ص 18 أ وما لهما يخطر بالبال يحصل المؤلف في تأليفه بل ينبغي للواقف على التأليف أن يضم كل شيء ويكشف عنه في بابه وفصوله ولا يهمل ما دوّنه العلماء لذوي الأفهام والعقول الراجحة فافهم ذلك وتبصره لجهدك تصب إن شاء الله تعالى
الباب الثالث من المقدمة الأولى
فيما يراه الإنسان لنفسه وهو لغيره والردّ على من قال بإبطال الرؤيا بإقامة الدليل
اعلم أن الإنسان يرى الشيء لنفسه وهو لغيره من أهله أو أقاربه أو شقيقه أو والده أو ولده أو شبهه أو سميّه أو ربّ صنعته أو بلديه أو زوجته أو مملوكه كأبي جهل بن هشام رُأيّ في المنام أنه دخل في دين الإسلام وبايع رسول الله ( 1 ) فكان ذلك لابنه
وأن أم الفضل أتت النبى {صلى الله عليه وسلم} فقالت يا رسول الله رأيت بضعة من جسدك قد قطعت ووضعت في حجري فقال رسول الله مبتسماً تلد فاطمة غلاماً وتأخذيه في حجرك فأتت فاطمة رضي الله عنها من ابن عمها بالحسن رضي الله عنهم وأخذته أم الفضل في حجرها ففسر الولد بالذكر ولأن علياً
ص 18 ب رضي الله عنه لما أن سأل النبى {صلى الله عليه وسلم} عن لمس الذكر ينقض الوضوء فقال هل هو إلا بضعة منك فسماه بذلك وكما رُأي لأسيد ابن أبي العيص على عهد رسول الله أنه تولى ماسة فوليها ولده عتاب
وأن الرؤيا في آخر الزمان لم تكذب وكان الكفار وفُساق المؤمنين قد يرون الرؤيا الصادقة وكان المكروه من المنامات هو المضاف إلى الشيطان الذي أُمرنا بكتمانها والتفل عن اليسار والتعوذ بالله من شرها وأن ذلك المكروه إنما كان ترويعاً وتحزيناً باطلاً يؤدي إلى الفتنة والخديعة
فصلٌ في الردّ على من قال بإبطال الرؤيا
(1/22)

وأن قوماً من الملحدين قضوا على جميع ما في العالمين أنه تخييل وحسبان كالأكل والشرب والشخص المبصر وأن ذلك كالنظر في المرآة ليس شيء منه على يقين ولا حقيقة واحتجوا بأن النائم في حال نومه مستيقن جميع ما هو فيه من ذلك وقالوا تكاثفت الحالات في التقيين فكيف يقضى على أمر واحد بحكمين متضادّين ولعلنا عند أنفسنا إيقاظاً ونحن نيام أو نيام ونحن إيقاظاً ولذلك ورد الخبر الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا فالجواب ( ) أخبروني عن هذا أولاً علم لكم ولا حقيقة عندكم أبجهل قلتم أم بعلم وإن كان قلتم بعلم
ص 19 أ
فقد ثبت الجهل ونُفي العلم وإن كان بجهل فالجهل لا يقابل بمثله إذ لا تثبت حجة وإن قلتم لا ندري فاعلموا أن الناس لم يزالوا على تصديق الرؤيا وتأويلها في الجاهلية والإسلام وما خلا في الزمن السالف قبلهم خلا صنف من الزنادقة فإنهم يقولون بالدهر وقوم من قدماء الأطباء إلا أهل الصلاح منهم فإنهم بالرؤيا يصدقون ولو لم يكن ذلك كذلك لما قصّ الله على أهل الكتاب من نبأ يوسف عليه السلام في تأويل رؤياه وما وصل إليهم من الناقلين عن الأنبياء عليهم السلام
وأما التكذيب بها فيما نقلوه عن القدماء فإنهم كانوا يقولون أن النائم يرى في المنام ما يغلب عليه من الطبائع الأربعة
فإن غلبت عليه السودَاء رأى الأموات والأحداث والسواد والأموال والأفراح وإن غلبت عليه الصفراء رأى النار والمصابيح والدم والمعصفرات وإن غلبت عليه الدم رأى السراب والرياحين والغدق والمزامير وما كان مبلغ علمه أن يؤمن بشيء وهو كافر ويقرّ بأمر وهو ينكره فقد كفاك نفسه وقطع أسباب الخصام بينك وبينه ثم نحن نعلم أن الرؤيا إنما تكون من غالب الطبائع ومنها ما يكون
(1/23)

