ثم حكى ان صاحب تلك الجزيرة وجه الى الحجاج بن يوسف بنسوة مسلمات ولدن بها من التجار ومات آباؤهن فبقين عطلا واراد به التقرب اليه بذلك فقطع ميدوهم لصوص الديبل والبوارج أصحاب بيره وهي السفن بلغتهم على ذلك المركب واغتصبوا تلك النسوة - فصاحت واحدة منهن من بني يربوع مستغيثة ونادت - يا حجاج - فبلغه الخبر فاجابها بيا لبيك كما اجاب المعتصم نداء الأرملة في ثغور الروم، وامعتصماه - بيا لبيكاه - ثم ان الحجاج راسل داهر بن ججه في تخلية النسوة فلم يعبأ بقوله واجاب بأنه لايقدر على ارتجاعهن من اللصوص فولى محمد بن القاسم بن منبه وهو ابن ستة عشر سنة ثغر السند وشكا اليه عوز الخل واضطرار اصحابه اليه فنقع الحجاج القطن المحلوج في خل خمر ثقيف مرات كل مرة يجففه في الظل حتى يشربه ثم عباه ووجهه اليه ثم كتب بان ينقع منه في الماء يصطنع به ويعمل في الطبيغ فورد محمد السند وكابد داهر بن ججه حتى اهلكه واستولى على السند ومدينتها بمهنو وتسميها الفرس بمناباذ وفي ذبج الاركند برهمنآباذ - ولما دخلها قال، نصرت - فسميت المنصورة وقصد مولتان وفتحها - قال عند دخولها عمرت فسميت المعمورة ولم تشتهر اشتهار المنصورة ولكنها اشتهرت بفرج الذهب اي ثغره وذلك انه جمع الاموال في بيت مقفل مختوم عشرة اذرع في ثمان كان الصب فيه من كوة في السقف فمن اجله سمى المولتان ثغر الذهب اذ كان كالمملوء من الذهب بسبب صنم كان فيه من الخشب مغشى بالسختيان الاحمر في عينيه ياقوتتان نفيستان واسمه ادت باسم الشمس وكان يحج اليه من اقصى البلاد ويحمل اليه الاموال قرابين - فتركه محمد على حاله على وجه الاستصلاح حتى كسره حكم ابن شيبان في قريب من ايام المقتدر وجرت بينه وبين سدنته امور ورفع خزائنه - والله الموفق -
قيم الجواهر الحقق

(1/21)

