(1/60)

وربما دلت السماء على البحر لسعته ولما فيه من خلق الله تعالى ورؤية السماء لأرباب الغرس أو الزرع دليل على نمو الزرع والثمار لقوله تعالى ( ونزلنا من السماء ماء مباركاً فأنبتنا به جنات وحب الحصيد والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقاً للعباد ) ثم تدل رؤية السماء في المنام على كل ما يعلو الرأس من قلنسوة أو سقف أو بيضة وعلى ما يُتوقى به من الأعداء كالسلطان والوالد وعلى ما تَحصنه كالزوجة والمال والدين وربما دلت على الموت لمن لم ينزل منها إذا طلع إليها وتدل على التهمة قياساً على قصة عيسى عليه السلام وتدل على العلو لقوله تعالى ( وقد أفلح اليوم من استعلى ) ولقوله تعالى ( ورفعناه مكاناً عليا أولئك الذين أنعم الله عليهم )
فإن رأى السماء انشقت دل على البدعة والضلالة لقوله تعالى ( إذا السماء انشقت ) كما أن تفطرها أيضاً يدل على البدعة والضلالة لقوله تعالى ( تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا إن دعوا للرحمن ولدا )
وربما دلت رؤية السماء على الحج لقوله تعالى ( قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فولِ وجهك شطر المسجد الحرام )
ونزول السماء إلى الأرض دليل على نزول الغيث وكثرة الأمطار والصلح مع الأعداء قال الشاعر
( إذا أنزل السماء بأرض قوم
رعيناه وإن كانوا غضابا )
ص 47 ب
واعتبر ما ينزل من السماء من أقسام الخير كالدقيق والعسل والسمن وما ينزل منها من أقسام الشر كالحيات والعقارب والأوزاغ فمن أخذ في المنام من أقسام الخير شيئاً نال رزقاً حلالاً أو علماً نافعا وإن أخذ في المنام من أقسام الشر شيء أو أصابه منه ضرر دل على الهموم والأنكاد والآفات في الأنفس من المرض أو إحاطة في الأموال
فإن رأى أنه التمس السماء بيده ربما تعذر عليه مطلبه لقوله تعالى ( وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرساً شديداً وشهبا )
(1/61)

واعتبر الطلوع إلى السماء فإن طلع إليها بنفسه وتردى منها إلى الأرض دل ذلك والعياذ بالله على الشرك خصوصاً إن اختطفه طائر أو ألقته الرياح في ظلمة أو مكان من أمكنة الهلكات لقوله تعالى ( ومن يشرك بالله فكأنما خرّ من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق ) وربما دل الصعود إلى السماء على الجدل والإنكار من ذوي الحسد أو الأعداء لقوله تعالى ( أو ترقى في السماء ولن نؤمن لِرقيك ) الآية
واعتبر بماذا طلع إلى السماء فإن كان بدرج ارتفع قدره ونال سمواً وعلواً وعلت درجته بسبب من أسباب الخير فإن طلع إليها بغير سبب دل على الكيد لقوله تعالى ( من كان يظن ألن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ) الآية فإن طلع إلى السماء ما هو من أقسام الخير دل على غلاء
ص 48 أ الأسعار وفقْدِ الصلحاء أو موت الغزاة أو الحاج وإن طلع إليها ما هو من أقسام الشر دل على هلاك الكفار أو رفع الظلم وربما دل الدخول إلى السماء في المنام على دخول دور الأكابر فإن أخذ من السماء شيئا دل على التلصص أو التجسس على الأخبار وإن دخل إليها عاصياً تاب إلى الله تعالى واستقال من ذنوبه لأنها محل الذكر والتسبيح والتقديس والطهارة وإن كان كافراً اهتدي وإن كان عليه طلب اختفى في مكان لا يصل إليه أحد وإن كان مريضاً ولم يرجع ينزل منها مات وربما سافر إلى جهة بعيدة وإن كان ممن يعاني الجذم خرم سلطاناً وتمكّن منه وربما دلت السماء على السجن والطلوع إليها دليل على رفع الهمة والله تعالى أعلم بالصواب
فصل وأما رؤية الليل والنهار
(1/62)

