حكمة الكابالا...؟!
هل تعرف ما هو مفهوم علم الكابالآ...؟؟؟
لقد أحاطت الكابالآ الكثير من الحيرة والإرتباك, وأساطير وخرافات في التكلم عنها وذلك بسبب أن علم الكابالآ الحقيقي كان مخفيًا منذ الأف السنين وإلى يومنا هذا .فبالرغم من أن مصدر الكابالآ تأصل بعمق مع آثار العصور القديمة ومنذ عصر مدينة بابل القديمة ولكن بالحقيقة بقيت حكمة الكابالآ مكتومة ومحجوبة عن أنظار الإنسانية منذ أن ظهرت أكثر من أربعة آلاف سنة وفي يومنا هذا القليل من الناس يعلمون ما هو جوهر وموضوع الكابالآ.
فمنذ الأف السنين قد أعطيتْ البشرية أشياء كثيرة ومتنوعة بإسم الكابالآ, أشياء مثل التعويذات واللعنات وحتى المعجزات, كل شيء ما عدا المنهج الصحيح للكابالا.
من أجل هذا الغرض بعينه وقبل كل شيء يجب توضيح معنى حكمة الكابالآ . عالم الكابالآ الشهيريهودا أشلاغوالملقببصاحب السلمقدم لنا تعريفًا واضحًا في مقاله "جوهر علم الكابالآ" وقد قال:

"طريقُ الكابالآ هو لا أكثر ولا أقل مِن سِلسلةٍ مُتعاقبةٍمِن الجذور المُتماسِكة والمتداليةِ إلى الأسفل بناءً على نَظريِّةالحَدثْ والعاقبة على شكل قوانين ثابتة ومحددة تتناسجُ كُلها متمازجة ًلتشكلُ هدفٌ واحدٌ وعظيمٌ نستطيعُ وَصفه بأنَّه وَحيُ وإظهار وَرَعُ وصلاحالخالق تعظم ذكره تجاه خَلِيقتهُ في هذا العالم". ببساطة هناك قوة عليّا واحدة فوق الجميع وهي الخالق والذي يحكم ويسيطر على كل ما في واقعنا. وكل القوات التي في العالم والمحسوسة لدينا مثل الجاذبية والكهرباء كلها تنحدر منه بينما هناك قوات ذات نظام وترتيب أعلى والتي تعمل في واقعنا في حين تبقى متوارية عن أنظارنا.
يحتوي علم الكابالآ على نظام ومعرفة بُنية هذه القوات المتوارية عنا وعلى سلسلة القوانين التي من خلالها تؤثر على حياتنا. ويعلمنا أيضًا كيف نُنمي حاسة إدراكنا وفهمنا لهذه القوات وإكتشاف هدفها الوحيد بتوصيلنا إلى مرحلة إظهار ووحي الخالق خلال حيانتا هنا في هذا العالم.
هل هذهحكمة الكابالا؟وللإجابة على التساؤلات العديدة التي تراود البعض منا الذين لديهم معرفة سطحية وحب الإطلاع على أمور روحانية متعلقة بعلم الغيب وبنظريات روحانية كعالم السحر والتنجيم وما إلى آخره من هذه الأمور وما علاقتها بحكمة الكابالا. أجوبة علماء الكابالا عن الأسئلة المتعلقة بهذه الأمور بصورة دقيقة وبتحليل علميّ وتفصيلي وشرحماهية علم الكابالا.

بالرغم من شعورنا أننا نعيشُ في عزلة ونرى عالمًا مُنقسمًا ومُشققًا يقول علماء الكابالا بأننا كلنا مُترابطون ومُعتمدون الواحد على الآخر . كالخلايا المتنوعة في جسم الإنسان هكذا نحن أجزاء منفرد من نفس واحدة . فإن نفوسنا المنفردة مُترابطة ومُتماسكة بعضها ببعض بواسطة القوة العليا والتي بإمكاننا وصفها بأنها قوة محبة وعطاء كامل من دون تحفظ أو شروط.
هذه القوة تربطنا كلنا معًا, وليس نحن فقط بل كل أجزاء وأركان الخليقة أيضًا.
إنها القوة الشاملة والمتضامنة لكل الطبيعة وهي الخالق.
هؤلاء اللذين يُنمّون قدرتهم لتلقي هذه القوة ووحدوية النفس الإنسانية يُدعون"علماء الكابالآ"
أي المتعلمون والباحثون في حكمة الكابالا" فإنهم يُشيرون شارحين بأن هذه القوة كامنة في داخل كل منا ولكنها تبقى ساكنة في حالة سُبات حتى نقوم بإيقاظها وتنميتها. من وجهة نظرهم أنه من الواضح أن في مرحلة تطور البشرية التالية سيكتشف الناس ضرورة وحدويتهم وعندها سيرتبطون بالقوة العليا التي تربطهم سويا ً وعندها سيجدون السعادة الحقيقية.
لمساعدتنا في الوصول إلى هذا الهدف, قدم لنا علماء الكابالا هذه الحكمة والتي هي الطريقة التي بواسطتها نستطيع أن نحصل على القدرة لتلقي النفس الإنسانية والإرتباط بالخالق - القوة العليا التي تفعم بالحياة والسرور لكل الخليقة.

