المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإمام أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه



سامر سويلم
27-08-2014, 08:29 PM
الإمام أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه

قال ابن عطاء الله في لطائف المنن (ص:75):
وهو الشيخ الإمام حجة الصوفية علم المهتدين، زين العارفين، أستاذ الأكابر، والمنفرد في زمانه بالمعارف السنية والمفاخر، العالم بالله، والدال على الله، زمزم الأسرار، ومعدن الأنوار، والقطب الغوث الجامع: تقي الدين أبو الحسن علي بن عبد الله بن عبد الجبار بن تميم بن هرمز، ابن حاتم بن قصي بن يوسف بن يوشع بن ورد بن بطال بن محمد بن أحمد بن عيسى بن محمد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم.

http://www.alomariya.org/adminimages/shekh-shaduli.gif

قال ابن الملقن في طبقات الأولياء (ص: 458):
الشاذلي، بالشين والذال المعجمتين وبينهما ألف، وفي آخرها لام نسبة إلى شاذلة قرية بأفريقيا –تونس-، الضرير الزاهد، نزيل الإسكندرية، وشيخ الطائفة الشاذلية.

الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي (10/ 593):
وُلد أبو الحسن الشاذلي بقرية غمارة من نواحي سبتة بالمغرب سنة (593 هـ = 1197 م)، ودرس علوم القرآن والحديث والفقه واللغة، ثم رحل إلى بغداد، والتقى مع الصوفي أبى الفتح الواسطي، ثم عاد إلى مسقط رأسه، ثم رحل إلى تونس، ثم إلى مكة؛ لأداء فريضة الحج. وفى طريق العودة نزل بالإسكندرية، وأقام في أحد أبراج سورها، ثم رحل إلى القاهرة واستقر بها؛ حيث تزوج وأنجب، وجلس للتدريس بالمدرسة الكاملية. ولم تكن حياة الشاذلي حياة عزلة؛ فعندما غزا الصليبيون دمياط، كان في مقدمة العلماء الذين اشتركوا في معركة المنصورة حاثّاً على الجهاد، حتى تمَّ النصر للمسلمين، على الرغم من فقدانه البصر. ولم يؤلف الشاذلي كتباً ولا رسائل، بل له عدة أوراد وأدعية، تشمل: حزب البحر، وحزب البر أو الحزب الكبير وحزب الفتح.

قال ابن بطوطة في رحلته (1/ 187):
أخبرني الشيخ ياقوت عن شيخه أبي العباس المرسي أن أبا الحسن كان يحج كل سنة ويجعل طريقه على صعيد مصر، ويجاور بمكة شهر رجب وما بعده إلى انقضاء الحج، ويزور القبر الشريف ويعود على الدرب الكبير إلى بلده، فلما كان في بعض السنين وهي آخر سنة خرج فيها، قال لخديمه: استصحب فأساً وقفة وحنوطاً وما يجهز به الميت، فقال له الخديم: ولماذا يا سيدي؟ فقال له: في (حميثرا) سوف ترى، وحميثرا بصعيد مصر في صحراء عيذاب. وبها عين ماء زعاق، وهي كثيرة الضباع، فلما بلغا حميثرا اغتسل الشيخ أبو الحسن وصلى ركعتين وقبضه الله عز وجل في آخر سجدة من صلاته ودفن هناك.

قال ابن الصباغ في درة الأسرار وتحفة الأبرار (ص:231): وبات تلك الليلة متوجهاً إلى الله تعالى ذاكراً يسمعه أصحابه وهو يقول: إلـهي إلـهي، فلما كان السحر سكن، فظننا أنه نام، فحركناه فوجدناه ميتاً.

قال الصفدي في نكث الهميان (ص: 197): فدفن هناك في أول ذي القعدة سنة ست وخمسين وستمائة.

