*حقيقة الشيخ المربي في الطريقة المحمدية الأحمدية التجانية *
*حقيقة الشيخ المربي في الطريقة المحمدية الأحمدية التجانية *
بقلم الأستاذ المقدم الجليل:سيدي عبد الحكيم إيداود النظيفي التجاني
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد الفاتح الخاتم النبيِّ المختار و على آله و صحبه الأخيار.
لقد كثر من الإخوان التجانيين السؤال عن (حقيقة الشيخ الحي )المربي في الطريقة التجانية ، و ذلك اقتداء بما نص عليه القوم من وجوب طلب شيخ التربية في الطريق إلى الله و الذي لا يكون إلا حيا . و قد أوضح شيخنا سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه هذه المسالة قائلا :
"- إن الفتح و الوصول إلى حضرة الاختصاص لا يبعثه الله إلا على أيدي أصحاب الإذن الخاص. "
ثم صرح بأن المراد بهم الأحياء منهم لا الأموات .
- فما المقصود إذن بالشيخ الحي المربي في الطريقة التجانية ...؟
- و ما المقصود بأصحاب الإذن الخاص في الطريقة التجانية ...؟
* - المقصود بالشيخ الحي المربي في الطريقة التجانية هو مولانا الشيخ سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه الذي استوفى جميع شروط التربية و الترقية و المشيخة بإذن من النبي صلى الله عليه و سلم . فكان بذلك يربي بالإذن النبوي : بالهمة - و الحال – و القال – و الفعل . و في ميدان التربية قال له شيخه و مربيه الحقيقي صلى الله عليه و سلم : " اترك عنك الطلب من جميع الأولياء فأنا شيخك و مربيك و ممدك و ليس لأحد منة عليك " . ثم قال له صلى الله عليه و سلم في ميدان التربية : " أصحابك أصحابي و فقراؤك فقرائي " أي أن أصحابك أصحابي بالأصالة و فقراؤك فقرائي بالأصالة ، فهم إذن أصحاب و فقراء الشيخ التجاني رضي الله عنه بالنيابة و التبعية له صلى الله عليه و سلم : " قل لأصحابك لا يؤذوني بإذاية بعضهم بعضا " .
و بمقتضى ما ذكرناه فالشيخ الحي المربي الحقيقي في الطريقة التجانية و لأهلها هو النبي صلى الله عليه و سلم لأنه هو الشيخ الحي بالله الذي أقسم الله بحياته في كتابه العزيز الحكيم قائلا : بسم الله الرحمن الرحيم ( لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ) سورة الحجر .
و بهذه الحياة التي استأثر الله وحده بمعرفتها كما جاء في الحديث الشريف : " ما عرفني حقيقة غير ربي " يحضر النبي صلى الله عليه و سلم أثناء قراءة الوظيفة اليومية و في هيللة الجمعة ، و ذلك من أجل التربية الحقيقية الباطنية لأهل طريقته التي ألزم نفسه صلى الله عليه و سلم بالحضور فيها مصحوبا بالخلفاء الأربعة و الشيخ رضي الله عنهم . و بهذه الحياة أيضا التي استأثر الله بها يحضر صلى الله عليه و سلم لأهل طريقته الأحمدية التجانية في نهاية حياتهم عند خروج الروح ، قال صاحب المنية سيدي أحمد العلوي الشنقيطي :
لدى الممات و السؤال يحـضـر .*** نـبـيـنــا لـهــم و ذا مـفـتخـر
يسـوؤه ما ســاءهــم و لـهــمـُـو *** لطف عن الأنام قد خصَّهمـُو
و ليس هذا اللطف الذي اختص الله به أهل هذه الطريقة التجانية إلا عناية رسول الله بهم و بشيخهم و حضوره لهم بحياته الخاصة في جميع المواقف في الدنيا و الآخرة و البرزخ ، حتى أن الفقير التجاني عند خروج روحه لا يحتاج إلى من يلقنه حجته وقتئذ ، لأن حجته معه لا تفارقه طرفة عين و هو سيد الوجود صلى الله عليه وسلم . و من هنا قال صاحب المنية في منيته :
يـجــالـسـون سيـد الأبــرار *** نـبـيـنـا فـي الـلـيل و الـنـهـار
و اعترافا من الشيخ رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه و سلم بهذه الحياة الخاصة التي ترعاه و ترعى أصحابه و فقراؤه قال : " كفاني رسول الله أمر أصحابي " أي أنه صلى الله عليه و سلم هو المتكفل بهم و بتربيتهم إلى حين ملاقاة الله و النظر إلى وجهه في عرصات الجنان : ( و رضوان من الله أكبر) سورة التوبة .