فاما قيم الجواهر فليس لها قانون ثابت على حال لايتعير باختلاف الامكنة ومضى الازمنة وتلون الشهوات بحسب الامزجة وانحطاطها الى هوى الرؤساء فيها وابتياعها اياهم ثم حدود احوالها من جهة الكثرة والقلة الموجبتين فيها تداول العزة والذلة والذي سنذكره من قيمتها فهو بالاضافة الى زماننا وحواليه وببلد غزنة وما يليه والعين بعراة هراة فهو المستعمل فيه - وان عرفنا غير ذلك اشرنا اليه - فقد حكى عن المتقدمين ان قيمة وزن المثقال من البهرمان الذي لاغاية وراءه خمسة الآف دينار وقيمة نصف مثقال ألفي دينار ولا قيمة لما اتزن مثقالين والاختيار اليك في تقويمه - وذكر الجوهريون الآن ان فص الياقوت الرماني اذا كان مشبع اللون صافيا ومن معائب الثقب والنمش والحرملات والغمامات بريئا ثم كان ممسوح الوجه مستويا ومربعا مستطيلا اذا كان هو المختار من اشكاله ثم المضاربى بعده وشابه أسفله السندان فقد بلغ اقصى محامد الصفات وسموه نجما والنجم باللؤلؤ اليق من باب التشبيه الصادق - قالوا - وزن الطسوج من هذا الفص النجم الموصوف يقوم بانفراده في الابتداء بخمسة دنانير وضعفه بضعفها والدانق اعنى سدس المثقال بثلاثين دينارا وضعه باربعة أضعاف ونصف المثقال بأربع مائة دينار والمثقال بألف دينار والمثقال والنصف بالفى دينار - وما رأينا زعموا ارجح من هذا المقدار بتلمك الصفات على ان المثقال منه نادر كندرة اللؤلؤ المختار الموازن اياه - ودانق الياقوت اعز واشرف في تزايد الوزن من دانق اللؤلؤ قالوا والمثقال من البهرمان الذي وصفوه دون الرماني بدرجة يسوى بحسب ذلك ثماني مائة دينار - ومن الارجواني خمي مائة دينار ومن كل واحد من اللحمى والجلنارى مائة دينار ويقاربهما الوردى الصافى وربما اتفق فيما عدا الرماني من الانواع ما يتزن عشرين مثقالا الى ثلاثين مثقالا - قال الكندى - في أعظم ما رأينا في الاحمر وزن مثقال وثلث وارجح منه قليلا وأما سماعه وحكاية فعشرة مثاقيل وأعظم ما رأينا من الوردى ثلاثون مثقالا - وقال نصر - جودة الياقوت في الشبع من اللون واستكمال الماء والرونق والصفاء والشعاع والبراءة من المعائب فعلى هذا الاصل يتبع العلو في الغلاء استيفاء هذه الصفات ويوجب البهرمان الغلاء ثم العصفرى بعده ثم الجمرى ثم الوردى - ومعلوم ان كل ما شبه به من الوردى والاصفرى واللحمى انواعا يختلف فيها اللون ومثاله الوردى - فانا نأخذ من الابيض اليقق ثم يشرب حمرة يسيرة ويزيد فيها الى ان شيابه الخدود الحمر ثم يزداد حتى يقارب الشقائق ويميل الى شيء من السواد فكما انه يعنى بتفضيل الوان اليواقيت بتشبيهها كذلك واجب على المعتنى بالتقرير والتفهيم بنوع المشبه به ويجتهد بتقرير حاله وضروبه وامكنته - ووقع الى كتاب مكتوب في الشام في زمان عبد الملك بن مروان قد اشتمل على نكت من هذا الفن وقيم الجواهر وقته دلت على ان الياقوت الاحمر وفائق اللؤلؤ كانا زمانئذ في القيمة ومقدار الثمن كفرسي رهان - وسأذكر في مل باب من ذلك ما هو وفقه ولفقه -
أشباه اليواقيت
