المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ترجمة الإمام الرفاعي رضي الله عنه



سامر سويلم
27-08-2014, 08:18 PM
ترجمة الإمام الرفاعي رضي الله عنه

http://www.alomariya.org/adminimages/shekh-rifae.jpg

قال الصفدي في الوافي بالوفيات (7/ 143):
أحمد بن علي بن أحمد بن يحيى بن حازم بن علي بن رفاعة الزاهد الكبير سلطان العارفين في زمانه أبو العباس الرفاعي المغربي رضي الله عنه. قَدِمَ أبوه العراق وسكن البطائح بقرية اسمها "أم عبيدة" فتزوج بأخت الشيخ منصور الزاهد ورُزِقَ منها أولاداً منهم الشيخ أحمد.

قال ابن خلكان في وفيات الأعيان (172-171/1):
كان رجلاً صالحاً فقيهاً شافعي المذهب، وانضم إليه خلق عظيم من الفقراء، وأحسنوا الاعتقاد فيه وتبعوه. والطائفة المعروفة بالرفاعية والبطائحية من الفقراء منسوبة إليه، ولم يكن له عقب، وإنما العقب لأخيه، وأولاده يتوارثون المشيخة والولاية على تلك الناحية إلى الآن. والرفاعي -بكسر الراء وفتح الفاء وبعد الألف عين مهملة- هذه النسبة إلى رجل من العرب، يُقال له رفاعة، هكذا نقلته من خط بعض أهل بيته. والبطائح -بفتح الباء الموحدة والطاء المهملة وبعد الألف ياء مثناة من تحتها ثم حاء مهملة- وهي عدة قرى مجتمعة في وسط الماء بين واسط والبصرة، ولها شهرة بالعراق.

قال أبو المحاسن في النجوم الزاهرة(92/6):
إمام وقته في الزهد والصلاح والعلم والعبادة. كان من الأفراد الذين أجمع الناس على علمه وفضله وصلاحه. وكان يجتمع عنده كلّ سنة في المواسم خلق عظيم. قال الشيخ شمس الدين يوسف في تاريخه مرآة الزمان: «حكى لي بعض أشياخنا قال: حضرت عنده ليلة نصف شعبان، وعنده نحو من مائة ألف إنسان قال: فقلت له: هذا جمع عظيم؛ فقال لي: حشرت محشر هامان إن خطر ببالي أنّى مقدّم هذا الجمع. قال: وكان متواضعاً سليم الصدر مجرّداً من الدنيا ما ادّخر شيئاً قطّ». انتهى. قلت: وعلم الشيخ أحمد بن الرفاعيّ وفضله وورعه أشهر من أن يذكر، وهو أكثر الفقراء أتباعاً شرقاً وغرباً، والأعاجم يسمّونه: سيّدي أحمد الكبير.

