المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ترجمة الإمام الجيلاني رضي الله عنه



سامر سويلم
27-08-2014, 08:22 PM
ترجمة الإمام الجيلاني رضي الله عنه

قال الشعراني في الطبقات الكبرى (133-126/1):
ومنهم أبو صالح سيدي عبد القادر الجيلي رضي الله تعالى عنه وهو ابن موسى بن عبد الله بن يحيى الزاهد بن محمد بن داود بن موسى بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم أجمعين. ولد رضي الله عنه سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، وتوفي سنة إحدى وستين وخمسمائة، ودفن ببغداد رضي الله تعالى عنه وقد أفرده الناس بالتآليف، ونحن نذكر إن شاء الله تعالى ملخص ما قالوه مما به نفع، وتأديب للسامع فنقول وبالله التوفيق: كان رضي الله عنه يقول: عثر الحسين الحلاج فلم يكن في زمنه من يأخذ بيده، وأنا لكل من عثر مركوبه من أصحابي، ومريدي ومحبي إلى يوم القيامة آخذ بيده يا هذا فرسي مسرج ورمحي منصوب، وسيفي شاهر وقوسي موتر أحفظك، وأنت غافل. وحكى عن أمه رضي الله عنها، وكان لها قدم في الطريق أنها قالت لما وضعت ولدي عبد القادر كان لا يرضع ثديه في نهار رمضان، ولقد غم على الناس هلال رمضان فأتوني وسألوني عنه فقلت لهم: إنه لم يلتقم اليوم له ثدياً ثم اتضح أن ذلك اليوم كان من رمضان. واشتهر ببلدنا في ذلك الوقت أنه ولد للأشراف ولد لا يرضع في نهار رمضان، وكان رضي الله عنه يلبس لباس العلماء، ويتطيلس، ويركب البغلة وترفع الغاشية بين يديه، ويتكلم على كرسي عال، وربما خطا في الهواء خطوات على رؤوس الناس. ثم يرجع إلى الكرسي. وقيل له مرة مالنا لا نرى الذباب يقع على ثيابك فقال: أي شيء يعمل الذباب عندي، وأنا ما عندي شيء من دبس الدنيا، ولا عسل الآخرة. وكان رضي الله عنه يقول: يا رب كيف أهدي إليك روحي، وقد صح بالبرهان أن الكل لك وكان رضي الله عنه يتكلم في ثلاثة عشر علماً، وكانوا يقرأون عليه في مدرسته درساً من التفسير، ودرساً من الحديث ودرساً من المذهب، ودرساً من الخلاف؛ وكانوا يقرأون عليه طرفي النهار التفسير، وعلوم الحديث، والمذهب، والخلاف، والأصول. والنحو وكان رضي الله عنه يقرأ القرآن بالقراءات، بعد الظهر. وكان يفتي على مذهب الإمام الشافعي، والإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنهما، وكانت فتواه تعرض على العلماء بالعراق فتعجبهم أشد الإعجاب فيقولون سبحان من أنعم عليه. ورفع إليه سؤال في رجل حلف بالطلاق الثلاث إنه لا بد أن يعبد الله عز وجل عبادة ينفرد بها دون جميع الناس في وقت تلبسه بها فماذا يفعل من العبادات فأجاب على الفور يأتي مكة ويخلى له المطاف، ويطوف سبعاً وحده، وينحل يمينه؛ فأعجب علماء العراق، وكانوا قد عجزوا عن الجواب عنها. ورفع له شخص ادعى أنه يرى الله عز وجل بعيني رأسه فقال: أحق ما يقولون عنك. فقال: نعم فانتهره، ونهاه عن هذا القول؛ وأخذ عليه أن لا يعود إليه فقيل للشيخ أمحق هذا أم مبطل فقال هذا محق ملبس عليه. وذلك أنه شهد ببصيرته نور الجمال، ثم خرق من بصيرته إلى بصره لمعة فرأى بصره ببصيرته؛ وبصيرته يتصل شعاعها بنور شهوده فظن أن بصره رأى ما شهده ببصيرته؛ وإنما رأى بصره ببصيرته فقط، وهو لا يدري. قال الله تعالى مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان. وكان جمع من المشايخ، وأكابر العلماء حاضرين هذه الواقعة فأطربهم سماع هذا الكلام، ودهشوا من حسن إفصاحه عن حال الرجل؛ ومزق جماعة ثيابهم، وخرجوا عرايا إلى الصحراء. وكان رضي الله عنه يقول: تراءى لي نور عظيم ملأ الأفق ثم تدلى فيه صورة تناديني يا عبد القادر أنا ربك، قد أحللت لك المحرمات. فقلت اخسأ يا لعين! فإذا ذلك النور ظلام، وتلك الصورة دخان؛ ثم خاطبني يا عبد القادر نجوت مني بعلمك بأمر ربك، وفقهك في أحوال منازلاتك؛ ولقد أضللت بمثل هذه الواقعة سبعين من أهل الطريق. فقلت لله الفضل. فقيل له: كيف علمت أنه شيطان قال بقوله وقد أحللت لك المحرمات. ولما اشتهر أمره في الآفاق، اجتمع مائة فقيه من أذكياء بغداد يمتحنونه في العلم فجمع كل واحد له مسائل، وجاء إليه فلما استقر بهم المجلس، أطرق الشيخ فظهرت من صدره بارقة من نور فمرت على صدور المائة فمحت ما في قلوبهم فبهتوا، واضطربوا، وصاحوا صيحة واحدة، ومزقوا ثيابهم، وكشفوا رؤوسهم ثم صعد الكرسي. وأجاب الجميعَ عما كان عندهم فاعترفوا بفضله. وكان أبو الفتح الهروي رضي الله عنه يقول: خدمت الشيخ عبد القادر رضي الله عنه أربعين سنة، فكان في مدتها يصلي الصبح بوضوء العشاء، وكان كلما أحدث جدد في وقته وضوءه ثم يصلي ركعتين، وكان يصلي العشاء ويدخل خلوته، ولا يمكّن أحداً أن يدخلها معه؛ فلا يخرج منها إلا عند طلوع الفجر. ولقد أتاه الخليفة يريد الاجتماع به ليلا فلم يتيسر له الاجتماع إلى الفجر.