ومن اشباه اليواقيت الاحمر يسمى كركند اي الياقوت الاصم لانه منعقد ضعيف الشفاف كدر لايجاوز قيمته اى كهب قال الكندى؟ واجود انواع الكركند واشدها شبها بالياقوت العصفرى هو المعروف بالسندبا وله شعاع ما ومنه ما يجلى بجلود الجرب وهو ارخاها واردأها - وبعده نوع شبيه بالملح لايقبل الجلاء وهو اخس اصنافه - ومن الاشباه نوع يوجد في معادن الياقوت يسمى كُربُز سهل المكسر وردى اللون حسن المنظر وللينه يغلبه كركند حتى يكسره وان لم يساوه في الحسن - وله مراتب كمراتب الياقوت وبهرمانه يشلبه البهرمان الغاية من الياقوت حتى ربما انه ذهب امره على كثير من مبرزى الجوهريين اذا تغافلوا عن تحقيق امنحانه فراح عليهم ياقوتا - وهذا الكربز لايختص بمشابه الاحمر فانما له ألوان تشبه بكل واحد منها نظيره من الوان اليواقيت - قال حمزة في صفته؟ انه نوع من الجواهر ظاهره كالياقوت ولامرجوح له ويعرب على الجربز فقال للرجل الخب كربز وجربز وكرك بزد - وذكر الكندى في اشباه الياقوت الاحمر الا فلح الاحمر يغلط المبرزين تغليط الكربز اياهم - وما نحكيه عن الكندى فاكثر الأسامى فيه منقول عن كتابة غير مسموع على فساد نسخته التي معنا والاعتراف ابلغ الاعتذار

(1/22)

قال نصر في اشباهه؟ انها اربع الكركند والكركهن والجربز والبيجاذى الذهبي اللون - والياقوت يخدش الكركند واكثر انواعه شعاعا ألسنديا وهو أحمر يضرب الى صفرة ويقبل لون الياقوت في النار ومنه كالملح لايقبل الجلاؤ - ومنه ابلج لايتخلف عن الياقوت الا بالرخاوة وهذا هو الذى حكيناه عن الكندى افلح وبينا العذر فيه - قال والكركهن احمر يضرب قليلا الى السواد ولا يضيء الا في الشمس ولا يصبر على النار ويكون معه صفرة كصفرة الياقوت الاصفر - ويكون منه خلوقي وزيتي وفسستقي وآسمانجونى يرى هذه الألوان اذا قلبته كما يريها أبو قلمون وأبو براقش واصفره يروج في اعداد الياقوت الاصفر لولا تخلفه عنه في الشعاع وقبوا الجلاء - وكلها توجد في معادن الياقوت ما خلا الا بلج فانه يجلب من سرنديب - والجربز اشدها صقالا واكثرها بالياقوت البهرمان في اللون والماء والشعاع شبها - وربما غلط فيه المبرز الا أن يمتحنه بالنار ويحكه بالياقوت - والبيجاذى الذهبي هو اللعل البدخشى ومن البيذاجى ما يشتد شبهه بالياقوت ثم لايخفى على ذوى البصر بالصناعة لونه وقل ما يكون له كشعاعه وقيل في الفرق بين لونيهما ان الياقوت كالنار الصافية والبيجاذى كالنار ذات الدخان - وعلى مثله حال الكركند والابلج في تخلف شعاعهما عن شعاع الياقوت واقربها لحوقا به الجربز ثم السنديا من الكركند واجود امتحانات الاشباه هو الياقوت الخالص وانه يجرحها بحدته وينمشها في الحك ولا ينفعل عنها كانفعالها عنه - وقال الكندى؟ كانت الاشباه فيما مضى تباع في أعداد اليواقيت وتقيم كقيمتها وان ايوب الاسود البصرى كان يبيع الكركند والجربز والافلح من االمهدى بألوف دنانير على انها يواقيت حتى اطلعه عون العبادى من بني سليم على تمويه ايوب وأعلمه ان هذه الاشباه اذا دخلت النار لاتصبر عليها صبر الياقوت الاحمر الخالص فانه يزداد بها حسنا وجودة فادخل المهدى أحجار كل واحد منهما الى النار فاحترق الكركند ما يزن ثثلاث مثاقيل ومن الافلح خمس مثاقيل -
اخبار في اليواقيت والجواهر
ذكر الجواهريون ان لملك سرنديب قطعة ياقوت مستطيلة على هيئة نصاب السكين يديم تقليبها في مفه ووزنها خمسة وخمسين مثقاى ولم يخبر احد باكثر من هذا المقدار وكنت سمعت انه وجد في سرنديب بين الرضاض ياقوت كبير احمر مغلف وانه لما كشطت عنه الغشاوه ظهر منها على هيئة الصليب فنحت واحمى وحمل الى ملك الروم فاشتراه بمال له خطر ورصع به جبين تاجه الا انها حكاية مطلقة ليست بصادرة عن ركن يركن اليه - فان حقت شابهت ما ذكر في سبب تنصر قسطنطين المظفر من ظهور شهاب في السماء على هيئة الصليب ةانه جعله شعارا راياته على مثال صورته فرزق الفلح والنصر في حروبه بعد ان لم يكن له مقاومة بعسكر عدوه