قال ابن عطاء الله في لطائف المنن (ص:76): وأخبرني الشيخ العارف مكين الدين الأسمر رضي الله عنه قال: حضرت بالمنصورة في خيمة فيها الشيخ الإمام المفتي عز بن عبد السلام، والشيخ مجد الدين بن تقي الدين علي بن وهب القشيري المدرس، والشيخ محيي الدين بن سراقة، والشيخ مجد الدين الإخميمي، والشيخ أبو الحسن الشاذلي، رضي الله عنهم؛ ورسالة القشيري تُقرأ عليهم، وهم يتكلمون، والشيخ أبو الحسن صامت، إلى أن فرغ كلامهم فقالوا:
يا سيدي، نريد أن نسمع منك.
فقال: أنتم سادات الوقت وكبراؤه، وقد تكلمتم.
فقالوا: لا بد أن نسمع منك.
قال: فسكت الشيخ ساعة، ثم تكلم بالأسرار العجيبة والعلوم الجليلة.
فقام الشيخ عز الدين وخرج من صدر الخيمة وفارق موضعه وقال: اسمعوا هذا الكلام الغريب القريب العهد من الله.

قال ابن الصباغ في درة الأسرار وتحفة الأبرار (ص:49): وحدثني الشيخ الصالح أبو العزائم ماضي قال: كان للشيخ ولد اسمه علي. فلقيته بالإسكندرية سكراناً بالخمر، فأتيت به إلى الدار وضربته ضرباً وجيعاً حتى تعلق بأمه، فجذبته حتى خرج بخيوط رأسها في يده، فصاحت وبكت، فدخل عليها الشيخ فقال لها: ما يبكيك؟ فأخبرته بالقصة، ولم تخبره بسكره، فتغير الشيخ لذلك، فلما دخل الزاوية قال لي: يا ماضي، لم فعلت كذا وكذا؟
قلت: لأني وجدته سكرانا بالخمر، والله لو تعلق بك لجلدته الحد.
قال لي: هكذا هو.
وتغير وجهه ودخل الخلوة ساعة واستدعاني، فدخلت عليه فوجدته فرحاً مستبشراً، فقال لي: دخلت إلى هذا المكان، وهممت أن أدعو على ولدي، فقيل لي: يا علي، ما لك ولوليي؛ دعه حتى ينفد ما قدرته عليه. فلم تمض إلا مدة يسيرة حتى خرج في سياحة، وظهر بأرض المغرب، وظهرت ولايته.

قال ابن عطاء الله في لطائف المنن (ص:86): وقال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه: كنت أنا وصاحب لي قد أوينا إلى مغارة نطلب الوصول إلى الله فكنا نقول غدا يفتح لنا، فدخل علينا رجل له هيبة فقلنا له: من أنت؟ فقال: أنا عبد الملك، فعلمنا أنه من أولياء الله، فقلنا له: كيف حالك؟ فقال: كيف حال من يقول غداً يفتح لي، بعد غد يفتح لي؟ فلا ولاية ولا فلاح. يا نفس، لم لا تعبدين الله لله؟ قال: فتفطنا من أين دخل علينا، فتبنا إلى الله واستغفرنا ففتح لنا.

قال السيوطي في حسن المحاضرة (1/ 520):
قال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد رحمه الله: ما رأيت أعرف بالله من الشاذلي رضي الله عنه.

