبد العزيز الدباغ رضي الله عنه

http://www.alomariya.org/adminimages/shekh-dabbagh.gif

هذه شخصية أخرى غريبة في الأمة الإسلامية إنه طراز عجيب في أقطاب الأمة المحمدية، لا نعلم له مثيلاً في وضعه وشكله. وسيدي عبد العزيز هذا من الشرفاء الأطهار الدباغين المشهورين بفاس، ولد سنة 1095 هـ. ونشأ في حجر أبويه وكان في صغره قد دخل الكتاب وتعلّم وحفظ بعض سور حزب سبح ولم يقدر له استمرار في القراءة ولا جلس بين يدي عالم قط. ولأمر أراده الله عز وجل بهذا الرجل العظيم على عاميته وأميته، وبعده عن الميادين العلمية حفه الله عز وجل بعنايته وأحاطه بكامل رعايته واختار له أبوين كريمين: أبوه شريف نسيب حسيب من السلالة الطاهرة النبوية ينتمي نسبه إلى سيدي عيسى بن مولاي إدريس؛ أما والدته فهي بنت أخت العارف الكبير سيدي العربي الفشتالي رضي الله عنه. توفي والدها وهي صغيرة وتزوجت والدتها رجلاً ثانياً وبقيت البنت تحت كفالة خالها سيدي العربي فوجه إليها عنايته ورعايته، ولما بلغت الحلم زوجها من سيدي مسعود الدباغ والد سيدي عبد العزيز، وكان من جملة أصحابه الذين يقرؤون القرآن ويجودونه ويصححونه عليه.



وكان سيدي العربي الفشتالي يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي إنه سيولد ولي كبير عند ابنة أختك. فقلت: يا رسول الله صلى الله عليك وسلم، ومن أبوه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أبوه مسعود الدباغ. وقالت والدة سيدي عبد العزيز كان سيدي العربي يقول سيولد لكم ولد اسمه عبد العزيز له شأن عظيم في الولاية، وكان سيدي العربي يتمنى إدراك ولادته ولكنه فاجأه أجله سنة تسعين وألف قبل ولادته بخمس سنوات. ولما حضرته الوفاة أوصى لسيدي عبد العزيز بطاقية وحذاء تركهما عند والديه، وقال لهما هذه أمانة الله عندكما حتى يولد لكما عبد العزيز فأعطوه هذه الأمانة.

ولما ولد وبلغ من العمر نحواً من أربعة عشر عاماً ألهم الله عز وجل والدته فجاءت بالأمانة وقالت له: يا ولدي إن سيدي العربي الفشتالي أوصى إليك بهذه الأمانة، فأخذها ولبس الطاقية في رأسه والحذاء في رجليه فتغيرت أحواله وانقلبت عوالمه ونزلت به حالة وعرف لحينه ما قال له سيدي العربي الفشتالي وما أشار به إليه.

وعقب هذا توفيت والدته فارحة رضي الله تعالى عنها، فتزوج والده امرأة أخرى فكانت تسيء إلى سيدي عبد العزيز، وكانت بجانبها أيضاً أمة لوالده فكان يقاسي شدائدهما معاً، وبمناسبة ذلك يذكر لنا حادثة عجيبة ومشهداً غريباً حصل له في ذلك الإبان فيقول: وقد وقع لي عام أحد عشر بعد موت أمي ما يستغرب، وذلك أن أبي تزوج امرأة أخرى واستجور أمة له فجاءت فضربتني فقلت أي هم أقاسيه هم الأمة أم هم المرأة! فتكدرت وتغيرت ثم جرت لي سِنة فرأيت جميع ما يقع لي إلى انصرام أجلي فرأيت من التقى معي من الأشياخ ورأيت المرأة التي أتزوجها ومضت المدة إلى ولادة ولدي محمد وذبحت له وسبعت، ثم رأيت جميع ما يقع لي بعده إلى ولادة ابنتي فاطمة، ورأيت الفتح الذي وقع لي بعد ولادتها وجميع ما أدركته لا يغيب عني شيء منه، ومن جميع ما وقع لي في عمري وهذا كله في سويعة ولست بنائم حتى يكون رؤيا منام. اهـ.