(1/23)

وفي كتاب اخبار الخلفاء - ان المتوكل جلس لهدايا النيروز فقدم اليه كل علق نفيس وكل ظريف فاخر وان طبيبه جبريل بن بختيشوع دخل فكان يانس به فقال - ما ترى في هذا اليوم - قال، مثل خربشات الشحاذين اذ ليس لها قدر واقبل على ما معى - ثم اخرج من كمه درج آبنوس مضبب بالذهب وفتحه عن حرير أخضر انكشف عن ملعقة كبيرة جوهر لمع منها شهاب ووضعها بين يديه - فراى المتوكل ما لا عهد له بمثله وقال، من اين لك هذا؟ قال، من الناس الكرام - ثم حدث، انه صار الى ابي من أم جعفر زبيدة في ثلاث مرات بثلاث مائة ألف دينار بثلاث شكايات عالجها فيها واحداها انها شكت عارضا في حلقها منذر بالخناق فأشار عليها بالفصد والتطفئة والتغذى بحسو وصفه فاخضر على نسحته في غضارة صينية عجيبة الصفة فيها هذه الملعقة فغمزني ابي على رفعها ففعلت ولففتها في طيلسانى وجاذبنيها الخادم فقالت له لاطفه ومره بردها وعوضه منها عشرة الآف دينار - فامتنعت وقال أبي، يا ستي ان ابني لم يسرق قط فلا تفضحيه في اول كراته لئلا ينكسر قلبه - فضحكت ووهبتها له ولى - هذا وان لم يكن في خبر نسيج الملعقة فلمعان الشعاع في الحكاية يدل من الياقوت على احمره - وسأل عن الآخرتين فقال، انها اليه تغير النكهة باخبار احدى بطانتها اياها وذكرت ان الموت اسهل عليها من ذلك، فجوعها الى العصر واطعمها سمكا وسقاها دردى نبيذ دقل باكراه فغثت نفسها وقذفت فكرر عليها ذلك ثلاثة ايام ثم قال لها، تنكهى في وجه من اخبرك بذلك واستخبريه هل زال - والثالث انها اشرفت على التلف من فواق شديد كان يسمع من خارج الحجرة فأمر الخدم باصعاد جوابي الى سطح الصحن وتصفيفها حوله على الشفير وملأها ماء وجلس خادم خلف كل جب حتى اذا صفق بيده على الاخرى دفعوها الى وسط الدار ففعلوا وارتفع لذلك صوت شديد ارعبها فوثبت وزايلها الفواق - وكانت الجواهر تغرر في ايام بني أمية واوائل ايام دولة بني العباس حتى قالوا انه كان يعمل منها أوان واهذا قال الشافعي في كتاب حرملة، لايجوز استعمال أواني الياقوت والبلور لأن قيمتها قيمة الذهب والسرف فيها اكثر من السرف فيه - وقال في الأم، ان استعمالها مباح لأن المعنى خص الذهب والفضة باالمنع - وحدث بعض الواردين من العراق ان عند ابي طاهر بن بهاء الدولة الذي كان يلى الصبرة ثم ملك بغداد قطعة كبيرة من ياقوت احمر مغروسة في سبيكة ذهب ويسميها جبلا وكأنه كان لفخر الدولة فقد شابهه وصفا - وذكر الحسن والحسين الاخوان الرازيان ان الامير يمين الدولة محمود رحمه الله أراهما ياقوتا على مثل حبة العنب وزنها اثنا عشر مثقالا وانهما قوماها بعشرين الف دينار فصدقهما وقال، هذا كان لتروجنبال الشاه وكان رهنه عند بعض تجارهم على اربع مائة الف درهم ولو لم يسو عنده عشرين الف دينار لما ما كان فكه على انه لم يضاه المثقال والنصف ولا المثقال من الرمانى المربع الموصوف اولا بالنجم - ويحكى عن جولة ان له منه قطعة كبيرة مركبة على آلة الاركاب يأخذها نفران باطراف الاربع حتى يضع هو رجله عليها ويطأ الجوهر فيرفعونه الى العمارية ويستوى فيها على ظهر البغلة - وذكر الأخوان، انه اشترى للأمير الشهيد مسعود اسعد الله درجاته بما نال من الشهادة ايام اقامه بالرى وارض الجبل ياقوت احمر مستطيل على صورة أسد بسبعة الآف دينار نيسلبورية وقيل انه الجيل فكأنه الذى كان يملكه سياه وزير أخي قابوس فانه أخذه عوضا عن حصته من ملك ابيه وكان يحكى انه كأسد اذا قبض الكف عليه كان باديا من جانب الخنصر والابهام - وكانوا يتحدثون اجازته على الرصد بسرنديب شبه الخرافة ان مخرجه حلق رأسه وصاغ له فروة من نحاس ثقبها حتى صارت كالمنخل وجعل فيها موضعا للجوهر وسعه عند نقره القفا وادخل رأسه فيها ولبث الى ان نبت شعره المحلوق وبرز من الثقب والتف على تلك الفروة حتى أخفاها وتوكأ على عكازة وذهب عريانا في صورة المكدين الى ان اجتاز على موضع التعرض - وكنت رأيت بخوارزم في جملة ما كان يصدر في كل سنة من الهدايا الى الامير يمين الدولة سكينا نصابه ياقوت احمر اذا قبضت اليد عليه رؤى طرفاه فوق القبضة وتحتها ولكنه كان منعقدا - فذكرت بعد فصوله انه ربما كان كركندا ثم لم اسمع له خبر بعد ذلك

