أسطورة راسبوتين .. العينان الأقوى في التاريخ





>>الأرض السوداء تُخرج أشهى الثمار<<
>>كلما إزداد أعدائي إزدادت قوتي<<


هذه هي شعارات -أو فلنقل قواعد- الراهب الروسي راسبوتين
وهو من أكثر الشخصيات التي ذكرها التاريخ غموضاً و إثارة للجدل



هو غريغوري ييفموفيتش راسبوتين Grigory yefimovich Rasputin
ولد في (سيبريا) سنة 1871 وهذا التاريخ الأقرب حيث أنه غير مرجح متى ولِد بالضبط
إن كلمة (راسبوتين) بحد ذاتها تعني (الراهب) باللغة الروسية ،
ولكن صاحبنا كان أبعد ما يكون عن الرهبان، حيث مذهبه الوحيد في الحياة البحث عن الرذيلة في كل مكان ،
وهو يؤمن بأن الروح ملكٌ لله.. ولكن الجسد ملك للإنسان!
هو حر فيما يفعله به دون رقابة أو حساب



ذاع صيت راسبوتين كمعالج روحاني، وصاحب كرامات، والكل أجمع على أن لديه قدرة خارقة للطبيعة بجعل الطاقة النفسية تُصبح أحسن ما يكون عند المرضى ..
أي بمعنى تغلب النفس على الجسد المُعتل

أما قدرته الأخرى والتي هي سبب كتابة هذه المقالة فهي في عينيه، اللتان لم يُعرف أن مخلوقاً سواء رجل أو إمرأة تمكن من مقاومتهما..

فقد كان راسبوتين يستخدم عينيه بطريقة طاغية على أي إرادة عرفها البشر..
وكان مُعظم جمهوره من النساء اللواتي كُن يسقطن صرعى في هواه
ويذبن بين ذراعيه رغم أنه لا يتمتع من صفات الجمال سوى النذر اليسير ..
فهو جِلف قليل الذوق، عملاق، وذو لحية تكاد تصل إلى ركبتيه ثم إن الصورة توضح كل شيء


المهم أن سبب شهرة راسبوتين يبدأ بعلاقته مع آخر قياصرة روسيا ، قبل الثورة البلشفية وهو القيصر نيقولا رومانوف
فقد كان إبن القيصر (ألكسندر) وولي عهده مريضاً بالهيموفيليا أو الناعورالدموي..
وهو مرض وراثي ولا شفاء منه سوى الموت ببطء وصمت، في ذلك الوقت طبعاً،
ولكن حدث أن سمعت زوجة القيصر بقدرات راسبوتين الخارقة في علاج الناس ، فقررت أن تجربه عسى أن يكون شِفاء إبنها على يديه،
ومن باب (مش حنخسر حاجة لو جربنا!) وهنا بدأ قدر راسبوتين بأن يصبح أقوى رجل في روسيا يتحقق سنة1905
إذ أنه تمكن – وبقدرة لا يعلمها إلا الله سبحانه- من شفاء الفتى بمعجزة لا يزال العلماء حتى الأن يدرسونها..
فكل مافعله راسبوتين هو أنه إنحنى على رأس الفتى المريض وأمسك الفتى من يده،
وقرب فمه من أذن الفتى وهمس بصوت خافت بكلمات لم يفهمها أحد من الذين شهدوا الأمر
– ولكنهم لا حظوا أن راسبوتين كان يتصبب عرقاً بشدة- ونهض الفتى (ألكسندر) وكأنه لم يكن يعاني من شيء.. ورجع طفلاَ عادياً كسائر الأطفال



وهكذا.. أصبح راسبوتين منذ ذلك الوقت الطفل المدلل لدى القيصر والقيصرة ، وأصبح يقيم في القصر الملكي، ويشاركهم حتى المائدة،
ولكن، ليس كل ما يتماناه المرء يتمتع به، فقد كانت هناك مشكلة تواجه راسبوتين وهي الشعب.!
لقد كان العامة يعتقدون ولأسباب وجيهة أن الراهب راسبوتين يتحكم في القيصر والقيصرة بأسلوب التنويم المغناطيسي

وقيل أيضا بأن هناك علاقة غرامية تجمع بين راسبوتين والقيصرة، لكن كتب التاريخ نفت هذا
والسبب في هذه الإشاعات هو عدم رضى الشعب على القيصرة لأنها كانت من أصل ألماني
خصوصاً أن تلك الفترة هي فترة إندلاع الحرب العالمية الأولى