تشوفه للعبودية الخالصة وبحثه عمن يأخذ بيده:

لقد حدّث عن نفسه أنه منذ لبس تلك الأمانة تاقت نفسه للعبودية الخالصة، فجعل يبحث عن الوارث المحمدي فكان لا يسمع بشيخ مشهور إلا شيّخه وأخذ عنه، ثم يتركه ويأخذ عن غيره؛ لما كان يجده في صدره من ضيق. وبقي على حالته تلك متحيراً في أمره مدة من ثلاثة عشر عاماً من سنة تسع إلى إحدى وعشرين، وكان يعتاد المبيت بضريح العارف سيدي علي بن حرازم رضي الله تعالى عنه كل ليلة جمعة مع جماعة لقراءة بردة المديح، فخرج ليلة من الضريح وإذا به برجل جالس حذاء الروضة تحت شجرة، فجعل يكلمه ويكاشفه بأموره، ولما تحقق منه أنه ولي الله عز وجل استأذنه في تلقين الورد فتغافل عنه مدة إلى أن برق الفجر، ثم أذن له بعد أن أخذ عليه العهد أن لا يتركه. وكان فيما لقنه أنه يذكر يومياً سبعة آلاف اللهم يا رب بجاه سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم اجمع بيني وبين محمد بن عبد الله في الدنيا قبل الآخرة. ثم خرج عليهما العارف سيدي عمر بن محمد الهواري رضي الله تعالى عنه وكان قيماً لروضة سيدي علي فأوصاه به خيراً، فكان هذا آخر عهده بالرجل؛ ولم يدر من هو ولا أين توجه. ثم يحدثنا أنه عرف بعد الفتح أنه سيدنا الخضر عليه السلام كما أخبره أيضاً به سيدي عمر الهواري عند وفاته، ويصرح لنا سيدي عبد العزيز بأن سيدي الهواري أخبره عند وفاته بأن شيخه هو سيدي العربي الفشتالي وانه كان حاملاً لبعض أسراره، ثم ينتقل الجميع لسيدي عبد العزيز بواسطة الهواري.

حصول الفتح الإلهي لسيدي عبد العزيز ومبادئ ذلك:

لكل شيء سبب و للفتح عند الصوفية أسباب وطرق لابد للسالك من قطعها وهي تختلف باختلاف الأشخاص، فقد تكون على بعض القوم وعرة شاقة وقد تكون على آخرين ميسرة سهلة، وذلك حسب الأوعية والاستعداد الواقع من النفوس. وقد مر على سيدي عبد العزيز الدباغ رضي الله تعالى عنه ما يقرب من ثمانية عشر عاماً وهو متشوف للوصول و الفتح جاداً في الطلب دؤوباً على العبودية ولم يحصل على شيء، حتى انتقل سيدي عمر الهواري وبلغ سيدي عبد العزيز عنفوان شبابه وأشرف على بلوغ الأشد؛ فحينئذ أتاه الفتح وحصل على الأمانة التي كان بابها موت الهواري وتلك هي السعادة الكبرى ومنى كل سالك.

فلقد حدثنا رضي الله تعالى عنه أنه عقب موت سيدي عمر بثلاثة أيام فتح الله تعالى عليه، وكان ذلك ثامن رجب سنة خمس وعشرين ومائة وألف، وكان ابتداء ذلك أنه خرج يوماً لقضاء حاجة داره، فداخلته قشعريرة عند باب الفتوح ثم رعدة كثيرة ثم اشتد به الحال وجعل صدره يضطرب اضطراباً عظيماً، ثم خرج شيء من ذاته كأنه بخار الطعام، ثم جعلت ذاته تتطاول حتى صارت أطول من كل شيء ثم جعلت الأشياء تنكشف له وتظهر كأنها بين يديه فرأى جميع المدن والقرى وكل ما في هذا البر، ورأى كما يقول النصرانية ترضع ولدها وهو في حجرها، ورأى جميع البحار، ورأى الأرضين السبع وما فيهن من دواب ومخلوقات، ورأى السماء وكأنه فوقها وهو ينظر ما فيها، وإذا بنور عظيم كالبرق الخاطف فحاذه من جميع جهاته وأصابه منه برد عظيم حتى ظن أنه مات؛ فبادر فانبطح على وجهه لئلا ينظر ذلك النور. فلما انبطح رأى لكل ذاته عيوناً يبصر بها لا يحجبها شيء، ثم استمر الأمر عليه ساعة و انقطع ثم جعل يبكي فعاوده ساعة ثم انقطع فجعل يأتيه ساعة وينقطع أخرى، إلى أن اعتادته ذاته فصار يغيب ساعة في النهار و مثلها في الليل ثم صحبه فجعل لا يغيب عنه. هذا ما حصل له أول أمره. اهــ.