ص 19 ب من حديث النفس وهذه الأجناس الثلاثة هي الأضغاث وإنما سميت أضغاثاً لاختلاطها فشبَّهت بأضغاث النبات وهي الحزمة مما يأخذ الإنسان من الأرض فيها الصغير والكبير والأحمر والأصفر والأخضر واليابس والرطب ولذلك قال الله تعالى ( خذ بيدك ضغثاً فاضرب به ولا تحنث ) وقال ( الرؤيا ثلاثة رؤيا بُشرى من الله ورؤيا تحزين من الشيطان ورؤيا يحدث الإنسان بها نفسه فيراه في المنام )
وفيه يقول القائل في معناه سُقيا ( لزورك من زوراتاك ) وحديث نفسك عنه وهو مشغول فقد أخبرك أن الرؤيا تكون من حديث النفس ومما جادت به الفكرة زيادة على ما تقدم من اعتبار القرآن المجيد وأمثاله ومعانيه واضحة كقوله تعالى ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ) وقوله في وصف النساء ( كأنهن بيض مكنون ) وفي الولدان يقول الله تعالى ( ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون ) وفي المنافقين يقول الله تعالى ( كأنهم خُشب مسندة ) وقوله في الملوك ( إن الملوك إذا دخلوا قرية ً أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة ) وقوله تعالى في الفتح ( إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح ) وفي
ص 20 أ الغيبة يقول الله تعالى ( أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه ) وفي الحديد أنه بأس ونفع قال الله تعالى ( وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس ) وفي رؤية النساء أنها كيد وخديعة لقوله تعالى ( إن كيدكن عظيم ) والسراب رياء لقوله تعالى ( والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئا )
(1/24)

وفي الرماد أنه نفاق لقوله تعالى ( والذين كفروا أعمالهم كرمادٍ اشتدت به الريح في يوم عاصف ) وفي المطر بأنه رحمة لقوله تعالى ( وهو الذي يرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته ) وقوله تعالى ( وينشر رحمته ) وفي المطر إذا كان عذاباً لقوله تعالى ( وأمطرنا عليهم مطراً فساء مطر المنذرين ) وفي الغرق إذا كان عذاباً قوله تعالى ( مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا ) وفي العمى أنه ضلالة لقوله تعالى ( قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها ) وقوله ( صمٌّ بكمٌ عميٌ فهم لا يرجعون ) والصاعقة مغرم لقوله تعالى ( فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون ) والصمم تهديد لقوله تعالى ( أم لهم آذان يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل )
فصل
وأما الحديث ( كالحنظلِ فإنه ) نفاق والخامة
ص 20 ب من الزرع إيمان وأما ما يظهر في المنام من الأخبار الدال فعلها على مقت الله عز وجل فكمن يرى في المنام السِنَل قد سادوا وأن الرجل في المنام عق أمه وأكرم صديقه فإن ذلك دليل على ظهور آية لقوله ( إذا اتُخذ الفيءُ دولا والأمانة مغنماً والزكاة مغرماً وتُعلم لغير الدين وأطاع الرجل امرأته وعقّ أمه أدنى صديقه وأقصى أباه وظهرت الأصوات في المساجد وسَادَ القبيلة فاسقهم وكان زعيم القوم أرذلهم وأُكرم الرجل مخافة شره وظهرت القينات والمعازف وشُربت الخمور ولعن آخر الأمة أولها فليرتقبوا عند ذلك ريحاً حمراء وزلزلة ً وخسفاً ومسخاً وقذفاً وآيات تتابع كنظام بالٍ قطع سلكه )
وكالسهام في المنام تدل على أركان الدين لقوله ( العُمر الذي أعذر الله فيه ابن آدم ستون سنة ) يعني قوله تعالى ( أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر ) ثم قال عليه السلام ( الإسلام ثمانية أسهم الإسلام سهم والصلاة سهم والزكاة سهم وحج البيت سهم والصيام سهم والأمر بالمعروف سهم والنهي عن المنكر سهم والجهاد في سبيل الله سهم وقد خاب من لا سهم له )
ص 21 أ
(1/25)

وعلى هذا فقس ما يليق تنزيله من القرآن والحديث النبوي أعطى الرأي ما يليق به
فصل وأما ما هو من الشعر
فقيل في ذم الدنيا -
ومن يحمد الدنيا لأمر يسره
فسوف لعمري عن قليل يلومها
إذا أدبرت كانت عناءً وحسرة
وإن أقبلت كانت قليلاً نعيمها
وقيل في فِعل المعروف -
لعمرك ما المعروف في غير أهله
وفي أهله إلا كبعض الودائع
فمستودع ضاع الذي كان عنده
ومستودع ما عنده غير ضائع
وما الناس في شكر الصنائع بينهم
وفي كفرها إلا كبعض المزارع
فمزرعة ٌ أزلت وأضعف نبتُها
ومزرعة ٌ أكلت عليّ كلَّ زارع
وقال أبو العاص قال لي قائل في المنام -
من دخل الجنة بيقيناً له
هو السعيد الغانمُ الفايزُ
وداخل النار هَوَت أمّه
فاعمل لهذا اليوم يا عاجزُ
ولبعضهم في ذم الغيبة والكذب -
أديتُ نفسي فما وجدتُ لها
من بعد تقوى الإله من أدبِ
( في ( ) وإن قصُرت
أحسن من صمتها عن الكذبِ )
ص 21 ب
وغيبة الناس إن غيبتهم
حرّمها ذو الجلال في الكتب
قُلتُ لها صادقاً لأُصلحُها
والصدق زينٌ يزين ذي الأدب
وإن كان من فضة كلامك يا نفس
فإن السكوت من ذهب
ولبعضهم في أنباء الزمان -
الناس أخوانك ما لم تكن
ترغب فيما عندهم من خُطامِ
فإن تعرضت لأسبابهم
كنت عدواً لهم والسلام
فالمرض المؤلم أسبابه
صادرة عن طيبات الطعام
ولبعضهم في شكوى البُعد -
بَعُدتم فأمسى حشو قلبي بكم
جمراً ويدّل حلو العيش بَعدكم مُرّا
وذابت لما ألقي من البينِ أدمُعي
وقد صار سري يوم بينُكم جهرا
وقد كان دمعي جامداً فبعادُكم
وهجرانكم للدمع من مقلتي أجرَا
ودائيِ الذي أشكوه عزّ دواؤه
وأعيا طبيبي مشكاي ولم أبرَا
فلا رُسلكم تأتي إليّ فينجلي بها
ما أعانيه ولا كتبكم أقرَا
ومن الألغاز لغزاً في النرجس كلام محذوف وياقوتة صفراء في رأس دُرة ٍ مركبة في قائم من زبرجد يكفكفها بردُ الشتاء ( فما وكما يروح يأكل يوم ( 1 ) ) وقيل لغزاً في شمعة ٍ
ص 22 أ
قوام قِدٍ كأنه ألف يهدى ّ لنا من ضياتها لهباً
(1/26)

