المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ترجمة الشيخ الأكبر رضي الله عنه



سامر سويلم
27-08-2014, 08:20 PM
ترجمة الشيخ الأكبر رضي الله عنه

قال الشعراني في الطبقات الكبرى (1/188): الشيخ العارف الكامل المحقق المدقق أحد أكابر العارفين بالله سيدي محيي الدين ابن العربيِّ رضي الله عنه بالتعريف كما رأيته بخطه في كتاب نسب الخرقة رضي الله عنه. وقال أبو شامة المقدسي في الذيل على الروضتين (ص170): واسمه محمدُ بنُ عليِّ بنِ محمدِ بن العربيِّ أبو عبد الله الطائيُّ الحاتميِّ قرأته من خطه. وقال الزبيدي في تاج العروس (3/355): رأيت في جزء من أجزاء الحديث على هامشه طباق فيه سماع لابن عربي بخطه وقد ذكر فيه آخر السماع، وكتبه محمد بن علي بن محمد بن محمد بن العربي، الطائي، هكذا بالألف واللام وكذا في نسخ من فتوحاته، على ما نقله شيخنا ثم قال: وهذا اصطلح عليه الناس وتداولوه.

http://www.alomariya.org/adminimages/shekh-akbar.gif

قال الدكتور محمد علي حاج يوسف في كتابه شمس المغرب: لقد كان يوماً صيفياً جميلاً ذلك اليوم الذي وُلِدَ فيه محمد. لم يكن المخاض حالة أمه فقط؛ لأن ولادته كانت حالة استثنائية في التاريخ بأسره. وكأن الدنيا وُلدت حبلى به. انتقل محمد في أصلاب الرجال أرباب الكرم من أرض النبوات في جزيرة العرب إلى الأندلس، جنة الله على الأرض. في ربوع تلك البلدة الجميلة على ضفاف نهر شقورة وفي يوم رحمة من أواسط شهر رمضان المبارك وُلد محمد بن علي بن العربي بن محمد الحاتمي الطائي. في ليلة الاثنين السابع عشر من شهر رمضان المبارك سنة 560 للهجرة، الموافق 26 تموز (يوليو) سنة 1165 للميلاد. وُلِدَ في مرسية شرقي الأندلس سليل أسرة عريقة معروفة بالعلم والتقوى والجود والسخاء والكرم؛ فجدّهُ الأعلى عبد الله الحاتمي، أحد قادة الفتوحات الإسلامية وهو أخو عديّ ابن حاتم الطائي، الصحابي الجليل الذي خاض حروب الردة وأوائل الفتوحات الإسلامية. وكان أبوه علي ابن العربي ذا منصب ومكانة كبيرة عند السلطان ابن مردنيش في مرسية وبعده عند سلاطين الموحدين في إشبيلية. وعندما بلغ ابن العربي الثامنة من عمره انتقل مع عائلته إلى إشبيلية وذلك سنة 1172/568 م. قال المقري في كتابه نفح الطيب (2/ 162): قرأ القرآن على أبي بكر ابن خلف بإشبيلية بالسبع وبكتاب الكافي، وحدّثه به عن ابن المؤلف أبي الحسن شريح بن محمد بن شريح الرّعيني عن أبيه، وقرأ أيضاً السبع بالكتاب المذكور على أبي القاسم الشّرّاط القرطبي، وحدّثه به عن ابن المؤلف، وسمع على أبي بكر محمد بن أبي جمرة كتاب التيسير للدّاني عن أبيه عن المؤلف، وسمع على ابن زرقون وأبي محمد عبد الحق الإشبيلي الأزدي وغير واحد من أهل المشرق والمغرب يطول تعدادهم. قال ابن الأبار التكملة لكتاب الصلة (2/ 146): وسمع الحديث من أبي القاسم الحرستاني وغيره، وسمع صحيح مسلم مع شيخنا أبي الحسن بن أبي نصر في شوال سنة ست وستمائة وكان يحدث بالإجازة العامة عن أبي طاهر السلفي ويقول بها. لقيه جماعة من العلماء المتعبدين وأخذوا عنه وأفادني بعض أصحابنا إجازته العامة لمن أحب الرواية عنه. قال الشيخ عبد الله التليدي في كتابه المطرب بمشاهير أولياء المغرب (ص:116-117): وكان كثير الأسفار والجولان، فقد زار مدينة أسلافه سبتة لأول مرة سنة 589هـ. ونزل بجزيرة طريفة في نفس التاريخ إلى سنة 590هـ. ثم زار تلمسان وتونس في نفس السنة، وزار مدينة فاس سنة 591هـ. ثم عاد إلى إشبيلية سنة 592هـ. ورجع إلى فاس مرة ثانية سنة 593 ، 594 ، 595 هـ. ثم عاد إلى الأندلس بتاريخ 595هـ. وزار بها المرية وغرناطة ومرسية ثم زار تونس مرة ثانية ومدينة مراكش كليهما في نفس السنة، ثم زار سلا ومراكش مرة ثانية سنة 597هـ. وفي هذه المرة اجتمع بها بأبي الوليد ابن رشد الحفيد، كما ذكره في الفتوحات وكان في مرسية ومرشانة 598هـ. وفي هذه السنة جدد رحلته الأخيرة التي توجه فيها مغادراً بلاده إلى البلاد الشرقية وقام برحلة واسعة طاف في خلالها أقطاراً كثيرة شرقاً وغرباً، وكان كلما دخل قطراً أقام ببعض مدنه مدة ثم ارتحل، وفي هذه الرحلة دخل سبتة وسلا ثم تونس والقاهرة والقدس الشريف ثم مكة المكرمة وجاور بها إلى سنة 600هـ. ثم زار بغداد والموصل سنة 601 هـ والخليل 602هـ. وكان بالقاهرة للمرة الثانية سنة 603هـ، ثم رجع لمكة المكرمة مرة ثانية سنة 604هـ، ثم زار حلب من بلاد الشام سنة 606هـ، وبغداد مرة ثانية سنة 608هـ، ثم زار رومية وملطية سنة 612هـ، وحلب مرة ثانية سنة 610هـ، وكان بالحرمين الشريفين مرة ثانية سنة 611هـ. ثم زار قونية في بلاد تركيا سنة 612هـ، ورجع لحلب مرة ثالثة سنة 617هـ،وكان بدمشق سنة 620 هـ، وبحلب للمرة الرابعة سنة 628هـ، وبدمشق أيضاً للمرة الأخيرة النهائية سنة 629هـ، وبقي بها إلى أن وافاه أجله المحتوم ليلة الجمعة الثامن والعشرين من ربيع الآخر سنة 638هـ. قال الصفدي في الوافي بالوفيات (4/126): وكانت وفاته بدمشق في دار القاضي محيي الدين وغسله الجمال ابن عبد الخالق ومحيي الدين وكان العماد ابن النحاس يصب عليه وحمل إلى قاسيون ودفن بتربة القاضي محيي الدين ابن الزَّكي. قال ابن كثير في البداية والنهاية (13/ 156): وكان بنو الزَّكي لهم عليه اشتمال وبه احتفال ولجميع ما يقوله احتمال. قال ابن شاكر في فوات الوفيات (3/438): قال الشيخ محيي الدين ابن عربي: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقلت: يا رسول الله، أيما أفضل الملك أو النبي؟ فقال: الملك، فقلت: يا رسول الله أريد على هذا برهانا دليلا إذا ذكرته عنك أصدق فيه، فقال: ما جاء عن الله تعالى أنه قال: "من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه". قال الداوودي في طبقات المفسرين (2/ 209): وحكى ابن سودكين عنه: أنه كان يقول: ينبغي للعبد أن يستعمل همّته في الحضور في مناماته، بحيث يكون حاكما على خياله يصرفه بعقله نوما، كما كان يحكم عليه يقظة، فإذا حصل للعبد هذا الحضور وصار خلقا له، وجد ثمرة ذلك في البرزخ، وانتفع به جدا، فليهتم العبد بتحصيل هذا القدر، فإنه عظيم الفائدة بإذن الله.