قال الشيخ مؤمن بن حسن الشِّبْلَنْجِي في نور الأبصار في مناقب آل بيت النبي المختار صلى الله عليه وسلم (ص:269-270):
ولما شاع أمره في بلاد المغرب تجرأت عليه الأعداء والحسدة من كل جانب ورموه بالعظائم وبالغوا في أذيته، حتى منعوا الناس من مجالسته وقالوا إنه زنديق. ولما أراد السفر إلى مصر كتبوا إلى سلطان مصر مكاتبات إنه سيقدم عليكم مصر مغربي من الزنادقة، أخرجناه من بلادنا حين أتلف عقائد المسلمين؛ وإياكم أن يخدعكم بحلاوة منطقه فإنه من كبار الملحدين، ومعه استخدامات من الجن. فما وصل الشيخ إلى مدينة الإسكندرية حتى وجد الخبر بذلك سابقاً على مقدمه؛ فقال حسبنا الله ونعم الوكيل. فبالغ أهل الإسكندرية في إيذائه ثم رفعوا أمره إلى سلطان مصر وأخرجوا له مراسيم فيها ما يباح به دم الشيخ. فمد يده إلى سلطان المغرب وأتى منه بمراسيم تناقض ذلك فيها من التعظيم والتبجيل ما لا يوصف؛ تاريخه متأخر عن مراسيمهم فتحير السلطان وقال: العمل بهذا أولى؛ وأكرمه ورده إلى الإسكندرية مكرماً. ولما تزايد عليه الأذى، توجه إلى الله تعالى؛ وذلك أنه أرسل له سلطان مصر يسأله الدعاء ويتعطف بخاطره، فكف الناس عنه الأذى حرمة للسلطان. وبعضهم داوم على الأذى وكتبوا فيه للسلطان، وقالوا: يا مولانا إنه كيماوي! فتغير السلطان، ثم أرسلوا إليه مكاتبات أنه يضرب الزغل، وأنه كيماوي؛ وحذروا الناس من مجالسته. واتفق أن خازندار السلطان محمد بن قلاوون وقع في أمر يوجب القتل عند الملوك، فأمر بشنقه فهرب واختفى بالإسكندرية وأقام عند الشيخ. فبلغ الخبر السلطان فكتب إليه: ما كفاك ضرب الزغل حتى أنك تؤوي غريم السلطان! فأرسله ساعة وصول كتابنا إليك؛ وإلا فعلنا بك وفعلنا؛ فلم يرسله الشيخ. فغضب السلطان وأرسل يتوعد الشيخ بالقتل ويقول له كيف تتلف مماليك السلطان؟! فلما وصل إليه الخبر مع شخص من أخصاء السلطان قال له الشيخ: معاذ الله أن نتلف أحداً من مماليك السلطان، وإنما نحن نصلحه؛ ثم قال لقاصد السلطان ائتنا بما شئت من الرصاص من حواصل السلطان حتى أريك الإصلاح. فأتى بشيء كثير فألقاه الشيخ في فسيقة جامع من غير ماء، وقال للخازندار: بل على هذا الرصاص! فبال عليه فصار ذهباً خالصاً؛ فقال: أهذا إصلاح أم فساد؟ فقال: هذا هدية لمولانا السلطان، وقل له يرضى عن مملوكه؛ فرضي عنه. ثم إن السلطان نزل إلى زيارة الشيخ في الإسكندرية، وأضمر في نفسه أن يعلمه صنعة الكيمياء فقال له: كيمياؤنا التقوى؛ فاتق الله يعلمك حرف كن. ثم لم يزل معظماً للشيخ حتى مات.