باطنها أملس وظاهرها فيه مستنره تري عجباً
قد يبست من نقائها فترى أدمعها فوق خدها سكبا
تكابد الليل وهي جاهلة وعمرها في النفاد قد ذهبا
وفي هذا القياس كناية لذوي الفطنة والاستئناس
وسيأتي من اللغة العربية وغيرها ما ينبغي ذكره في موضعه إن شاء الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة الثانية من كتاب الحِكم والغايات وتفصيلها وما ينسب لأبوابها وهي تسعة أبواب
الباب الأول منها في رؤية الله عز وجل والعرش والكُرسي واللوح والقلم في المنام
وأما رؤية من ليس كمثله شيء وهو السميع البصير في المنام فإنها تختلف باختلاف السرائر فمن رأى الحق سبحانه وتعالى فيما يليق بعظمته وجلاله من غير تشبيه ولا تكييف كان دليلاً على الخير وتلك إشادة في دنياه وسلامة دينه وعقباه لقوله تعالى ( وجوه يومئذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة )
وإن رآه على خلاف ذلك كانت رؤياه دليل على سوء سريرته خصوصاً إن لم يكلمه تعالى لقوله سبحانه ( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك
ص 22 ب لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ) الآية
(1/27)

وإن رآه من المرض مات لأنه الحق والموت حق وإن رآه ضالاً اهتدى لرؤيته الحق وإن كان مظلوماً انتصر على أعدائه وعضده الحق وأما سماع كلامه تعالى من غير تشبيه فإنه يدل على بدعة الرأي لقوله تعالى ( يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه ) وربما دلّ سماع كلامه على الأمن من الخوف وبلوغ المُنى لقوله تعالى ( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ) وربما دل كلامه تعالى من غير رؤية على رفع المنزلة خصوصاً إن كان قد أوحي إليه أو كان من وراء حجاب وربما كان على بدعة وضلالة لقوله تعالى ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) وربما نال منزلة على قدره خصوصاً إن أتاه رسول لقوله تعالى ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء )
وأما تجليّه على المكان المخصوص فربما دل على عمارته إن كان خرباً أو على خرابه إن كان عامراً لقوله تعالى ( فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا ) وإن كان أهل ذلك المكان ظالمين انتقم منهم وإن كانوا مظلومين نزل بهم العدل وربما دلت رؤيته على إنجاز الوعد لأنه تعالى صادق الوعد ولقوله تعالى ( وعدَ الله لا يخلف الله وعده )
ص 23 أ
وربما دلت رؤيته في المكان المخصوص على ملك عظيم يكون فيه أو يتولى أمره جبار شديد أو يقدم إلى ذلك المكان عالم مفيد أو حليم خبير فالمعالجات وإن كان الرأي يرجو رفداً من أحد استغنى من جهته لأنه غني كريم وهاب
فصل
ومن رآه تعالى في المنام احتاج إلى من يناسب اسمه تعالى في اليقظة فمن أسمائه تعالى المصور والعالم والحاكم والحليم والوارث وما أشبه ذلك وربما دلت رؤيته على القبض والبسط لقوله تعالى ( والله يقبض ويبسط ) ومن كان عاصياً ورأى الحق سبحانه وتعالى في منامه تاب وغفر له ذنبه وربما إن كان للرأي طلباً عفى عن من يطالبه وغفر له ذنبه
(1/28)

