المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خضنا بحراً وقفت الأنبياء على ساحله



سامر سويلم
03-11-2014, 09:51 PM
خضنا بحراً وقفت الأنبياء على ساحله

قول أبي يزيد رضي الله عنه:

"خضنا - معاشر الأولياء - بحراً وقفت الأنبياء على ساحله".

ظن القاصرون أنه يقصد أن نبوة الأنبياء دون ولاية الأولياء. وهذا أيضاً مثل ما وقع مع قول الشيخ الأكبر رضي الله عنه:
وإن النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي

ولكي يدرك المرء مرمى هذين السيدين الجليلين، لا بد أن يعلم حقيقة الولاية ونسبتها إلى النبوة والرسالة. وذلك أن دائرة الولاية مشتركة بين الأولياء والأنبياء والرسل عليهم السلام. بمعنى أنها واحدة من حيث جنسها وإن اختلفت مرتبة ولاية النبي عن مرتبة ولاية الولي. من هنا يمكن أن نقول: إن النبي ولي قبل كونه نبياً، لأن النبوة اصطفاء في الولاية. وعلى هذا تكون النبوة دائرة داخل دائرة الولاية. ثم تأتي بعد ذلك دائرة الرسالة، التي هي خيار من داخل دائرة النبوة، كما هو مبين في الرسم أسفله:

http://www.alomariya.org/adminimages/im.png

فالرسول إذن، ولي نبي رسول؛ والنبي: نبي ولي؛ والولي: ولي فحسب. فبعد هذا كيف يمكن أن يقال إن المراد هو جعل الولي فوق النبي؟!

أما من جهة أخرى، وبحسب قول الشيخ الأكبر رضي الله عنه، فولاية النبي أو الرسول، أعلى من نبوته ورسالته. ذلك أن ولايته حقيقته، وهي في المرتبة أعلى من وظيفته. لذلك كانت نبوته ورسالته منتهيتين بانتهاء تكليفه، أما ولايته فلا نهاية لها. ونعني بانتهاء التكليف هنا، الخروج من الدنيا. والمعنى الذي ندلك عليه هنا، بشير إليه اشتراك الاسم "الولي" بين العبد وربه، وحسبك هذا.

وإن شئت قلت، حضرة الولاية حضرة جمع، وحضرة النبوة حضرة فرق. والجمع أعلى من الفرق في المرتبة، لأنه للحق وحده؛ أما الفرق فهو للحق والخلق. وهذا المعنى بعينه هو ما أشار إليه قول أبي يزيد رضي الله عنه. فهو يعني بالبحر، الإحاطة الذاتية المستهلكة لجميع الصفات والأسماء. ويعني بالساحل الحد الجامع بين بحر الحق وبر الخلق. وهذا الحد أو البرزخ، هو متعلق النبوات. ولولا أن الأنبياء وقفوا على هذا الساحل يُعرِّفون الخلق بربهم، ما تمكن أحد من معرفته ، ومن ضمنهم أبو يزيد وأمثاله رضي الله عنهم.

نخلص من هذا، إلى القول بأن الولي ذاق بعضاً من ولاية النبي مع بقائه أجنبياً عن النبوة التي لا ذوق له فيها البتة. هذا هو مراده على التحقيق! لكن الكلام إذا بلغ إلى غير أهله، فإنك لا تضمن أن يُفهم منه مراد القائل على الوجه الذي أراد. ولولا سوء الظن الذي يسبق إلى النفوس السقيمة، لتوقف السامع إن لم يدرك المعنى، ولنزه القائل عن مثل ما نزه نفسه عنه على الأقل. وإن ظن المرء أن أهل الله - وهم من هم في القرب - لا يوفون المراتب حقها، فمن بعدهم يفعل ذلك ؟؟! نعوذ بالله من الخذلان.

ظفار العدوى
03-11-2014, 11:38 PM
شكرا على الطرح الطيب بارك الله فيك