فرؤية الليل في المنام تدل على الرجل الكافر والنهار يدل على الرجل المؤمن وربما دلت رؤيتهما على الخصمين وطلبه الآن كلاً منهما يطلب صاحبه وربما دلت رؤيتهما في المنام على تقريب البعيد من خير أو شر لأنهما يبليان كل جديد ويقربان كل بعيد وربما دلت رؤيتهما في المنام على المواعظ والأداب والوقوع فيما يوجب الندم قال الله تعالى ( وجعلنا الليل والنهار آيتين ) الآية وقال الشاعر
( من لم يؤدبه والداه
أدبه الليل والنهار )
وربما دلت رؤية الليل على تقلب الزمان وظهور الحوادث
ص 48 ب ويدل الليل على المرأة السوداء والنهار على المرأة البيضاء وعلى حَبَل النساء قال الشاعر
والليالي كما عهدت حبالى
مقربات يلدن كل عجيب
وربما دلت رؤية الليل للمريض على الموت ورؤية النهار على الكلام في الأعراض قال الله تعالى ( وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ) وتدل رؤية الليل على اللباس ورؤية النهار على المعاش لقوله تعالى ( وجعلنا الليل لباساً وجعلنا النهار معاشاً ) وتدل رؤيته على السَكن لقوله تعالى ( هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه ) ورؤية النهار دليل على شفاء البصر وقوته لقوله تعالى ( والنهار مبصرا )
وربما دل الليل على ستر الأمور وكتمانها والأمن من الخوف إلا أن يكون الرأي سافراً فإن رؤية الليل له دليل على ظالم يغشاه لأن الليل ظُلمة والظَلمة يشتق منها الظلم وربما دل الليل على التيمين لقوله تعالى ( والليل إذا يغشى ) وتدل رؤيته لأرباب التهجد والمعاملات على بلوغ الآمال وقضاء الحوائج والاجتماع بالأحبة ومن نام في المنام في ليل أو رأى نفسه في ليل على حالة ملهية دل على زوال النعم ودهوم الحوادث
قال الشاعر
( يا راقد الليل مسروراً بأوله
إن الحوادث قد يطرقن أسحارا )
ص 49 أ
ولا تفرض بليل طاب أوله
فرب أخر ليلٍ أجج النارا
فصل واعتَبر قول السَّحر في المنام أو البكور
(1/63)

مثاله أن يقول رأيت في المنام كأني استسحرت فربما سَحَر أو سُحِرَ وربما يقع في ذنب يوجب الاستغفار لقوله تعالى ( وبالأسحار هم يستغفرون ) وأما البكور فربما دل على البنات يرزقهن أو يتزوج بهن وربما دل البُكور في المنام والتلفظ به على الذكر والقراءة لقوله تعالى ( واذكر اسم ربك بكرة ً وأصيلاً ) والفجر الخط الأبيض والليل الخط الأسود قال الله تعالى ( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر )
فصل
وأما رؤية الليالي المشرقة كليلة القدر في المنام فبشارة بكل خير وإن كان يطلب كنزاً في اليقظة ظفر به وكذلك رؤية ليلة النصف من شعبان وليلة الإسراء وليلة الجمعة وعلى هذا فقس الليالي المشرقة والله تعالى أعلم
فصل
واعتبر لفظ الصبح في المنام ولفظ الفجر وإن كان الكل واحد لكن الحُكم يختلف فرؤية الصُبح في المنام دليل على إنجاز الوعد لقوله تعالى ( إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب ) ومن رأى الصبح في المنام وهو على حالة رديئة دل على كفره أو معصيته لقوله ( أصبح من عبادي مؤمن بي كافر
ص 49 ب بالكواكب ومؤمن بالكواكب كافر بي ) وإن كان الرأي له ذمّة ورأى في المنام كان الصبح قد طلع عليه بشرته بالخَلف إن كان من أهل الإنفاق وبالتلف إن كان من أهل الإمساك لقوله ( ما من يوم يُصبح العباد فيه إلا وملكان موكلان فيقول أحدهما اللهم أعطي كل منفق خلَفا ويقول الآخر اللهم أعطي كل ممسك تَلفا والفجر قَسم ) قال الله تعالى ( والفجر وليال عشر ) ورؤية ما بين المغرب والعشاء في المنام دليل على توسط الحال إلى أن يدخل الليل أو تطلع الشمس ورؤية الغبُوق فرح وسرور إلى أن ينجلى عن شمس أو غيرها ورؤية الصُبح لأهل الزرع مغرم لقوله تعالى ( فأصبح هشيماً تذروه الرياح ) وعلى هذا فقس والله تعالى أعلم
(1/64)

وربما دل دخول الليل في المنام على الإنسان على تعطيل الحركات والأسباب أو السفر وربما دل على الهم والنكد والغم والحيرة وضيق الصدر والتبدد والحزن والسجن ودخول على الأعزب سارّة أو آفة سوداء
وأما النهار فدخوله على الإنسان في المنام فرج من الهموم والأحزان وعلى تجديد الملابس السيئة والأزواج والأولاد
ص 50 أ الحسان وعلى ظهور الحَجة والكشف على المُعمر وخلاص المسجونين وقدوم الغائب
فصل
رؤية النار في المنام دليل على السلطان فإن كانت بوذية دلت على السلطان الجائر و إن انتفع الناس بها دلت على السلطان العادل وربما دلت على كل من يَهتدي من ظلمات الجهل كالعالم والأستاذ والمؤدب والصابغ وعلى من ينصلح على يديه الأمور كالحاكم والوالي وما أشبه ذلك
فإن رأى النار موقودة في الليل كان علماً وهداية وإن كانت موقودة في النهار دلت على الشرور والأنكاد وتمحيق المال وضياع المصالح إلا أن يكون ذلك موقوداً في بشارة فإنه يدل على حدوث أمر مفرج يُوجب وقود النار في النهار ومن حمل جمراً في المنام وتبدد منه فإنه لا ينهض بمصلحته ولا بمصلحة غيره قياساً على قصة فتى مولى لعائشة بنت سعد بن أبي وقاص وكانت بعثته إلى المدينة ( 2 ) ( ) لها ناراً فقصَد مصر وأقام بها سنة ً ثم جاءها بعد السنة يشتد ومعه جمر فنبذ دمنه فقال تعست العجلة فصار مثلاً
وتدل النار على الفاكهة في الشتاء قال بعض المحدثين النار فاكهة الشتاء فمن يرد أكل الفواكه ( 1 ) في الشتاء فليصطلي
ص 50 ب
(1/65)