ومن كان من أرباب الحساب نوقش الحساب في اليقظة وعُوقب لأنه المحاسب والمعاقب وربما سهُلت أموره لأنه سبحانه وتعالى المتعطف العفو المسامح ومن أراد عملاً مستوراً ورأى الحق سبحانه وتعالى في منامه لا يأمن مطلعاً على عمله لأنه الرقيب المطلع العالم بالأسرار وربما يُستر عليه حاله لأنه ستار العيوب وربما دلت رؤيته على البلاء ويُلهم الصبر والشكر على بلواه لأنه تعالى صبور شكور وربما دلت رؤيته على السيد والوالد والمؤدب فما يراه في المنام من الله
ص 23 ب سبحانه عاد على من دل عليه من سيد أو إمام أو قدوة أو والده أو مؤدب يُقال أن فرقد رأى رب العزة في منامه وكان واقف بين يديه وهو يقول له من غير تكييف ولا تشبيه يا فرقد احتكم عليّ حاجتك فقال يا رب حاجتي أن تغفر لي فقال قد غفرت لك فسأل فرقد ابن سيرين رحمه الله عن هذه الرؤيا فقال ابن سيرين استعد للبلاء وأبشر برحمة الله فلم يلبث فرقد أن فلجَ ولم يزل مفلوجاً إلى أن لقي الله عز وجل
ورأى بعض اليهود كأن الله سبحانه وتعالى قد كلمه ووعده أن يخرجه من الضيق ويحفظه من العدو فقال له العابر ما وعدك سيكون لأن الله تعالى قال في التوراة ( قل لبني إسرائيل أني سأخرجكم من ثقل المصريين وأخلصكم من خدمتهم وأفككم بذراع ممدودة وأحكام عظيمة )
وأما الخشية من خوف الله تعالى في المنام فإنها تدل على الطمأنينة والسكون والغنى من الفقر والرزق الواسع لما حكي أن يهودياً رأى في منامه كأنه يخشى الله تعالى فأتى حبراً من الأحبار وسأله فقال له تنال طمأنينة وغنى وسعة رزق لأن الله تعالى قال في التوراة ( أخشى الله ربك من أجلي إني أنا الله ربك اعلم قضيتي واحفظ وصيتي
(1/29)

ص 24 أ واجلس على الأرض مطمئناً وأعطي الأرض ثمرتها فتأكلون وتشبعون وتجلسون فيها مطمئنين ومن رأى الحق سبحانه وتعالى في منامه ولم يستطع النظر إليه من شدة النور ربما دلّ ذلك على عمائه أو ارتكابه بدعة تحجبه عن النظر إليه جلّ جلاله لما حكي أن أنساناً رأى رب العزة في منامه وكان ذو مال بعد فقر شديد وكأنه قد غشيه منه نور كاد أن يخطف بصره فغضه وقال يا مُقيل العثرات وكأنه تعالى قال له الآن وقد طلب منك اليسير فقال له بعض من حضر لعلك لا تخرج الزكاة قال نعم دافعت بذلك فقيل له أخرجها فنظر فإذا هي ثلاث سنين فاستكثرها ثم مات ولم يخرجها
فإن رأى كأنه صار الحق اهتدى إلى الصراط المستقيم كما قال لي إنساناً رأيت كأنني صرت الحق وبين يدي شابان فقلت هؤلاء خصمان اختصموا في ربهم وأنت على الحق من دونهما ورأى آخر الباري جلّ جلاله معه فرس ومعه جبريل وميخائيل وإسرافيل فجلس على باب مدينة معروفة فلم يستقر به المجلس حتى دخل قوم وبأيدهم دفوف يضربون بها فالتفت فلم يجده ولا أحد ممن كان معه فقلت يظهر الباطل وأهله على أهل الحق ويوشك أن يبتلي الله عز وجل تلك المدينة بسخط ومحّق
ص 24 ب
(1/30)

ومن رأى كأن الله عز وجل يهدده أو يتوعده فإنه يرتكب معصية لما حُكي أن يهودياً رأى رب العزة في منامه كأنه سبحانه أراد أن يقتل قوماً ثم خلى سبيلهم فقصّ رؤياه على المقدسي العابر فقال إن الله تعالى أراد أن يخرب بيوتاً بقسوة ويموت أهلها فانظر لعلك أن تجد فاضلاً يُصلي ويدعو حتى يصرف الله عنهم كما هو في التوراة فإن الله تعالى قال لموسى عليه السلام قد علمت أن هؤلاء القوم قوم ضعاف الرقاب والآن إن تركتني اشتد غضبي عليهم وأفنيتهم وضيّعت منك أمة عظيمة فابتهل موسى إلى ربه وقال يا ربّ لا تشتد غضبك على قومك الذين أخرجتهم من بلدك مصر بقوة عظيمة ويدٍ شديدة ولا يقل أهل مصر أن الله أخرجهم ليقتلهم بين الجبال ويستأصلهم ويفنيهم عن وجه الأرض ارجع عن غضبك واصفح عن البلية لقومك
فصل في رؤية العرش في المنام
من رأى العرش في صفة حسنة فبشارة له بسلامة معتقده وإن رآه ناقصاً صفة من الصفات دل على بدعته وضلاله وربما دل العرش على ما يرتكبه الإنسان من خير أو محذور ثم يدل على المنصب الجليل لأربابه وربما دلّ على الزوجة والدار والمركب وعلى النصرة على الأعداء ويدل على المرض بالرعش أو عمل السحر ( 1 ) من الاشقاق
ص 25 أ
وربما دلت رؤية العرش على العمل الصالح لمن رآه في صفة حسنة والله أعلم
فصل في رؤية الكرسي
وأما رؤية الكرسي في المنام فإنه دليل لمن هو من أهل العلم على علو الدرجات والمناصب العالية خصوصاً أن رآه في صفة تامة وربما كان للحامل خلاص من شدتها وللأعزب زوج وللمزوج ولد سموا به ويدل على السفر لذوي الأسفار وللمريض على حمله على سرير المنايا أو دابة يركبها أو دار يسكنها أو سنة يستسنها يشتهر بها ويعمل بها من بعده والله تعالى أعلم
فصل
(1/31)

