المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأمة تنحر أم تنتحر ؟!



الشيخ درويش عبود المغربى
28-07-2008, 08:23 PM
الأمة تنحر أم تنتحر ؟!

( نشرت فى صحيفة الوفد بتاريخ 20/8/2003 )

الأمة تنحر أم تنتحر ؟!


يــا أمــّـة صــار الغنـــاءُ نشــيدها *** وطعــامهـا ســحـتٌ وخــــمرٌ مـــاؤها
هــلاَ أفقــتِ وقد أحــاط بـكِ اللـظى *** أم عششــت فــوق الرؤوس طـيورها


اليوم أقف تحت مظلة الديمقراطية شاهدًا بالحق أمام الحق جلَ شأنه وأمام البشر وللتاريخ أن للأمم حضارات ، وأن هذه الحضارات لكى تبقى شامخة عفية لابد لها من ساقين قويتين ، إحداهما تمثل قيم العلم والأخرى تمثل قيم الأخلاق ، وأن الحضارات التى تقوم على ساق واحدة لابد وأن تسقطها عثرات الطريق ، وأننا نحن المصريين حكومة وشعبًا نستحق كل العجب والتعجب ــ والكتابة عن مصر تجب الأمة ــ إذ أننا لازلنا نحبوا على بدايات الطريق بخطوات عرجاء ، ورغم هذا فإننا نجد ونجتهد فى إضعاف وإتلاف حضارتنا الأخلاقية ، التى إن أهدرناها لما تبقى لنا ما نخطوا به ، ولصرنا فى المسير أقرب إلى الزواحف !!
ولقد كنت حذرت من هذا الواقع المأساوى فى إحدى مقالاتى بجريدة الأحرار ، وكانت تحت عنوان ( من سيصنع الحضارة .. مدخل إلى تحديث مصر ) ، مشيرًا إلى واقعنا المأساوى الذى نعيشه ونعايشه بكل ما فيه من أوجه الفساد الذى إن مكناه فينا فلن يؤدى بنا إلا لمزيد من الإنحدار والاندحار الذى أحسب أننا صرنا إلى قاعه أقرب مما كنا نظن ، وإلا فما معنى أن يأتينى أحد الأصدقاء بحديث إفك جديد تناولته شائعة قذرة وحقيرة ودنيئة قالها وسمعتها ، فنزلت على مسامعى ونفسى وكأنها الصاعقة ، فهى تطعن فى شرف ورجولة أحد أبرز رموز مصر والعروبة والإسلام ، وأحد أقيم وأندر المثل المشرقة المشرفة التى نتطلع إليها نحن وأبناؤنا والأجيال القادمة فى مجال الدعوة إلى الله ، وهى شائعة إذا تدبرنا مضمونها وتوقيتها لكان لنا كل العذر فى الظن بأن من أطلقوها إنما يسعون إلى تحقيق العديد من الأهداف الرخيصة ، فقد تعمدت هذه الشائعة تشويه مكانة وتلويث شرف هذا العالم الجليل الذى انتقل منذ سنوات قلائل ليلقى ربه فى عالم الحق ..
أعود فأؤكد أن لنا كل العذر إذا ظننا أن وراء هذه الشائعة قوى داخلية وخارجية تهدف فى المدى القريب إلى الترويج والتمهيد لإقامة رابطة للشواذ ، وصولاً فى المدى المتوسط إلى إهدار ما تبقى لنا من حضارة ، حتى إذا أظلنا المدى البعيد كنا أمة عدمًا لا روح فيها ولاجسد لها ولا ظلال .
نعم كانت صاعقة مؤلمة ، وقد زادت وطأتها حين أفاد بعض الحضور أنهم سبق وأن سمعوا بهذه الشائعة ، وما زادنى ألمًا فوق ألمى هو ذلك الفتور الذى تغلفت به وجوه من حولى لدى سماعهم بهذه المأساة ، الأمر الذى جعلنى على يقين بأننا لم نعد نرى ــ بل لم نعد نريد رؤية ــ مابعد أقدامنا ، وهى حماقة وبلاهة لم أملك حيالها سوى أن أمسك قلمى لأكتب وأتساءل :
ــ هل إلى هذه الدرجة نجح أعداؤنا فى إلغائنا ثم إعادة استنساخنا من نفاياتهم الأخلاقية التى نعلم ويعلمون أنها باتت تهدد استمرار حضاراتهم ؟
ــ وهل إلى هذه الدرجة فقدنا كل قيم الإنتماء والهوية بدءًا من انزلاقنا فى ممارسة كل المحرمات ومرورًا بتبجيلنا واحترامنا المبالغ فيه لكل قيم السقوط وأهلها وانتهاءً بتقبلنا إهدار ماتبقى لنا من رموز العطاء والسمو فى مختلف المجالات الدينية والفكرية والثقافية ؟