وربما دل أكل النار على أكل مال الأيتام لقوله تعالى ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم نارا ) وتدل على الأكل والشرب في الأواني المحرمة كالذهب والفضة لقوله ( الذي يأكل في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم ) وربما دل ذلك على الفقر والسؤال لقوله ( مسألة الغني نار ) خصوصاً إن أحرقته وربما دل وهج النار على وهجه في اليقظة لفوت أو موت وربما دل ذلك على الأمراض بالحمى وربما دلت النار على عَبّادها وكذلك النور والظلمة
والدخان في المنام إذا أذى الناس وغشي أبصارهم كان دليلاً على الهموم والأنكاد والظلم أو العذاب من الله تعالى بفناء أو قحط لقوله تعالى ( فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم ) وربما دل الدخان على الأخيار من الجهة التي ظهر منها وربما دل الدخان على ( 2 ) ( ) العين وظلمتها نسأل الله العافية وأما الشرر فإنه في المنام دليل على الأولاد لأنه يُقال في المثل فلان له ولد كأنه شرارة لنهضته وسُرعته فإن أحرق الثياب أو وقع في الوجه فإنه شرٌ ونكد متتابع وربما دل الشرَرُ على سوء الأعمال من موجبات النار
ص 51 أ وشررها أعاذنا الله منها لقوله تعالى ( إنها ترمي بشرر كالقصر كأنه جمالات صفر ويل يومئذ للمكذبين ) والجمر رزق عاجل ومطلوب تهيأ فإن انتفع الإنسان به في المنام فهو رزق بغير تعب كما ذكرنا وربما دل على المعدود من دنانير أو مصوغ أو جديد أو معيشة يحتاج فيها إليه
وربما دلت رؤية الجمر على طلب العلم والسؤال عنه قال - ( مسألة الغني نار ) وطالب العلم في نار حتى يناله ومن المنتهي
( ) ( 1 ) في المنام بشيء من النار دل على هدايته إن كان عاصياً وإن تقدم له وَعد دل على إنجازه لقوله تعالى ( أو أجد على النار هدى ) وكان في رؤية موسى عليه السلام للنار في الليل سبب كلام الله تعالى كما وعده سبحانه والله تعالى أعلم
فصل
(1/66)

وأما النور بعد الظلمة فإنه غنى ً بعد فقر وعزٌّ بعد ذل وهداية بعد ضلال وتوبة بعد عصيان ونور بعد عمى قال الله تعالى - ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ) وبالعكس لو خرج الإنسان في المنام من النور إلى الظلمة فإنه يدل على الفقر بعد الغنى والذل بعد العز والضلالة بعد الهدى والعمى بعد البصر لقوله تعالى ( ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ) وقال
ص 51 ب
تعالى - ( والذين كفروا أوليائهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات ) الآية واعتبر لفظ القائل لرؤية العشاء في المنام فإن العشاء في المنام دليل على الاحتيال والكذب وقيام الفتنة والغدر لقوله تعالى ( وجاءوا أباهم عشاء يبكون ) الآية وربما دلت رؤية العشاء في المنام على التسبيح والذكر لقوله تعالى ( وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار ) وسيأتي الكلام في تأويل ساعات الليل والنهار إن شاء الله
فصل
وأما الظلمة فإن رؤيتها في المنام دالة على ظلمة القلب والبصر وربما دلت على الظلم لأنه مشتق منها وربما دلت على الانفراد أو الستر عن الناس لما يريد ستره وربما دلت على غلبة السوداء أو على إتيان السُمر أو السودان وإيثارهم على من سواهم وربما دلت الظلمة أو السواد قال الشاعر يصف نوقاً - ( من صفر أولادها كالزبيب
)
فصل
وأما المطر في المنام في أوانه إذا لم يحصل منه ضرر فإنه خير ورزق ورحمة لقوله تعالى - ( وهو الذي يُرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته ) وربما دلت المطر على حياة من يخشى عليه من أدمي أو أرض لقوله تعالى - ( وأنزلنا من السماء ماء طهوراً لنحيي به بلدة ميتاً ) وربما دلت المطر
ص 52 أ المفيدة على إنجاز ما تُوعد به الإنسان لقوله تعالى ( وفي السماء رزقكم وما توعدون ) قيل هو المطر وإن كان المطر مخصوص بمكان معلوم دل على حزن أهله أو عليهم يعرض للرأي بسبب فَقد من يعُز عليه قال الشاعر
( لئن مطُرت يابثن يوماً دياركم
(1/67)

