المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أثر علماء المسلمين في تطور علم الكيمياء



زرقاء اليمامة
17-12-2017, 02:36 PM
أثر علماء المسلمين في تطور علم الكيمياء

- أريج أحمد القططي
الجامعةالإسلامية- غزة

مقدمة

قدم المسلمون للعالم إسهامات جليلة في مجال العلوم، ومنها علم الكيمياء، فقد اكتسب المسلمون معارف من سبقهم من اليونانيين والمصريين والفرس، واستفادوا منها، وبنوا عليها معارف جديدة، كما أضافوا إضافات لم تكن عند من سبقهم، وحولوا علم الكيمياء من مجرد علم فلسفي قائم على الشعوذة والسحر إلى علم عملي قائم على التجربة والاستنباط. وهذا البحث بعنوان أثر علماء المسلمين في تطور علم الكيمياء (90-741هـ/708-1341م)، وهي من تاريخ أول علماء الكيمياء العرب وهو خالد بن يزيد، حتى تاريخ وفاة آخر علماء المسلمين في هذا المجال وهو الجلدكي. وقد أقدمتُ على هذا الموضوع لأدرس إسهامات المسلمون في مجال العلوم التطبيقية، ولكي أبرهن أن المسلمون لم يبرعوا في مجال العلوم النظرية والدينية فقط، ولكنهم كانوا مخترعين ومبدعين في المجالات التقنية. وهناك أسباب عديدة دفعتني إلى دراسة هذا الموضوع ومنها: - الرغبة في التعمق في دراسة أهم إنجازات العرب في مجال علم الكيمياء، خاصة أنه من أصعب العلوم التقنية الحديثة. - التعرف على أهم الفوائد التي استفادها الغرب من العلوم العربية وكيف بنوا حضارتهم على قواعد متينة من العلوم العربية الإسلامية. وقد قسمتُ هذا البحث إلى ثلاثة فصول: الفصل الأول بعنوان: وصول علم الكيمياء إلى المسلمين، وفيه كيف استفاد المسلمون من تجربة من سبقهم من الأمم مثل الحضارة الصينية واليونانية والفارسية والمصرية. وفي الفصل الثاني: أشهر علماء الكيمياء في الإسلام، ومنهم جابر بن حيان والرازي والبيروني والجلدكي وغيرهم. أما الفصل الثالث: أثر المسلمين في الكيمياء، فقد تناولتُ أهم ما قدمه المسلمون من إنجازات في علم الكيمياء. وأسأل الله تعالى التوفيق والسداد.

الفصل الأول

وصول علم الكيمياء إلى المسلمين

حاول الإنسان عبر العصور أن يبحث في طبيعة العالم الذي حوله، وذلك بدافع غريزة حب المعرفة، ومن خلال ذلك، تم الكثير من الاكتشافات المهمة التي ساعدت على تطوير العلوم والتكنولوجيا ومن ضمنها علم الكيمياء وهو علم يعنى بطبيعةالمادة ومكوناتها، وكذلك بكيفية تفاعل المواد المختلفة مع بعضها بعضاً، وعلى هذاتكون وظيفة العالم الكيميائي الأساسية هي معرفة أكبر قدر ممكن من المعلومات عنطبيعة المادة التي أوجدها الله في هذا الكون. ويعتبر علم الكيمياء من العلوم التي عني بها العرب والمسلمون من قديم الزمان، ولهم فيه إسهامات كبيرة، واكتشافات هامة، فهم الذين أسسوا هذا العلم بتجاربهم وملاحظاتهم الدقيقة ومستحضراتهم الهامة، وقد أطلقوا على هذا العلم "علم الصنعة".

تعريفالكيمياء:

الكيمياء هو علم ذي أصول يبحث في طبيعة الأجسام وتحولاتها وكيفية تفاعلاتها، وطرق الانتفاع بها، وقد جاءت نتيجة تجارب عديدة توصل الكيميائيون بنتيجتها إلى وضع مركبات دون قصد منهم، أما علم الكيمياء القديم فهو علم يهدف إلى تحقيق غايتين هما: تحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب، واكتشاف إكسير الحياة وهو مركب يحمي شاربه من الشيخوخة ويحفظ له شبابه وحيويته([1]). وفي تعريف آخر أن الكيمياء هو: علم يراد به سلب الجواهر المعدنية خواصّها وإفادتها خواصّا لم تكن لها، والاعتماد فيه على الفلزّات كلّها، مشتركة في النوعية، والاختلاف الظاهر بينها إنما هو باعتبار أمور عرضية يجوز انتقالها([2]). أصل كلمة (كيمياء):

اختلف العلماء حول أصل كلمة كيمياء، وقد تم تقديم عدة فرضيات إما معقولة أو خرافية، إذ يعتقد بعضهم أن الكلمة أتت من المصرية kemi (أسود)، ومن ثم من اليونانية kemia التي يمكن أن تعني شيئين: إما مصر، أي الأرض السوداء، وإما الأسود، وهي المادة الأصلية للتحويل، أي أنها تعني فن معالجة المعدن الأسود، لاستخراج المعادن الثمينة منه. وقال آخرون أن كلمة كيمياء قد تكون أتت من اليونانية khymeia أي الصهر الذي يعني فن صهر الذهب والفضة، وهناك نص بيزنطي يقول إن ديوقليسيانوس أتلف الكتب المصرية المتعلقة بال khymeia أي بصهر الذهب والفضة([3]). وقيل أن معناها باليونانية الحذق والميلة، وقيل هي مشتقة من "كي" بمعنى استتر، وظاهر من هذا الاشتقاق أن صناعة الكيمياء عند القدماء كانت من الصناعات السرية، أما علماء الإفرنج فيقولون: إن أصل كلمة كيمياء "Alchemy" كما جاء في معجم لاروس الفرنسي لفظ يوناني مشتق من "كيموس" بمعنى العصارة، والباحثون يؤكدون أن "ال" التي في الكيمياء هي أداء التعريف العربية، بما يدل على أن الكلمة عربية الأصل([4]).