منذ 6 قرون سبقت الميلاد وفي مدينة بابل كان هناك شاب اسمه حزقيال (من بني إسرائيل) يزعم أنه كان لديه رؤيا يتحدث فيها عن ريح عاصفة جاءت من الشمال وهي تحمل معها سحابة عظيمة من النار المتوهجة وفي وسط تلك النار كان هناك عرش يجلس عليه شخص كهيئة الإنسان حيث إعتقد حزقيال أنه صعد به إلى السماء فرأى الله على عرشه .
ذكرت تلك الرؤيا المزعومة في سفر حزقيال (1- 28) من الكتاب المقدس ويعتقد أنه كان لها أثراً بالغاً على مجموعة من المتصوفين اليهود الذين كان لديهم أمل أيضاً في رؤية الله يوماً ما من خلال دراستهم لتلك الرؤيا ويهدفون من وراء ذلك تتحد أرواحهم مع روح الذات الإلهية.
- وفي القرن الثاني بعد الميلاد كانت الإمبراطورية الرومانية تحكم سيطرتها على أرض فلسطين وكان اليهود الذين يمارسون شعائرهم الدينية علانية يلقون مصرعهم أو يتم نفيهم على أيدي الرومان مما ساهم في تحول عدد كبير من اليهود إلى التصوف (الفكر الباطني) جرياً وراء ” فهم إرادة الله ” بحسب زعمهم.
كان الحاخام شمعون بن يوحاي أحد الشخصيات التي كانت تبحث عن إجابات بعد أن تمكن من الفرار من الرومان الذين أرادوا إعدامه، ووفقاً لنصوص يهودية كان شمعون بن يوحاي متخفياً عن الرومان لمدة 13 سنة في كهفه وخلال مكوثه فيه كان يجري تأملاته في الله وفي الكون مسترشداً بالنصوص اليهودية ، حيث مهدت طرائقه الفريدة والمطورة إلى بروز فكرة الـ كابالا Kabbalah فيما بعد ولأول مرة في التاريخ.
وعلى غرار ما قام به الحاخام شمعون بن يوحاي حاولت أيضاً مجموعات صغيرة من المتصوفين اليهود الوصول إلى فهم أكبر لله وكانوا يحافظون على إبقاء نشاطاتهم سرية ويحذرون من أن القيام بها يشكل خطراً على الشخص العادي وفي هذا الصدد تروي الأساطير اليهودية عن أن شخصاً اسمه نافاسيز أصيب بالجنون أو حتى لاقى احتفه لأنه لم يكن مجهزاً كفاية للقاء “القوى الروحية العظمى” التي كشف النقاب عنها حيث يعتقد أنه إذا لم يكن الشخص طاهراً ونقياً بشكل كاف أو لم يكن قمة التواضع فعندئذ قد لا يقبله الله أو يدعه يذهب في الرحلة التي أراد هو القيام بها.
ومن خلال القيام بتلك التأملات يعتقد هؤلاء المتصوفون بأنهم يتمكنون من رؤية الله كما رآه نبيهم حزقيال من قبل، وفي تلك الرؤى تكون المداخل إلى السماء العليا محجوبة بسلسلة من البوابات وعلى المتصوف أن يمر عبرها قبل أن يرى الله، وتكون هذه البوابات محروسة بالملائكة التي تبقي أي شخص غير جدير خارجها. وقبل أن يحاول المتصوف التقدم عليه أن يتعلم الأسماء المعقدة للملائكة، ومن ثم عليه أن يكرر كل اسم عدداً محدداً من المرات، وبزعمهم أنه يحصنهم من قوة الملائكة، إلى أن يصلوا إلى حجرة العرش فتأتيهم الرؤية التي يزعمون أنها تساعدهم على تعلم الأسرار فيفهمون أفكار الله.
كون مخلوق من أبجدية عبرية !
وفي تلك الفترة التاريخية سجل متصوف يهودي مجهول أفكاره في كتاب كان له أبلغ التأثير على رمزية الكابالا وكان يحمل عنوان “كتاب الخلق” أو ” سفر يتزيراه ” ويشرح فيه كيف أن الله خلق الكون مستخدماً 20 حرفاً من الأبجدية العبرية زاعماً أن الله ينطق باللغة العبرية وأن هذه الأبجدية هي أبجدية الخلق. ومثال على ذلك الطريقة التي خلق فيها الحجر من خلال دمج ثلاثة أحرف عبريةאבןوهي (א) وتنطق ألف و (ב) وتنطق باء و (ן) وتنطق نون. فتكون الكلمة (أبن) وتعني الحجر باللغة العبرية.
وعلى هذا النحو يعتقد أن بقية الأشياء خلقت من تركيب الأحرف مع الأرقام ومن هنا يبرز الإهتمام بدراسة معاني الأحرف وويتحويلها لأرقام كما هو مطبق في حساب الجمل و بناء الأوفاق في عمل السحر الذي له صلة مع الكابالا.
يُـــتــــبــــع ...