ولكن راسبوتين تمادى في الأمر، وأصبح تدخله في أمور الحكم أمر لا يُسكت عنه وعلاقاته المشينة فاحت رائحتها حتى وصلت السماء!،
حتى نساء الأمراء لم يكن يستطعن مقاومة سحر عينيه، فكُن يستسلمن له دون مقاومة
وبينما الشيوعيين ينظمون صفوفهم لبدء إنقلابهم على القيصر، كان الأمراء في الوقت ذاته يرسمون خطة القضاء على راسبوتين


وهنا أيضاً حدث لغز أخر من ألغاز راسبوتين

وكأن القدر مصر على أن يجعل من الرجل أسطورة ، فلم يكفيه ما فعله في حياته حتى أصبح مماته قصة تتحاكى عنها كتب الطب الشرعي حتى الأن

فقد إجتمع الأمراء على أن يتم قتل راسبوتين في منزل النبيل (يوسوبوف)، وبالسم المعروف بالسيانيد Cianied
أما طريقة الأستدراج فهي عن طريق زوجة النبيل
وما كان راسبوتين ليرفض دعوة إمرأة حسناء في أي مكان أو زمان


لقد إستغل الأمراء نقطة الضعف عند راسبوتين أحسن إستغلال ، وهي شهوته غير الطبيعية وهكذا قُدم العشاء إلى راسبوتين
المكون من النبيذ المشبع بالسيانيد وكعكة الشيكولاتة المحتوية على السيانيد أيضاً

ولكن مفاجأة غير سارة كانت بإنتظار الأمراء، فبالرغم من أن راسبوتين قد إنقض كالوحش الكاسر
على الطعام المشبع بالسيانيد وجرع النبيذ حتى أخر قطرة المكون من السيانيد أيضاً
إلا أنه لم يشعر سوى بحرقان طفيف في معدته Heart burn
وأسترخى في مقعده طالباً من الأمير (يوسوبوف) أن يغني له


والأن، مالذي سبب عدم إصابة راسبوتين بأعراض التسمم من أقوى سم عرفه البشر؟

الإجابة كالتالي – وكما قالها وفسرها الأطباء حديثاً،
هو أن سم السيانيد في حالته الصلبة ، وعندما يدخل إلى الجسم فإنه لا يتمكن من دخول الدورة الدموية إلا إذا مر على حمض HCL الموجود في المعدة
والذي يحول السيانيد إلى صورته النشطة Active form


إن مادة السيانيد بحد ذاتها ليست سامة إلا إذا تحولت لصورتها المتطايرة، وراسبوتين وبما أنه يشرب الكحول منذ دهر.. فقد سبب ذلك في فقدانه لكفاءة عصارته المعدية


وهكذا، علم راسبوتين بالمؤامرة وإنقض على الأمير يحاول الفتك به،
إلا أن باقي الأمراء خرجوا له وكانوا له بالمرصاد، فأخرجوا مسدساتهم وأفرغوها في جسد راسبوتين العملاق
الذي رغم إصابته ب6 رصاصات تمكن من الخروج من المنزل والمشي حتى ضفاف نهر (نيفا)
المتجمد ولكن الأمراء تبعوه ولم يهنأ لهم بال حتى أحالو جسد راسبوتين إلى مِصفاة




وهكذا، وفي ليلة من ليالي شهر ديسمبر عام 1916 لقي (غريغوري راسبوتين) مصرعه
ولكن قبيل مصرعه بلحظات قال نبؤته الرهيبة حول عائلة القيصر ومصيرها المشؤوم،
وفعلاٌ فبعد عام واحد 1917ف قامت الثورة البلشفية في روسيا، وأطاحت بالنظام القيصري،
ولاقت عائلة القيصر نهاية أليمة بالموت إعداماً بالرصاص ولم يبقى منهم أحد..
ماعدا الأميرة أناستازيا البنت الصغرى والتي ظهرت فجأة مدعية فقدانها للذاكرة..
ولكن لم يؤكد التاريخ ما إذا كانت صادقة أو حتى كاذبة! حتى ماتت في العام 1981


ولا أحد يعرف أين دُفن راسبوتين
وهل دُفن وعيناه في محجريهما؟