وأما اللوح المحفوظ فإن رؤيته في المنام دليل على الستر للأعمال وتدل رؤيته على البشارة لمن هو في شدة والعافية لمن هو مريض لأنه منزه عن النقائص حافظ لما أودعه الله فيه محفوظ بعين الله سبحانه وتدل رؤيته على الوقوع في المحذور لذوي الأجرام ولأهل الطاعات دليل على هدايتهم وكشفهم لما أودع الله فيه من الأوامر والنواهي ويدل رؤيته على الرزق لذوي التقتير لما أجرى الله فيه من قسم الرزق والأجل المحتوم وتدل رؤيته على حفظ العلم والملك لأهله ويدل على كل ضابط حافظ للودائع
ص 25 ب
من الأسرار والأموال وغيرها وربما دل على الأمن من الخوف لقوله تعالى ( والله من ورائهم محيط بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ ) وإن رآه ملِك اتسعت مملكته أو فتح له كنز عظيم والله أعلم
فصل في رؤية قلم القدرة في المنام
وأما رؤية قلم القدرة في المنام فتدل رؤيته على اليمين يحلفها الرأي أو يحلّفها فإن رآه في صفة كاملة كانت يمينه بارة وإن رآه ناقصاً صفة من الصفات الحسنة دل على أن اليمين فاجرة لأن الله تعالى أقسم به فقال ( ن والقلم وما يسطرون ) وربما دلت رؤيته على العلم والحفظ أو الصناعة الجليلة لقوله تعالى ( الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم ) وربما دلت رؤيته على العُمر الطويل والرزق وهو من المعكوس قَلَق كما أن عكس اللوح حَوَلَ والله تعالى أعلم
الباب الثاني من المقدمة الثانية في رؤية قرأت الاستعاذة والبسملة في المنام وما يتعلق بها
فصل
من رأى كأنه يكثر الاستعاذة في المنام فإنه يرزق علماً نافعاً وهدى وأمناً من عدوه وغنى من الحلال لقوله تعالى ( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من
(1/32)

ص 26 أ الشيطان الرجيم أنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون ) وإن كان الرأي مريضاً أفاق من مرضه خصوصاً إن كان يصرع الجان لقوله تعالى ( ويذهب عنكم رجس الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام ) ولقوله تعالى ( وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون ) وربما دلت الاستعاذة على الأمن من الشريك الخائن والطهارة من النجس والإسلام بعد الكفر والله تعالى أعلم
وأما البسملة فتفطن لساقتها في المنام
من رآها في المنام بكتابة حسنة فإنه يدل على العلم والهداية والرزق لبركتها وخاصة من يراها على القاعدة المشهورة لما ورد أن النبى {صلى الله عليه وسلم} قال لمعاوية الق الدواة وحرّف القلم وانصب الباء وفرق السّين ولا تعوّد الميم وحسّن الجلالة وجود الرحمن واجد الرحيم وربما دلت البسملة على الولد وولد الولد لتعلق بعضها ببعض وربما دلت رؤيتها على إدراك ( 1 ) ما فات لتكرار حروفها وتدل على السعي في الزواج والبشارة وعقباه لقوله تعالى إخباراً عن ( 2 ) سليمان عليه السلام
وربما دلت رؤية البسملة على
ص 26 ب الهُدى بعد الضلالة لقوله تعالى ( إني ألقي إلي كتاب كريم إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ) ثم كان عاقبة أمرها أن قالت ( رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين )
فإن كتبت في المنام بخط مليح نال رزقاً وحظاً في صناعته أو عمله
وإن كتبها ميت فهو في رحمة الله وربما دل كتبها على الربح من الزرع ويعتبر ما كُتب معها في المنام من قرآن وغيره
يُحكى أن المعتمد على الله أمير المؤمنين رأى في المنام على صدره مكتوباً إنا فتحنا لك فتحاً مبينا فانتبه من مرقده وتفاءل بالظفر وهو في معسكره ثم قيل له أن رسول يعقوب ابن الليث قد ورد بكتاب فقال ونحن إلى الآن في مخرقة صغار فأذن بالرحيل وتوجه نحوه وهزمه
(1/33)