(1/24)

فاما التسمية بالجبل فهو ظن منهم انه سمة تستحق بالعظم في الجثة حتى صار وا يسمون كل ما كان من اليواقيت اعظم حجما وانما هو سمة لثقل الثمن او تشبيه بجوهر رمانى او بهرمانى كان في خزانة الخلفاء مثل الكف في غلظ صالح ونواتى بارزة منه ووزنه ثلاثون مثقالا ولقبه جبلية - وكان فيها آخر مستطيل معقف رأسه لطرف الصنج اسمه العنقاء وزنه احد وعشرون مثقالا - وكان فيها المنقار بوزن خمسة عشر مثقالا - وذكروا انه كان على خلقة طائر من ياقوت احمر ومنقاره اصفر وهو الاعجوبة وذكر نصر في المنقار، انه كان فصا ووزنه مثقالان الا دانق وانه فاق الجبل في اللون والماء ولم يشر الى علة تسميته بالمنقار - قال، وكان لخالة المقتدر فص يلقب بورقة الآس لانه كان على مقدارها وزنه مثقال الا شعيرتان وشراؤه ستين الف درهم وكان فيها البحر من ياقوت احمر وزنه ثمانية وعشرين مثقالا الا انه كان رقيقا ومقعرا بحيث كان يمكن الشرب فيه - الى سائر ما كان فيها من الجواهر الملقبة وغير الملقبة لأن الجواهر كانت قنية الاكاسرة مجتمعة من لدن اردشير بن بابك يرثها عن القائمين بعده كابر عن كابر الى انقلاب دولتهم نحو العرب فألقت ارض فارس الى الدولة المتجددة اقلادها واخرجت الى اصحابها اثقالها، وحال الخلفاء الاربعة في الانقباض عنها وصرفها الى سائر المسلمين ظاهرة وكذلك من قام بعدهم من ينس أمية ومروان فقد كانت دولتهم عربية لم يترعن فيها غير نفر أو نفرين فاتسعت الجواهر المذكورة في ايامهم وامتلأت بها خزائنهم ثم فاجأتهم الدولة العباسية فكانت في مبدأها لما جمعوا كالذر ذودا تمشت ما وجدت واشترطته فانتقل الى ملكهم واقبلوا على انمائه والزيادة منه ولم تزل جواهر الخلافة في الازدياد الى ايام المقتدر فأنه كان ذا أم مستولية ومؤثرا لما لا فلاح لمثله معه من مجالسة النساء في اللعب والبطالة فوقع في الاموال كاللص المغير وتجاوزها الى الجواهر فبذرها فيهن وضيعها بايديهن واحتشم وزيره العباس ورام اسكاته بالاشراك في النهب وتلويثه بالخيانة ليعمى عليه وانفذ اليه من الجواهر ما يعظم مقداره تكرمة له فردها العباس قائلا، انها زينة الاسلام وعدة الخلافة وليس تفريقها بصواب - فخجل وصار سبب ذلك ثقله على قلبه - ولما ولى علي بن عيسى من مكة وكان قد نفى اليها بعد الوزارة ولقى المقتدر اجرى حديث سمط اخذ من ابن الجصاص بثلاثين الف دينار من مال موافقته وسأله عنه فقال، هو في الخزانة - زساله ان يحضره فطلب ولم يعثر على اثر فأخرجه حينئذ علي بن عيسى من كمه وقال، قد اشترى لي بمصر واذا وقع هذا في الجوهر ففى ماذا يقع؟ فأشتد على المقتدر وعلى بن عيسى واتاهما به زيدان القهر مان وكيف لا وبشحها يضرب المثل ولكنما لم تحقق صفتها فنحكيها بالتفضيل - وقال الصادق في قوله -
فلا كانت الدنيا اذ ساها النسا ... وان سسن يوما فالسلام على الدنيا
وان ترشدها هدى على صدقه فقل من تحمد من النساء كزبيدة في اكثر الفضائل وسبحتها من يواقيت رمانية كالبنادق مخروزة بمثل شرائح البطيخة - اذا وجد منها الآن شيء عرف بها ونسب اليها والدر المثقوب بالتصليب من امرها لتتخذ منها للوصائف ثيابا منسوجة منها - وخبر قردها ومقتله وصلاتها عليه واستماعها مرثيته وبكاها عليه من القوادح في العقل - وحكايتها محظورة لعظم الحرمة - ثم ماذا يقال بعدها في من لايصلح ان يكون ترابا لموطأها - وقد كان الخلفاء قبل المقتدر يبسطون ايديهم في الجواهر بقدر لايجحف ولا يلامون عليه - وكان في جملة حظيات الرشيد واحدة لم ترزق جارية من الجمال ما رزقته هي وكان الرشيد اذا اتحفهن بشيء ردت المذكورة حصتها وهو يغتاظ من ذلك واتفق يوما انه نثر عليهن جواهر لها قيم فالتقطنها ولم تمد تلك اليها يدا ثم احضر جواهر غيرها وخيرهن فيها فاخترن وقال لتلك، لم لا تختارين اسوة صوحبك؟ قالت، ان كان لي ما أختاره فسافعل وجاءت وأخذت بيده وقالت له، هذا أختياري من جميع جواهر العالم فأعجب بها الرشيد وسماها خاصلة وفاقت سائرهن في الحظوة منه في الثوائب واصلات والمواهب واتفق ان جائزة الرشيد تأخرت عن ابي نواس فقال -
لقد ضاع شعرى على بابكم ... كما ضاع در على خالصه