وقال: إن الشيطان ليقنع من الإنسان بأن ينقله من طاعة إلى طاعة ليفسخ عزمه بذلك.
وقال: ينبغي للسالك متى خطر له أن يعقد على أمر، أو يعاهد الله تعالى عليه، أن يترك ذلك الأمر إلى أن يجيء وقته، فإن يسّر الله فعله فعله، وإن لم ييسّر الله فعله، يكون مخلصا من نكث العهد، ولا يتصف بنقض الميثاق.

قال المقري في نفح الطيب (2/ 168): ومن نظم سيدي الشيخ محيي الدين رضي الله تعالى عنه قوله:

يا من يراني ولا أراه كم ذا أراه ولا يراني
قال رحمه الله تعالى: قال لي بعض إخواني لمّا سمع هذا البيت: كيف تقول: إنه لا يراك وأنت تعلم أنه يراك فقلت له مرتجلاً:
يا من يراني مجرماً ولا أراه آخذا
كم ذا أراه منعماً ولا يراني لائذا
قلت: من هذا وشبهه تعلم أن كلام الشيخ رحمه الله تعالى مؤوّل، وأنّه لا يقصد ظاهره، وإنّما له محامل تليق به، وكفاك شاهداً هذه الجزئية الواحدة، فأحسن الظنّ به ولا تنتقد، بل اعتقد، وللنّاس في هذا المعنى كلام كثير، والتسليم أسلم، والله سبحانه بكلام أوليائه أعلم.
قال ابن فضل الله العمري في مسالك الأبصار (8/331-332): وحكى صاحبه شمس الدين إسماعيل بن سودكين التوزري قال: قال لي الشيخ محيي الدين: كنت في بعض سياحاتي، فدخل في إصبعي شوكة، فمنعتني عن المشي، فقعدت، وأخذت رجلي في حجري أنظر إليها، وقلت: إلهي لو أن معي إبرة، أو ملقطاً لتسببت. إلهي! وأنت تعلم عقيدتي أنني أعتقد أن الإبرة والملقاط ما لهما إبراء البتة، فلا تحتجب عني بهما. قال: فنوديت في باطني: نعم، الأمر كذلك، ولكن إليهما ركون. فقلت: إلهي! ولا ركون. وإذا بالشوكة قد نفرت بحدة من رجلي، وضربتني بقوة في إصبع يدي المسبحة اليمنى، وسقطت على الأرض، فقمت ومضيت لسبيلي بفضل الله تعالى.