بدايات علم الكيمياء:

بدأ المشتغلون في هذه الصنعة أول ما بدأوا بالسعي للحصول على ملح الإكسير وهو الدواء الذي إذا طبخ به الجسد المذاب جعله ذهباً أو فضة، مستهدفين تحويل المعادن الرخيصة إلى معادن ثمينة، وكانوا يعتقدون بتحقيق ذلك، وفي عملهم الدؤوب من أجل الوصول إلى صنع ملح الإكسير أفادوا من تجاربهم، وتوصلوا إلى كثير من حقائق علم الكيمياء، فوضعوا بذلك أساسه العلمي، على أن البحث عن الإكسير لم يكن السبب الوحيد الذي دفع العلماء العرب إلى الاهتمام بصناعة الكيمياء، فقد كانت ثمة عوامل أخرى منها: اهتمامهم بتحضير أدوية وتركيبها، وحاجتهم إليها في صناعة صبغ الملابس، ودبغ الجلود، وفي صناعة الورق، وتركيب العطور([5]). تأثر المسلمين بالكيمياء من الحضارات القديمة:

الحضارة الصينيةالقديمة:

اكتشف الصينيون بعض الأشياء التي لها علاقة بعلم الكيمياء، فقد اخترعوا الورق المعروف حالياً، ويعود تاريخه إلى القرن الثاني الميلادي. ففي عام 105 بعد الميلاد صنع الصيني "تسي آي لون" ورقا من لحاء الشجر وشباك الأسماك. ثم توصل الصينيون إلى صنع الورق من عجائن لبابالشجر، فحلت بذلك مكان الحرير غالي الثمن، والغاب ثقيل الوزن اللذين قنع بهماالصينيون زمناً طويلاً،بعد ذلك طور الصينيون هذه الصنعة باستخدام مادة ماسكةمن الغراء مخلوطة بعجينة نشوية ليقووا بها الألياف ويجعلوا الورق سريعالامتصاص للحبر.([6]) ووصلت طريقة صنع الورق إلى المسلمين بعد أن أسر المسلمون عدد من الأسرى الصينيين في معركة سنة 751م، ويقال أن أول مصنع للورق المسمى "كاغد" تأسس في بغداد كان بإشارة الوزير الفضل بن يحيى البرمكي في خلافة الرشيد سنة 178 هـ ـ سنة 794، وأمر الفضل أخاه جعفر البرمكي بإحلال ورق الكاغد محل القراطيس البردية في الدواوين. وقد أدخل المسلمون تحسينات على الكاغد الصيني بتنقيته من الشوائب التي كان يضعها فيه الصينيون من ورق التوت والغاب الهندي([7]). كما اتجه الصينيون إلى البحث في فن "اكسير الخلود"، أو "فن الحياة الدائمة"، وذلك فيعهد أسرة تانغ في القرن الثاني قبل الميلاد، وألف الطبيب المشهور "سون سي مياو" (581-682م) مؤلفه المعروف "عالم إكسير الخلود"، كما أن اختراع البارود قد تمّ في الصين، وبالتحديد في القرن التاسع للميلاد([8]) ففي وقت مبكر يعود إلى عهد أسرة تانغ، اكتشف الصينيين مسحوق البارود وتفننوا في طرق الاستعمال بدون أن يتمكنوا من استخدامهكمادة لإطلاق المقذوفات الهادفة إلى القتل وسبب ذلك يرجع ربما إلى احترام الصينيينالقدامى للحياة البشرية والحيوانية على حد سواء([9]). واستخدم العرب ملح البارود الصيني مادة أولية لصناعة البارود لصهر الذهب وصناعة الزجاج، الفارسيون يسمون هذه المادة بـ"الملح الصيني"، أما العرب فكانوا يسمونها بالثلج الصيني لأن المادة لونها أبيض كلون الثلج وطعمها مالح كملوحة الملح، وانتشر فن صناعة المفرقعات والبارود الصيني في الوطن العربي في النصفالأول من القرن الثالث عشر، وتبعها دخول الأسلحة النارية اثر غزو بغدادعلى يد "سيوليوو" المنغولي عام 1258م([10]).

الحضارة الإغريقية:

بدأ العلم عند اليونانيين القدامي بشكل حكايات وأساطير،ومن بين هذه الأساطير أسطورة الحكماء السبعة، وأول هؤلاء الحكماء هو طاليس (624-548ق.م) وهو مؤسسي المذهب الأيوني، وفيه المحاولة لتفسير الكون وتحليل نشأته، وخلاصةهذا المذهب: "إن الماء هو الأساس في قوام جميع الموجودات واختلافها يرجع إلى اختلافحالة الماء وكميته فيها، وأن الأرض قرص من ماء جامد، ومن الماء نشأت كل العناصر.."،ثم جاء الفيلسوف "أناكسيمنس" (585-528 ق.م) ونادى بنظرية أن الكون أصله من الهواء،ثم نادى أحد فلاسفة المدرسة الأيونية وهو "هيراقلايتوس" (567-480 ق.م) بنظرية أنالنار هي الأصل في تكوين المادة. وأخيراً ظهر الفيلسوف "امبيدوقلس" (483-430 ق.م)،وقال: إن أصل الكون يتكون من أربعة عناصر وهي: الماء والهواء والنار والتراب، لقد شاعت هذه النظرية وتقبلها الفلاسفة، وكان على رأسهم "أفلاطون (347-428ق.م)، فسر أفلاطون منشأ الطبيعة بأنه حادث وكل حادث إنما يحدث بعلة، والجسم مركب من العناصر الأربعة، وكان العالم في البدء مادة رخوة غامضة قابلةللتغير والتحول، وكانت تتحرك اتفاقاً في الجهات الست، ثم انحدرت ذرات هذه المادةبحسب أشكالها، ومن اتحادها نشأت العناصر الأربعة وهي: النار والتراب والهواءوالماء، وأضاف عنصراً خامساً سماه: "الهيولي" أي المادة، أخذ أرسطو بنظريةالعناصر الأربعة، وذهب إلى أن هذه العناصر تحوي في الحقيقة أسساً تكسب المادةالمكونة منها خصائص مميزة، ومن هذه الأسس اختار الحرارة والبرودة والسيولةواليبوسة، وأن كل عنصر من العناصر الأربعة ينتج من اتحاد زوجين من هذه الأسس،فمثلاً الأجسام التي من خصائصها السيولة أو البرودة يكون عنصرها الماء، والأجسامالتي من خصائصها الحرارة واليبوسة يكون عنصرها النار، وهكذا([11]).

