فن التنفس
قد يبدو التحدث عن التنفس كأحد الفنون أما مثيرا للسخرية في أسماع أناس لا يعلمون شيئا عن الكيجونج (التشي كونغ)*إذ يعتبرون التنفس مجرد وظيفة بيولوجية تتم بشكل طبيعي وتلقائي * بمعنى إن كل إنسان يمكنه التنفس دون تعلم* وهذا لا يعتبر صحيحا بصفا جزئية . ففي الواقع* إن هناك الكثير مما يمكن تعلمه عن التنفس* إنه يعد جزئا تكميليا لمنظومة الرعاية الصحية الطبيعية الصينية* بل ويقع منها موقع القلب من الجسد.وحقا* أن الصينيين القدماء لم يتركوا شاردة ولا واردة إلا فحصوها في بحثهم عن وسائل يمكن أن تؤدي إلى الصحة الطبيعية* وإلى طول العمر. ولقد كانوا حريصين بصفة خاصة على اكتشاف التأثيرات القوية لأنشطة الحياة اليومية العادية. والتنفس هو إحدى الأنشطة التي شغلت اهتمامهم لقرون عديدة.وكلنا يعرف أن التنفس واحد من أهم متطلبات الحياة. وبدونه لا يستطع أحد أن يعيش لأكثر من خمس دقائق. ونظرا لأن الهواء لا يكلفنا شيئا* وأن كل إنسان من يتمتع بحق طبيعي في التنفس وقدرة طبيعية عليه. فإننا نميل إلى عدم الامبالاة بأهمية الهواء والتنفس* معتبرين إياهما شيئا تلقائيا لا يستحق الاهتمام والعرفان. بل إن الكثيرين منا لا يفكرون حتى في أن الهواء الذي نتنفسه هو مصدر ثمين للحياة * ناهيك عمن هم أكثر منهم ولا يفكرون في التنفس كفن من الفنون المهمة. وحينما أتحدث عن فن التنفس* فإن ما أقول يبدوا بالتأكيد غريبا على أسماع أغلب الناس . ولكن الواقع يقول أن التنفس رغم تلقائيته فإنه يبقى فنا عميقا ساميا يعمل على تعزيز الصحة والاستشفاء.
واليوم* يتزايد شيئا فشيئا عدد الناس في أنحاء العالم الذين أدركوا أهمية الهواء النقي. وهذا يعد تقدما كبيرا تجاه الصحة البيئية. ومع ذلك لا نجد الكثيرين من الناس يمعنون النظر إلى ذلك العمل البيولوجي جدا للتنفس كفن من الفنون في حد ذاته. وحقا* أن التنفس يبقى لغزا كبيرا في نظر معظم الناس. ولقد كان الصينيون القدماء هم الذين رفعوا قدر هذه الوظيفة البيولوجية إلى مستواها كفن من الفنون المهمة. ويمثل الكيجونج* أي تمرين التنفس التقليدي* أول وأقوى إنجاز من قبل البشرية في سبيل استكشاف قدرات الجسم البشري من خلال التنفس المنتظم والتأمل.
لقد كان الصينيون القدماء مدركين تماما أهمية الهواء المنعش النقي. وذلك من الأسباب المهمة التي دعت إلى بناء جميع معابد الصين وأديرتها في قلب الجبال العالية حيث يكون الهواء نقيل ومنعشا. ولا يثير الدهشة أن نجد أغلب المعمرين يعيشون في تلك الأماكن . وهم لا يعتبرون عملية التنفس مجرد اخذ الهواء النقي وطرد الهواء الفاسد. ولكنها تشمل أيضا المشاركات الفعالة للبشر لإطالة العملية التنفسية وتعزيز تجميع طاقة ال "كي" كدليل أساسي داعم للنظرية* وأن أغلب الحيوانات طويلة العمر تتسم بأن تنفسها هادئ وطويل (أي بطيء) مثل السلحفاة. ومن المنطقي إذا أننا إذا أمكننا نحن البشر أن نجعل الدورة التنفسية لكل منا أهدأ وأطول* فيرجى حينئذ أن نتمتع بصحة أفضل وبحياة أطول أيضا.
ونقول أولا: أن الحكماء الصينيون اكتشفوا التنفس هو الرابطة الرئيسية بين ما هم طبيعي وما هو فوق الطبيعي* وبين العالم الفاني والكون الباقي . وبتعبير آخر نقول أن الصينيين القدماء رأوا أن طول العمر والبقاء يمكن الوصول إليهما من خلال التنفس المنظم بشكل سليم . ولقد اعتبروا الحياة الدنيا شيئا مؤقتا بل وخارجيا* وتطلعوا إلى عالم أفضل تتعايش فيه الروح والجسد في سلام ووئام يتفق من المنظومة الصحية الطبيعية. وحينما يكون تنفسك رقيقا وهادئا وطويلا (أي بطيء) مثل السلحفاة فإن هذا يرجى أن يسهم في منحك طول العمر. فإذا حافظت على قوة الدفع هذه وتركت هذا التوجه مستمرا دون انقطاع على مدى عشرات السنين فستكن لديك فرصة جيدة لجعل روحك تسمو وتنشط* ومع بقائها في حالة مستقرة فلا تعاني القلق والاضطراب.
وثانيا: أنهم اكتشفوا من خلال الممارسة المستمرة للكيجونج (التشي كونغ) أنه توجد طاقة هائلة كامنة في كل إنسان. إلا أن الإنسان يحتاج إلى جهد طويل ومستمر من ممارسة الكيجونج بإرشادات سليمة حتى يظهر تأثير هذه الطاقة بالدرجة المرجوة . ولهذا السبب لم يصل إلا القليل من أساتذة الكيجونج الممتازين إلى درجة تجلي القدرات المذهلة التي يمتلكها كل إنسان.
منقول من كتاب "أسرار الرعاية الصحية الصينية"
وتقبلوا مني أطيب تحية
'It's not enough to practice hard; practice smart'
|
|
المفضلات