المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رحم الله الإمام الشافعى



الشيخ / خالد الجعفري
20-05-2015, 09:15 AM
تحتفل مصر الخير اليوم بختام حولية عَالِمٌ من أجلَّ علمائها ، وأحد أعمدة الشريعة الغرَّاء ، المشهورين علي مدي العصور والأزمان ، ألا وهو الإمام " الشافعي" رضي الله عنه . فهيا بنا نَطلِّعُ علي القليل واليسير من سيرته العطرة ، علي سبيل التبرك.......
- هو أبو عبدالله محمد بن ادريس الشافعي المطلبي ، ويجتمع مع النبي صلي الله عليه وسلم في عبد مناف ، وهو الثالث من أجداد النبي صلي الله عليه وسلم والتاسع من أجداد الشافعي رضي الله عنه .
- كان رضي الله عنه طويلاً ، سائل الخدين ، قليل لحم الوجه ، طويل العنق ، طويل القصب ، أسمر ، خفيف العارضين ، يُخَضِّب لحيته بالحِناَّء حمراء قانئة ، حسن الصوت ، حسن السمت ، عظيم العقل ، حسن الوجه ، حسن الخلق ، مهيباً ، فصيحاً، وكان رضي الله عنه يُعاني من أمراضٍ كثيرةٍ ، وجميعها مُزْمِنة .
- وُلِدَ رضي الله عنه بِغَزَّةِ (فلسطين) في عام 150 هجريا ، يوم وفاة الامام أبي حنيفة النعمان ، وحُمِلَ الي مكة وهو ابن سنتين ، حيث نشأ في حِجْرِ أمه في قلةِ عيشٍ وضيقِ حالٍ ، وعكف علي دراسة اللغة والأدب والشعر حتي برع في ذلك كله ، ورحل بعد ذلك الي بني هذيل (وكانوا أفصح العرب) وأخذ عنهم فصاحة اللغة وقوتها .
- عاد بعدها الي مكة وأنصرفت هِمَته لطلب الحديث والفقه من شيوخها انذآك ، وقال رضي الله عنه (حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين ، وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر سنين) .
- ثم رحل للمدينة ، وعمره في ذلك الوقت حوالي ثلاث عشرة سنة ، وهناك لزم الامام مالك بن أنس رضي الله عنه الذي أعجب به وبقراءته ، وقال له (يا محمد إتَّقِ الله ، فسيكون لك شأن) .
- وبعد وفاة الامام مالك رضي الله عنه ، رحل الي بغداد وأقام بها سنتين ، ثم عاد الي مكة ، ثم رجع الي بغداد فأقام شهراً ، وخرج بعدها الي مصر التي أقام بها حوالي أربع سنين ونيفاً ، إلي أن تُوفَّي يوم الجمعة (بعد المغرب) ، في آخر يوم من رجب سنة 204 هجرية ، وله من العمر أربعُ وخمسون سنة ، ودُفِنَ قرب القلعة في القرافة الكبرى بالقاهرة .
- أجمع العلماء قاطبةً ، من أهل الحديث والفقه ، والأصول واللغة والنحو ، وغير ذلك ، علي ثقتهِ وأمانتهِ ، وعدله وزهده ، وورعه وتقواه ، وعدالته وتواضعه وخضوعه للحق ، وحُسْنِ سِيرَتِهِ وعلُو قدره وسخائه ، وتشهَدُ له بذلك دروسهِ ومعاشرتهِ لأقرانه وتلاميذه وللناس ، وغير ذلك مما ذُكِرَ عنه في كتب العلماء والصالحين ، فيما يتعلق بالحقيقة والزهد وأسرار القلوب....