قال الشيخ الشعراني رضي الله عنه في الطبقات الكبرى (2/ 4-12):
من كلامه رضي الله عنه:
* عليك بالاستغفار وإن لم يكن هناك ذنب، واعتبر باستغفار النبي صلى الله عليه وسلم بعد البشارة واليقين بمغفرة ما تقدم من ذنبه، وما تأخر؛ هذا في معصوم لم يقترف ذنباً قط، وتقدس عن ذلك؛ فما ظنك بمن لا يخلو عن العيب والذنب في وقت من الأوقات.
* إذا عارض كشفك الكتاب، والسنة فتمسك بالكتاب والسنة ودع الكشف؛ وقل لنفسك إن الله تعالى قد ضمن لي العصمة في الكتاب والسنة، ولم يضمنها لي في جانب الكشف ولا الإلهام ولا المشاهدة؛ مع أنهم أجمعوا على أنه لا ينبغي العمل بالكشف ولا الإلهام ولا المشاهدة، إلا بعد عرضه على الكتاب والسنة.
* إذا جاذبتك هواتف الحق، فإياك أن تستشهد بالمحسوسات على الحقائق الغيبيات وتردها فتكون من الجاهلين؛ واحذر أن تدخل في شيء من ذلك بالعقل.
* كل علم يسبق إليك فيه الخواطر، وتميل إليه النفس، وتلذ به الطبيعة، فارم به وإن كان حقاً؛ وخذ بعلم الله الذي أنزله على رسوله، واقتد به وبالخلفاء والصحابة والتابعين من بعده وبالأئمة الهداة المبرئين عن الهوى، ومتابعته، تسلم من الشكوك والظنون والأوهام والدعاوى الكاذبة المضلة عن الهدى وحقائقه. وماذا عليك أن تكون عبد الله، ولا علم ولا عمل، وحسبك من العلم العلم بالوحدانية، ومن العمل محبة الله ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم ومحبة الصحابة، واعتقاد الحق للجماعة. قال رجل: متى الساعة يا رسول الله? قال: ما أعددت لها؟ قال: لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله فقال: المرء مع من أحب.
* إذا ثقل الذكر على لسانك، وكثر اللغو في مقالك، وانبسطت الجوارح في شهواتك، وانسد باب الفكرة في مصالحك، فاعلم أن ذلك من عظيم أوزارك أو لكون إرادة النفاق في قلبك؛ وليس لك طريق إلا الطريق؛ والإصلاح والاعتصام بالله والإخلاص في دين الله تعالى. ألم تسمع إلى قوله تعالى: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 146] ولم يقل من المؤمنين، فتأمل هذا الأمر إن كنت فقيهاً.
* ارجع عن منازعة ربك تكن موحداً، واعمل بأركان الشرع تكن سنياً، واجمع بينهما تكن محققاً.
* قيل لي: يا علي ما على وجه الأرض مجلس في الفقه أبهى من مجلس الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وما على وجه الأرض مجلس في علم الحديث أبهى من مجلس الشيخ عبد العظيم المنذري، وما على وجه الأرض مجلس في علم الحقائق أبهى من مجلسك.
* وكان يقول من أحب أن لا يُعصى الله تعالى في مملكته، فقد أحب أن لا تظهر مغفرته ورحمته، وأن لا يكون لنبيه صلى الله عليه وسلم شفاعة.
* وكان يقول لا تشم رائحة الولاية، وأنت غير زاهد في الدنيا وأهلها.
* إذا جالست العلماء فلا تحدثهم إلا بالعلوم المنقولة، والروايات الصحيحة إما أن تفيدهم، وإما أن تستفيد منهم؛ وذلك غاية الربح منهم. وإذا جالست العُبّاد والزهاد، فاجلس معهم على بساط الزهد والعبادة، وحل لهم ما استمرأوه، وسهل عليهم ما استوعروه، وذوّقهم من المعرفة ما لم يذوقوه؛ وإذا جالست الصديقين ففارق ما تعلم، تظفر بالعلم المكنون.
* إذا انتصر الفقير لنفسه، وأجاب عنها فهو، والتراب سواء.
* لا يتم للعالم سلوك طريق القوم إلا بصحبة أخ صالح أو شيخ ناصح.
* وقيل له مرة: من شيخك؟ فقال: كنت أنتسب إلى الشيخ عبد السلام بن مشيش، وأنا الآن لا أنتسب إلى أحد؛ بل أعوم في عشرة أبحر محمد وأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وجبريل، وميكائيل، وعزرائيل، وإسرافيل، والروح الأكبر.
* لا تركن إلى علم، ولا مدد، وكن بالله؛ واحذر أن تنشر علمك ليصدقك الناس، وانشر علمك ليصدقك الله تعالى.
* من أقبل على الخلق الإقبال الكلي قبل بلوغ درجات الكمال، سقط من عين الله تعالى. فاحذروا هذا الداء العظيم فقد تعلق به خلق كثير، وقنعوا بالشهرة وتقبيل اليد، فاعتصِموا بالله يهدكم الله إلى الطريق المستقيم.
* لن يصل العبد إلى الله وبقي معه شهوة من شهواته، ولا مشيئة من مشيئاته.
رضي الله عنه وأرضاه ونفعنا به، آمين.

نسائم الرحمن
28-08-2014, 02:01 PM
شكرا على هذه الترجمة الوافية لولى من اولياء الله الصالحين ونرجو منكم المزيد بارك الله فيكم وفيما خطت اياديكم

ماجد
28-08-2014, 02:56 PM
شكرا اخى واللهم ارض عن ساداتنا أل البيت عليهم رضوان الله تعالى

جنة
28-08-2014, 03:03 PM
شكرا جزيلا على الترجمة والسيرة الشارحة لحياة ومأثر اولياء الله الصالحين عسانا نقتدى بهم فى زمن طغت فيه المادية واساليبها على سمو الروح وعلوها واتصالها بربها عز وجل

ظفار العدوى
29-08-2014, 01:14 AM
شكرا على الطرح القيم بارك الله فيك وفى مجهوداتك معنا بالمنتدى

هنادى العايدى
10-09-2014, 03:20 AM
شكرا على الطرح الشيق والمعرفى

مركوش
23-10-2014, 12:00 PM
مشكور وبارك الله فيك على الطرح الطيب