http://www.alomariya.org/adminimages/shekh-jilani.jpg

قال الذهبي في تاريخ الإسلام (39/89):
قَالَ ابن السَّمعانيّ: أَبُو مُحَمَّد عَبْد القادر فخر أهل جِيلان، إمام الحنابلة وشيخهم فِي عصره، فقيهٌ صالح ديّن، كثير الذِّكْر دائم الفِكر سريع الدّمعة. تفقَّه عَلَى المُخَرِّمي، وصحِبَ الشَّيْخ حمّاد الدّبّاس. قَالَ: وكان يسكن باب الأزج في المدرسة الّتي بنوا لَهُ. مضيت يوما لأودّع رفيقا لي، فلمّا انصرفنا قَالَ لي بعض من كَانَ معي: ترغب فِي زيارة عَبْد القادر والتَّبرُّك بِهِ؟ فمضينا ودخلت مدرسته، وكانت بكرة، فخرج وقعد بين أصحابه، وختموا القرآن؛ فلمّا فرغنا أردتُ أن أقوم، فأجلسني وقال: حتّى نفرغ من الدَّرْس. فألقى درساً عَلَى أصحابه، ما فهمت منه شيئا. وأعجب من هذا أنّ أصحابه قاموا وأعادوا ما درّس لهم، فلعلّهم فهموا لإلْفهم بكلامه وعبارته.

قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (442/20):
أنبأنا أبو بكر بن طرخان أن الشيخ الموفق أخبرهم، وقد سئل عن الشيخ عبد القادر رضي الله عنه: أدركناه في آخر عمره، فأسكننا في مدرسته، وكان يعنى بنا، وربما أرسل إلينا ابنه يحيى، فيسرج لنا السراج؛ وربما يرسل إلينا طعاماً من منزله. وكان يصلي الفريضة بنا إماما، وكنت أقرأ عليه من حفظي من كتاب الخرقي غدوة، ويقرأ عليه الحافظ عبد الغني من كتاب «الهداية». وما كان أحد يقرأ عليه ذلك الوقت سوانا. فأقمنا عنده شهرا وتسعة أيام، ثم مات، وصلينا عليه ليلا في مدرسته. ولم يسمع عن أحد يحكى عنه من الكرامات أكثر مما يحكى عنه، ولا رأيت أحدا يعظمه الناس من أجل الدين أكثر منه. وسمعنا عليه أجزاء يسيرة.

وقال ابن الجوزي في مرآة الزمان (8/265-264):
كان سكوت الشيخ عبد القادر أكثر من كلامه، وكان يتكلم على الخواطر، فظهر له صيت عظيم، وقبول تام. وما كان يخرج من مدرسته إلا يوم الجمعة، أو إلى الرباط. وتاب على يده معظم أهل بغداد، وأسلم معظم اليهود والنصارى. وما كان أحد يراه إلا في أوقات الصلاة. وكان يصدع بالحق على المنبر، وينكر على من يولي الظلَمة على الناس.