- قال الربيع رحمه الله : سمعت الشافعي رضي الله عنه يقول " رأيت وأنا باليمن كأنَّي جالسٌ في فضاء الطواف ، اذ أقبلَ عليٌ بن أبي طالب رضي الله عنه ، فقمت إليِّهِ مُسْرِعاً وسلَّمْتُ عليه ، وصافحته ، فعانقني ، ونزع خاتمه من أصبعه ، فجعله في أصبعي " . فلما أصبحت قصصت ذلك علي المُعَبِّر ، فقال لي : " أبشر يا أبا عبدالله ، أمَّا رؤيتك لعلي بن أبي طالب في المسجد الحرام فهو النجاة من النار ، وأمَّا مُصافحَتك إيًّاهُ فهو الأمان يوم الحساب ، وأمَّا جَعْلَهُ الخاتم في أصبعك ، فسَيبلُغ اسمك في الدنيا ما بَلَغَ إسمُ علي بن أبي طالب رضي الله عنه " .
- وحُمِّلَ حديث (عالم قريش يملأ طباق الأرض علماً ) علي الشافعي .
- وقال الامام أحمد بن حنبل : " إنَّ الله يُقيِّض للناس في رأس كل مائة سنة من يعلمهم السُنَن ، وينفي عن رسول الله صلي الله عليه وسلم الكذب ، فنظرنا فاذا في رأس المائة عمر بن عبدالعزيز ، وفي رأس المائتين الشافعي " .
- وقال الامام أحمد بن حنبل : " ما صلِّيتُ صلاةً منذ أربعين سنة إلِّاَ وأنا أدعو للشافعي " . وقال له ابنه : " يا أبت ، أيُّ رجلٍ كان الشافعي حتي تدعو له كل هذا الدعاء ؟ " . فقال الامام أحمد : " يا بني ، كان الشافعي كالشمس للدنيا ، والعافية للناس ، فانظر يا بني هل لهذين من خلَفٍ أو عنهما من عِوَضٍ" .
- وكان رضي الله عنه يجلس في حلقته اذا صلَّي الصُبح فيجيئه أهل القران ، فاذا طلعت الشمس قاموا وجاء أهل الحديث فيسالونه تفسيره ومعانيه ، فاذا أرتفعت الشمس قاموا فاستوت الحلقة للمذاكرة والنظر ، فاذا أرتفع الضُحَي تفرقوا وجاء اهل العربية والعروض والنحو والشعر ، فلا يزالون الي قرب إنتِصعاف النهار ، ثم ينصرف رضي الله عنه " .
- عُرف رضي الله عنه بالنجابة والذكاء والعقل ، حتي قيل عنه ( لو وُزِنَ عقل الشافعي بنصف عقل أهل الارض لرجحهم ، ولو كان من بني اسرائيل لإحتاجوا اليه ) .
- وكان رضي الله عنه مُحِبَّاً للعلم حتي أنه قال (طلب العلم أفضلُ من صلاة التطوع) و (ومن أراد الآخرة فعليه بالإخلاص في العلم ) ، كما أنه كان عابداً ذاكراً ، حتي أنه جزَّأ الليل ، فثلثه الأول يكتب ، والثاني يصلي ، والثالث ينام ، وكان يختم القران في كل يومٍ مرة ، وفي رمضان ستين مرة في الصلاة .
- وله رضي الله عنه العديد من المؤلفات في الأصول والفروع ، والفقه والتفسير والأدب . كما نبغ عليه كثير من الناس ، وفي مقدمتهم الامام أحمد بن حنبل ، والحسن بن محمد الزعفراني ، والحسين الكرابيسي وغيرهم .
ومن كلمات الامام الشافعي :
- ليس العلم ما حُفِظَ، انما العلم ما نفَع .
- جمال العلماء كرم النفس ، وزينة العلم الوَرَع والحُلم .
- ما شبعت منذ ست عشرة سنة ، لأنه يثقل البدن ، ويقسي القلب ، ويزيل الفطنة ، ويجلب النوم ، ويضعف صاحبه عن العبادة .
- ما حلفت بالله عمري لا كاذباً ولا صادقاً .
- من لم تَعِزَّهُ التقوي فلا عزَّ له .
