المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإنسان : مفكر أم حامل للأفكار



تبارك
14-11-2014, 02:22 AM
إذا قررت في يوم من الأيام أنك تريد أن تكتشف ما بداخل رأسك من أفكار، جرب أن تستمع اليها. لن تطول المدة قبل أن تشعر بالضيق من عدم قدرتك على إسكات صوت الأفكار الذي لا ينقطع و يأخذك معه بقوة الى مختلف المواضيع. الأبحاث العلمية أثبتت أن عقل الإنسان ينقل ما يعادل أكثر من 10 ميغا بايت من المعلومات و الشحنات الكهربائية في الثانية، و هذا يعني أن الأفكار التي يحملها عقلك في أي لحظة من اليوم لا تُعد و لا تحصى. رغم ذلك أنت لا تعي سوى بـ 60 بيتس من إجمالي هذه الأفكار، أي أقل من 0،5٪. و هذا يدعونا للتساؤل، يا ترى هل أنت حقاً من يفكر كل هذه الأفكار، أم أنت من يحملها فقط؟

حسناً ستحاول مرة أخرى، و هذه المرة ستأخذ نفساً عميقاً جداً، ثم ستغمض عينيك، و مرة أخرى حاول الإستماع الى تلك الأفكار دون أن تَنجر معها. ماذا حدث؟


بعد القليل من المحاولات معظم الناس تستطيع التخلي عن الأفكار و الإستماع لها بدون الإرتباط بها، فقط لبضع ثواني، و سرعان ما ينتصر عليك نهر الأفكار المتدفق و يأخذك معه. في تلك الثواني ستشعر أنك إكتشفت شيء جديد في حياتك، و هو قدرتك على رؤية و سماع أفكارك التلقائية. و هذه الأفكار التلقائية هي الأفكار التي تتحكم في مشاعرنا و تصرفاتنا من خلف الكواليس. و يالها من قدرة، فإذا كان بإمكانك أن تشهد على أفكارك التلقائية، فهل يعني أنه قد تستطيع تغييرها كذلك؟


من المعروف أن لدى الإنسان عقل واعي و عقل باطن، و يقول العلماء أن العقل الواعي لا يمثل سوى 10٪ من وعينا الكامل. الآن بينما إنت تقرأ هذه السطور فإنك تعي بحواسك الخمس. اللمس، و الشم، و النظر و السمع و إذا كنت تمضغ علكة، فالتذوق كذلك. في هذه الحالة فإن عقلك يتذبذب في درجة من الموجات الدماغية تسمى بيتا، و في درجة بيتا هذه يعمل عقلك بشكل تلقائي بحيث أنك متفاعل مع الأشياء من حولك، تفكر بتلقائية و غالباً لا تذكر أحلامك من الليلة الأخيرة. في هذه الدرجة يعمل عقلك كذلك على إستعدادية الدفاع عن النفس و إشباع غريزة الحياة، لذلك من السهل أن تتمكن منك مشاعر الخوف، القلق، التوتر و التعب.


في أول مرة أحاول فيها عملية التنفس و الإستماع الى أفكاري، ذُهلت بعض الشيء و لوهلة أحسست أنني أكبر من كل أفكاري و مشاعري و كل ما أعتقدت أنه أنا. لم يكن من السهل أن أصفها بهذا الشكل منذ البداية، و لكنه بالتأكيد كان شعور غامر، مزيج من السعادة و الصدمة في وقت واحد. و لأول مرة قد تبدأ بلمس سطح عقلك الباطن و الذي نعتقد عادتاً أنه لا يمكننا الدخول اليه الا في الأحلام. و بداخل هذا العقل الباطن توجد كل المعتقدات، الذكريات، المشاعر، الأوامر البدنية، الصور الغير منطقية و كل ما يشكل شخصياتنا و هويتنا منذ يوم الولادة الى هذه اللحظة. العقل الباطن هو عالم قد يكون مخيف للكثير من الناس الدخول اليه، نظراً لكمية الأحزان و المعتقدات السلبية التي تعودنا دفنها في دواخلنا مع مرور السنين. و لكن سرعان ما تصبح المسألة مجرد القدرة على مواجهة الخوف و من ثم التخلُص منه كلياً.


عند الدخول في الدرجة الأولة من عقلك الباطن تبدأ ذبذبات الموجات الذهنية بالإنخفاص حتى أن تصل الى درجة ألفا. هل حدث و إستيقظت من النوم مبكراً في يوم من الأيام لآداء صلاة الفجر أو للذهاب في مشية رياضية قصيرة مع طلوع الشمس؟ هل تذكر ذلك الشعور بالصفاء و الراحة النفسية الذي يصاحبك في تلك اللحظات؟ إذا مرحباً بك في درجة ألفا الذهنية. هذه الحالة الذهنية يعمل فيها عقلك بشكل متئني و تكون فيه الأفكار أكثر وضوحاً و الجسم أكثر إسترخاءً و هي درجة تبعث بإحساس إيجابي متفائل لدى الإنسان، هذا غير أن الأفكار تكون أكثر ليونة قابلة للتغيير و التطوير. لذلك السبب الإسترخاء الذهني و الدخول في حالة ألفا الذهنية هو من أهم أساسيات التطوير الذاتي.


