بسم الله الرحمن الرحيم

تقديم

الحمد لله رب العالمين، الذي منّ علينا بمبعث أشرف المخلوقين، وجعلنا بفضله من أمته فحققنا بنسبة كنا بها خير أمة من الناس أجمعين؛ والصلاة والسلام عليه يوم وُلد ويوم مات ويوم يُحشر الناس إلى رب العالمين، وعلى آله الطاهرين وصحابته المكرمين.

إن السيرة النبوية الشريفة، التي تتضمن الأحداث التي جرت طيلة عمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بما يتعلق بها من مقدمات وظروف وغايات، لا يمكن أن يُنظر إليها بعين العادة؛ من كون صاحبها صلى الله عليه وآله وسلم هو إنسان عين الوجود، الذي انطوت فيه كل أسراره، وتجلت فيه كل حقائقه.

وإن كانت الحقيقة المحمدية التي هي أول ما خلق الله، هي أصل التجليات التفصيلية؛ فإن الشخص المحمدي الطبيعي هو غايتها وخلاصتها، من كونه الجامع لكمالاتها على التمام. فإن مثّلنا الحقيقة بالشمس، فالشخص هو البدر بالنسبة إليها. وكل ما بينهما من حقائق الأنبياء عليهم السلام، فهي أهلة في تدرّج كمالاتها.

وإذا كان هذا الشخص الإلهي عاش في الدنيا بين الناس، فلا بد أن تكون حياته الدنيوية قرآنا يُتلى، ويرتّل ترتيلا بحسب الوقائع والأحداث؛ ولا بد أن يكون الباطن النبوي الشريف مستدعيا لما يقع منها في المحسوس. وإذا كان الأمر هكذا، فإن لكل حادثة من حوادث السيرة، قراءة خاصة لمن كان قارئا ربانيا.

ونحن في هذا القسم، سنعرض –بإذن الله تعالى- لبعض آيات السيرة النبوية، ونبيّن بعض ما تيسّر لنا مما تحتها من الأسرار. والله المستعان.