بعث السلطان الرسولي الملك الناصر بسؤال إلى قاضي القضاة الشيخ الإمام مجد الدين محمد بن يعقوب الشيرازي الفيروز أبادي (729-817 هـ)، وهو من أئمة اللغة والأدب والتفسير والحديث والفقه والسير، تزيد مؤلفاته عن 50 مؤلفاً، صاحب القاموس المحيط، والسؤال هو: "ما يقول سيدنا ومولانا شيخ الإسلام في الكتب المنسوبة إلى الشيخ محيي الدين بن العربي كالفتوحات والفصوص؛ هل تحلّ قراءتها وإقراؤها ومطالعتها؟ فأجابه:
"اللهم أنطقنا بما فيه رضاك. الذي أعتقده في حال المسئول عنه، وأدين الله تعالى به، إنه كان شيخ الطريقة حالاً وعلماً، وإمام التحقيق حقيقةً ورسماً، ومحيي رسوم المعارف فعلاً واسماً، إذا تغلغل فكر المرء في طرفٍ من مجده غرقتْ فيه خواطره، عبابٌ لا تكدِّره الدِّلاء، وسحابٌ تتقاصر عنه الأنواء، كانت دعواته تخترق السبع الطباق، وتُفرّق بركاته فتملأ الآفاق، وإنّي أصفه وهو يقيناً فوق ما وصفته، وناطق بما كتبته، وغالب ظنّي أنّي ما أنصفته.
وما عليّ إذا ما قلت معتقدي دع الجهول يظنُّ العدل عدوانا
واللهِ واللهِ واللهِ العظيـم ومَن أقـامه حجـة لله برهـانـا
إنّ الذي قلتُ بعضٌ من مناقبه ما زِدتُ، إلّا لعلّي زدتُ نقصانا

وأما كتبه ومصنّفاته فالبحار الزواخر، التي بجواهرها لكثرتها لا يعلم لها أوّل ولا آخر، ما وضع الواضعون بمثلها، وإنما خصّ الله بمعرفة قدرِها أهلَها. ومن خواص كتبه؛ أنّه من واظب على مطالعتها، والنظر فيها، وتأمّل في مبانيها؛ انشرح صدره لحلّ المشكلات، وفكّ المعضلات، وهذا الشأن لا يكون إلا لأنفاس مَن خصّه الله بالعلوم اللدنّيّة الربّانّيّة.

ووقفتُ على إجازة كتبها للملك المعظّم، فقال في آخرها: وأجزتُ له أيضاً أن يروي عنّي مصنّفاتي، ومن جملتها كذا وكذا حتى عدَّ نيفاً وأربعمائة مصنّف، ومنها "التفسير الكبير" الذي بلغ فيه إلى تفسير سورة الكهف عند قوله تعالى: { وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً } ستّين سفراً، فاستأثره الله تعالى، وتوفّى ولـم يكمل.

وهذا التفسير كتاب عظيم، كلّ سفر منه بحر لا ساحل له، ولا غرو فإنّه صاحب الولاية العظمى والصدّيقية الكبرى، فيما نعتقده وندين الله به.

وثَمّ طائفة في الغيّ يعظّمون عليه النكير، وربما بلغ بهم الجهل إلى حدّ التكفير، وما ذلك إلا لقصور أفهامهم عن إدراك مقاصد أقواله ومعانيها، ولم تنل أيديهم - لِقصرها - إلى اقتطاف مجانيها.
عَلَيَّ نحتُ القوافي مِن مَقاطِعِها وَما عَلَيَّ لَهُم أَن لم تَفهَم البَقَرُ
هذا الذي نعلم، ونعتقده، وندين الله به في حقّه، والله تعالى أعلم".

وصلّى الله وسلّم على سيّدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.

نسائم الرحمن
28-08-2014, 02:00 PM
شكرا على هذه الترجمة الوافية لولى من اولياء الله الصالحين ونرجو منكم المزيد بارك الله فيكم وفيما خطت اياديكم

ماجد
28-08-2014, 02:53 PM
شكرا اخى واللهم ارض عن ساداتنا أل البيت عليهم رضوان الله تعالى

جنة
28-08-2014, 03:02 PM
شكرا جزيلا على الترجمة والسيرة الشارحة لحياة ومأثر اولياء الله الصالحين عسانا نقتدى بهم فى زمن طغت فيه المادية واساليبها على سمو الروح وعلوها واتصالها بربها عز وجل

ظفار العدوى
29-08-2014, 01:14 AM
شكرا على الطرح القيم بارك الله فيك وفى مجهوداتك معنا بالمنتدى

غانم العمروسى
17-09-2014, 02:30 PM
شكرا على السيرة العطرة وبارك الله فيك

مركوش
23-10-2014, 12:00 PM
مشكور وبارك الله فيك على الطرح الطيب