الحضارة المصرية القديمة:

صورت على جدران المقابر كل الفنون المتصلة بدبغ الجلود، وصنع المصريون من نبات البردي الحبال والحصر والأخفاف والورق، وابتدعوا فن الطلاء بالميناء والورنيش واستخدموا الكيمياء في الصناعة، ومن الصناع من كان يعمل في نسج القماش من أدق الخيوط المعروفة في تاريخ النسج كله([12]). وقد أجرى باحثون بريطانيون تحاليل لثلاث عشرة عينة من المواد التي استخدمها قدماء المصريين في تحنيطمومياواتهم، وأظهرت التحاليل وجود مجموعة كبيرة جداً من المكونات من بينها أنواع منالدهون الحيوانية والزيوت النباتية وشمع العسل والأصماغ النباتية. وقد اكتشفالباحثون أن مواد التحنيط التي ابتكرها الفراعنة كانت عبارة عن مزيج من مواد رخيصةالثمن، وأخرى ثمينة ونادرة في ذلك الوقت مثل زيت الأرز والعرعر([13]). ومن أهم المواد التي استخدمها قدماء المصريين والتي تمت معرفتها حديثاً مادة النطرون، وهي كربونات الصوديوم الطبيعية، والقار أو القطران الذي انتشر استخدامه في العصور المتأخرة، والقرفة، والحناء التي كانت تستخدم كمادة حافظة ولخضاب أصابع وأظافر وشعر الجثة، ونبات العرعر، ونبات الحزاز، وزيت القادروس وهو غير معروف الهوية، فقيل أنه زيت التربنتينا أو خل الخشب، والراتينج ومجموعة من الأحماض الدهنية بعضها لم تعرف نسب تركيبه([14]). كان دبغ الجلود وصناعة الأصباغ ومستحضرات التجميل من بين الفنون التي مارسها المصريون، وتعتبر الإسكندرية المركز الأول للكيمياء القديمةحيث تأثرت بفلسفة الإغريق بعد قيام الإسكندر الأكبر بفتح مصر (322ق.م)،حيث جذبإليها الكثير من الإغريق فارتبطت مهارة المصريين مع نظريات الإغريق مما أدى إلىظهور أولئك الذين يمارسون الكيمياء، ونسب إليها أنها موطن البحث لهذا العلم الذييحيل المعادن العادية إلى معادن ثمينة ويعيد الشباب إلى الإنسان، وتزامن مع ظهورالكيمياء القديمة ظهور التنجيم واختلط بها السحر كما سيطرة الرمزية على هذهالكيمياء في العصور الوسطى وأغرقها الغموض. واستخدم الفراعنة المواد المعدنية كالحجارة الكريمة وخاصة الفيروز، والذهب والفضة للطلاسم، والشبة وأملاح الأنتموان وكربونات النشادر والجير وصدأ النحاس (الزنجار)، وأملاح الحديد والمانيزيا وسلفات الزئبق وأملاح الرصاص والبوتاسا والصودا لإنتاج العقاقير الطبية([15]). واستخدم الفراعنة التركيبات الدوائية ومنها: أكسيد الرصاص الأحمر، وأكسيد الحديديك الأحمر، وحجر الشب، والنطرون، والملح، وكربونات الصودا، وغيرها، واستطاعوا معرفة الخصائص الكيميائية لبعض النباتات أو بعض الأجزاء المستخرجة من أحشاء الحيوانات، واستطاعوا بالتالي استخراج وتقطير المركبات والعناصر الكيميائية من هذه النباتات سواء في شكل زيوت أو في شكل محاليل سائلة أو في شكل سوائل كحولية، كما استخدموا الشحوم المستخرجة من الحيوانات في عمل المراهم والدهون([16]). وفي مصر نشأت أول مدرسة للكيمياء، لأن بطيموس الأول (323-285ق.م) لما أسس معهد الميزيوم بالإسكندرية، فخصص له فيه أماكن فسيحة للمحاضرات والتجارب، وفي هذا المعهد تسلم الإغريق تراث المصريين في الكيمياء وتعهدوه ببحوثهم، وظهرت فيهم مؤلفات كثيرة تعتبر الآن أول كتب وضعت في الكيمياء([17]). وقد أصبحت الكيمياء شائعة في الإسكندرية منذ عهد البطالمة حتى العصر الروماني، وكانت تعاليمها قائمة على السحر، فالمهم عند الكيميائي القديم ليس هو البحث النظري العلمي، ولا التجربة، ولكن تحويل المواد والمعادن المختلفة إلى جواهر نفيسة، ونجد ذلك في مؤلفات بولوس المصري، والتي كتبت أثناء القرن الثاني قبل الميلاد، وتقوم مبادئ الكيمياء في ذلك الوقت على مبدأين هما: مبدأ التجاذب والتنافر الذي تتألف وتنفصل بمقتضاه جميع الجواهر، والمبدأ الثاني هو مبدأ وحدة المادة الأولى، ويسمح هذا المبدأ بتحول المادة إلى أخرى، ويعتبر كيميائيو هذا العصر المادة الأولى هي الرصاص الذائب ويسمونه "الأسود الأول"، فيتم تحويل المواد إلى المادة الأولى عن طريق التسخين والإذابة والإضافة والانتزاع، وبعد ذلك يضيفون مادة شريفة فتصبح ذهباً أو فضة. وكان من العلماء في ذلك العصر الذين ألفوا في هذا المجال "زوسيوس" الذي قيل أنه ألف ما لا يقل عن ثمانية وعشرين كتاباًً في الكيمياء، وقد ولد في مصر وانتقل إلى روما ومارس فيها علم الكيمياء([18]). وبقيت مدرسة الإسكندرية عامرة بعلمائها حتى كان أول اتصال للمسلمين بهذه المدرسة عن طريق العالم العربي خالد بن يزيد بن معاوية حين استقدم عدد من العلماء من مدرسة الإسكندرية منهم "مريانوس" وأخذ العلم عنهم، وكان هذا أول اتجاه للمسلمين لدراسة العلوم الدنيوية([19]). الحضارة الهندية:

عرف عن الحضارة الهندية المبكرة أنها اهتمت بعلم استخراج المعادن وتنقيتها ومزجها، ومن المصنوعات التي وجدت في المقابر مثل الصلب في الزمن 600-500ق.م، وكذلك من عمود الحديد المطاوع قرب دلهي، والذي يرجع تاريخه إلى 1500 سنة مضت، ونستمد من الكتابات الهندية الطبية القديمة مثل: الشراكا حوالي سنة 100م، والسوسروتا حوالي سنة 200م، والفاجبهاتا حوالي سنة 600م، وتوضح هذه الكتابات أن الهند كانت تملك ذخيرة غنية من الأدوية مثل النباتات السامة، والملينات، ومدرات البول، ومن المعادن مثل الذهب والفضة والقصدير والحديد والرصاص والنحاس، والصلب، والبرونز، والنحاس الأصفر، وقائمة من المواد الكيميائية العملية الأخرى مثل: الكحول، والصودا الكاوية، وكلوريد وكبريتات الحديد والنحاس" واستخدم الهندس الكحول كمخدر، وأوقفوا النزيف بالزيوت الساخنة والقار، واستأصلوا الأورام ونظفوا الخراريج وعالجوا الناسور الشرجي، وخاطوا الجروح وأجروا استئصال الأطراف والعمليات القيصرية، وعرفوا كيف تجبر الكسور، وتعد عمليتهم تطهير الجروح بتعريضها للدخان واحدة من أوائل الجهود المبذولة لتعقيم الجراحات، وفي كتاب "السوسروتا" ينصح الأطباء بمعالجة آفات الجلد بالقلويات الكاوية ثم الانتظار زمناً يكفي لقول مائة كلمة، ثم معادلة القلويات الكاوية بحمض، ولا شك أن هذا الإجراء يسبب عذاباً شديداً، لكنه يطهر الجرح بكفاءة([20]).




الجامعةالإسلامية- غزة

مقدمة

قدم المسلمون للعالم إسهامات جليلة في مجال العلوم، ومنها علم الكيمياء، فقد اكتسب المسلمون معارف من سبقهم من اليونانيين والمصريين والفرس، واستفادوا منها، وبنوا عليها معارف جديدة، كما أضافوا إضافات لم تكن عند من سبقهم، وحولوا علم الكيمياء من مجرد علم فلسفي قائم على الشعوذة والسحر إلى علم عملي قائم على التجربة والاستنباط. وهذا البحث بعنوان أثر علماء المسلمين في تطور علم الكيمياء (90-741هـ/708-1341م)، وهي من تاريخ أول علماء الكيمياء العرب وهو خالد بن يزيد، حتى تاريخ وفاة آخر علماء المسلمين في هذا المجال وهو الجلدكي. وقد أقدمتُ على هذا الموضوع لأدرس إسهامات المسلمون في مجال العلوم التطبيقية، ولكي أبرهن أن المسلمون لم يبرعوا في مجال العلوم النظرية والدينية فقط، ولكنهم كانوا مخترعين ومبدعين في المجالات التقنية. وهناك أسباب عديدة دفعتني إلى دراسة هذا الموضوع ومنها: - الرغبة في التعمق في دراسة أهم إنجازات العرب في مجال علم الكيمياء، خاصة أنه من أصعب العلوم التقنية الحديثة. - التعرف على أهم الفوائد التي استفادها الغرب من العلوم العربية وكيف بنوا حضارتهم على قواعد متينة من العلوم العربية الإسلامية. وقد قسمتُ هذا البحث إلى ثلاثة فصول: الفصل الأول بعنوان: وصول علم الكيمياء إلى المسلمين، وفيه كيف استفاد المسلمون من تجربة من سبقهم من الأمم مثل الحضارة الصينية واليونانية والفارسية والمصرية. وفي الفصل الثاني: أشهر علماء الكيمياء في الإسلام، ومنهم جابر بن حيان والرازي والبيروني والجلدكي وغيرهم. أما الفصل الثالث: أثر المسلمين في الكيمياء، فقد تناولتُ أهم ما قدمه المسلمون من إنجازات في علم الكيمياء. وأسأل الله تعالى التوفيق والسداد.

الفصل الأول

وصول علم الكيمياء إلى المسلمين

حاول الإنسان عبر العصور أن يبحث في طبيعة العالم الذي حوله، وذلك بدافع غريزة حب المعرفة، ومن خلال ذلك، تم الكثير من الاكتشافات المهمة التي ساعدت على تطوير العلوم والتكنولوجيا ومن ضمنها علم الكيمياء وهو علم يعنى بطبيعةالمادة ومكوناتها، وكذلك بكيفية تفاعل المواد المختلفة مع بعضها بعضاً، وعلى هذاتكون وظيفة العالم الكيميائي الأساسية هي معرفة أكبر قدر ممكن من المعلومات عنطبيعة المادة التي أوجدها الله في هذا الكون. ويعتبر علم الكيمياء من العلوم التي عني بها العرب والمسلمون من قديم الزمان، ولهم فيه إسهامات كبيرة، واكتشافات هامة، فهم الذين أسسوا هذا العلم بتجاربهم وملاحظاتهم الدقيقة ومستحضراتهم الهامة، وقد أطلقوا على هذا العلم "علم الصنعة". تعريفالكيمياء:

الكيمياء هو علم ذي أصول يبحث في طبيعة الأجسام وتحولاتها وكيفية تفاعلاتها، وطرق الانتفاع بها، وقد جاءت نتيجة تجارب عديدة توصل الكيميائيون بنتيجتها إلى وضع مركبات دون قصد منهم، أما علم الكيمياء القديم فهو علم يهدف إلى تحقيق غايتين هما: تحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب، واكتشاف إكسير الحياة وهو مركب يحمي شاربه من الشيخوخة ويحفظ له شبابه وحيويته([1]). وفي تعريف آخر أن الكيمياء هو: علم يراد به سلب الجواهر المعدنية خواصّها وإفادتها خواصّا لم تكن لها، والاعتماد فيه على الفلزّات كلّها، مشتركة في النوعية، والاختلاف الظاهر بينها إنما هو باعتبار أمور عرضية يجوز انتقالها([2]). أصل كلمة (كيمياء):

اختلف العلماء حول أصل كلمة كيمياء، وقد تم تقديم عدة فرضيات إما معقولة أو خرافية، إذ يعتقد بعضهم أن الكلمة أتت من المصرية kemi (أسود)، ومن ثم من اليونانية kemia التي يمكن أن تعني شيئين: إما مصر، أي الأرض السوداء، وإما الأسود، وهي المادة الأصلية للتحويل، أي أنها تعني فن معالجة المعدن الأسود، لاستخراج المعادن الثمينة منه. وقال آخرون أن كلمة كيمياء قد تكون أتت من اليونانية khymeia أي الصهر الذي يعني فن صهر الذهب والفضة، وهناك نص بيزنطي يقول إن ديوقليسيانوس أتلف الكتب المصرية المتعلقة بال khymeia أي بصهر الذهب والفضة([3]). وقيل أن معناها باليونانية الحذق والميلة، وقيل هي مشتقة من "كي" بمعنى استتر، وظاهر من هذا الاشتقاق أن صناعة الكيمياء عند القدماء كانت من الصناعات السرية، أما علماء الإفرنج فيقولون: إن أصل كلمة كيمياء "Alchemy" كما جاء في معجم لاروس الفرنسي لفظ يوناني مشتق من "كيموس" بمعنى العصارة، والباحثون يؤكدون أن "ال" التي في الكيمياء هي أداء التعريف العربية، بما يدل على أن الكلمة عربية الأصل([4]). بدايات علم الكيمياء:

بدأ المشتغلون في هذه الصنعة أول ما بدأوا بالسعي للحصول على ملح الإكسير وهو الدواء الذي إذا طبخ به الجسد المذاب جعله ذهباً أو فضة، مستهدفين تحويل المعادن الرخيصة إلى معادن ثمينة، وكانوا يعتقدون بتحقيق ذلك، وفي عملهم الدؤوب من أجل الوصول إلى صنع ملح الإكسير أفادوا من تجاربهم، وتوصلوا إلى كثير من حقائق علم الكيمياء، فوضعوا بذلك أساسه العلمي، على أن البحث عن الإكسير لم يكن السبب الوحيد الذي دفع العلماء العرب إلى الاهتمام بصناعة الكيمياء، فقد كانت ثمة عوامل أخرى منها: اهتمامهم بتحضير أدوية وتركيبها، وحاجتهم إليها في صناعة صبغ الملابس، ودبغ الجلود، وفي صناعة الورق، وتركيب العطور([5]). تأثر المسلمين بالكيمياء من الحضارات القديمة:

الحضارة الصينيةالقديمة:

اكتشف الصينيون بعض الأشياء التي لها علاقة بعلم الكيمياء، فقد اخترعوا الورق المعروف حالياً، ويعود تاريخه إلى القرن الثاني الميلادي. ففي عام 105 بعد الميلاد صنع الصيني "تسي آي لون" ورقا من لحاء الشجر وشباك الأسماك. ثم توصل الصينيون إلى صنع الورق من عجائن لبابالشجر، فحلت بذلك مكان الحرير غالي الثمن، والغاب ثقيل الوزن اللذين قنع بهماالصينيون زمناً طويلاً،بعد ذلك طور الصينيون هذه الصنعة باستخدام مادة ماسكةمن الغراء مخلوطة بعجينة نشوية ليقووا بها الألياف ويجعلوا الورق سريعالامتصاص للحبر.([6]) ووصلت طريقة صنع الورق إلى المسلمين بعد أن أسر المسلمون عدد من الأسرى الصينيين في معركة سنة 751م، ويقال أن أول مصنع للورق المسمى "كاغد" تأسس في بغداد كان بإشارة الوزير الفضل بن يحيى البرمكي في خلافة الرشيد سنة 178 هـ ـ سنة 794، وأمر الفضل أخاه جعفر البرمكي بإحلال ورق الكاغد محل القراطيس البردية في الدواوين. وقد أدخل المسلمون تحسينات على الكاغد الصيني بتنقيته من الشوائب التي كان يضعها فيه الصينيون من ورق التوت والغاب الهندي([7]). كما اتجه الصينيون إلى البحث في فن "اكسير الخلود"، أو "فن الحياة الدائمة"، وذلك فيعهد أسرة تانغ في القرن الثاني قبل الميلاد، وألف الطبيب المشهور "سون سي مياو" (581-682م) مؤلفه المعروف "عالم إكسير الخلود"، كما أن اختراع البارود قد تمّ في الصين، وبالتحديد في القرن التاسع للميلاد([8]) ففي وقت مبكر يعود إلى عهد أسرة تانغ، اكتشف الصينيين مسحوق البارود وتفننوا في طرق الاستعمال بدون أن يتمكنوا من استخدامهكمادة لإطلاق المقذوفات الهادفة إلى القتل وسبب ذلك يرجع ربما إلى احترام الصينيينالقدامى للحياة البشرية والحيوانية على حد سواء([9]). واستخدم العرب ملح البارود الصيني مادة أولية لصناعة البارود لصهر الذهب وصناعة الزجاج، الفارسيون يسمون هذه المادة بـ"الملح الصيني"، أما العرب فكانوا يسمونها بالثلج الصيني لأن المادة لونها أبيض كلون الثلج وطعمها مالح كملوحة الملح، وانتشر فن صناعة المفرقعات والبارود الصيني في الوطن العربي في النصفالأول من القرن الثالث عشر، وتبعها دخول الأسلحة النارية اثر غزو بغدادعلى يد "سيوليوو" المنغولي عام 1258م([10]). الحضارة الإغريقية:

بدأ العلم عند اليونانيين القدامي بشكل حكايات وأساطير،ومن بين هذه الأساطير أسطورة الحكماء السبعة، وأول هؤلاء الحكماء هو طاليس (624-548ق.م) وهو مؤسسي المذهب الأيوني، وفيه المحاولة لتفسير الكون وتحليل نشأته، وخلاصةهذا المذهب: "إن الماء هو الأساس في قوام جميع الموجودات واختلافها يرجع إلى اختلافحالة الماء وكميته فيها، وأن الأرض قرص من ماء جامد، ومن الماء نشأت كل العناصر.."،ثم جاء الفيلسوف "أناكسيمنس" (585-528 ق.م) ونادى بنظرية أن الكون أصله من الهواء،ثم نادى أحد فلاسفة المدرسة الأيونية وهو "هيراقلايتوس" (567-480 ق.م) بنظرية أنالنار هي الأصل في تكوين المادة. وأخيراً ظهر الفيلسوف "امبيدوقلس" (483-430 ق.م)،وقال: إن أصل الكون يتكون من أربعة عناصر وهي: الماء والهواء والنار والتراب، لقد شاعت هذه النظرية وتقبلها الفلاسفة، وكان على رأسهم "أفلاطون (347-428ق.م)، فسر أفلاطون منشأ الطبيعة بأنه حادث وكل حادث إنما يحدث بعلة، والجسم مركب من العناصر الأربعة، وكان العالم في البدء مادة رخوة غامضة قابلةللتغير والتحول، وكانت تتحرك اتفاقاً في الجهات الست، ثم انحدرت ذرات هذه المادةبحسب أشكالها، ومن اتحادها نشأت العناصر الأربعة وهي: النار والتراب والهواءوالماء، وأضاف عنصراً خامساً سماه: "الهيولي" أي المادة، أخذ أرسطو بنظريةالعناصر الأربعة، وذهب إلى أن هذه العناصر تحوي في الحقيقة أسساً تكسب المادةالمكونة منها خصائص مميزة، ومن هذه الأسس اختار الحرارة والبرودة والسيولةواليبوسة، وأن كل عنصر من العناصر الأربعة ينتج من اتحاد زوجين من هذه الأسس،فمثلاً الأجسام التي من خصائصها السيولة أو البرودة يكون عنصرها الماء، والأجسامالتي من خصائصها الحرارة واليبوسة يكون عنصرها النار، وهكذا([11]).
الحضارة المصرية القديمة:

صورت على جدران المقابر كل الفنون المتصلة بدبغ الجلود، وصنع المصريون من نبات البردي الحبال والحصر والأخفاف والورق، وابتدعوا فن الطلاء بالميناء والورنيش واستخدموا الكيمياء في الصناعة، ومن الصناع من كان يعمل في نسج القماش من أدق الخيوط المعروفة في تاريخ النسج كله([12]). وقد أجرى باحثون بريطانيون تحاليل لثلاث عشرة عينة من المواد التي استخدمها قدماء المصريين في تحنيطمومياواتهم، وأظهرت التحاليل وجود مجموعة كبيرة جداً من المكونات من بينها أنواع منالدهون الحيوانية والزيوت النباتية وشمع العسل والأصماغ النباتية. وقد اكتشفالباحثون أن مواد التحنيط التي ابتكرها الفراعنة كانت عبارة عن مزيج من مواد رخيصةالثمن، وأخرى ثمينة ونادرة في ذلك الوقت مثل زيت الأرز والعرعر([13]). ومن أهم المواد التي استخدمها قدماء المصريين والتي تمت معرفتها حديثاً مادة النطرون، وهي كربونات الصوديوم الطبيعية، والقار أو القطران الذي انتشر استخدامه في العصور المتأخرة، والقرفة، والحناء التي كانت تستخدم كمادة حافظة ولخضاب أصابع وأظافر وشعر الجثة، ونبات العرعر، ونبات الحزاز، وزيت القادروس وهو غير معروف الهوية، فقيل أنه زيت التربنتينا أو خل الخشب، والراتينج ومجموعة من الأحماض الدهنية بعضها لم تعرف نسب تركيبه([14]). كان دبغ الجلود وصناعة الأصباغ ومستحضرات التجميل من بين الفنون التي مارسها المصريون، وتعتبر الإسكندرية المركز الأول للكيمياء القديمةحيث تأثرت بفلسفة الإغريق بعد قيام الإسكندر الأكبر بفتح مصر (322ق.م)،حيث جذبإليها الكثير من الإغريق فارتبطت مهارة المصريين مع نظريات الإغريق مما أدى إلىظهور أولئك الذين يمارسون الكيمياء، ونسب إليها أنها موطن البحث لهذا العلم الذييحيل المعادن العادية إلى معادن ثمينة ويعيد الشباب إلى الإنسان، وتزامن مع ظهورالكيمياء القديمة ظهور التنجيم واختلط بها السحر كما سيطرة الرمزية على هذهالكيمياء في العصور الوسطى وأغرقها الغموض. واستخدم الفراعنة المواد المعدنية كالحجارة الكريمة وخاصة الفيروز، والذهب والفضة للطلاسم، والشبة وأملاح الأنتموان وكربونات النشادر والجير وصدأ النحاس (الزنجار)، وأملاح الحديد والمانيزيا وسلفات الزئبق وأملاح الرصاص والبوتاسا والصودا لإنتاج العقاقير الطبية([15]). واستخدم الفراعنة التركيبات الدوائية ومنها: أكسيد الرصاص الأحمر، وأكسيد الحديديك الأحمر، وحجر الشب، والنطرون، والملح، وكربونات الصودا، وغيرها، واستطاعوا معرفة الخصائص الكيميائية لبعض النباتات أو بعض الأجزاء المستخرجة من أحشاء الحيوانات، واستطاعوا بالتالي استخراج وتقطير المركبات والعناصر الكيميائية من هذه النباتات سواء في شكل زيوت أو في شكل محاليل سائلة أو في شكل سوائل كحولية، كما استخدموا الشحوم المستخرجة من الحيوانات في عمل المراهم والدهون([16]). وفي مصر نشأت أول مدرسة للكيمياء، لأن بطيموس الأول (323-285ق.م) لما أسس معهد الميزيوم بالإسكندرية، فخصص له فيه أماكن فسيحة للمحاضرات والتجارب، وفي هذا المعهد تسلم الإغريق تراث المصريين في الكيمياء وتعهدوه ببحوثهم، وظهرت فيهم مؤلفات كثيرة تعتبر الآن أول كتب وضعت في الكيمياء([17]). وقد أصبحت الكيمياء شائعة في الإسكندرية منذ عهد البطالمة حتى العصر الروماني، وكانت تعاليمها قائمة على السحر، فالمهم عند الكيميائي القديم ليس هو البحث النظري العلمي، ولا التجربة، ولكن تحويل المواد والمعادن المختلفة إلى جواهر نفيسة، ونجد ذلك في مؤلفات بولوس المصري، والتي كتبت أثناء القرن الثاني قبل الميلاد، وتقوم مبادئ الكيمياء في ذلك الوقت على مبدأين هما: مبدأ التجاذب والتنافر الذي تتألف وتنفصل بمقتضاه جميع الجواهر، والمبدأ الثاني هو مبدأ وحدة المادة الأولى، ويسمح هذا المبدأ بتحول المادة إلى أخرى، ويعتبر كيميائيو هذا العصر المادة الأولى هي الرصاص الذائب ويسمونه "الأسود الأول"، فيتم تحويل المواد إلى المادة الأولى عن طريق التسخين والإذابة والإضافة والانتزاع، وبعد ذلك يضيفون مادة شريفة فتصبح ذهباً أو فضة. وكان من العلماء في ذلك العصر الذين ألفوا في هذا المجال "زوسيوس" الذي قيل أنه ألف ما لا يقل عن ثمانية وعشرين كتاباًً في الكيمياء، وقد ولد في مصر وانتقل إلى روما ومارس فيها علم الكيمياء([18]). وبقيت مدرسة الإسكندرية عامرة بعلمائها حتى كان أول اتصال للمسلمين بهذه المدرسة عن طريق العالم العربي خالد بن يزيد بن معاوية حين استقدم عدد من العلماء من مدرسة الإسكندرية منهم "مريانوس" وأخذ العلم عنهم، وكان هذا أول اتجاه للمسلمين لدراسة العلوم الدنيوية([19]). الحضارة الهندية:

عرف عن الحضارة الهندية المبكرة أنها اهتمت بعلم استخراج المعادن وتنقيتها ومزجها، ومن المصنوعات التي وجدت في المقابر مثل الصلب في الزمن 600-500ق.م، وكذلك من عمود الحديد المطاوع قرب دلهي، والذي يرجع تاريخه إلى 1500 سنة مضت، ونستمد من الكتابات الهندية الطبية القديمة مثل: الشراكا حوالي سنة 100م، والسوسروتا حوالي سنة 200م، والفاجبهاتا حوالي سنة 600م، وتوضح هذه الكتابات أن الهند كانت تملك ذخيرة غنية من الأدوية مثل النباتات السامة، والملينات، ومدرات البول، ومن المعادن مثل الذهب والفضة والقصدير والحديد والرصاص والنحاس، والصلب، والبرونز، والنحاس الأصفر، وقائمة من المواد الكيميائية العملية الأخرى مثل: الكحول، والصودا الكاوية، وكلوريد وكبريتات الحديد والنحاس" واستخدم الهندس الكحول كمخدر، وأوقفوا النزيف بالزيوت الساخنة والقار، واستأصلوا الأورام ونظفوا الخراريج وعالجوا الناسور الشرجي، وخاطوا الجروح وأجروا استئصال الأطراف والعمليات القيصرية، وعرفوا كيف تجبر الكسور، وتعد عمليتهم تطهير الجروح بتعريضها للدخان واحدة من أوائل الجهود المبذولة لتعقيم الجراحات، وفي كتاب "السوسروتا" ينصح الأطباء بمعالجة آفات الجلد بالقلويات الكاوية ثم الانتظار زمناً يكفي لقول مائة كلمة، ثم معادلة القلويات الكاوية بحمض، ولا شك أن هذا الإجراء يسبب عذاباً شديداً، لكنه يطهر الجرح بكفاءة([20]).



[1] - حسين حسن: حضارة العرب في صدر الإسلام، ص401.

[2] - محمد التهانوي: موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، ص57.

[3] - عبده القادري: العلم العربي وتطوره في العصر العباسي الأول، ص211.

[4] - الإبراشي والتونسي: سلسلة تراجم أعلام الثقافة العربية، ص9.

[5] - أحمد عبد الباقي: معالم الحضارة العربية، ص410.

[6]- دار بناء الصين: تاريخ الصين، ج1، ص43.

[7] - فهمي هويدي: الإسلام في الصين، ص45.

[8] - محمد شفيق غربال: الموسوعة الميسرة، ص307.

