المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جهود أهل الحديث في حفظ السنة النبوية



راغب للعلم
05-12-2015, 02:01 PM
بسم الله الرحمن الرحيم



جهود أهل الحديث في حفظ السنة النبوية



محمد بن علي بن جميل المطري


حفظ الله السنة النبوية بجهود أهل الحديث الذين ميزوا صحيحها من سقيمها، وبينوا المقبول منها والمردود، فإن السنة النبوية هي المبينة للقرآن الكريم، ومن حفظ الله للقرآن أن يحفظ السنة التي تبين مجمله وتفصل أحكامه وتوضح ما يشكل من معانيه.


والنبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أصحابه القرآن والسنة كما قال الله تعالى: "هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ " [الجمعة:2].


وقد اهتم صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم بالسنة كما اهتموا بالقرآن، ولكنهم لم يدونوا الأحاديث النبوية في الكتب حتى لا يختلط كلام رسول الله بكلام الله، واكتفوا بحفظ الأحاديث في صدورهم وتبليغها لمن بعدهم كما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بحفظها وتبليغها.


فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " نضر الله امرأً سمع منا حديثا، فحفظه حتى يبلغه، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه " رواه الترمذي وأبو داود وصححه الألباني.


وروى أحمد وأبو داود بسند صحيح من طريق سليمان بن مهران الأعمش عن عبد الله بن عبد الله عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" تسمعون، ويُسمع منكم، ويُسمع ممن يَسمع منكم "، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة أن يسمعوا منه ثم يسمع منهم التابعون ثم أتباعهم، وهذ هو الذي حصل بتوفيق الله حيث جاء التابعون فنقلوا عن الصحابة القرآن الكريم والأحاديث النبوية، وأمنِوا من اختلاط بعضهما ببعض فشرعوا في تدوين الأحاديث بالأسانيد عمن سمعوها من مشايخهم، ثم جاء من بعدهم فاجتهدوا في أمر الأحاديث اجتهاداً عظيماً، ورووا الأحاديث بالأسانيد المتعددة، ولم يكتفوا أن يرووا الحديث من طريق واحد، بل من عدة طرق ليتبين لهم أي خطأ وقع من بعض الرواة، وصنفوا كتباً عظيمة في أسماء الرواة، يُعلم منها حال كل راو من رواة الأحاديث ومنزلته في الديانة والحفظ، وكانوا يعرفون منزلة الراوي في الحفظ بمقارنة رواياته برواية زملائه الذين شاركوه في رواية الأحاديث عن شيخهم، فيعلمون بذلك من أتقن حفظ الحديث عن الشيخ ومن زاد فيه أو نقص، وأي خطأ يقع لبعض الرواة في رواية الحديث يتبين لهم خطؤه بهذا الميزان، وهو مقارنة رواية الراوي برواية غيره، وعرفوا بهذه الطريقة الأحاديث الغرائب التي تفرد بروايتها راو واحد ولم يشاركه أحد في روايتها، وحكموا على كل حديث بما يستحق من القبول أو الرد، وبينوا الأحاديث الصحيحة التي يُعتمد عليها، وبينوا الأحاديث الموضوعة التي رواها الكذابون، والأحاديث الضعيفة التي رواها الضعفاء الذين لم يُتقنوا حفظ الأحاديث فأخطئوا في روايتها لضعفهم في الحفظ أو لكونهم لا يُعتمد على ما تفردوا بروايته لجهالتهم أو فسقهم أو غير ذلك مما هو مبين في كتب أهل الحديث.


ومن حكمة الله تعالى أنه لما حفظ القرآن حفظ السنة التي تبين القرآن، فإن الله تعالى أمر بطاعته وطاعة رسوله كما قال في كتابه: "أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ " [النساء:59]، وقال: " مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ " [النساء:80]، وقال: " وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُو" [الحشر:7]، وقال: " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ " [الأحزاب:21].


فقد أمرنا الله مثلاً في القرآن بإقامة الصلاة، ولم يبين الله لنا في القرآن كيفيتها وأحكامها، وبين لنا ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم بسنته، فبيّن عدد كل صلاة، وما يُقرأ في القيام، وما يُقال في الركوع والسجود، وبيّن صفتها وأحكامها وأنواعها، وهكذا الصيام والزكاة والحج وغير ذلك من الأحكام، فلا غنى للمسلمين عن السنة، ولذا حفظ الله للمسلمين السنة بجهود المحدثين كما حفظ لهم القرآن الكريم بجهود القراء والحفاظ، والحمد لله رب العالمين.

حنين
06-12-2015, 03:55 PM
شكرا على الطرح الطيب جزاكم الله كل خير

جنة
10-12-2015, 03:33 PM
بارك الله فيك شيخ خالد وجزاك الله كل خير