فإن محاها بعد كتبها أو اختطفها منه طائر دلّ على نفاد عمره أو فراغ رزقه وعلى هذا يقاس من كتب على بدنه شيء من القرآن أو غيره ربما ابتلي في بدنه أو زال عنه ما يشكوه لما قيل أن الحسين بن علي عليهما السلام رأى في المنام مكتوباً على جبينه سورة والضحى والليل إذا سجى فرفع ذلك إلى ابن المسيب فقال يا ابن رسول الله أوصي واستغفر
ففارق الدنيا بعد ليلة فإن قرأها
ص 27 أ في صلاة فإن كان ( 1 ) تدل البسملة في الصلاة فبسملته في ذلك دليلاً على ارتكاب دَين لم يحتج إليه وربما دل ذلك على الميل إلى الأب دون الأم أو إلى الأم دون الأب أو يفضل سنة على فرض أو نفل على سُنة أو بدعة على مستحب وكذلك الحكم في اختلاف قرأت الأئمة السبع
واعتبر ما كُتبت به في المنام فإن كانت مكتوبة بالذهب دلت على الرزق والاحتفال بالطاعات أو إصلاح السرائر وربما اكتسب ذكراً جميلاً وعقبى حسنة وعكس ذلك لو كتبها في المنام بما لا يجوز الكتابة به
واعتبر ما كُتبت به من الأقلام ( فبالطومار ) مال طائل وبالثلث مال من سهام وبالمحقق تحقيق لما يرجوه وبالمنسوب أحوال متناسبة وبالنسخ عزل وبالحواشي تحوي شيء طائل وإن كانت بعلم الأشعار دل ذلك على الغفلة والهيام وبالريحان رياء أو قرب لما يرجوه وبالغبار مرض في العين ومن كان شكا واشتكا من ذلك كان دليلاً على عافيته واعتبر ما كتبت به من غير ذلك فكتبها بقلم التوقيع عزٌ ونصر وبقلم الوراقة محاكمات فإن لم يتضح من كتابتها شيء فهو دليل على التلون في المذهب والمعتقد والله تعالى أعلم
ص 27 ب
وأما ما كُتبت به من الأقلام الغريبة كالقمي والعبراني والسرياني والهندي وما أشبه ذلك فإنه دليل على الدنانير الغريبة أو الأزواج أو الجوار أو العبيد أو الألفة مع الغرباء
فصل
(1/34)

فإن كتبها بقلم حديد دل على القوة والرزق والثبات في الأمور وإن كتبها بقلم من ذهب سعى في نفع نفسه ببذل ماله أو استغنى بعد فقره وهذا إن كتبها بقلم من فضة وإن كتبها بالقلم المعتاد دل على توسيط الأحوال خصوصاً إن كتبها بقلم خسيس أو ملتوي أو ذي عقدٍ وإن كان غير ذلك كما أوصى بعضهم لتلميذه يا بنيّ وليكن قلمك صلباً بين الدقة والغلظ ولا تبرينّه عند عقده ولا تكتبن بقلم ملتوي ولا ذي شق غير مستوي واختر من الأقلام ما يضرب إلى السمرة وحدّ سكينك ولا تستعملها لغير قلمك وإذا كتبت الدقيق فأمل قلمك إلى إقامة الحروف وإذا أجللت فإلى التحريف ولا تجمعن في سطر واحد بين مشقتين ولا بين معرفتين ولا محذوفتين فإن ذلك يدل على المنصب الجليل أو العلم والعمل لمن فعله في المنام
فصل
فإن كتبها في كاغد ربما فعل فعلاً حسناً أو اتبع واجباً وإن كتبها في رق سعى في طلب ميراث وإن كانت في منسوج أحمر أو أصفر أو أبيض
ص 28 أ نال فرحاً وسروراً وإن كانت مكتوبة في منسوج أخضر نال شهادة عند الله تعالى وكتابتها أو غيرها في ذلك أو غيره بالنور أو الذهب بشارة يُحكى أن الحسين بن علي عليهما السلام رأى في المنام كأن قد كُتب بين عينيه سورة الإخلاص فأرسل إلى سعيد بن المسيب رضي الله عنه فقصها عليه فقال إن صدقت رؤياه فإنه سيموت سريعاً فمات كذلك غريباً
فصل
واعتبر النَقطَ والشكل
ورؤيته في المنام أن دلت البسملة على الزوجة فنقطها وشكلها ومالها وجهازها وأولادها وعصمتها وإن دلت على المال كان ذلك زكاته المفيدة وإن دلت على الصلاة كان ذلك سننها وإن دلت على البلد كان ذلك أهلها وأعيانها من العلماء والفضلاء وأرباب الصنائع من الرعية أو المتاجر الرابحة والحكم فيما يمكن ضبطه فالحكم فيما ذكرته وما بعده فاعتبره
فصل
واعتبر علامات الإعراب -
(1/35)

ورؤيتها في المنام فعلامة النصب منصب وعلامة الخفض عزل وعلامة الرفع علو أو موت أو فراغ عمل وعلامة الوصل صلة وعلامة الجزم حزم في الأمور وعلامة التشديد ضيق وعسر فما دل على البسملة أو غيرها من هذه العلامات شيء إلى
ص 28 ب إلى دين الرأي أو دنياه وكذلك إن نقص
فصل
واعلم أن الباء منها بركة أو بكاء أو بؤس أو نعيٌ أو بلاء والسين سُؤدد أو سُكر أو سلامة أو سفر أو سبي أو سجن أو سيئة والميم مُلك أو مَلك أو مسألة أو موت والألف أخذ أو أمل واللام لؤم والهاء هَرب أو هَرم أو هيبة والراء رياءَ أو راحة أو رجاء أو رياضة أو رضاء والحاء حلال أو حرام أو حزم أو حمام أو حلف أو حظ
والنون نعمة أو نكبة والياء يأس وعلى هذا فقس ما يرد عليك من حروف المعجم كما ذكرت في كتاب الأنجم العليا وأعطى الرأي من الحُكم ما يليق به من حكم الحرف في التأويل إن شاء الله تعالى
وربما كانت حروف البسملة ورؤيتها في المنام تنبيهاً على الدعاء والإنابة إلى الله تعالى كما يُدعى به عند الضيق بهذا الدعاء وهو من الأدعية المستجابة على ترتيب الحروف اللهم إني أسألك بالألف المعطوف وغير معطوف وبالنقطة التي هي بدء الحروف بألف الأليء بباء البهاء بتاء التأله بثاء الثبات بجيم الجلال بحاء الحلم بخاء الخير بدال الدوام بذال الذات براء الربوبية بزاي الزلفى بسين السناء بشين الشكر بصاد
ص 29 أ الصدق بضاد الضياء بطاء الطَوْل بظاء الظهور بعين العلم بغين الغَلب بفاء الفرد بقاف القدرة بكاف الكمال بلام الألوهية بميم المعرفة بنون النور بهاء الهداية بواو الوحدانية بياء اليُمن
أنت الله لا إله إلا أنت الموصوف بالكمال المحمود على كل الأحوال أسألك أن تصلي على محمد وعلى آل محمد وأن تجعل لي من أمري فرجاً ومخرجاً وإلى كل خير سبيلا برحمتك يا أرحم الراحمين
( 1 ) ثم منها حروف نارية وهي أ د ط م ف ش ذ
ومنها حروف ترابية وهي ب و ي ن ص ت ض
ومنها هوائية وهي ج ز ك س ق ث ظ
(1/36)