ولما ولي المقتفي القاضي ابن المرخم الظالم، قال على المنبر: وليت على المسلمين ظلم الظالمين، ما جوابك غدا عند رب العالمين؟
وكان له كرامات ظاهرة. لقد أدركت جماعة من مشايخنا يحكون منها جملة. حكى لي خالي لأمي خاص بك قال: كان الشيخ عبد القادر يجلس يوم الأحد، فبت مهتما بحضور مجلسه، فاتفق أنني احتلمت، وكانت ليلة باردة؛ فقلت ما أفوت مجلسه، وإذا انقضى المجلس اغتسلت. وجئت إلى المدرسة والشيخ على المنبر، فساعة وقعت عينه علي قال: يا زبير، تحضر مجلسنا وأنت جنب وتحتج بالبرد! وحكى لي مظفر الحربي، رجل صالح، قال: كنت أنام في مدرسة الشيخ عبد القادر لأجل المجلس؛ فمضيت ليلة وصعدت على سطوح المدرسة، وكان الحر شديدا، فاشتهيت الرطب وقلت: يا إلهي وسيدي، ولو أنها خمس رطبات. وقال: كان للشيخ باب صغير في السطح، ففتح الباب وخرج، وبيده خمس رطبات، وصاح: يا مظفر! وما يعرفني؛ تعال خذ ما طلبت. قال: ومن هذا شيء كثير.

قال ابن العماد في شذرات الذهب (332-331/6):
كان شيخ الشيوخ الشيخ عبد القادر نحيف الجسم، عريض الصدر، عريض اللّحية، أسمر، مدور الحاجبين، ذا صوت جهوريّ وسمت بهيّ. ولما ترعرع وعلم أن طلب العلم فريضة، شمّر ساق الاجتهاد في تحصيله، وسارع في تحقيق فروعه وأصوله، بعد أن اشتغل بالقرآن حتّى أتقنه. ثم تفقّه في مذهب الإمام أحمد بن حنبل، على أبي الوفاء بن عقيل، وأبي الخطّاب، وأبي الحسين محمد بن القاضي أبي يعلى، والمبارك المخرّمي. وسمع الحديث من جماعة، وعلوم الأدب من آخرين. وصحب حماد الدبّاس، وأخذ عنه علم الطريقة بعد أن لبس الخرقة من أبي سعد المبارك المخرّمي. وفاق أهل وقته في علوم الديانة، ووقع له القبول التّام، مع القدم الراسخ في المجاهدة وقطع دواعي الهوى والنفس.

ولما أراد الله إظهاره أضيف إلى مدرسة أستاذه أبي سعد المخرّمي، فعمرها وما حولها، وأعانه الأغنياء بأموالهم والفقراء بأنفسهم؛ فكملت في سنة ثمان وعشرين، ثم تصدّر فيها للتدريس، والوعظ، والتذكير. وقصد بالزيارات والنذور من الآفاق، وصنّف وأملى، وسارت بفضله الركبان؛ ولقب بمجمع الفريقين، وموضح الطريقين، وكريم الجدّين، ومعلّم العراقين. وتلمذ له أكثر الفقهاء في زمنه، ولبس منه الخرقة المشايخ الكبار، وصار قطب الوجود. وأكبر شيوخ اليمن وغيرها تنتسب إليه؛ وكراماته تخرج عن الحدّ وتفوت الحصر والعدّ. وله نظم فائق رائق. وتاب على يده معظم أهل بغداد، وأسلم معظم اليهود والنصارى على يديه.

قال ابن شاكر في فوات الوفيات (374-373/2):
قال أبو الحسين اليونيني: سمعت الشيخ عز الدين بن عبد السلام يقول: ما نقلت إلينا كرامات أحد بالتواتر، إلا الشيخ عبد القادر.
وكان الشيخ عبد القادر قد لازم الأدب على أبي زكريا التبريزي، واشتغل بالوعظ إلى أن برز فيه، ثم لازم الخلوة والرياضة والسياحة والمجاهدة والسهر والمقام في الخراب والصحراء، وصحب الشيخ أحمد الدباس وأخذ عنه علم الطريق، ثم إن الله أظهره للخلق وأوقع له القبول العظيم. وعقد المجلس سنة إحدى وعشرين وخمسمائة، وأظهر الله الحكمة على لسانه، ثم جلس في مدرسة أبي سعد للتدريس والفتوى سنة ثمان وعشرين، وصار يقصد بالزيارة، وصنف في الفروع والأصول، وله كلام على لسان أهل الطريق.

نسائم الرحمن
28-08-2014, 02:00 PM
شكرا على هذه الترجمة الوافية لولى من اولياء الله الصالحين ونرجو منكم المزيد بارك الله فيكم وفيما خطت اياديكم

ماجد
28-08-2014, 02:48 PM
شكرا اخى واللهم ارض عن ساداتنا أل البيت عليهم رضوان الله تعالى

جنة
28-08-2014, 03:02 PM
شكرا جزيلا على الترجمة والسيرة الشارحة لحياة ومأثر اولياء الله الصالحين عسانا نقتدى بهم فى زمن طغت فيه المادية واساليبها على سمو الروح وعلوها واتصالها بربها عز وجل

ظفار العدوى
29-08-2014, 01:15 AM
شكرا على الطرح القيم بارك الله فيك وفى مجهوداتك معنا بالمنتدى

كارم المحمدى
21-09-2014, 07:54 PM
جزاك الله كل خير

مركوش
23-10-2014, 11:59 AM
مشكور وبارك الله فيك على الطرح الطيب