(1/25)

واتصل ذلك بخالصة فشكته الى الرشيد فاستحضره وقال له يا فاسق ما حملك على هذا؟ فأجابه، ان الغلط وقع من الراوى بظنه الهمزة عينا - فأظهر الرضا به منخدعا للتكرم ومرضيا للشاكية - ومتى يذهب ذلك على مثل الرشيد وهو من جهابذة الشعر - وكما حكى عن عمر بن الخطاب وهو مع ذلك يتغابى فيه ويذب عن الحطيئة في هجائه الزبرقان لولا إفساد حسان بن ثابت ما رامه عمر من اصلاح ذات البين وقطع لسان الحطيئة عن نفسه الاصطناع ولم يزل هو واولو الهمم العالية والانفس الأبية يقتفون أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمره بقطع لسان الشاعر بشفر البر ويتغفلون عن الشعراء اذا ساء أدبهم عند الهيم في واد لايعنيهم شأنه - ألا ترى تغافل عبيد الله وزير المعتضد عن علي بن بسام وقوله عند موت احد لبنيه -
قل لأبي القاسم المرجى ... قابلك الدهر بالعجائب
مات لك ابن زينا ... وعاش ذو النقص والمعائب
حياة هذا كموت هذا ... فلست تخلو من المصائب
وبلغ عبي اللّع خبرها فدعا بالبسامى وقال له، يا علي كيف قلت؟ فاتقى الشر وقال مرتجلا، قد قلت -
قل لأبي القاسم المرجى ... لن يدفع الموت كف غالب
لئن تولى بما تولى ... وفقده اعظم المصائب
لقد خطت لك المنايا ... عن حامل عنك للنوائب
وانما اقتبس من قول ابن المعتز في تسلية عبيد الله -
قل للوزير كذا الزمان وصرفه ... والمرء ذو أجل يصير اليه
فلقد غبنت الدهر اذ شاطرته ... بأبي الحسين وقد ربحت عليه
وابو محمد الجليل مضابه ... لكن يمين المرء خير يديه
ولما خرج من عنده جمح به طبعه الى اعادة الاساءة فقال -
ابلغ وزير الامير عني ... وناد ياذا المصيبتين
يموت خلف الندى ويبقى ... خلف المخازى أبو الحسين
فانت من ذا عميد قلب ... وانت من ذا سخين عين
حياة هذا كموت هذا ... فالطم على الرأس باليدين
فانتشرت الابيات الاولى في الالسن وتمثل بها في كل شيء وهدت في لعب الشطرنج كالعادة من غير قصد - فحدث ابن حمدون النديم انه لعب بالشطرنج مع المعتضد يوما ما اذ دخل عب الله وهو يستأذنه في شيء ثم انصرف بما مثل له في ذلك الامر فلما ولى انشد المعتضد - حياة هذا كموت هذا - واشتغل باتمام الدست وهو يكرر البيت وعاد القاسم اليه لأمر آخر والمعتضد مشتغل بلعبه مكرر لما أنشد لاه عنه لايشعر بدخوله فاحتال ابن حمدون لتعريفه بحضوره فرفع اليه رأسه واستحيا منه حتى ظهرت حمرة التشوير في وجهه - وقال له؟ يا ابا الحسين (قد حمله الخجل على التكنية) لم لاتقطع لسان هذا الماجن ةتدفع شره عنك؟ فانصرف القاسم مبادرا وللفرصة في البسامى مهتبلا وامر بطلبه للتشفى منه ودهش ابن حمدون لذلك حتى ارتعشت يده وفسد لعبه إشفاقا على البسامى أن يلحقه مكروه فقال المعتضد؟ ما بدا لك؟ فقال يا أمير المؤمنين ان القاسم ليصطلى لباره وكالى به قطع لسان البسامى من فرط الحنق والرجل احد نبلاء الشعراء وفيما يناله سبه على امير المؤمنين - فامر باحضار القاسم وساله عما عمنل في حق البسامى فقال؟ تقدمت الى مؤنس بإحضاره لأقطع لسانه - قال؟ انما أمرناك ان تبره وتصله وتكرمه ليعدل عن هجائك الى مدحك - قال؟ يا امير المؤمنين لو عرفته حق المعرفة وسمعت قوله لاستجزت قطع لسانه - فاستدركها المعتضد وتبسم وقال؟ انما امرنا بتخريب البحيرة لذلك فتقدم انت باحضاره واخرج اليه ثلثمائة دينار فان ذلك احسن بنا من غيره؟ ففعل وخلع عليه وولاه بريد الصيمرة ولم يزل بعمارة البحيرة وتحفيفها بالرياض وانفق على الأبنية ستين الف دينار وكان يخلو فيها مع جواريه وله فيما بينهن حظية ستمى ذُريره فقال البسامى -
ترك الناس بحيرة ... وتخلى في البحيره
قاعدا يضرب بالطبل ... على حر ذريره

(1/26)

