المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عبدُالله



سامر سويلم
16-01-2015, 09:51 PM
عاش في قديمِ الزمان مُستنيرٌ صوفيّ ما عرِفَ الحزنُ له عنوان. كانت السعادة رفيقته دوماً وما رأى أحدٌ الحزنَ يرسمُ ملامِحه على وجهه يوماً. صوفيٌّ لا تفارق الضحكة وجهه الصَّبوح. صوفيٌّ لا تعرف الضحكة لنفسها سوى وجهه داراً وسكَناً. صوفيٌّ كيانه ما كان سوى أريج فوّاح بالإحتفال يجود. وفي أحد الأيام، في عهد شيخوخته، عندما حانت ساعته كي يترك جسده ويرحل عنه…. كان يضحكُ ضحِكاً هستيرياً مُستَمْتِعاً بالموت…. كان يضحك ويضحك ويضحك على سرير موْته. فما كان من أحد تلامذته إلا أن سأله: “قد حيَّرْتنا في أمرنا. إنك الآن تموت فلِمَ كلّ هذا الضّحك؟ ما المُضحِك فيما يحدثُ لك؟ جميعنا نشعر بالألم والحزنُ يعترينا. قد أرَدْنا سؤالك وأنت ما زلت على قيد الحياة عن سبب هجران الحزن لك وتضييعه عنوانك وجَهْلِه لمكانك. لكنك حتى الآن في هذه اللحظة، في لحظة مماتك تواجه الموت وأنت تضحك ولا تتوقف عن الضحك. ما حكايتك؟”

http://im73.gulfup.com/Sthilz.jpg


أجابه الصوفيّ المستنير: “أمرٌ جداً بسيط. قد سألْتُ سيِّدي المستنير يوماً. سيِّدي المستنير الذي قصَدْتُه منذ زمنٍ بعيد عندما كنتُ في السابعة عشر من عمري أحمل البؤس على كتفي والهمَّ في صدري…. كان هو في السبعين من عمره جالساً تحت واحدة من الأشجار يضحكُ دون سبب. ضحِكٌ يدعو للعجَب فما من جليسٍ في حضْرته، وما من مشهدٍ ساخر مرَّ من أمامه أثناء جَلْسَته… لا شيء أبداً. لكنه كان يضحك ويضحك ويضحك ماسكاً بطنه. عندها سألته: “ما حكايتك؟ أمجنونٌ أنت أم ماذا؟”


أجابني بأنه كان بائساً مهموماً في أحدِ الأيام مثلي وقال: “قد كنتُ بائساً مثلكَ يوماً. لحظتها لاح لي نورُ فَجْرٍ سطع مُحيّاه داخل قلبي وأخبرني بأنّ حُزني خَياري. أخبرني أنّ حياتي من اختياري”.

“ومنذ ذلك اليوم بتُّ أنهضُ كلَّ صباح وأوّل ما أفعله هو قرار آخُذُه لنفسي بنفسي، حتى قبل أن أفتح عينيّ… كنت أقول: يا عبدالله (قد كان اسمه عبدالله)، ما الذي تريده؟ أتريدُ بؤساً أم نعمةً؟ ما هو خيارك اليوم؟ وما حدثَ أني لم أختَر سوى النعمة تزورني وأرحِّبُ بها”.

هذا خيارٌ مُتاحٌ لكم. جَرِّبوه. أولُّ شيء مع بزوغ شمس الصباح وقبل أن يغادركم النوم ويترككم، ليسأل كلٌّ منكم نفسه: “يا عبدالله، ها قد أتى يومٌ جديد. فما خيارك؟ أهو البؤس أم النعيم؟”

ومَن ذا يختار البؤس بيديه؟ ولماذا يختاره ويلجأ إليه؟ هكذا حالٌ ليس بطبيعيّ ما لم يكُن الفرد نفسه يشعُر بالنعمة وهو في أحضان البؤس يتقلَّب. إنه خياركم أنتم.

اوشو
ترجمة بشار عبدالله

وعد المحبة
17-01-2015, 07:34 PM
شكرا على الطرح القيم سلمت يداك استاذ سامر وجزاك الله كل خير

تبارك
21-01-2015, 07:31 PM
بارك الله فيك

وليد البلوشى
04-02-2015, 05:39 PM
بارك الله فيك