قال السبكي في طبقات الشافعية(26-23/6):
أحد أولياء الله العارفين والسادات المشمرين أهل الكرامات الباهرة. وكان مولده في المحرم سنة اثنتي عشرة وخمسمائة، وتفقه على مذهب الشافعي وكان كتابه التنبيه. قال الشيخ يعقوب بن كراز وهو من أخص أصحاب الشيخ أحمد: كان سيدي أحمد في المجلس، فقال لأصحابه: أي سادة أقسمت عليكم بالعزيز سبحانه من كان يعلم فيَّ عيباً فليقله. فقام الشيخ عمر الفاروثي فقال: أنا أعلم عيبك إن مثلنا من أصحابك، فبكى الشيخ والفقراء. وقال: أي عمر إن سَلِمَ المركب حمل من فيه في التعدية. وقيل: إن هرة نامت على كم الشيخ وجاء وقت الصلاة فقص كمه ولم يزعجها وعاد من الصلاة فوجدها قد قامت فوصل الكم بالثوب وخاطه وقال: ما تغير شيء. وعن يعقوب: دخلت على سيدي أحمد في يوم بارد وقد توضأ ويده ممدودة فبقي زماناً لا يحرك يده فتقدمت إلى تقبيلها فقال: أي يعقوب شوشت على هذه الضعيفة. قلت: من هي؟ قال: البعوضة كانت تأكل رزقها من يدي فهربت منك. قال: ورأيته مرة يتكلم ويقول يا مباركة ما علمت بك أبعدتك عن وطنك، فنظرت فإذا جرادة تعلقت بثوبة وهو يعتذر إليها رحمة لها. وقال الشيخ أحمد: سلكتُ كل طريق فما رأيتُ أقربَ ولا أسهلَ ولا أصلحَ من الذل والافتقار والانكسار لتعظيم أمر الله والشفقة على خلق الله والاقتداء بسنة سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان يجمع الحطب ويحمله إلى بيوت الأرامل والمساكين وربما كان يملأ الماء لهم. قال يعقوب: قال لي سيدي أحمد لما بويع منصور قيل له منصور: اطلب. فقال: أصحابي. فقال رجلٌ لسيدي أحمد: يا سيدي فأنت أيش؟ فبكى وقال: أي فقير ومن أنا في البين، ثبت نسب واطلب ميراث. فقلت: يا سيدي أقسم عليك بالعزيز أيش أنت؟ قال: لما اجتمع القوم وطلب كل واحد شيئاً دارت النوبة إلى هذا اللاش أحمد وقيل: أي أحمد اطلب. قلت: أي رب علمك محيطٌ بطلبي، فكرر عليَّ القول. فقلت: أي مولاي؛ أريد ألا أريد، وأختار ألا يكون لي خيار، فأجابني وصار الأمر له. وعن يعقوب: مرَّ سيدي أحمد على دار الطعام فرأى الكلاب يأكلون التمر من القوصرة وهم يتحارشون فوقف على الباب لئلا يدخل إليهم أحد يؤذيهم.

قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (80/21):
الإمام، القدوة، العابد، الزاهد، شيخ العارفين ... وقيل: أحضر بين يديه طبق تمر، فبقي ينقي لنفسه الحشف يأكله، ويقول: أنا أحق بالدون، فإني مثله دون.

وكان لا يجمع بين لبس قميصين، ولا يأكل إلا بعد يومين أو ثلاثة أكلة، وإذا غسل ثوبه، ينـزل في الشط كما هو قائم يفركه، ثم يقف في الشمس حتى ينشف، وإذا ورد ضيف، يدور على بيوت أصحابه يجمع الطعام في مئزر.

وعنه قال: الفقير المتمكن إذا سأل حاجة، وقضيت له، نقص تمكنه درجة.
وكان لا يقوم للرؤساء، ويقول: النظر إلى وجوههم يقسي القلب.
وكان كثير الاستغفار، عالي المقدار، رقيق القلب، غزير الإخلاص.

قال الشعراني في الطبقات الكبرى (145-140/1):
كانت انتهت إليه الرياسة في علوم الطريق وشرح أحوال القوم وكشف مشكلات منازلاتهم وبه عرف الأمر بتربية المريدين بالبطائح وتخرج بصحبته جماعة كثيرة. وكان رضي الله عنه يقول: لما مررت وأنا صغير على الشيخ العارف بالله تعالى عبد الملك الخرنوتي أوصاني وقال لي: يا أحمد، احفظ ما أقول لك، فقلت: نعم. فقال رضي الله عنه: ملتفت لا يصل، ومتسلل -في رواية أخرى متشكك- لا يفلح، ومن لم يعرف من نفسه النقصان فكل أوقاته نقصان. فخرجت من عنده وجعلت أكررها سنة ثم رجعت إليه فقلت له: أوصني، فقال: ما أقبح الجهل بالألباء والعلة بالأطباء والجفاء بالأحباء. ثم خرجت وجعلت أرددها سنة فانتفعت بموعظته.