وهذه المفاجأة المهولة كثيراً ما تأتي المقربين الذين قدر لهم أن يكونوا أوعية لأسرار الله عز وجل، وبما أن هذا المشهد لم يعهده من نفسه ولا سمع مثله من أحد حكى قصته لرجل صالح كان يتصل به فثبته وبشره خيراً؛ ثم عقب هذا الحادث جمعه الله عز وجل بولي الله تعالى غريب يقال له سيدي عبد الله البرناوي لقيه بباب الجيسة، فجعل ينظر إليه ويصعّد فيه النظر فقال له: أريد منك أن ترجع معي إلى المسجد لنجلس ساعة نتحدث فيها، فرجع معه فجعل يكاشفه بحاله ويقول له إني مريض بكذا وكذا وحصل لي كذا وكذا للحالة التي وقعت له، ثم صارحه بأنه من بلاد برنو وأنه ما جاء لفاس إلا لأجله؛ فبقي معه يربيه ويقويه ويراقبه من رجب إلى عشر ذي الحجة، فلما كان اليوم الثالث من عيد الأضحى رأى سيد الوجود صلى الله عليه وسلم يقظة، فقال له عندئذ سيدي عبد الله البرناوي يا سيدي عبد العزيز قبل اليوم كنت أخاف عليك واليوم حيث جمعك الله مع رحمته تعالى سيد الوجود صلى الله عليه وسلم آمن قلبي واطمأن خاطري فأستودعك الله عز وجل؛ ثم ذهب إلى بلاده. قال وكانت إقامته معي بقصد أن يحفظني من دخول الظلام علي في الفتح الذي وقع لي إلى أن يقع لي الفتح في مشاهدة النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لا يخاف على الفتوح حينئذ.

معارف سيدي عبد العزيز وآياته وخوارقه:

إن سيدي عبد العزيز الدباغ كما قدمنا شخصية نادرة غريبة الوجود في هذه الأمة فهو مع كونه أميّاً لم يحفظ القرآن ولم يجلس بين يدي عالم قط، قد فتح الله تعالى عليه وتكلم بالعجب العجاب؛ وصدرت منه النوادر والغرائب، وحل من المشاكل ما حارت فيه ذوو الألباب من فطاحل العلماء، وخاض في علوم تاهت فيها عقول الفحول، وله من الآيات الباهرات والكرامات الواضحات والمكاشفات الصادقات ما تنبهر لها العقول.

فمنها وهي من الغرابة بمكان، معرفته للعلوم وتفرقته بين كلام الله عز وجل وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعرفته للحديث الموضوع وما لا أصل له، ويقول إنه يرى لكلام الله عز وجل أنواراً باهرة عظيمة عند تلاوته، وللحديث النبوي نوراً كذلك غير أنه أضعف من الأول بينما كان يرى للحديث الموضوع والذي لا أصل له ظلمة تخرج معه، وهذا شيء عجيب، ما سمعنا بمثله لغيره رضي الله تعالى عنه؛ ولذلك فقد بين عدة أحاديث وافق فيها حفاظ الحديث على وضعها، بل بلغ من أمره في التحقق بهذا المقام أنه كان يفرق بين أحاديث البخاري ومسلم وغيرهما، بل كان يعرف أقوال أهل العلم في التفسير والحديث والفقه الإسلامي على سائر المذاهب، وكان يذكرها ويرجح ما هو الحق عند الله تعالى فيها، ويذكر عنه تلميذه وخريجه سيدي أحمد بن المبارك أنه كان يرجع إلى كتب أهل العلم فيجهد نفسه في المطالعة والتحصيل، ويقارن بين كلامهم في الموضوع الذي يريده، وما يعتمده كل واحد منهم، ثم يأتيه فيوجه إليه السؤال في ذلك فيجيبه بما قرأه ويزيده من النقول والفوائد والتحقيقات، ما لم يطرق سمعه قط.