و قد أفاد القطب سيدي الحاج علي التماسيني رضي الله عنه في هذه المسألة قائلا : إن الجسد الحقيقي للفقير التجاني بمجرد مفارقته لروحه يمشي مع رسول الله صلى الله عليه و سلم و سيدنا الشيخ رضي الله عنه إلى البرزخ الذي أعد لأهل هذه الطريقة التجانية خاصة دون غيرها ، فهم في برزخهم ذلك شهداء أحياء عند ربهم يرزقون .
إذن فالشيخ الحي المربي في الطريقة التجانية هو النبي صلى الله عليه و سلم و هو الذي نظم أورادها و أعطاها للشيخ رضي الله عنه يقضة لا مناما مشافهة لا إلهاما ، و هو الضامن لجميع ما جاء في فضل الطريقة و ما أعد الله لأهلها من الفضل . قال صاحب المنية :
أخذ هذا الورد شيخنا الإمـام .ذ***عـن الرسول المصطفى خير الأنام
يـقـظـة و كـل مـــا سـيـذـكـر *** مـن الــمـآثـــر فـعـنـه يــنـشــــر
و قد سرت في الشيخ رضي الله عنه بعد ملاقاته اليقظية بالنبي صلى الله عليه و سلم حياته بحيث أصبح لا يفارقه طرفة عين ، فرجع الشيخ إلى الخلق بإذن من النبي يدعوهم إلى الله و إلى طريقة فضل الله و فضل رسوله التي ظل الشيخ طيلة حياته يدعو إليها قائلا دائما : " و الله ما عندنا إلا فضل الله و فضل رسوله صلى الله عليه و سلم " ، و بذلك سميت طريقته بطريقة الشكر و الفضل المحض التي سرت للشيخ رضي الله عنه من المحبوب الأعظم صلى الله عليه و سلم الذي خاطبه الحق سبحانه بقوله : ( و كان فضل الله عليك عظيما ) سورة النساء . و صدق سيدنا الشيخ البركة الإمام النظيفي حين قال في خريدته الفريدة :
- طــريقـتـه طـريـقـة الـفـضـل و الــرضــى*** مـؤسـسة عـلـى كتـاب و سنـة .
أي أن طريقته محضُ الفضل:{ و كان فضل الله عليك عظيما }
و محض الرضى : { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك } سورة الفتح
و هذا الفضل والرضى سرَى بمحض الفضل و الرضى للشيخ رضي الله عنه ولأهل طريقته كما سرى للصحابة رضي الله عنهم الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم .
* - أما المقصود بأصحاب الإذن الخاص في الطريقة التيجانية فهم الحائزون للإذن الخاص من النبي صلى الله عليه وسلم القائمين مقام شيخ التربية بالنيابة عن الشيخ وعن النبي وعن الله المربي الحقيقي للوجود .
و قد قال عنهم صاحب المنية :
- طـــائــفــة مــن صـحـبـه لـو اجـتـمـع ***.اقــطـاب أمــة الـنـبــي الــمــتبع
- مــــا وزنـــوا شـعــرة مــن فــــــــرد *** مــنـهـــا فــكـيـف بـالإمـام الفرد
والمقصود بهذه الطائفة من كان في مقام الخلافة و التربية والترقية والإطلاق ، نيابة عن الشيخ وعن النبي وعن الله : أمثال الخليفة المعظم سيدي الحاج علي حرازم رضي الله عنه الذي خلفه النبي وأمر الشيخ أن يخلفه ، والذي قال في حقه الشيخ :"لا يصل لأحد مني شيئا إلا على يد سيدي الحاج علي حرازم " لأنه متصل بالشيخ غاية الاتصال بشهادة النبي له في المشاهد الحرازمية بما نصه : " يا أحمد استوص بخديمك الأكبر وحبيبك الأشهر علي حرازم فإنه منك بمنزلة هارون من موسى فالله أكبر وأجل وأعظم ". كما أنه أي الخليفة المعظم متصل بالنبي غاية الاتصال إذ كان النبي صلى الله وعليه وسلم يحبه محبة تفوق محبة الأولاد و ماهي إلا محبة الله ومحبوبية الله التي سرت لهذا الخليفة الأعظم والكنز المطلسم من سر قوله تعالى في حق نبيه : ( وكان فضل الله عليك عظيما ) .
