المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الوالي والشيخ



سامر سويلم
20-10-2014, 10:48 PM
يقال ان واليا ذو حظوة من الخليفة, زار الخليفة ليلا في قصره, وصادف ان الخليفة في ذلك الوقت كان سكرانا, لا يدري ما يقول, فأهان الوالي وشتمه, وطرده, فلما أصبح الصباح, قيل للخليفة انك فعلت كذا وكذا, فأرسل الخليفة يعتذر من الوالي, فقال الوالي: انا اعلم ان ما صدر منك صدر في حال سكر, ولا احمل في نفسي شئ منه, ولكن أطلب منك ان تنحيني عن الإمارة, فسأله الخليفة عن السبب, فقال: لقد قضيت عمري, أرى إحسان الله لي ونعمه علي تترى, وأنا منصرف عنه لدنياي, وفي المقابل, فاني قضيت عمري في خدمتكم, وقد نالني ما نالني, ليس لشئ, الا لينبهني الله على جحودي, وغفلتي, والنتيجة ان الوالي اعتزل إمارته, وطلب شيخا معروفا من أهل الله, يدله على الطريق, ويحميه من عثراتها, ويشد أزره بالعلم أمام أهوالها, فقال الشيخ: انزع امارتك وتعال, فقال: نزعتها لتوي وأتيتك, فقال الشيخ: ولكنها ما زالت مستحكمة فيك, فإذا أردت صحبتي, فالبس لباس الشحاذين, وخذ من سلخ الشاة التي تراها امام الدار, فلطخ به ثيابك, ثم احمل كرشتها على ظهرك, وسر في شوارع المدينة, التي كنت تعظم فيها, حتى يراك الخاصة والعامة, فثقل الأمر للغاية, على الأمير, وعلم ان الامارة وآثارها ما زالت حاكمة عليه, وهنا توقدت همته, وأطاع الشيخ, وفعل ما أمره تماما, ثم رجع كالظافر المنتصر, وقال للشيخ علمني, فقد فعلت كل ما أمرت, والحمد لله, ان الله مكنني من نفسي, قال الشيخ: ما دمت ترى انك قد ظفرت, فانت رايت ان ما فعلته كان أمرا عظيما, وما عظمته الا من تعظيم, أمر نفسك, فالامارة ما زالت قائمة لم تزعزع, قال ما أفعل يا شيخ, قال كرر ما أمرتك به كل يوم, الى ان تتهذب نفسك وتصلح لمجالستي, وكرر الأمير ذلك العمل, كرره كل يوم, الى ان جاءه الوقت الذي لم يعد يهمه ان فعل وان لم يفعل, أحس ذلك من نفسه بكل وضوح, فعرف انها إشارة من الله اليه, فذهب الى الشيخ, وقال: لم يعد يهمني ان خرجت بلباس الذلة والإفتقار أو بلباس العزة والفخار, فأدناه الشيخ منه, وقال له: من أكثر من صادفته في أيامك هذه كان يلتفت الى ما انت فيه, ويراقبك, وتشعر انه يتعجب من أمرك, بحيث كنت تشعر بثقل المرور أمامه, فقال نعم, كان هناك تاجر غني يعرفني وانا امير, كان يحد النظر الي كلما مررت عليه, وكنت أشعر انه أكثر الناس التفاتا الي, فدعا الشيخ التاجر وسأله عن الأمير, هل كان يلتفت اليه كل يوم وهو يحمل كرشة الشاة على ظهره, فقال التاجر, انه هو الذي يتوهم ذلك, وانا لم التفت اليه أصلا, من يلتفت الى الاخرين, كل واحد منا مشغول بنفسه, ما يهمني منه ان حمل كرشة شاة او صولجان ملك.

ضحى
21-10-2014, 01:14 AM
شكرا وجزاك الله كل خير على القصة والعبرة

نسائم الرحمن
21-10-2014, 02:30 PM
مشكور اخي الفاضل على المجهودات