وبلغ المعتضد ذلك فلم يظهر لأحد انه سمعه وامر بتخريب ما استعمره منها - نرجع الآن الا ما كنا فيه فنقول غن الجبل المشهور الذي ينتحل اسمه لغيره فانه كان فصا من ياقوت احمر على اقصى النهاية في النفاسة ذكر ابراهيم بن المهدي انه اشترى لبيه بثلثمائة الف دينار وكانت أكياسا لما نضد بعضها على بعض كالجبل وانه وهبه للهادي ووهب للرشيد الخاتم المعروف باسماعيل من زمردة لم ير مثلها وفيها ثقبة وطلب لها سنين ما يشابهها ليسد تلك الثقبة به حتى وجده بعد حين وعمل ما يهندم فيها واحضر الصواغ وصاغوا بين يديه خاتما وطلى المنحوت بمصطكي ليركبه في ثقبة الفص فوضعه الرشيد على كفه ينظر اليه معتبرا للمشابه بينهما فوقعت عليه ذبابة وتعلق برجلها وطارت وذهبت به فقال الرشيد - صدق الله تعالى في قوله (ضعف الطالب والمطلوب) ولما استخلف الهادي ودخل عليه الرشيد رأى الاسماعيلي في يده فحسده عليه وأراد ان يقترن بالجبل - وحين خرج من عنده أتبعه الفضل بن الربيع مع اسمعيل الاسود بان يبعث الاسماعيلي اليه وان لم يفعل فجئني برأسه - ولقه الربيع واخبره بالقصة فقال - والله لا أعطيه الا بيدي - فرجع مع الى ان بلغا الجسر فأخرجه من اصبعه وقال يا فضل أهو الاسماعيلي؟ قال - نعم فرمى به في دجلة - وطلبوه فلم يوجد الى أن استخلف الرشيد ومضت من خلافته سنة وكان بالخلد يذكر ما عاملع به موسى فتذكر الخاتم وامر الفضل بالغوص لطلبه فقال - يا سيدي قد طلب مرارا وانى لأظن ان قد علاه اكثر من اربع اذرع من الطين لتطاول المدة - ثم مضى الفضل بالغواصين فقال له احدهم قف موقف الرشيد وارم بمدره في قدر الخاتم كما رمى به - ففعل واول ما غاص الغواص في مسقط المدره بعد ان قدر ما يميل الماء به الى ان بلغ القرار اخرج الخاتم بعينه كما هو وقرنه الرشيد بالجبل كما اراد الهادي ولم يكن ان تبلغه المقادير ما اراد وذكر نصر انه كان احمر بهرمانا معصفرا صافيا يتزن ثلاثة مثاقيل غير دانق وقيمة مائة الف الف دينار ثم ان الرشيد كان شديد الولوع بالجواهر حريصا على اقتنائها وانه بعث بالصباح الجوهري جد الكندي الى صاحب سرنديب لابتياع جواهر في ناحيته فاكرمه الملك ورحب به وأراه خزانة جواهره وهو يقلبها ويتعجب من جلالتها وعظن اجرامها الى ان بلغ ياقوتا احمر ولم يكن راى في خزائن الملوك مثله فاشتد اعجابه وقال له الملك؟ هل لك عهد بمثله قال؟ لا والله - قال فهل تقدر على توقيمه اذ عجز الكل عنه - قال؟ افعل - وشق ذلك على الملك وقال له؟ كنت استرجح عقلك فكذبت فراستي فيك لادعائك ما اعجز الكافة - قال الصباح؟ ما اخطأت فراستك وان اردت صدقتها فاجمع عندك من ذوي البصر بأمر الجواهر - فجمعهم واستحضر الصباح ملاءة وبسطها ودفع أطرافها الى اربع نفر يمسكونها في الهواء ثم رمى بالياقوتة فوق الملاءة بأقصى قوته ولما سقطت على الملاءة قال للملك قيمتها ان تنصب العين على الارض الى ان تعلو الى حيث بلغت بالرمى - فاستحسن القوم قوله في اعينهم وعين الملك وامر فحشى فوه بالجوهر الرائق وخلع عليه وصرفه بقضاء ماورد له - وحدث السلامى عن اللحام ان ابا البشر السيرافي كام عند خاله بسرنديب ذات ليلة فاحضر فص ياقوت احمر وكان يضعه على احرف الكتاب يقرأه وتعجب الحاكي من ذلك ظنا منه أن ذلك في ظلام الليل وان يضيء مشف من غير ضياء واقع عليم من مضيء؟ وكان ذلك الياقوت كنصف كرة بسطحها نحو الكتاب فالخطوط الدقائق تقرأ بمثلها من البلور لأن الخط يغلظ من ورائها في المنظر والسطور تتسع وعلل ذلك موكلة الى صناعة المناظر

(1/27)