ومنها مائية وهي و ح ل ع ر خ غ
وعدد الحساب الجمل من حرف الألف إلى الياء عشرة ومن الياء إلى حرف القاف مئة ومن القاف إلى الغين ألف وهذا ما تدعو الحاجة إليه عند استخراج الاسم كما تقدم
فصل
فإن رأى البسملة معكوسة الترتيب كمن يجعل الرحيم تأتي مكان البسملة أو يقدم الجلالة على البسملة ففعل ذلك وما يشبهه في المنام دليل على الارتداد عن الدين
( 1 ) هناك تصحيح من الكاتب فأثبتنا هذا التصحيح هنا
ص 29 ب أو المذهب أو يفضل الإماء على الحرائر أو يضع المعروف في غير أهله كما قال لي إنسان رأيت كأنني كتبت البسملة بحاشية خلا اسم الرحمن تعالى فإني كتبته بالمعلق قُلت له لك أولاد تحسن إليهم وتفرّط في حق بعضهم قال نعم
فإن كتبها غيره ومحاها بنفسه دل عل نقض العهد أو الارتداد عن الإسلام أو يبخل بما عنده من علم أو مال وإن كان الذي فعل ذلك في المنام مريضاً برئ أو عاصياً تاب وأناب وربما تزوج ورزق ذرية صالحين أو يربح فيما يدخره من التجارة والله أعلم
فصل
ولمن يحسن الاستنباط يستنبط منها ما يليق كالرحمة والحسنة والسيئة والأب والأم ومن الأسماء سالم سلامة ويسر وسليمان وإبراهيم وحسن ومحسن وغير ذلك مثل حرام وحلال وباب وأسر وسُلَم وملاله ومَلَك وسبيل ورمح وسهم وسنان ونبل وحرب ومليح وامرأة ونائحة وحُلة وحيلة وماء وسحاب وعلى هذا فقس ما المسيح ابن الله المحرر وأعطي الرأي ما يليق من ذلك كله والله تعالى أعلم بالصواب
الباب الثالث من المقدمة الثانية في تلاوة كتاب الله العزيز في المنام
ص 30 أ
مرتباً على السور ورؤية المصحف الكريم وغيره من الكتب
(1/37)

من قرأ القرآن أو شيء منه في منامه نال رفعة وعزاً وإن كان عاصياً أقاله الله تعالى وتاب عليه وإن كان فقيراً استغنى وإن كان مديوناً قُضي دينه وإن كان من ذوي الشهادات شهد بالحق أو أدى أمانة عنده واعتبر المتلو في المنام كما حُكي عن ابن سيرين رحمه الله أن إنساناً قال له رأيت في المنام كأني أقرأ سورة إذا جاء نصر الله والفتح فقال له أوصي فقد قرُب أجلك فإنها آخر سورة نزلت من السماء
وقالت اليهود القراءة والصلاة في النوم تدل على الارتقاء وقضاء الحوائج وصفاء الحال وقالت النصارى من رأى كأنه يصلح المصاحف أو يركبها أو يؤلف كتاباً فإنه يُقبل قوله وتصير صادقاً بين الناس ورأى الحسن البصري كأنه ينظر في المصحف ويكتب في كساء فقصّ رؤياه على ابن سيرين فقال أنت تفسر القرآن برأيك فاتق الله تعالى ورأت امرأة كأن في حجرها مصحف وقد جاءت فروجتان فالتقطتا كل كتابة فيه وكلما تصفحت صفحة التقطتها الفروجتان حتى لم يبق في المصحف كتابة فسألت ابن سيرين فقال ستلدين جاريتان تجمعان القرآن في صدورهما فرزقت هذه المرأة بعد ذلك ابنتان وكان كذلك
ورأى رجل قارئ لكتاب الله
ص 30 ب عز وجل كأنه يقطع المصحف ورقة ورقة من مصحف بيده ويضعها على النار فيستكن حزامها فقص رؤياه على عابر فقال ستكون فتنة من جهة السلطان وتسكن بقرآتك القرآن ورأت امرأة رجالاً متجردين يقرأون القرآن فقيل هؤلاء قوم لهم أهواء وقد تجردوا لها
وأتى ابن سيرين رجل فقال رأيت كأني متوسد مصحفاً فقال أنت رجل لا تقوم بما معك من القرآن ورأى شاب منهمك على معاصي الله عز وجل وهو من حملة القرآن كأنه واقف بين يدي رسول الله ويقرأ بغير إذنه ( يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ) فقص رؤياه على مُعبرٍ فقال إن صاحب هذه الرؤيا قريب من الكفر فلم يكن إلا قليلاً حتى ارتدّ ذلك عن الإسلام
فصل
(1/38)

