المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النوم ذلك اللغز المحير



الشيخ درويش عبود المغربى
03-09-2008, 05:28 PM
النوم ذلك اللغز

لماذا ننام؟


إنه سلوك يضرب جذوره في أصول السلّم النشوئي، فعند جميع المخلوقات يتضمن النوم عموماً مرحلة توقف للنشاط البدني وانخفاض مستوى الوعي الحسّي لفترات منتظمة بحسب دورة الـ 24 ساعة. ومعظم الحيوانات الأخرى اضافة الى الانسان تنام أكثر في الصغر.


إذن، فالنوم دعامة أساسية للوجود الحيواني وتم صقله وتشذيبه عبر ملايين السنين في تاريخ النشوء، ومع ذلك فحتى عام 1952 كان العلماء يفترضون أن النوم حالة سكون يتوقف فيها النشاط الدماغي تماماً، لكن بعد ذلك تم التوصل الى اكتشاف مثير، حيث لاحظ رائد أبحاث النوم نثانييل كلايتمان وتلميذه يوغين اسيرفسكي من جامعة شيكاغو أن النوم يتضمن فترات مميزة يتحرك فيها بؤبؤ العين بسرعة تحت الجفن، وهو ما بات يعرف الآن بنوم حركة العين السريعة أو اختصاراً «ان.آر.إي.ام»، وأن هذه المرحلة من النوم يرافقها نشاط شديد في الدماغ شبيه بالنشاط الدماغي في حالة اليقظة.


واليوم نعرف أن النشاط الدماغي أكثر انتظاماً خلال الغفوة أو النوم الخفيف.

وخلال فترة تسعين دقيقة يمر النائم بأربع مراحل مميزة من النوم غير ذي حركة العين السريعة أو «ان.آر.إي.ام» ومرحلة واحدة من نوم حركة العين السريعة، وتتكرر هذه الدورة عدة مرات خلال الليل. واكتشف العلماء ان معظم الأحلام تحدث خلال نوم حركة العين السريعة «آر.إي.ام» وأن النوم العميق يحدث خلال مراحل أخرى ليست فيها حركة عين سريعة.

وفي الواقع ان هذين النوعين من النوم مختلفان جداً إلى درجة تقارن بالفارق بين النوم واليقظة.


يعتقد البروفيسور جيروم سيغل استاذ علم النفس في معهد أبحاث الدماغ بجامعة كاليفورنيا ان النوم من النوع «ان.آر.إي.ام» يوفر فرصة لترميم خلايا الجسم التي تتعرض للتلف خلال اليقظة تحت تأثير العملية الاستقلابية.


لكن البروفيسور جيم هورن من جامعة لوربورو الانجليزية الذي يرأس تحرير مجلة دورية دولية متخصصة في أبحاث النوم لا يتفق في الرأي مع سيغل ويقول: «ليس هناك دلائل قوية على أن أي عضو آخر غير الدماغ يخضع لعملية ترميم خلال النوم.

وجميع الدلائل تشير إلى أن هذه الأعضاء تتعافى بنفس المستوى خلال أوقات الراحة اثناء اليقظة.


ويشير هورن إلى أن الدماغ لا يتوقف أبداً خلال اليقظة. وحتى لو استلقى المرء في سريره في العتمة، فإنه يبقى في حالة جاهزية كما يحدث للكمبيوتر في حالة «استاندباي» ولقد أظهرت صور المسح بالأشعة ان الدماغ، وخاصة قشرة المخ، لا يستريح فقط الا خلال مراحل «ان.آر.إي.ام» من النوم.

ويستنتج هورن من ذلك أن هذه المراحل لابد أن توفر فرصة لتعافي أنسجة المخ من التلف الناتج عن الاستعمال اليومي.


إذن فالهدف الأكثر أرجحية لمراحل النوم «ان.آر.إي.ام» هو الحصول على قسط من الراحلة والتعافي للدماغ. لكن ماذا عن نوم حركة العين السريعة والأحلام؟ هذا الموضوع مثار جدل أكبر بكثير في ميادين الأبحاث.

ويقول الدكتور كلوديو ستامبي رئيس مركز أبحاث النوم والتيقظ في معهد عالم الأحياء التاريخي بمدينة بوسطن الأميركية: من الواضح ان حرمان الانسان من نوم (حركة العين السريعة) يؤثر على وظائف الذاكرة، نحن بحاجة لهذه المرحلة من النوم لكي نعيد معالجة ما حدث معنا خلال فترة اليقظة السابقة من أجل تخزين المعلومات المفيدة.