فتلك دموعي ليس صوب الغمائم )
وإن كان المطر عاما مؤذياً مثل أن تمطر السماء دماً أو حجارة فإنه يدل على الذنوب والمعاصي لقوله تعالى ( وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ) ولقوله تعالى ( وأمطرنا عليهم مطراً فساء مطر المنذرين ) وإن كان الرأي مسافراً ربما تعطل عليه سفره لقوله تعالى ( أو كان بكم أذى من مطر ) وربما كان المطر المتلف على المكان المخصوص دليل على البخس في الكيل والميزان والتشبه بقوم لوط قال الله تعالى ( وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين ) وربما دل المطر النافع على الصلح مع الأعداء
ورؤية الندى بشارة وكذلك لفظ الوابل والطل قال الله تعالى ( فإن لم يصبها وابلٌ فطلٌ ) وربما دلت المطر على إغاثة الملهوف لقوله تعالى ( وهو الذي
ص 52 ب ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته ) والله تعالى أعلم
فصل في الرياح
وأما الرياح الطيبة إذا هبت في المنام من جهة معلومة فإنها دالة على الأخبار الطيبة والرحمة خلافاً للريح المزعجة المقلقة فإن النبى {صلى الله عليه وسلم} كان يقول ( اللهم إني أعوذ بك من شر ما هبت به الريح اللهم رياحاً ولا تجعلها ريحاً ) وقال تعالى ( إنا أرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في يوم نحس مستمر ) وأما رؤية الريح في المنام فربما دلت على طلب الحوائج وانفاد الرسل قال الشاعر
( بي إلى الريح حاجة لو قضتها
كنت للريح ما حييت غُلاما )
( أيها الريح بلغي شدة الشوق إلى من أحب وأقري السلاما )
الجنوب هو ضد الشمال وهو عن يمين الناظر إلى المشرق والصبا نُصرة والديور خذلان قال عليه السلام ( نُصرت بالصبا وهلكت عاد بالديور ) وربما دلت الرياح الطيبة على الأسفار المريحة وربما دلت الصبا على تفريج الهموم والأنكاد وشفاء الأسقام والأخبار سيما نسيم الصبا
قال بعضهم
( نسيم الصبا أذكرتني زمن الصبا فأهلا بما حدّثت عنه ومرحبا )
(1/68)

فإن رأى في المنام ريحاً حمراء أو زلزلة أو خسفاً أو مسخاً دل على
ص 53 أ عقوق الوالدين أو قيام الأراذل كما أنه لو رأى ظهور الأصوات في المساجد وكثرة القينات والخمور لقوله عليه السلام ( إذا اتخذ الفيء دولاً والأمانة مغنماً والزكاة مغرماً وتُعلِم لغير الدين وأطاع الرجل امرأته وعق أمه وأدنى صديقه وأقصى أباه وظهرت الأصوات في المساجد وساد القبيلة فاسقهم وكان زعيم القوم أرذلهم وأُكرم الرجل مخافة شره وظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور ولعن أخر هذه الأمة أولها فليرتقبوا عند ذلك ريحاً حمراء أو زلزلة وخسفاً ومسخاً وقذفاً وآيات تتابع كنظام بال قُطع سلكه ) والله تعالى أعلم
فصل
وأما السُحب والغيوم فرؤيتها في المنام دالة على زوال الهموم والأنكاد والمخاوف وإظهار الكرامات لأن ذلك مما يظهر للأولياء عند الاستسقاء وللأنبياء وقاية من الحرّ وربما دلت الغيوم على السفر في البحر لسيرها وحملها الماء بين السماء والأرض لقوله تعالى ( والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون ) والغمام يدل على نصر المؤمنين وموت المرضى لقوله تعالى ( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر ) فمن ركب على شيء من السحب والغمام ارتفع قدره
ص 53 ب أو سافر إن كان سليماً أو تزوج زوجة جليلة إن كان أعزب وربما دل السحاب على الألفة لقوله تعالى ( ألم تر أن الله يزجي سحاباً ثم يؤلف بينه ) وربما دلت الغمامة على الغُمة لاشتقاقها منها والله تعالى أعلم
فصل
(1/69)

وأما الصواعق فإنها دالة على الأمراض والأراجيف لمن أحرقته فإن أحرقت شيئاً معه مما فيه نفع دل على المغارم والكساد في ذلك وأما الصاعقة فإنها إنذار لمن ارتكب الذنوب قال الله تعالى ( فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون ) وقال تعالى ( فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة ً مثل صاعقة عادٍ وثمود ) وقد تقدم في أول الكتاب ما فيه الكفاية في ذكر الصاعقة وغيرها من الكلام المقنع والله تعالى أعلم
فصل
واعلم أن تربة كل بلد تخالف تربة غيرها من البلاد باختلاف الماء والهواء والمكان فلذلك يختلف تأويل المعبّرين من أهل الكفر والإسلام لاختلاف الطبائع والبلدان كالذي يرى في بلاد الحرّ ثلجاً أو جليداً أو برداً فإن تأويل ذلك دليل على الغلبة والقحط ثم إن رؤيت هذه الرؤيا في بلد من بلاد البرْد فإن ذلك لهم خصباً وسعة والطين والوحل لأهل الهند مال ولغيرهم محنة وبلية كما الضَرطة عندهم بشارة وسرور ولغيرهم كلام قبيح
والسمك في بعض البلاد عقوبة وفي بعضها من واحد إلى
ص 54 أ ( 1 ) إلى أربعة تزويج ولليهود مصيبة
فصل في البَرد والجليد
(1/70)