[9] - رغد الرفاعي: البارود والبندقية، مجلة الدفاع الخليجي،" العدد 2، يناير 1993، ص 50.‏

[10] - لي رونغ جوان: تاريخ العلاقات الصينية العربية ومستقبلها، ص2.

[11] - محمد فياض: جابر بن حيان وخلفاؤه، ص17-18.

[12] - ديورانت: قصة الحضارة، ج2، ص86.

[13] - مهران: الحضارة المصرية القديمة، ص448-454.

[14] - مختار السويفي: أم الحضارات، ج2، ص162.

[15] - مهران: الحضارة المصرية القديمة، ص439.

[16] - مختار السويفي: أم الحضارات، ج2، ص172.

[17] - محمد فياض: جابر بن حيان وخلفاؤه، ص13.

[18] - نجيب بلدي: تمهيد لتاريخ مدرسة الإسكندرية، ص45.

[19] - حسن الشرقاوي، المسلمون علماء وحكماء، ص172.

[20] - كاتي كوب وهارولد جولدوايت: إبداعات النار، ص60.

سيد مختار
18-12-2017, 02:59 AM
شكرا على الموضوع والمعلومات المفيدة

هداية الله المغربى
18-12-2017, 06:39 PM
بارك الله فيك

على سليمان
19-12-2017, 01:43 AM
شكرا على الموضوع والافادات القيمة

صفوان حجازى
20-12-2017, 03:10 AM
جزاكم الله كل خير على الافادات والمعلومات القيمة

وليد البلوشى
21-12-2017, 04:48 AM
شكرا على الموضوع والمعلومات المفيدة

اليمنى
22-12-2017, 05:34 AM
شكرا على الموضوع والمعلومات المفيدة

التميمى العراقى
23-12-2017, 03:50 AM
شكرا على المعلومات والافادة

اشرف زهران
24-12-2017, 09:52 AM
شكرا على الموضوع والافادة جزاكم الله كل خير

الفرغل ابو الرجال
25-12-2017, 02:52 AM
شكرا على الموضوع والمعلومات المفيدة

احمد عزيز
26-12-2017, 02:37 AM
شكرا على الموضوع والافادات القيمة

ابو حاتم
27-12-2017, 07:52 AM
شكرا على الموضوع والمعلومات المفيدة

مروان التيفاشى
28-12-2017, 11:36 AM
شكرا على الموضوع والمعلومات المفيدة

بلال
29-12-2017, 10:33 AM
شكرا على الموضوع والمعلومات المفيدة

صالح
31-12-2017, 01:49 AM
شكرا على الموضوع والافادات القيمة

شكرى
10-01-2018, 02:38 AM
شكرا على الموضوع والافادات القيمة

مركوش
11-01-2018, 02:12 AM
شكرا على الموضوع والافادات القيمة

المعتز بالله
12-01-2018, 04:13 AM
شكرا على الموضوع والمعلومات المفيدة

اسامه العشرى
13-01-2018, 05:21 AM
شكرا على الموضوع والافادات القيمة

بيرم محمد
14-01-2018, 02:05 AM
شكرا وجزاكم الله كل خير

زخارى
15-01-2018, 03:28 AM
شكرا على الموضوع والافادة والمعلومات القيمة

عثمان
17-01-2018, 07:22 AM
شكرا على الافادات القيمة وجزاكم الله كل خير

ادهم
19-01-2018, 03:58 AM
شكرا على الافادات القيمة وجزاكم الله كل خير

الجاسم
23-01-2018, 01:27 PM
شكرا على الموضوع والافادات القيمة

خلف الله المشد
24-01-2018, 11:21 AM
شكرا على المعلومات والافادة

ابو بكر
01-02-2018, 04:58 AM
شكرا على الموضوع والافادة جزاكم الله كل خير

ابراهيم الدالى
02-02-2018, 04:20 AM
شكرا وجزاكم الله كل خير

عسران الجيار
04-02-2018, 04:35 AM
شكرا على الموضوع والمعلومات القيمة

احمد عمر
06-02-2018, 07:41 AM
شكرا وجزاكم الله كل خير

ابو على
09-02-2018, 02:55 AM
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه

رشاد عزام
15-02-2018, 02:51 AM
شكرا على الافادات القيمة وجزاكم الله كل خير

تميم الشاوى
17-02-2018, 05:45 AM
شكرا وجزاكم الله كل خير

حسين الرفاعى
20-02-2018, 06:01 AM
شكرا على الافادات القيمة وجزاكم الله كل خير

هشام حسن
04-03-2018, 03:16 AM
شكرا على الموضوع والمعلومات والافادة

عبد الله
07-03-2018, 10:31 AM
شكرا وجزاكم الله كل خير

يسرى عاكف
24-04-2018, 11:30 AM
شكرا وجزاكم الله كل خير

تاج الدين
25-04-2018, 04:12 AM
شكرا على الموضوع والافادة جزاكم الله كل خير

قدرى العلى
30-04-2018, 03:10 AM
شكرا على الموضوع والافادة جزاكم الله كل خير

رامى
03-05-2018, 05:10 AM
شكرا وجزاكم الله كل خير

فهد الهاجري
20-05-2018, 03:38 AM
شكرا على الموضوع والافادات القيمة

shankeet
22-05-2018, 03:05 AM
شكرا وبارك الله فيكم

هاشم
23-05-2018, 05:35 AM
شكرا على الافادات القيمة وجزاكم الله كل خير

يمانى عزوز
30-05-2018, 04:53 AM
شكرا وجزاكم الله كل خير

سامر
17-07-2018, 05:20 AM
شكرا على الموضوع والمعلومات المفيدة

ماجد
26-07-2018, 09:56 AM
شكرا على الافادات القيمة وجزاكم الله كل خير

محمد مشعل
06-09-2018, 05:22 AM
شكرا على الموضوع والمعلومات المفيدة

صقر البرارى
11-09-2018, 02:57 AM
شكرا على الموضوع والمعلومات المفيدة

امين
04-10-2018, 04:17 AM
شكرا على المعلومات والافادة