حياة السلف بين القول والعمل : ذم المراء والجدال في الدين
حياة السلف بين القول والعمل
ذم المراء والجدال في الدين :
عن سليمان بن يسار، قال: إن رجلاً من بني تميم يقال له: صُبيغ بن عِسْل، قدم المدينة، وكانت عنده كتب، فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فبلغ ذلك عمر رضى الله عنه فبعث إليه، وقد أعد له عراجين النخل، فلما دخل عليه جلس، فقال له عمر رضى الله عنه : من أنت؟ فقال: أنا عبد الله صبيغ، فقال عمر رضى الله عنه: وأنا عبد الله عمر، ثم أهوى إليه، فجعل يضربه بتلك العراجين، فما زال يضربه حتى شجه، فجعل الدم يسيل على وجهه، فقال: حسبك يا أمير المؤمنين، فقد والله ذهب الذي كنت أجد في رأسي. [الشريعة / 81].
عن الزبير بن عربي أن رجلاً سأل ابن عمر - رضي الله عنهما - عن استلام الحجر، فقال له: رأيت النبيّ صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله، فقال له الرجل: أرأيت إن غلبت عنه؟ أرأيت إن زوحمت؟ فقال له ابن عمر: اجعل أرأيت باليمن، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله . [خرجه الترمذي وصححه:871] قال ابن رجب رحمه الله : ومراد ابن عمر أنه لا يكن لك هم إلا في الاقتداء بالنبيّ صلى الله عليه وسلم , ولا حاجة إلى فرض العجز عن ذلك أو تعسره قبل وقوعه , فإنه قد يفتر العزم عن التصميم على المتابعة , فإن التفقه في الدين , والسؤال عن العلم إنما يحمد إذا كان للعمل لا للمراء والجدال. جامع العلوم والحكم / 121.
قال الحسن البصري رحمه الله: المؤمن لا يداري ولا يماري، ينشر حكمة الله - عزَّ وجلَّ - فإن قبلت حمد الله - عزَّ وجلَّ - وإن رُدت حمد الله - عزَّ وجلَّ - وعلا. [الشريعة / 79]. قال البربهاري رحمه الله : واعلم ـ رحمك الله ـ أَنَّهُ ما كانت زندقة قط , ولا كفر , ولا شرك , ولا بدعة , ولا ضلالة , ولا حيرة في الدين : إلاَّ من الكلام , وأصحاب الكلام , والجدل , والمِراء , والخصومة . شرح السنة /86 . قال الأوزاعي رحمه الله : هي شداد المسائل . وقال عيسى بن يونس : هي ما لا يحتاج إليه من كيف وكيف . جامع العلوم والحكم / 123 .
عن أبي جعفر رحمه الله، قال: إياكم والخصومات، فإنها تمحق الدين. [موسوعة ابن أبي الدنيا 4 / 323].
عن عبد الكريم بن أبي أمية رحمه الله، قال: ما خاصم ورع قط - يعني - في الدين. [موسوعة ابن أبي الدنيا 4 / 323].
عن عبد الكريم بن أبي أمية رحمه الله، قال: شرار عباد الله الذين يتبعون شرار المسائل يُعمونَ بها عباد الله. [جامع العلوم والحكم / 123].
قال الأوزاعي رحمه الله: إنّ الله إذا أراد أن يحرم عبده بركة العلم ألقى على لسانه المغاليط، فلقد رأيتهم أقلّ الناس علمًا. [جامع العلوم والحكم / 123]. قال الأوزاعي رحمه الله : هي شداد المسائل . وقال عيسى بن يونس : هي ما لا يحتاج إليه من كيف وكيف . جامع العلوم والحكم / 123 .
عن معن بن عيسى قال: انصرف مالك بن أنس رحمه الله يومًا من المسجد، وهو متكئ على يدي، فلحقه رجل يقال له: أبو الحورية، كان يُتَّهم بالإرجاء، فقال: يا عبد الله، اسمع مني شيئًا، أكلمك به، وأحاجك، وأخبرك برأيي، قال: فإن غلبتني؟ قال: إن غلبتك اتبعني، قال: فإن جاء رجل آخر، فكلمنا فغلبنا؟ قال: نتبعه، فقال مالك رحمه الله تعالى: يا عبد الله: بعث الله - عزَّ وجلَّ - محمدًا صلى الله عليه وسلم بدين واحد، وأراك تنتقل من دين إلى دين، قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: من جعل دينه غرضًا للخصومات أكثر التنقُّل. [الشريعة / 66].
قال مالك رحمه الله: الجِدال في الدِّين يُنشئ المِراءَ، ويذهبُ بنورِ العلم مِن القلب ويقسِّي، ويُورث الضِّغن. [السير (تهذيبه) 2 / 735].
قال الشافعي رحمه الله: المِراءُ في الدين يُقَسِّي القلبَ، ويُورِثُ الضغائن. [السير (تهذيبه) 2/846].
عن معاوية بن قرة رحمه الله قال: الخصومات في الدين تحبط الأعمال. [الشريعة / 66].
قال عمران القصير رحمه الله: إياكم والمنازعة والخصومة، وإياكم وهؤلاء الذين يقولون: أرأيت أرأيت. [الشريعة / 66].
عن سفيان بن عمرو بن قيس قال: قلت للحكم رحمه الله: ما اضطر الناس إلى الأهواء؟ قال: الخصومات. [الشريعة / 66].
قال أبو قلابة رحمه الله: لا تجالسوا أهل الأهواء، ولا تجادلوهم، فإني لا آمن أن يغمسوكم في الضلالة، أو يُلَبِّسُوا عليكم في الدين بعض ما لُبِّسَ عليهم. [الشريعة / 65 - 65].