وأما البَرد والجليد فهما في وقتهما يدُلان على ذهاب الهموم والغموم وإرغام الأعداء والحُساد لأن فيهما تبريداً للأرض التي يظهر منها الحيات والعقارب ويسُد أجحرة الحشاس ويمنع الوحش الكاسر من الحركات والأذى ويقتل الذباب فإن سد الأمكنة والطرق ومنع السبيل دل على إبطال المعايش وتوقف الأحوال وتعذر الأسفار قال الله تعالى ( وينزل من السماء من جبال فيها من بَرد فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء ) وربما دل البَرد على الإجاحة في الزرع والثمار والمواشي لأنه يؤذي كثيراً من ذلك وربما دل البَرد على المتاجر الغريبة الواصلة من الجهة التي وقع منها فإن أذى الناس فهو دليل شر وإن لم يحصل منه ضرر فهو خير ورزق خصوصاً أن جمع الناس منه في أوعيتهم أو أكلوه ولم يتضرروا من برْده وأما الجليد إذا جلد الماء أو أهلك الشجر أو سَدَ الأبواب كان حكمه حُكم البرَد وربما دل الجليد على الجلْد من الرجال والجَلْد من الضرب والله تعالى أعلم
وأما رؤية المطر والبَرد والجليد والثلج فإن رؤية ذلك في المنام في وقت واحد تعذر نفع ( 2 ) لقضاء دين
ص 54 ب والبناءين وأمثالهم من أرباب الصنائع فافهم ذلك
فصل في الثلج
وأما الثلج فرؤيته في المنام دليل على الأرزاق والفوائد والشفاء من الأسقام والأمراض الباردة خصوصاً لمن معيشته من ذلك وربما دل الثلج والنار على الألفة والمحبة لأن النار لا تذيب الثلج والثلج لا يطفئ النار ولذلك يقال أن الله تعالى خلق ملكاً نصفه من نار ونصفه من ثلج فإن رئي الثلج في أوانه كان حكمه حُكم البَرد والجليد وإن ظهر في غير أوانه كان دليلاً على الأمراض الباردة والفالج وربما دل الثلج على تعطيل الأسفار وتعذر أرباح البريد والسعاة والمكاريه وشبههم والله تعالى أعلم
فصل الحرّ والبَرْد
(1/71)

وأما من وجد حراً في منامه فإن كانت الرؤيا في زمن الشتاء دل على الفوائد والأرزاق والكساوي النفيسة وإن وجد بَرْداً في رؤياه وكانت الرؤيا في زمن الصيف كان كذلك وبالعكس
وربما دل الفيء على المغنم والمال السريع إقباله وزواله قال الشاعر -
إلا إنما الدنيا كظل زائل
وقال الله تعالى ( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى ( 1 ) فالله وللرسول ) الآية
فصل
الحُبك في المنام دليل على اليمين يحلفها الرآي ويُحلِفها لقوله تعالى ( والسماء ذات الحُبك إنكم لفي قول مختلف ) ورؤية الحُبك دليل على الوقوف على الأخبار الغريبة أو
ص 55 أ ( 1 ) أو مشاهدة الصناعة العجيبة وربما دل ذلك على الوقوف على العلوم والحِكم والتوحيد والإقرار بالربوبية ومن رآي الحُبك في المنام وهو مسافر في البحر ضيق عليه من احتبال الأمواج والله تعالى أعلم بالصواب
الباب السادس من المقدمة الثانية في رؤية الشمس والقمر ودائرتهما وخسفهما والهلال وأحكام ذلك والبروج ومنازل القمر والغيومات والنجوم وأما الشمس فإن الشمس في اللغة ( 2 ) فهو قرن الغزالة ورؤيتها في المنام دالة على الملِك العظيم أو أحد مدبري المملكة وربما دلت رؤيتها على الوالد أو الوالدة أو المؤدب أو الأستاذ وتدل على الرزق والمعايش والهدي واتباع الحق الطاهر والكساوي الجليلة والشفاء من الأمراض لمن جلس فيها أو ملكها في زمن الشتاء وتدل على الهموم والأنكاد والفقر والأسقام لمن جلس فيها أو ملكها في زمن الصيف وربما دلت على السفر إلى جهة مطلعها أو مغربها ورؤيتها في محل شرفها علو قدر ورفعة ورؤيتها في محل هبوطها دليل على الفقر والخسارة والهموم والأنكاد وقد ذكرت من ذلك في الأنجم العُليا طُرقاً مفيداً واعلم أن دَوَلتها النهار كما أن القمر دولته الليل وربما دلت الشمس على العلم والحكمة الجليلة فمن رآها من عُبادها أنه صرف عنها أذى
(1/72)