وكان رضي الله عنه يقول لولده صالح: إن لم تعمل بعلمي فلست لك أباً ولا أنت لي ولداً.
وكان رضي الله عنه إذا صعد الكرسي لا يقوم قائماً وإنما يتحدث قاعداً، وكان يسمع حديثه البعيد مثل القريب حتى إن أهل القرى التي حول أم عبيدة كانوا يجلسون على سطوحهم يسمعون صوته، ويعرفون جميع ما يتحدث به حتى كان الأطرش والأصم إذا حضروا يفتح الله أسماعهم لكلامه، وكانت أشياخ الطريق يحضرونه ويسمعون كلامه.

وكان إذا تجلى الحق تعالى عليه بالتعظيم يذوب حتى يكون بقعة ماء ثم يتداركه اللطف فيصير يجمد شيئاً فشيئاً حتى يرد إلى جسمه المعتاد، ويقول: لولا لطف الله تعالى بي ما رجعت إليكم، ولقيه مرة جماعة من الفقراء فسبوه، وقالوا له يا أعور يا دجال يا من يستحل المحرمات يا من يبدل القرآن يا ملحد يا كلب! فكشف سيدي أحمد رضي الله عنه رأسه، وقبل الأرض وقال يا أسيادي اجعلوا عبيدكم في حل، وصار يقبل أيديهم، وأرجلهم، ويقول: ارضوا عني وحلمكم يسعني؛ فلما أعجزهم قالوا: ما رأينا قط فقيراً مثلك تحمل منا هذا كله، ولا تتغير فقال هذا ببركتكم، ونفحاتكم؛ ثم التفت إلى أصحابه، وقال ما كان إلا خيراً أرحناهم من كلام كان مكتوماً عندهم، وكنا نحن أحق بهم من غيرنا فربما لو وقع منهم ذلك لغيرنا ما كان يحملهم.

قال يعقوب الخادم رضي الله عنه: ولما مرض سيدي أحمد رضي الله عنه مرض الموت قلت له: تجلى العروس في هذه المرة؛ قال: نعم. فقلت له لماذا فقال: جرت أمور اشتريناها بالأرواح، وذلك أنه أقبل على الخلق بلاء عظيم فتحملته عنهم وشريته بما بقي من عمري فباعني وكان يمرغ وجهه وشيبته على التراب ويبكي ويقول: العفو العفو؛ ويقول: اللهم اجعلني سقف البلاء على هؤلاء الخلق وكان مرض الشيخ رضي الله عنه بالبطن فكان يخرج منه في كل يوم ما شاء الله. فبقي المرض بالشيخ شهراً فقيل له: من أين لك هذا كله، ولك عشرون يوماً لا تأكل، ولا تشرب؛ فقال: يا أخي هذا اللحم يندفع، ويخرج. ولكن قد ذهب اللحم، وما بقي إلا المخ اليوم يخرج، وغداً نعبر على الله تعالى فخرج منه شيء أبيض مرتين أو ثلاثاً، وانقطع؛ ثم توفي يوم الخميس وقت الظهر ثاني عشر جمادى الأولى سنة سبعين وخمسمائة، وكان يوماً مشهوداً. وكان آخر كلمة قالها: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله. ودفن في قبر الشيخ يحيى البخاري.

نسائم الرحمن
28-08-2014, 01:59 PM
شكرا على هذه الترجمة الوافية لولى من اولياء الله الصالحين ونرجو منكم المزيد بارك الله فيكم وفيما خطت اياديكم

ماجد
28-08-2014, 02:50 PM
شكرا اخى واللهم ارض عن ساداتنا أل البيت عليهم رضوان الله تعالى

جنة
28-08-2014, 03:02 PM
شكرا جزيلا على الترجمة والسيرة الشارحة لحياة ومأثر اولياء الله الصالحين عسانا نقتدى بهم فى زمن طغت فيه المادية واساليبها على سمو الروح وعلوها واتصالها بربها عز وجل

ظفار العدوى
29-08-2014, 01:14 AM
شكرا على الطرح القيم بارك الله فيك وفى مجهوداتك معنا بالمنتدى

مصطفى شوقى
20-09-2014, 02:16 PM
شكرا اخى واللهم ارض عن ساداتنا أل البيت عليهم رضوان الله تعالى

مركوش
23-10-2014, 11:59 AM
مشكور وبارك الله فيك على الطرح الطيب