كل الأديان، السماوية و غير السماوية يوجد بها طقوس و صلوات الغرض الحقيقي منها هو دخول عقل الإنسان في هذه الحالة المميزة، و لذلك غالباً لا نشعر بالفائدة اللحظية لصلواتنا من غير خشوع خالص، لأننا لا نستطيع الإنفصال عن الأفكار التي تجري في العقل تلقائياً بمجرد أن نبدأ الصلاة، و لا بد أن تكون عملية واعية يتداركها صاحبها. و الإنفصال عن الأفكار هو بداية الدخول الى حالة ألفا الذهنية حيث يجد الإنسان بها فوائد صحية و نفسية عديدة. و لكن ماذا يعني الإنفصال عن الأفكار؟


الإنفصال عن الأفكار يعني عدم محاولة توقيف الأفكار من الحدوث، لأن هذا مستحيل. و إنما تَرك الأفكار تأتي و تذهب كما تشاء بينما تكون أنت شاهداً عليها فقط. لا تتفاعل معها و لاتركز معها و إنما كن حاضراً شاهداً لها فقط. و هذه العملية كذلك صعبة جداً، فإنها تستغرق خبراء التأمل الذهني سنوات عديدة من التدريب و الإنعزال التام عن الحياة العصرية، و يمكن عندها الدخول الى درجات أبعد مثل ثيتا ودلتا و أعماق الأعماق. و لكن إذا كان يستغرق هؤلاء الخبراء كل هذه السنوات، فما بالك أنا و أنت؟… و لكن لا تقلق باتت هناك طرق عديدة و تقنيات تساعد العقل في الدخول أكثر سهولة و طوعاً الى حالةألفا، رغم أنها أيضاً تتطلب القليل من القدرة على ترويض الذهن الا أنها تسهل العملية أضعاف المرات بالنسبة للمبتدئين.


فتخيل لو كان بإمكانك التحكم في أفكارك و تغييرها و إستبدالها و تقوية نفسك عن طريقها؟ لو كان بإمكانك الدخول في خشوع تام وقت الصلاة؟ كيف ستكون حياتك؟


أما الآن جرب أن تستمع الى صوت أفكارك. و أنتظر ردودكم.

نسائم الرحمن
14-11-2014, 07:42 PM
ماشاء الله استاذة تبارك على المجهودات الكبيرة والموضيع المتميزة المنتقاة بعناية بارك الله فيكى

يسرا المرشدى
22-09-2015, 07:25 AM
شكرا على الموضوع القيم والمعلومات المفيدة

سيد مختار
25-09-2015, 10:34 AM
شكرا على الموضوع القيم والمعلومات المفيدة

خيرى السيد
26-09-2015, 06:06 PM
بارك الله فيكم على الموضوع القيم والمباحث المفيدة

قدرية توفيق
13-10-2015, 02:54 PM
بارك الله فيكم على الموضوع القيم والمباحث المفيدة فى التأمل

souado
15-10-2015, 06:56 PM
جزاك الله كل خير وبارك الله فيك

تقى وايمان
22-10-2015, 08:41 PM
شكرا وجزاكم الله كل خير على الطرح الطيب

داليا
06-12-2015, 02:03 PM
شكرا وجزاكم الله كل خير على الطرح الطيب

دعاء البشرى
13-01-2018, 08:27 AM
شكرا على الموضوع والمعلومات المفيدة

صافى
14-01-2018, 12:23 PM
شكرا على الموضوع والمعلومات المفيدة

هنادى عنبر
15-01-2018, 04:52 AM
شكرا على الموضوع والافادة الجميلة

شاهنده الميرغنى
16-01-2018, 02:58 PM
شكرا على الموضوع والافادة

nada
17-01-2018, 12:30 PM
شكرا على الموضوع الممتع والمعلومات المفيدة

ضحى
18-01-2018, 04:29 PM
شكرا على الموضوع الشيق

نشوى المياسر
19-01-2018, 07:41 AM
شكرا على الافادات الجميلة ويسلمووو

جيهان
23-01-2018, 02:18 PM
شكرا على الافادات القيمة

امغار
24-01-2018, 09:32 PM
جزاك الله خيرا

محمد مشعل
25-01-2018, 12:57 PM
شكرًا وجزاك الله عنا خيرا

hams
26-01-2018, 12:27 PM
موضوع فلسفي رائع
يعطيكي العافية
شـكــ وبارك الله فيكى ـــرا لكى

لطيفة الخالدى
09-02-2018, 05:09 PM
شكرا على الموضوع والمعلومات الشيقة

عودة الامل
10-02-2018, 10:47 PM
شكـــــــ وبارك الله فيك وعليك ـــــــــــــــرا ...........

ترنيم
16-02-2018, 04:04 PM
شكرا على المعلومات والافادة

لمياء الدميرى
19-02-2018, 08:59 PM
موضوع رائع
جزاك الله خيرا **

نائلة كرم
22-02-2018, 01:55 PM
شكرا على المعلومات والافادة