وقد سرد سيدي أحمد بن المبارك في كتابه "الإبريز" الذي وضعه في ترجمة هذا العارف كثيراً من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وأقوال العارفين والعلماء التي استشكلت عليه أو على من قبله من العلماء، فحلها و أجاب عن كل ذلك بما لا يوجد عند غيره، ولذلك فقد استفدنا منه كثيراً وكثيراً كبطلان قصص عوج بن عنق و الغرانيق وهاروت وماروت، وبيان كيفية نزول المطر ومن أين مصدره ومخالفته لعلماء الهيأة وتحقيق الحق في قوله تعالى: { يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ } [الرعد:39] ونفيه النبوة عن النساء وموافقته في ذلك للجمهور وتحققه بمعرفة توحيد السلف الصالح وإبطاله لقصة ثعلبة المشهورة في سبب نزول قوله تعالى :{ وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ } [التوبة :75]. وتفسيره قوله تعالى في قول إبراهيم { فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا ۖ قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ } [الأنعام :76] . وتكلمه على ما أشكل من أحوال الأنبياء، وتكلمه على عظمة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم و شخصيته وأنه أصل الأنوار وإفاضته في ذلك بما يسبي العقول، وكلامه على ما يشاهده العارف المفتوح عليه من العوالم من إنس وجن ونبات ومعادن وحيوانات وبحار ورياح وسحاب وأمطار وثلوج وجنة ونار وبرزخ وأرواح الملائكة والأنبياء والأولياء والأموات، وتكلمه على نزول الملائكة على الأولياء وإطلاع الله أولياءه على المفاتح الخمس؛ إن الله عنده علم الساعة ... إلخ. وإن الولي لا يتمكن من التصرف حتى يعلمها وأن النبي صلى الله عليه وسلم ما توفي حتى عرفها وجوابه عن آية { عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا} [الجن : 26] . وتكلمه على مشاهدة الأولياء لنبي الله صلى الله عليه وسلم يقظة، وإن هذا المقام لا يصل إليه العارف حتى يقطع آلاف المقامات وأن العارف ينزع منه سبعون عرقاً من عروق الظلام منها عرق حب الزنا والخمر والدنيا والحسد والعجب، وتكلمه على حمل السر الإلهي والمعرفة وصعوبة ذلك، وتكلمه على الفتح النوراني والظلماني والفرق بينهما وأن الأول خاص بأهل الاستقامة، والثاني قد يقع حتى لعبدة غير الله من البراهمة والفلاسفة وغيرهم وأنهم قد يكاشفون بما في العالم ويتصرفون فيهم كما يحصل للأولين ولا فارق غير أن لأهل الفتح النوراني خصائص إلهية خصوا بها لا يعرفها الآخرون ولا يتحققون بها. وتكلمه على أشياء وأمور تزيد في الايمان وتبيينه أنواع الظلام الداخلة على القلوب وتكلمه على تطور الأنبياء والأولياء في صور شتى، وأن نبينا صلى الله عليه وسلم له منى الذوات التي تتشكل روحانيته عليها مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً، وتكلمه على الجمادات وغيرها وأنه شاهدها تسبح الله تعالى بلغات مختلفة. وتكلمه على ساعة الإجابة الليلية ووقت التجلي الإلهي وإن ذلك وقت فجر الحجاز وقت ولادة نبي الله صلى الله عليه وسلم وتكلمه على ديوان الأولياء وأنظمتهم و تصرفهم، وإنهم يحضرون بغار حراء ويحضر معهم نبي الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة والحسنان وفاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنهم، وبعض الملائكة والكمل من الروحانيين الميتين؛ واستعانة الأولياء بالملائكة والجن فيما ليس في طوقهم من التصرفات، وتكلمه على تصرف الأولياء في بعضهم وتصرف الولي الكامل في العالم حتى ما فوق العرش. وأن مدده يسري إليه من النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تكلمه على الشيوخ و المشيخة وشروطها والمريد وآدابه والخلوة وفائدتها وشروطها والمقصود منها عند القوم، وفائدة النسبة وأخذ الورد و التلقين وحشر الأولياء وأتباعهم مع نبي الله صلى الله عليه وسلم، وما يتوخاه السالكون من الرياضات والمجاهدات وما يجب أن يكون عليه السالك وأن السلوك للحصول على الكرامات معلول مدخول لا إخلاص فيه؛ وأن العبودية بنية الوصول إلى مقام الإخلاص لا خلل فيها، لأن الإخلاص واجب وما لا يتوصل للواجب إلا به كان واجباً. وتكلمه على المذاهب والتأدب مع أربابها وأن العارفين لا يتقيدون بمذهب واحد، وذكر لذلك مثالاً خالف فيه هو مذهب مالك رحمه الله تعالى وأنه في استطاعته بإذن الله تعالى أن يحيي الشريعة ولو تعطلت بأسرها، وإن له من القوة ما يهلك به البر كله، وإن المفتوح عليه الفتح الكامل لا يغيب عن مشاهدة الحق كما لا يغيب عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتكلمه على قول الغزالي ليس في الإمكان أبدع مما كان، وعلى قول أبي يزيد خضنا بحراً وقفت الأنبياء بساحله إلى غير ذلك مما تجده مبسوطاً في "الإبريز". وكل ما ذكره ليس بغريب ولا ببعيد على من فتح الله عليه وعلمه من لدنه علماً وكتب القوم ملآنة بمعارف وحقائق لا يعرفها علماء الظاهر الذين أفنوا أعمارهم في تحصيل العلوم على اختلافها نقلاً وعقلاً. فرضي الله تعالى عن سيدي العارف عبد العزيز الدباغ وأسبل على روحه شآبيب رحماته، ورحم الله تلميذه ووارث سره الإمام ولي الله تعالى سيدي أحمد بن المبارك الذي أفادنا عن هذا الإمام علماً جماً وعرفنا بهذه الشخصية الفذة.