- و من أصحاب الإذن الخاص من النبي الواسطة العظمى سيدي محمد بن العربي الدمراوي الذي كان واسطة بين سيدنا الشيخ وسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم في الأسرار والمعارف ، وكان للشيخ مزيد اعتناء به ، ويزوره في حياته وبعد مماته لأن النبي أوصاه به . وممن ذكر هذه الوصية بلفظ سيدنا الشيخ المقدم البركة سيدي الطيب السفياني في إفادته أي كتاب الإفادة الأحمدية ونصها : " أوصاني صلى الله عليه وسلم على سيدنا محمد بن العربي الدمراوي ، وقال لي: له حق علي ".
وهؤلاء السادة توفاهم الله في حياة الشيخ ، أما الذي قام بالخلافة بعد وفاة الشيخ فهو القطب سيدي الحاج علي التماسيني ، الذي شهد له الشيخ بذلك في حياته ، وفي مجمع كبير من الأصحاب والفقراء بقوله في هذا الجمع :" إنني في هذا اليوم كالشيخ الذي بلغ ثمانين سنة ، ولم يرزقه الله ولد ، وقد أيس من الانتظار وها هو الولد بمجيء هذا التماسيني " . وكان الشيخ لا يصفه إلا بالقطب و بقطب الزمان في حياته وأمام الملأ . ، وقد ذكره صاحب المنية في منيته قائلا :
و بــغــوث زمــانـنـا الـتـمــاسنـي *** قـطــب الـزمــان سيـدنـا عـلـي .
- ومن الذين ظهروا بالتربية والترقية في الطريقة التيجانية العارف بالله المربي سيدي محمد الغالي الذي تخرج على يديه الخليفة السيد عمر الفوتي بإذن من الشيخ ومن النبي ، فكان من أمر السيد عمر الفوتي أن أصبح خليفة للشيخ وللنبي على يد هذا السيد المربي الذي خلفه قائلا له كما جاء في كتاب الرماح : " كنا نقدم الناس ، أما أنت فجعلناك خليفة من خلفاء الشيخ "
- ومن أصحاب الإذن الخاص كذلك في التربية والمشهود له بالفتح في الطريقة التيجانية العارف بالله الولي الصالح الشيخ سيدي محمد الكنسوسي الذي يعتبر الواسطة بين الأوائل و بين الأواخر الذين لم يدركوا الشيخ . وقد قال فيه خليفة الشيخ مولاي محمد بن أبي النصر الذي قام مقام الشيخ الخليفة المعظم سيدي الحاج علي حرازم بعد وفاته : " والله ما ظفرت يمناي بعد وفاة الشيخ بمثل سيدي محمد الكنسوسي " ،كما اعتبره سيدنا الشيخ النظيفي بإمام المغرب في خريدته الفريدة قائلا :
- وبــإمــــام غـــربــنــــا الــهــــرمــيـس *** مـحـمـدا بـن أحـمـد الـكـنـســوســي
وكان الخليفة القطب سيدي الحاج الأحسن البعقيلي يثني عليه كثيرا ويفتخر بالإنتماء في السند إلى سلسلته التي كان يسميها بالسلسلة الذهبية قائلا : " يكفينا مربي المغرب سيدي محمد الكنسوسي " لأنه كان شيخ القطب سيدي الحاج الحسين الإفراني الذي هو شيخ القطب سيدي الحاج الأحسن البعقيلي رضي الله عنه وعن كافة أصحاب سيدنا الشيخ ، وقد وصفه العارف بالله الشريف الحسيني الشيخ سيدي إدريس العراقي في كتابه الفيض الرباني فيما تدور عليه التربية عند الشيخ التيجاني : "بالشيخ المربي" الذي تخرج على يديه مجموعة من خلفاء الشيخ أصحاب الإذن الخاص في التربية أمثال : القطب سيدي الحاج الحسين الإفراني بتزنيت جنوب المغرب والشيخ المربي سيدي أحمد محمود شيخ شيخنا النظيفي دفين منطقة البحيرة حوز مراكش . والعارف بالله المربي سيدي سعيد الدراركي دفين أكادير جنوب المغرب . و القطب الواضح سيدي العربي بن السايح دفين الرباط الذي كان يصرح بأن هذا السيد الكنسوسي هو العمدة و الوساطة في كل ما يرويه في الطريقة و أهلها ، و كان ينوه بقدره كثيرا و يحض على الثناء عليه لما قدمه من خدمات جليلة للطريقة التجانية و تحريرها على الكتاب و السنة .
