المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الامر الطبي في الحرير



ظفار العدوى
10-09-2016, 07:59 AM
الامر الطبي في الحرير


منقول من باب ..الامر الطبي في الحرير.. من كتاب الطب النبوي لابن القيم الجوزي..

فى الأمر الطبى للحرير

******** وأما الأمر الطبىُّ: فهو أنَّ الحرير من الأدوية المتخَذةِ من الحيوان، ولذلك يُعَد فى الأدوية الحيوانية، لأن مخرجَه من الحيوان، وهو كثيرُ المنافع، جليلُ الموقع، ومِن خاصيَّتِه تقويةُ القلب، وتَفريحُه، والنفع من كثير من أمراضه، ومِن غلبة المِرَّةِ السوداء، والأدواءِ الحادثة عنها، وهو مُقوٍ للبصر إذا اكتُحِلَ به، والخامُ منه* وهو المستعمَلُ فى صناعة الطب* حار يابس فى الدرجة الأولى. وقيل: حار رطب فيها. وقيل: معتدل. وإذا اتُّخِذَ منه ملبوسٌ كان معتدل الحرارة فى مزاجه، مسخِّناً للبدن، وربما برد البدن بتسمينه إياه.

******** قال الرازىّ: الإبْرَيْسَمُ أسخنُ من الكَتَّان، وأبردُ من القطن، يُربى اللحمَ، وكلُّ لباس خشن، فإنه يُهزِلُ، ويصلب البَشْرة وبالعكس.

******** قلتُ: والملابسُ ثلاثة أقسام: قسمٌ يُسخن البدن ويُدفئه، وقسمٌ يُدفئه ولا يُسخنه، وقسمٌ لا يُسخنه ولا يدُفئُه، وليس هناك ما يُسخنه ولا يُدفئه، إذ ما يُسخنه فهو أولى بتدفئته، فملابسُ الأوبار* والأصواف تُسخن وتُدفىء، وملابسُ الكَتَّان والحرير والقطن تُدفىءُ ولا تُسخن. فثياب الكَتَّان باردة يابسة، وثيابُ الصوف حارة يابسة، وثيابُ القطنِ معتدلةُ الحرارة، وثيابُ الحرير ألينُ من القطن وأقل حرارةً منه.

******** قال صاحب ((المنهاج)): ((ولُبْسه لا يُسخن كالقُطن، بل هو معتدل، وكُلُّ لباس أملسَ صقيلٍ، فإنه أقلُّ إسخاناً للبدن، وأقلُّ عوناً فى تحلل ما يتحلل منه، وأحْرَى أن يُلبسَ فى الصيف، وفى البلاد الحارة))

******** ولمّا كانت ثيابُ الحرير كذلك، وليس فيها شىء من اليُبْس والخشونة الكائنين فى غيرها، صارت نافعة من الحِكَّة، إذ الحِكَّة لا تكونُ إلا عن حرارة ويبسٍ وخشونةٍ، فلذلك رخَّص رسولُ الله صلى الله عليه وسلم للزُّبَيْر وعبدِ الرَّحمن فى لباس الحرير لمداواةِ الحِكَّةِ، وثيابُ الحرير أبعدُ عن تولُّدِ القمل فيها، إذ كان مِزَاجُها مخالفاً لِمزاج ما يتولَّدُ منه القمل.

******** وأما القسمُ الذى لا يُدفىء ولا يُسخن، فالمتخَذ من الحديدِ، والرصاص، والخشب، والتُّراب... ونحوها، فإن قيل: فإذا كان لباسُ الحرير أعدلَ اللباس وأوفَقَه للبدن، فلماذا حرَّمتْه الشريعة الكاملةُ الفاضلةُ التى أباحت الطيباتِ، وحرَّمت الخبائث؟

******** قيل: هذا السؤال يجيبُ عنه كلُّ طائفةٍ من طوائف المسلمين بجوابٍ، فمُنْكِرُو الحِكَم والتَّعليلِ لمَّا رُفعِت قاعدةُ التعليلِ من أصلها لم يحتاجوا إلى جواب عن هذا السؤال.

******** ومُثْبِتُو التعليلِ والحِكَم* وهم الأكثرون* منهم مَن يُجيبُ عن هذا بأن الشريعةَ حرَّمته لتَصبِرَ النفوسُ عنه، وتَترُكَه لله، فتُثاب على ذلك لا سيما ولها عوضٌ عنه بغيره.

******** ومنهم مَن يُجيبُ عنه بأن خُلِقَ فى الأصل للنساء، كالحلية بالذهب، فَحَرُمَ على الرجالِ لما فيه من مَفسدةِ تَشَبُّه الرجالِ بالنساء.

******** ومنهم مَن قال: حَرُمَ لما يُورثُه من الفَخْر والخُيَلاء والعُجْب.

******** ومنهم مَن قال: حَرُمَ لما يُورثه بملامسته للبدن من الأُنوثةِ والتَّخَنُّثِ، وضدِّ الشَّهامة والرجولةِ، فإن لُبْسه يُكسبُ القلبَ صفة من صفات الإناث، ولهذا لا تكاد تجدُ مَن يَلبَسُه فى الأكثر إلا وعلى شمائله من التخنُّثِ والتأنُّثِ، والرَّخَاوةِ ما لا يَخفى، حتى لو كان من أشهم الناس وأكثرِهم فحوليةِ ورُجولية، فلا بد أن يَنْقُصَه لُبْسُ الحرير منها، وإن لم يُذهبْهَا، وَمَن غَلُظتْ طِباعُه وكَثُفَتْ عن فهم هذا، فليُسَلِّم للشارع الحكيم، ولهذا كان أصح القولين: أنه يَحرم على الولى أن يُلبسه الصبىَّ لما يَنشأ عليه من صفات أهل التأنيث.

******** وقد روى النسائىُّ من حديث أبى موسى الأشعرىِّ، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إنَّ اللهَ أحلَّ لإِناثِ أُمَّتِى الحريرَ والذَّهبَ، وحَرَّمَه عَلى ذُكُورِها)).

*** *****وفى لفظٍ: ((حُرِّمَ لِباسُ الحَريرِ والذَّهَبِ عَلى ذُكورِ أُمَّتى، وأُحِلَّ لإِناثِهِم)).

******** وفى ((صحيح البخارى)) عن حُذَيفة، قال: ((نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن لُبْس الحرير والدِّيباجِ، وأن يُجلَسَ عليه))، وقال: ((هُو لهم فى الدُّنيا، ولكم فى الآخِرَة)).

عزمى
13-09-2016, 08:51 AM
بارك الله فيكم على الفوايد القيمة وجزاكم الله كل خير

هاشم
14-09-2016, 07:01 AM
شكرا على الموضوعات القيمة والمفيدة فى العلاج بالطب البديل ونرجو المزيد