ص 55 ب استقام أمره في طلبته ونال قصده وإن رآها متغيرة أو مسودة فسِد دينه واستحال عما هو مرتكبه ورجوعها بعد ميلها إلى الغروب نصرة على الأعداء قياساً على قصة يوشع ابن نون عليهما السلام وكثرة الشموس بدع وخَلف وكساد في المعايش وكذلك كثرة الأقمار وربما دلت الشموس على ما يُركب كالدابة الشموس المانعة لراكبها وتدل الشموس على اجتماع الوجوه الحسان لأنها مما يُتمثل بها وربما دلت الشمس على من تسمى بها كالبدر فإن كثرت الشموس ولم يزداد الوجود نوراً اتفق ذوي الأقدار على المصالح وإن ازداد الضوء حتى انبهرت الأبصار كثرت الأغراض وضاعت المصالح فإن أكل الشمس في منامه استفاد من خدمتها وتديرها ونال من ذلك مالاً طائلاً وربما صار مُنجماً أو مؤذناً عالماً بتسيير الشمس رجاء نفعه بسببها فإن أحرقته الشمس خاصة هلك في محبة وجه جميل أو أصابته إجاحة فمن دلت الشمس عليه وربما دل ذلك على فساد عقيدته أو على أنه ينذر نذراً في معصية لما روي عن عكرمة قال ( بينا رسول الله قائماً يخطب فإذا رجل في الشمس فقال من هذا قالوا أبو إسرائيل نذر أن لا يستظل ويصوم ولا يتكلم قال فمروه أن يستظل وليصُم وليتكلم أو ولا يتكلم )
ص 56 أ
وحمل المرأة للشمس زوج أو ولد يرزقه جميلاً فإن كلمته الشمس كلاماً مفهوماً اطلع على علم إحضار الجان أو تُرسل للأكابر أو صار ترجماناً كل إنسان على قدره وما يليق به ورؤية الشمس والقمر والنجوم دليل لمن يراهم في المنام على البلاء والسجن والحسد من الأهل ثم تكون عاقبته إلى مُلك أو ينال عقبى حسنة في دينه قياساً على قصة يوسف عليه السلام وربما دل ذلك على الخوف والشدة
ورؤية الشمس تدل على السراج لقوله تعالى ( وجعل الشمس سراجاً ) والله تعالى أعلم
فصل رؤية الدائرة حولها
(1/73)

وأما رؤية الدائرة حول الشمس فربما دل ذلك على مسك الغُرماء والإحاطة بهم وربما دل ذلك على حلول ولاة الأمور في بلد واجتماعهم فيه وربما دل ذلك على الغضب والسخط وحلول البلاء بإشراف الناس لقوله تعالى ( عليهم دائرة السوء وغضب عليهم ولعنهم وأعدّ لهم جهنم وساءت مصيرا ) وحُكم دائرة القمر كذلك
وأما أرباب الأحكام فإنهم ذكروا في ذلك أموراً مجربة مقيدة بأزمنة معلومة من شُهور معروفة وسأذكر منها طرفاً يتعلق بالمنام إن شاء الله تعالى
فصل رؤية الشمس والقمر وخسفهما في المنام
واجتماع الشمس والقمر في المنام يعتبر ذلك في الليل والنهار
ص 56 ب فإن جهل ذلك فيعتبر الأغلب في النور فإن كان النور واحداً دل على اتفاق بين الملوك والوزراء أو العلماء أو أرباب التصرف في المعايش فإن كان القمر مع الشمس وهي هابطة في الميزان أو مقابلة لنحس دلت على موت الملوك أو يتغرب الرآي عن بلده أو يشاهد أمراً سمائياً ينزعج باطنه لأجله ويناله من ذلك هولاً شديداً و بُرجها الأسد ثم يدل ذلك على الوقوع في الأمور المخيفة وخاصة إن كان الرآي مُتحيداً ويقصد الاختفاء فإنه يخشى عليه الوقوع فيما يخاف وإن كان مريضاً مات لقوله تعالى ( فإذا برق البصر وخسف القمر وجُمع الشمس والقمر يقول الإنسان يومئذ أين المفر ) وأما رؤية القمر على انفراده في المنام فإنه دال على ما دلت عليه الشمس لعموم نفعه وربما دل على سُرعة السفر لأنه سريع السير في الفلك وربما دلت رؤيته على الأمراض بالبرودة والرطوبة كما تدل الشمس على الحرارة وربما دل القمر على الولد والزوجة وعلى الخالة وتدل على الأنيس كالمنادم وربما دل على الوزارة والكتابة وعلى المتولي الظالم لأنه متولي الظلمة والظلمة يُشتق منها الظُلم وربما دل القمر على القمار وتدل على اليمين لقوله تعالى ( كلا والقمر والليل إذ أدبر ) الآية
(1/74)