واعتبر ما قرأه في المنام فإن كانت آيات رحمة فإن كان القارئ ميتاً فهو في رحمة الله تعالى وإن كانت آيات عقاب فهو في عذاب الله وإن كانت آيات إنذار وكان الرأي حياً حذرهُ من ارتكاب مكروه وإن كانت آيات مبشرات بشرته بخير فإن قرأ القرآن بصوت حسن نال عزاً ورفعة ً وسمعة حسنة
وإن قرأ القرآن وحرّفه زاغ عن الحق وخان عهده وإن لم يدرِ ما قرأ ربما شهد بالزور أو خاض فيما لا يعلم وإن استمع الناس لقراءته تولى أمراً يُقبل فيه نهيه وأمره على قدرة
ص 31 أ
وقراءة سور ( 1 ) سرور وأفراح ورزق وتجديد ولد يقرأ القرآن
والسورة زوجة أو ولد أو دراهم أو دنانير على قدر عددها وربما دلت السورة على الحج لأن من السور المكيّ والمدني ولحظت ذلك وجربته فكان كذلك وأما ما ذكره العلماء من أئمة التفسير رضي الله عنهم في تعبير قراءة السور في المنام فقالوا من قرأ سورة الفاتحة فتح الله عليه أسباب الخير وقال المدينان وجعفر الصادق وسعيد بن المسيب رضي الله عنهم من رأى أنه يقرأ سورة الفاتحة أو شيئاً منها فإنه يدعو بدعوات وتستجاب له وكذلك قال الكسائي وزاد فيه وينال فائدة يُسر بها وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه تاليها في النوم يتزوج سبع نسوة متفرقات ويكون مستجاب الدعوة والدليل على ذلك فعل رسول الله فإنه كان يقرأها قبل الدعاء وبعده وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه من تلاها في نومه كان محفوظاً في دينه إلا أن يكون عائلاً فقد قرب أجله
وقال بعض العلماء من قرأ فاتحة الكتاب في منامه أغلق الله عنه أبواب الشر وفتح عليه أبواب الخير
سورة البقرة
من قرأها في المنام أو شيئاً منها أو تليت عليه قال المدينان فإنه يرزق علماً
(1/39)

ص 31 ب وعمراً طويلاً وصلاحاً في دينه ونجابة في ولده ووافقهما الكسائي على ذلك وقالت عائشة رضي الله عنها من تلاها في منامه أو بعضها انتقل من موضع إلى موضع ويكون حظه في الموقع الذي ينتقل إليه وقال ابن فضالة رحمه الله أن تاليها في النوم إن كان قاضياً قربت مدته وإن كان عالماً طال عمره وحسنت حالته وقال بعض العلماء من قرأ سورة البقرة فإنه يكون جامعاً للدين مُسارعاً إلى كل ثواب ويكون طويل العمر قليل الشر صابراً على الأذى
فإن قرأ منها آية الكرسي في المنام دل على حفظه وذكائه لما قيل أن خمسة أشياء تورث الذكاء والحفظ أكل الحلواء وأكل لحم ما يلي العُنق وأكل العدس وأكل الخبز البارد وقراءة آية الكرسي وذلك مما جرب
سورة آل عمران
قال المدينان وأبو بكر الصديق رضي الله عنهم من تلاها في منامه أو شيئاً منها أو تليت عليه فإنه يكون قليل الحظ من بين أهله ويرزق ولدا في كبره ويكون كثير الأسفار وقيل يكون مختاراً في الناس مصطفى مبرأ من كل دنس مجادلاً عن أهل دينه في أديانهم
سورة النساء
قال جعفر الصادق رضي الله عنه من تلاها في منامه أو شيئا منها فإنه يكون معه في آخر
ص 32 أ عمره امرأة لا تُحسن العشرة وقال ابن فضالة تكون كثير الاحتجاج قوي اللسان وكذلك قال الكسائي وعلي وحمزة رضي الله عنهم وقال ( 1 ) يقسم المواريث ويصاحب حرائر النساء ويرثهم ويرثنه بعد عُمر طويل
سورة المائدة
قال المدنيان من تلاها في منامه أو شيئاً منها كان كريم النفس مُحباً لإطعام الطعام وقيل بل يرزق اليقين والتعبد والخشوع من سلطان أهل بلده
سورة الأنعام
قال جعفر الصادق وعائشة والكسائي وابن فضالة رضي الله عنهم من تلاها في منامه أو شيئاً منها أو تُليت عليه بشرته بسلامة العيال وحفظ البنين وحسن الرزق في الدنيا والآخرة وقيل بل يكون كثير النعم والغنم والمواشي والبقر والدوابّ خصيب الجانب جواد النفس يجمع الله له أمر الدارين ويرحمه
سورة الأعراف
(1/40)