وهو ما تشير إليه عدة تجارب على الحيوانات والبشر أظهرت ان هذا النوع من النوم يساعد بشكل فعال في تذكر المهارات التي يتم تعلمها خلال اليوم.

لكن هورن يعارض هذا الرأي، مشيراً إلى ان بعض أنواع العقاقير المضادة للاكتئاب (تريسايكيك) تحرم المرضى من نوم «حركة العين السريعة» طيلة فترة العلاج، ومع ذلك فإن هؤلاء المرضى لا يظهرون أعراض أي إعاقة في وظائف التعلم أو الذاكرة حتى عندما تستمر فترة علاجهم لعدة أشهر.

ويقول ايضاً ان الدلافين تتمتع بقدرات تعلم ممتازة برغم عدم حصولها على مراحل النوم ذات «حركة العين السريعة».


والتفسير البديل الذي يتبناه هورن يستند الى نظرية التطور التي خرج بها باحث النوم البارز مايكل جوفيت.


ويعتقد جوفيت ان النشاط المكثف الذي يشهده الدماغ خلال مراحل النوم ذات «حركة العين السريعة» يلعب دوراً أساسياً في التطور العصبي في بدايات الحياة ففي حالة الجنين البشري على سبيل المثال ليس هناك منبهات خارجية لتنشيط نمو الدماغ خلال الأشهر الطويلة التي يمضيها في الرحم.

ولذلك فإن الدماغ، كما يفترض جوفيت، يولد منبهات خاصة به من خلال نوم «حركة العين السريعة» والاحلام لتحفيز تطوره العصبي.


وتنسجم هذه النظرية مع حقيقة ان الأدمغة الأقل تطوراً تميل الى قضاء وقت أطول في مراحل النوم ذات حركة العين السريعة بالمقارنة مع الادمغة الناضجة.

ففي الشهر الأخير قبل الولادة يمضي الجنين حوالي عشر ساعات يومياً في هذا الشكل من النوم، لكن النظرية لا تفسر لماذا يمضي الكبار ذوو الأدمغة الناضجة 25% من مدة نومهم في مراحل «حركة العين السريعة». وباختصار، فإن وظيفة النوم ذي «حركة العين السريعة» والأحلام لا تزال تشكل لغزاً محيراً، ويأمل العلماء أن يساعد التقدم في تطوير تقنيات المسح الدماغي على حل هذا اللغز.

لكن ليس من المتوقع أن نحصل على جواب مباشر نهائي لأن هناك كما يقول هورن أكثر من مادة كيميائية عصبية ومنطقة دماغية مكتشفة إلى الآن لها علاقة بالنوم. ويتم اكتشاف المزيد.

وهذا يعني انه ليس هناك مركز محدد للنوم في الدماغ.

ويرجح أن تكون وظائف النوم معقدة مثل تعقيد تأثيرات الحرمان من النوم على الجسم والدماغ.


لكن المؤكد اننا لن نستطيع أبداً الاستغناء عن النوم، وليس من المحتمل ان يتم تطوير عقار يمكننا من الامتناع عن النوم والاحتفاظ بصحتنا لفترات طويلة.

لذلك لا ينبغي لأحد منا التفكير بأن النوم اضاعة للوقت لأنه حاجة أساسية مثل الحاجة للطعام والشراب.

سبحان الله "وفى انفسكم افلا تبصرون"

سمية
06-09-2008, 12:16 AM
مشكور شيخنا وبارك الله فيك

نورة حسن
06-09-2008, 12:17 AM
مشكور شيخنا جزيل الشكر ولك كل التقدير والاحترام

جيهان
06-09-2008, 12:18 AM
جزاك الله خيرا

محمود
06-09-2008, 12:19 AM
بارك الله فيك شيخنا وجزاك خير الجزاء

نشوى المياسر
07-09-2008, 09:18 AM
بارك الله فيك وعليك شيخنا عبود شكرا ودمت بخير

الشيخ درويش عبود المغربى
02-11-2008, 01:49 PM
شكرا لمروركم وردودكم وبارك الله فيكم وكل عام وانتم بخير

زهرة زمان
02-11-2008, 03:34 PM
سبحان الله ... جزاك الله خير الجزاء استاذي