- من أحب أن يفتح الله تعالي عليه بنور العلم فعليه بالخلوة ، وقلة الأكل ، وترك مخالطة السفهاء وبُغض أهل العلم ، الذين لا يريدون بعلمهم إلّاَ الدنيا .
- من يسْمَعُ بإذُنِهِ صار حاكياً، ومن أصغي بقلبه صار واعياً ، ومن وعظ بفعله كان هادياً .
- من طلب العلم بِعِزِّ النفس لم يفلح ، ومن طلبه بِذّلِ النفس وخدمة العلماء أفلح .
- من سَامي بنفسه فوق ما يساوي ، ردَّهُ الله تعالي الي قيمته ، وأرفعُ الناس قدراً من لا يري قَدْرهُ ، وأكثرهم فضلاً من لا يري فضله .
وكما أن لديه العديد من المسائل الفقهية التي حار فيها علماء زمانه ، والتي استحسنوها وجعلت الكثير من علماء عصره يرجعون عن مذاهب كانوا عليها الي مذهبه ، ورَحلَ الناس اليه من سائر الأقطار ، لإعتباره حُجّةٌ في أهل عصره ، حتي قيل عنه : " ما أحدٌ مسَّ محْبَرةً ، ولا قلماً ، إلَّا وللشافعي في عنُقه مِنَّةٌ " .
وكان رضي الله عنه لديه حظاً وافراً من الأشعار المليئة بالنصائح والحكم والمواعظ ، والتي لا يتسع المجال لذكرها في هذه العُجالة ، ولكن نقتبس منها علي سيبل المثال ، لا الحصر :
- ولولا الشعر بالعلماء يزري •••
لكنت اليوم أشعر من لبيد
- ما حكَّ جلدك مثل ظُفرِك
فتوَلَّ أنت جميع أمرك
- تموت الأُسود في الغابات جوعاً
ولحم الضان تاكلُه الكلاب
- نُعيبُ زماننا والعيبُ فينا
وما لزماننا عيبٌ سوانا
- دَع الأيام تفعل ما تشاء
وَطِبْ نفسا اذا حكم القضاء
وله العديد من المؤلفات مثل كتاب (الرسالة) و(جماع العلم) و(الأم) ، وغير ذلك من المؤلفات في أصول الفقه ، ومصطلح الحديث ، ومختلف ضروب اللغة ، وشتَّي العلوم .
وتزوج رضي الله عنه حفيدة سيدنا عثمان بن عفان ، وله منها ولداً وبنتين .
وتجدر الاشارة إلي أنَّهُ رضي الله عنه لديه مكانةً خاصة عند ساداتنا الصوفية.....، وقد ذَكَرَهُ سيِّدى الإمام " فخرالدين " في قصيدته (جمْعُ الجمْع) بقوله :
الشَّافِعِيُّ مَعَ الثَّلاَثَةِ أَجْمَعُوا ***
أَنَّ الصَّلاَةَ بِضَاعَةٌ لِلرَّاغِبِ
ورُؤيَ الإمام الشافعي بعد موته ، فَقيلَ له : ماذا فعل الله بك ؟ . قال: " لقدغفرالله لي ، ورحمنيي ، وزفَّنَي إلي الجنة زَفَّاً" . قيل : لمَ فعلَ بك ذلك ؟ .قال : لانني كتبت في أول كتاب " الرسالة " (اللَّهُمَّ صَلِّ علي مُحَمَّدٍ ما ذَكره الذاكرون ، وصَلِّ علي مُحَمَّدٍ ما غفل عنه الغافلون) .
رضي الله عنه وعن مشايخنا ، ونفعنا بهم وحشرنا في زمرة محبيهم وتابعيهم ، وصلَّي الله علي خير خلقه ومصطفاه وعلي آله وأصحابه أجمعين (آمين) .

راضي
20-05-2015, 10:43 AM
بارك الله فيك وعليك ومتعك بالصحة والعافية

ابو بكر
20-05-2015, 11:39 AM
جزاك الله عنا كل خير

جنة
22-05-2015, 09:21 PM
بارك الله فيك واثابك

سامر سويلم
23-05-2015, 03:34 PM
شكرا على الترجمة العطرة وجزاك الله كل خير