ومن الغريب أن يكون هذا العارف عامياً أمياً ويتتلمذ له أعلم عالم تخرج من القرويين لم يكن في عصره وأقرانه له نظير. إن في ذلك لأعظم عبرة بل أكبر دليل وأصدق شاهد على صحة طريق القوم وأن الله تعالى يمنحهم ما لا يمنح غيرهم من العلوم والمواهب و الخصائص والمزايا. فحيا الله عز وجل روضة الدباغ وضجيعه ابن المبارك، وحيا الله تعالى مقبرة باب الفتوح التي ضمت في خباياها جثثاً من أكابر هذه الأمة، وحيا الله مدينة فاس، فكم أنجبت لنا من عارف وكم أظهرت فيها من سالك وكم ولدت من مرشد ومرب، فحياكم الله يا رقاد الفاسيين وطيب الله ثراكم.

توفي سيدي عبد العزيز الدباغ سنة 1131هـ. ودفن بالقباب خارج باب الفتوح وعمره دون الأربعين سنة، ودفن معه تلميذه العلامة سيدي أحمد بن المبارك.

مركوش
21-08-2014, 11:24 AM
شكرا على الطرح والمجهودات فى اثراء قسم الكتب والمخطوطات سلمت اياديكم

ساندى
27-08-2014, 02:40 AM
شكرا وجزاك الله كل خير على طرح هذه السير العطرة لاولياء الله الصالحين

نسائم الرحمن
27-08-2014, 04:55 PM
بارك الله فيك اخي الفاضل

لطائف الله
01-09-2014, 07:10 PM
بارك الله فيك اخي الفاضل

جنة
03-09-2014, 09:27 PM
شكرا على الترجمة لسيرة سيدى عبد العزيز الدباغ اوردنا الله موارد انسهم وقبولهم وختم لنا جميعا بصالح الاعمال اللهم امين

نور الهدى
23-10-2014, 12:09 PM
شكرا على الترجمة لسيرة سيدى عبد العزيز الدباغ اوردنا الله موارد انسهم وقبولهم وختم لنا جميعا بصالح الاعمال اللهم امين