ــ وهل إلى هذه الدرجة صار واقعنا ومستقبلنا مرتعـًا لعبث العابثين من أعداء الداخل والخارج ؟ وإلى متى سنطل نجهل أو نتجاهل الحقائق التى طالما أكدها مفكرونا ومثقفونا نقلاً عن كتابات غربية محايدة بما يفيد أننا نمر بلحظة انحدار متعمدة ومخطط لها بمعرفة أعداء الخارج منذ عشرات العقود ، وبأنها تهدف إلى تفريغ أمتنا من كل مقومات وقوى الدفع الذاتية القادرة على انتشالنا من عثرات الطريق ، وأنهم حددوا أسلحتهم لبلوغ أهدافهم الحقيرة هذه فى عدة وسائل وعلى مراحل متتالية تبدأ بغرس وترسيخ قيم الجنس والسقوط والرشوة والفساد والإدمان بين أفراد المجتمع إلى أن يعتادوا هذه الحياة ثم يدمنونها فيصير الحق باطلاً والباطل حقـًا ، وحينها يسهل إهدار قيمهم وتسفيه رموزهم وتشويهها واتهامها بكل قيم القبح والرذيلة فى ذات الوقت الذى يتم فيه صناعة نجوم آخرين للمجتمع ، هم وفقـًا للحق الذى صار باطلاً هوامش لاقيمة لهم ، بل إن بعضهم لاجدوى منهم إلا فى إهدار الحضارة ، ولكننا عمينا ولم نعد نرى لنا رموزًا ولا أسيادًا ولا نجومًا سوى بين أرباب العرى والجنس والتبجح واللهو واللعب والكسب السريع ..
وإلى هنا إخوة الوطن لابد من وقفة نقفها مع أنفسنا بين يدى التاريخ الذى سنقف بعده بين يدى الله ليسألنا فنجيب ، ومن لايملك شجاعة الصدق فستجيب حواسه وخلاياه نيابة عنه ــ أللهم إلا إن كان بعضنا بمنأى عن الموت وعن الوقوف بين يدى الله وهو مالا أظنه فى أحد حتى وإن ظنه فى نفسه !! ــ لذا فلابد من وقفة حق تقفها كل أجهزة الدولة المنوط بها تشكيل فكر المجتمع ووجدانه وتطلعاته ، وأخص منها أجهزة الإعلام ، وأخص منها التليفزيون الذى بات ضروريًا وحتميًا على قياداته وضع وتنفيذ خطة إعلامية وطنية صادقة تحفظ لنا رموزنا ونصون بها هويتنا وتقينا فيروسات السقوط تمشيًا مع التعليمات التى صرح السيد وزير الإعلام بأن السيد رئيس الجمهورية أكد له عليها وهى مراعاة قيم المجتمع ، والتى لا أظنها تتمثل فى إلغاء برامج القيم والتوسع المطرد فى رقعة وزمن عرض برامج اللاقيم ، وأخص منها بالذكر كل البرامج المختصة بعرض أغانى الفيديو ( سليب ) وبعض الإعلانات ذات الإيماءات المخلة والمخجلة وأغلب البرامج الفنية التى أخص منها برامج ستار ميكر وستوديو الفن وسكوت هانغنى ، باعتبارها برامج أشبه بفتارين عرض للحوم النسائية أكثر منها برامج لعرض المواهب الجادة ، وهى توجهات مرفوضة ولا تعبر عن قيمنا وعاداتنا ، كما أنها لاتليق بتليفزيون مصر باعتبارها أكبر دولة عربية إسلامية لايشرفها ولايشرف إعلامها ولايشرف أبناءها أن ينزلق أخطر أجهزتها الإعلامية إلى هذا المستوى الذى يبرره البعض بأن الإعلام مطالب بتلبية كل الرغبات ، وهى مقولة لو أدرك قائلها معناها وخطورتها لما قالها ، لأن التليفزيون غير مسئول عن تلبية كافة الرغبات وكأنه نادل فى حانات اللهو والعربدة ، ولكنه مسئول بل ومطالب بأن يرتقى برغبات من انحطت بهم رغباتهم !! ..

اشرف زهران
19-08-2008, 02:27 AM
جزاك الله عنا كل خير

الشيخ عبد الهادى النجار
19-08-2008, 02:27 AM
جزاك الف خير وانشاء الله في ميزان حسناتك

العبد الفقير
19-08-2008, 02:29 AM
لك الشكر يا شيخنا العزيز على طرح هذا الموضوع

مركوش
19-08-2008, 02:30 AM
جزاك الله خيرا .على هذه المواضيع عظيمه المنفعه

ملكة الاحزان
19-08-2008, 02:31 AM
بوركت يا شيخنا وجزيت خير الجزاء

الشيخ درويش عبود المغربى
07-09-2008, 11:09 AM
شكرا لمروركم العطر وجميل ردودكم وكل عام وانتم بخير