ص 57 أ وربما دلت رؤيته على الشفاء من أوجاع العين لقوله تعالى ( هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً ) فإن رأى القمر قد انشق دل على ظهور آية لقوله تعالى ( اقتربت الساعة وانشق القمر ) الآية واعتبر رؤيته باعتبار الشهر فرؤيته في ليالي الهلال بدراً دليل صالح ورؤيته في ليالي القمر هلالاً غير صالح ثم اعتبر الجهة التي طلع منها فما دل عليه من الخير أو الشر نسبته إلى تلك الجهة
وربما دل القمر على العالم بالنجوم أو العالم بالرؤيا لأنه يُهتدى به في ما يرى في الظلمات فإن رأى القمر في محل شرفه كان دليلاً صالحاً وإن كان في المنام في محل هبوطه كان دليلاً رديئاً وتبُرجه السرطان
فصل في ظلمة في البروج
فإن رأى القمر في المنام في برج الحمل كان دليلاً صالحاً لمن يرجو مُلاقاة الأكابر من الملوك وغيرهم وربما كان رديئاً لذوي البناء وإن رآه في برج الثور في المنام فإن كان ممن يرجو سفراً في البَر كان ذلك رديئاً وإن رآه في المنام في بُرج الجوزاء كان مذموماً لقينه العبيد والرقيق صالحاً لابتياع البهائم وإن رآه في المنام في برج السرطان كان صالحاً للزواج والدخول بالنساء وهو برجه
وإن رآه في الأسد كان مذموماً للشركة والضمان واختلاط المال
وإن رآه في بُرج السنبلة
ص 57 ب كان صالحاً لاستفراغ البدن وإن رآه في المنام في بُرج الميزان كان رديئاً لذلك ولتنفيس الماء وإن رآه في بُرج العقرب كان صالحاً للتنعم بالحميم واللباس رديئاً للسفر كما ورد عن النبى {صلى الله عليه وسلم} في ذلك
وإن رآه في المنام في بُرج القوس كان رديئاً لغرس الأشجار وإن رآه في المنام في بُرج الجدي كان رديئاً لوضع الأساس وإن رآه في المنام في بُرج الدلو كان رديئاً لتنفيذ الرُسل وسائر الحركات وإن رآه في المنام في بُرج الحوت كان جيداً لعقد الألوية والمبايعات والجلوس في الولايات
فصل
(1/75)

وأما رؤية الهلال في المنام فإنه يدل على الإهلال بالحج عن سعيد بن المسيب أن رسول الله قال ( لا يرث الصبيُ حتى يستهل ) والاستهلال البُكاء والصياح أو العُطاس ( 1 ) وكذلك لا تكمل ديته ومن رأى هلالاً في أول ليلة حملت زوجته وإن كانت حاملاً أتت بولد ذكر والهلال طفل صغير والبدر رجل كبير ولبعضهم فيه لغز ( وذي قرنين لا من جنس وحش ولا طير يُحير كل ( 2 ) فكرة ) فبعض الناس يرعاه احتساباً وبعض الناس يطلب عنه أجرة ويسبق قاعداً من كان يجري هو لا يعبأ وفي ذا الأمر قد ( 3 ) وكثرة الأهلة في السماء دليل على الحج لقوله تعالى ( يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس وللحج ) وربما دلت رؤيته على توبة العاصي وإسلام الكافر والخروج من الشدائد كالحبس أو شفاء المريض
ص 58 أ وقدوم الغائب وتجديد الولد والمُطالبة بالدَينِ ونجاز الوعد وتصحيفه هلاك ورؤية الهلال في مبدئه خير من نقصه
فصل في انتصابه في المنام
(1/76)

فإن رأى الهلال مستلقياً وكانت الرؤيا في الشهر الثاني من أيلول فإنه يدل على البّرد والجليد وإن كان مُنتصباً فإن المطر يكثر في تلك السنة وإن رآه في الشهر الثالث منه مُنتصباً دل على سقوط الحَبالى وإن كان مستلقياً دل على فناء الأحداث وإن رآه في الشهر الرابع منتصباً دل على الوهم والأمراض والبرد الكثير وإن كان مُستلقياً دل على نقص الطير وإن رأى الهلال في الشهر الخامس منه مُستلقياً دل على حُسن الزرع وكثرة الأمطار وإن كان منتصباً دل على جودة السنة وكثرة تركتها وإن رأى الهلال في السادس منه في المنام مستلقياً دل على شدة البَرد وكثرة الثلج وإن كان مُنتصباً فإن السنة تكون صالحة وقيل لا خير ولا شر وإن رأى الهلال في السابع منه في المنام مُنتصباً دل على جَودة الزرع وإن كان مُستلقياً فإنه يدل على الريح والمطر وإن رأى ذلك في الشهر الثامن مُنتصباً دل على كسوف الشمس وظهور القروح بالأجسام وإن كان مستلقياً فإن الكرمُ يخس في ذلك العام وإن رآه في التاسع منه مُنتصباً دل على الجوع والأوجاع وإن كان مُستلقياً فإن الكرم والطعام يجودان وإن كان في الشهر
ص 58 ب العاشر منه مُستلقياً هلك زرع السنة بالبرد وإن كان مُنتصباً صلح النبات وإن كان في الحادي عشر منه كان مستلقياً دل على صلاح العامة سواء كان مُستلقياً أو مُنتصباً وإن كان في الثاني عشر منه وكان مُستلقياً دل على الموت فَجأة وإن كان مُنتصباً دل على إنتاج الماشية والله تعالى أعلم بغيبه وهو أحكم الحاكمين
فصل في الكواكب ذوات البروج
(1/77)