و ممن أظهره الله كذلك بالخلافة و استغربه الناس : القطب الخليفة الغريب سيدي الحاج الأحسن البعقيلي الذي أظهر بكشفه و بكتبه لأهل زمانه و لأهل هذا الزمان أيضا ما لم يكونوا يحتسبوه ، فكان بذلك كنز الله و غيبه الذي لا يظهر عليه إلا من ارتضى . و لذلك وصفه الشيخ الخليفة سيدي محمد الحافظ المصري بالغريب حين زار المغرب و التقى به فقال عنه : غريب غريب غريب ثلات مرات ، و ذلك لاستغراب الناس ما أتى به من الفيض و الفيوضات في هذه الطريقة التجانية عن شيخه أبو الفيض سيدي أحمد التجاني ، فصدق على هذا الخليفة قول رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( بدأالاسلام غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء ) صحيح مسلم . و قد فسر القطب الخليفة سيدي الحاج الأحسن البعقيلي هذا الحديث في كتبه غاية التفسير و أتى في شرحه بغاية الغرابة فليطالع كتبه من شاء أن يعرف من القطب الغريب معنى غرابة الاسلام و معنى بدأ الاسلام غريبا و سيعود غريبا .
- و ممن هو عزيز الإذن و إذنه عزيز في الطريقة التجانية أي أن إذنه إذن النبي صلى الله عليه و سلم : الشيخ البركة سيدنا الإمام النظيفي رضي الله عنه الذي قال فيه سيدنا القطب الخليفة البعقيلي : " من أخذ الإذن عني و عن الشيخ النظيفي فكأنما أخذه عن النبي صلى الله عليه و سلم " و قد أخبر بهذه الرواية شفويا مولاي أحمد السملالي بالدار البيضاء عن شيخه سيدي عبد الله الغساني عن القطب سيدي البعقيلي .
كما ألف هذا السيد البركة الشيخ النظيفي كتابه " الطيب الفائح و الورد السانح في صلاة الفاتح " بالإذن الخاص من النبي صلى الله عليه و سلم .
و قد تحدث فضيلة القاضي العلامة خليفة مولانا الشيخ سيدي أحمد السكيرج عن هذا الكتاب بقوله : " و ممن طيب الأفق بالطيب الفائح في صلاة الفاتح أبو الفتح بركة السلف سيدي محمد بن عبد الواحد النظيفي بما ألحق بجوهر لفظها الذي رتبه على حروف المعجم ، و قد نحى في تراكيبه منحى الصلاة السرية ، و هو أهل لأن يتظاهر في الطريقة التجانية بتلقينها ، و جعل هذه الصيغ من أواراده طبق ما فتح به عليه ، و هو أدرى بما في ذلك من خواص لم تنطوي عليها خصوص ألفاض صلاة الفاتح المجردة من كل زيادة " .
و عرف أيضا بكتاب الطيب الفائح للشيخ النظيفي العلامة المحقق سيدي عبد الكريم بنيس شيخ الشيخ العلامة سيدي أحمد سكيرج قائلا : " أما بعد فيقول مصححه العبد الفقير كان الله له : قد تم بمعرفة الله تعالى طبع هذا الكتاب المستطاب الحائز من اللطافة لباب اللباب المسمى بالطيب الفائح و الورد السانح في صلاة الفاتح ، أتى فيه بصيغ من الصلوات فائقة ، فيها بغية كل عابد ، و جيش كل معاند ، بها ميزاب الرحمة هاطل و بحر المعارف فائض سائل ... فيا له من كتاب جمع ما في الجوامع من المطالب لكل عابد و طالب ، من دعا به أجيب دعاه و من تعبد بقراءته كفاه . "
و هذا باختصار شديد عن أصحاب الإذن الخاص من النبي صلى الله عليه و سلم القائمين بأعباء التربية في الطريقة التجانية العلية ، و إلا فهم و الحمد لله كثيرون لم يخلو منهم زمان منذ وفاة مولانا الشيخ رضي الله عنه و قد ضمن صلى الله عليه و سلم للشيخ أن يدرك التربية من أصحابه ستمائة من الإنس و ثلاثمائة من الجن ، و أن هؤلاء لو اجتمع أكابر الأقطاب من هذه الأمة ما وزنوا شعرة من بحر أحدهم كما في منية المريد لأبي العباس سيدي أحمد المدعو التجاني الشنقيطي العلوي .