اعلم أن كبار النجوم أشراف الناس كالعلماء والقادة َ وربما دلوا على المؤثرات في الوجود فالمذكر منها يدل على الرجال والمؤنث نساء وربما دلت النجوم على الجند والقمر على الأمير وربما دلت على الهداية لقوله تعالى ( وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها ) وربما دل النجم على الزوجة للأعزب أو الولد أو الدرهم أو الدينار وربما دلت النجوم على قطاع الطريق الذين لا يظهرون إلا في الليل أو أرباب الحرس وربما دلوا على الصلاة ورؤيتها في النهار فتنة خصوصاً إن كانت الشمس معها قال الشاعر -
( تبدو كواكبه والشمس طالعة
لا النور نور ولا الإظلام إظلام )
وعامة النجوم عامة الناس فمن حاز منها شيئاً مجهولاً انضم إليه على قدره من الصبيان ما يشفع بهم كالمؤدب والأستاذ
(1/78)

ص 59 أ في الصناعة وأما المشهور من ذوات الأحكام فسيذكر إن شاء الله تعالى الكلام عليها بما يليق وأما رؤيتها في المنام فمنها المريخ يُعبر عنه سياف الفلك وربما دلت رؤيته على الشرور والأنكاد والمخاوف وسفك الدماء فإن كانت الرؤيا للمريخ في المنام وهو هابط أو منحوس أو محترق كان دليلاً على الحريق والسيف والجور وفش الأقفال وطلاق النساء وهدم المنازل وبُرجه الحمل وهو كوكب دموي والكوكب في اللغة النكتة البيضاء في العين كلاماً في اللغة وأما الزمن فإن رؤيتها في المنام دالة على التُهم واللعب والضحك والتصوير والمصوغ والصور الحسان واللباس الجميل فمن صادقها في المنام أو أنها نزلت إليه ربما اتهم أو مالت نفسه إلى ما ذكرنا أو صادق من يتعاطى ذلك وربما تزوج أو اشترى جارية قينة ً فإن رآها ممازجة للقمر أو هي هابطة أو منحوسة في اليقظة أو محترقة كان الذي يراه في المنام الإبنه واللعب بالصبيان وربما رأى المجانين والبلة والحمقى وسماع الكلام الذي لا خير فيه وبرجها الثور والميزان وأما عطارد فإن رؤيته في المنام وممازجته دليل على ذوي الأقلام المبسوطة والأمر النافذ كالوزراء وهو ذو برجين الجوزاء والسنبلة وربما دل على
ص 59 ب التنقل من جهة إلى جهة وربما دل على الهموم والأنكاد والقتال فإن كان القمر مع عطارد في اليقظة وهو منحوس كان أكثر ما يراه في المنام الكذب والفقر والأخبار المفزعة المهولة الرديئة ومُلاقاة القوافل والله أعلم وأما المشتري مع القمر في المنام فإنه يدل على البيع والشراء والرزق وعُلو الشأن وبُرجه القوس فإن كان مع القمر وهو منحوس أو هابط أو محترق فإنه يرى القُراء أو القُصاص والمجالس والمحدثين وعابري الرؤيا والشعر المطرب والصلاة والصوم والعبادة والحج
(1/79)

وأما زُحل إذا أُري في المنام فإنه يدل على القهرمة والوكالة والسلطنة أو النظر إلى ذلك أو النظر إلى الولايات والعمائر هذا إذا كان متصلاً بالقمر وربما كان أكثر ما يراه بقر الوحش والظباء ومن الطير الطاوس والببغاء والتدرج وكل دابة حسنة المنظر ويدل على لباس الثياب الفاخرة ومن الشجر الكرْم وكل جنس حسن المنظر المعتدل الجنس ومن المتاجر ( 1 ) البر والحرير وكل لون معلم من الثياب ويدل على المهندسين والمؤدبين وعلى كل من هو ( 2 ) بين يدي السلطان يفعل الخير وقد تقدم القول في الشمس والقمر والله تعالى أعلم
فصل في رؤية المنازل في المنام
ص 60 أ
وأما ما تدل المنازل عليه في المنام من معنى الاشتقاق والاستنباط والمعكوس
( 1 ) فالشرطين شُرطة أو اشتراط والبطين بِطنة
والثُريا ثري أو ثروة والدِبران إدبار أو دُبر أو دَبر
والهقعة عقوق والهنعة هناعة
والذراع اليماني يمين والشامي شام والنثرة انتثار وتفرقة
والطرق طَرَق والجبهة مجابهة والخرقان وهي ( 2 )
والصرفة انصراف والعوا صراخ والسماك ( 3 ) الراجح الأعزل عزل
والفقر مغفرة وأمان والزبانا زنا والإكليل تكليل للأعزب
والقلب انقلاب والشيولة شولان وتشوف والنعايم أنعام ونعمة
والبلدة بلد أو ما بين الحاجبين والذالخ عدو
وبلع لعب والسعود سعود والأضبية افتضاح أو سرقة
والمقدم تقدم والمؤخر تأخير والحوت الرشارشا أو رشالميح
والله تعالى أعلم بالصواب
فصل في رؤية العُيوقات
ص 60 ب