و من أراد التوسع في بحر الشيخ رضي الله عنه وبحر أصحابه رضي الله عنهم فعليه بمطالعة تآليف و مصنفات العارف بالله الخليفة العلامة القاضي سيدي أحمد سكيرج شيخ و سند الخليفة الإمام صاحب الفيضة سيدي إبراهيم إينياس رضي الله عنهم و كذلك كتب الشريف الحسني النسيب العلامة العارف بالله و بالنبي و بالشيخ و بأصحاب الشيخ سيدي محمد الحجوجي دفين زاويته بمدينة دمنات و كتبه و مصنفاته الجمة تغني عن التعريف به .
* - نستنتج مما سبق أن حقيقة الشيخ المربي في الطريقة التجانية هو النبي صلى الله عليه و سلم ، فهو الناظم لأورادها و الضامن الحقيقي لكل ما أعده الله من الفضل لأهل دائرة هذا الشيخ العظيم التي هي دائرة الفضل و الفضلية التي طالما كانت هي هجير الشيخ و ذكره حيث كان يقول رضي الله عنه دوما : " ليس عندنا إلا فضل الله و فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
و قد أيد الله سبحانه سيدنا الشيخ رضي الله عنه بالخلفاء و الأصحاب في الطريقة التجانية ، كما أيد الله تعالى النبي صلى الله عليه و سلم بالخلفاء و الصحابة في بعثة الإسلام قال تعالى : ( هو الذي أيدك بنصره و بالمومنين ) . سورة الأنفال
ولهذا لابد من شكر الوسائط و الآباء في السند لأن شكرهم زيادة في المدد الساري من الله و من النبي و من الشيخ إلى الواسطة ، و كفران الواسطة و السند هو عقوق ينجم عنه انقطاع للمدد و ارتفاع للإذن من أصله و الشكر قيد للنعمة من الزوال ، و من لم يشكر الناس لا يشكر الله . قال تعالى ( أن اشكر لي و لوالديك ) . سورة لقمان . و لهذا قال شيخ هذه الأمة سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه قولته الشهيرة : " عرفت ربي بربي و لولا المربي صلى الله عليه وسلم ما عرفت ربي " ، فكان بهذه القولة هو الشيخ المربي الثاني لهذه الأمة و الخليفة بعد نبيها لسر الصدق الذي حازه من النبي إذ أخبر صلى الله عليه وسلم متحدثا عنه : " ما فضلكم أبا بكر بكثرة صلاة و لاصوم و لكن فضلكم بشيئ وقر في صدره " رواه الترمذي . و ما وقر في صدره رضي الله عنه إلا الصدق مع الله و مع رسول الله الذي جاء بالصدق و صدق به الصديق ، و بالصدق استحق الصديق أن يكون خليفة للنبي صلى الله عليه و سلم فجرى المدد على يديه لهذه الأمة و صدق رسول الله إذ قال في الحديث المروي عن ابن عباس : " سُدُّوا كُلَّ خَوْخَةٍ فِي الْمَسْجِدِ إِلا خَوْخَةَ أَبِي بَكْرٍ " أي سدوا كل باب يجري منه مددي إلى الأمة إلا باب الصديق الأكبر فمنه يخرج الصدق و المدد لكل صادق . و حيازة المراتب الإلهية لا تكون إلا بالصدق فالصدق يصدر من الحقيقة الإلهية ( قل صدق الله ) آل عمران . و منها يفيض الصدق على الحقيقة المحمدية حقيقة الصادق الأمين صلى الله عليه و سلم الذي جاء بالصدق و كل ما في كيانه ليس إلا الصدق . و من الحقيقة المحمدية يصدر و يفيض الصدق إلى الحقيقة و الولاية الصديقية الكبرى التي هي مقام الصديق رضي الله عنه الذي صدق بالصدق و بصاحب الصدق ، و هكذا من الولاية الصديقية الكبرى يصدر الصدق و يفيض على الخلافة الملكية الملكوتية العظمى التي تقوم بدور التنفيذ لأمر الله و شريعته و إمضائها في الأرض عن طريق ولاية التصريف و التصرف و وسيلتها في ذلك و سلاحها هو الصدق لأنه سيف الله في الأرض متى وضع على شيئ قده . و الله مع الصادقين بالعون و التوفيق و المدد قال تعالى : ( إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) . و الحمد لله رب العالمين . * انتهى *
~~~~~
تم تحريره بالزاوية التجانية بمدينة قلعة السراغنة
يومه الأربعاء فاتح ذي الحجة 1433 هـ الموافق 17 - 10 –2912م
بقلم:الأستاذ المقدم سيدي عبد الحكيم إيداود النظيفي
صاحب الموضوع : الشيخ الأستاذ عبدالحكيم ايداود النظيفي