ومما يشبه امر الاسماعيلي ان الامير امين الدولة ركب يوما ببلخ الى المتصيد وتعرض لخ مستميح من اهل بخارا يدعو ويبرم وكان يضجر بامثاله فامر ان يعلى بالمقارع واتفق ان حرك يده فسقط الفص من الخاتم وذلك بمراى من البخاري المصفوع فتربص البخاري مرور الموكب ثم جاء ورفع الفص من الطريق ووقع بصر الامير على الخاتم عندما انصرف فأمر بطلب الفص وشدد فيه ثم ركب من الغد وقد وقف له البخاري في موقفه بالامس وعاد الى اضجاره فامر بشدخ رأسه بالدبابيس - فقال له البخاري، ان كنت غير معطيني شيئا من مالك فخذ ما معي من مالك - وناوله الفص فبهت له وساله عن خبره فأخبره بالقصة - قال، ارغمني الله بك - وامر بثلثمائة دينار وقال - خذها ولا تشكرني عليها فليست بعطيتي انما هي من الله تعالىولو كانت الى ما اعطيتك واحدا - واعجب من هذا ان رجلا من اهل فراوة يسمى احمد بن الحسن اليزيدي كان مولعا بالشراب خالعا عذاره فيه وانه شرب ذات ليلة مع اصحابه في ربض الجرجانية بخوارزم وندر الفص من خاتمه وهو لايشعر به الى الغد وقد نسى الموضع واتى على الحديث سنتان فدق عليه بابه ليلا وقال، ان الفقيه الاخشيدي الخطيب انفذ اليك هذا الفص - واذابه فص خاتمه تامفقود فغدا اليه وسأله عنه وكان لذلك الفقيه اتانين شيوى فيها اللبنات اجرا - فقال، كنت واقفا عند الاتون وحاملو اللبن ينقلونها من الظهور الى الارض فوقعت من يد احدهم لبنة وانكسرت زظهر من مكسرها هذا الفص وعرفته من اسمك المكتوب عليه - وخلاف هذا ان المأمون لمل قدم بغداد منصرفا من خراسان اهدى اليه الفضل ابن الربيع فص ياقوت لم ير مثله فأخذ المأمون يقلبه ويحمله من يد الى يد ويقول لجلسائه، ما رأيت احسن من هذا الفص - ثم حدثهم ان ابا مسلم سرح زياد بن صالح الى الصين فوجه اليه بفص وقع من جهته البى ابي العباس السفاح فوهبه لعبد الله بن علي وصار منه الى المهدي ثم الى الرشيد فبينما هو يرمي قوس جلاهق اذ ندر الفص من خاتمه وكرب ذلك الموضع، حواليه فلم يعثر له على اثر واغتم له جدا - واشترى صاحب المصلى فصاعد يم المثل بعشرين الف دينار وبعث به اليه ليسليه عنه فلما نظر اليه قال اين هذا من فصى؟ ثم قال المأمون، لأضعن من قدر هذه الحجارة النى لامعنى لها - ورده على الفضل وقال لرسوله، قل له ذهبت دولتك يا ابا العباس ولما رجع الفص الى الفضل وجم له وقال لأحد بطانته، ان المأمون لايعيش من يومه الا اقل من سنة - وما امسى الا ودق اتاه الخبر بالقصة فأسرها ولم يبدها الى ان حال الحول وركب في جناره العباس بن المسيب فعرض له بباب اللشام بعض اولاد الفضل ودعا له وانتسب فاستدناه حتى قرب من ركابه فانحنى اليه وادنى اليه رأسه مسرا ثم قال أعلم ابا العباس ان الوقت قد مضى - والله لقد كان عمر بن عبد العزيز اشد وضعا من هذه الحجارة مع عفاف نفسه عنها وعن امثالها بل وعن الدنيا كلها وقد كان يملكها وانه سمع ان ابنه عبد الله اشترى فصا بالف درهم فكتب اليه اما بعد فقد بلغني انك اتخذت خاتما اشتريت فصه بالف درهم فعزيمة منه اليك إلا بعته واطعمت بثمنه الف جائع وعملت خاتما من ورق فصه منه وكتبت عليه؛ رحم الله امرء عرف قدره ففعل ما امره به - واما ذهاب فص الرشيد بين الباب والدار فيمكن ان يفوز به احد الكرابين الارضين في طلبه ويمكن ان ينقض طائر وهو في الهواء ثم يهوى الى الارض فيبتلعه لحما فيأخذه بفيه ثم يرمي به اذا تباعد - وكان مع عبد الله بن مروان بن محمد فص احمر قيمته الف دينار مكتسى بمقربة (وهو) ينشى راجلا في منصرفه من ارض النوبة ويقول ليت لي به دابة أركبها وقال بعض اهل مروان - لم يكن لنا في هربنا شيء انفع من الجوهر الخفيف الثمن الذي لايجاوز قيمته الخمسة دنانير اذ الصبي والخادم يخرجه ويبيعه وكنا لانجترئ على اخراج الثمين من الجوهر فما كان ينفعنا كثرة ىثمنه بل كان يضرنا وهذا كما لم ينفع يزدجرد ما معه من الجوهر في منطقته بدل اربعة دراهم طلبها منه الطحان بل كان فيها حتفه تحت الطاحونة ولهذا قل ما تجد مجوسيا خاليا عن اربعة دراهم تصحبه اينما كان اعتبارا بيزدجر

(1/28)

قال نصر - كان للامير الرضى نوح بن منصور السامانى زوج خاتم يسمى كل واحد منهما بطيخة فص احدهما ياقوت احمر وكحبة العنب والآخر ألماس مجانس له في القدر والشكل فقيل انه لم ير الناس اعظم حبة منه - وكان ملوك الاسلام يعظمون بيت الله الكعبة ويهدون اليه ما استحسنوه تمثيلا بعبد المطلب حين احتفر بئر زمزم زكان مطموسا فوجدوا فيها اسيافا قلعية صرفها الى باب الكعبة وغز الى ذهب مرصعين احدهما الى تحلية الباب وعلق الآخر في داخلها تاسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم في تعليقه البرسم الذهبي الذي اهداه اليه باذان الفارسي من اليمن عند اسلامه يريه التبرؤ من المجوسية وترك رسومها وابتدأ بعده في مثل عمر بن الخطاب فعلق الهلالين المحمولين اليه من فتح المدائن مع الكاودوشة والقدحين المعمولين من جوهر فات الثمن والقيمة وكانت كلها مرصعة بالجوهر الفاخر والزبرجد المرتفع في الكعبة - ثم بعث يزيد بن معاوية بهلالين كانا في الكنيسة بدمشق مرصعين بالكبريت الاحمر أي الياقوت الرمانى وبلغ الهلال منهما مائة الف دينار فلم يبعهما يزيد ولكنه بعث بهما الى الكعبة مع قدحين احدهما عقيق والآخر مها وقارورتين احداهما عقيق والاخرى من ياقوت - وضرب عبد الله بن الزبير بابي الكعبة بصفائح الذهب - وحمل عبد الملك بن مروان الى الكعبة شمستين وقدحين من قوارير والبس الاسطوانة الوسطى بصفائح الذهب - وبعث الوليد بن عبد الملك قدحين لم يذكر في الكتب حالهما - وبعث السفاح اليها صحيفة خضراء من زبرجد اشتراها باربعة آلاف دينار - وبعث المنصور بالقارورة الفرعونية مع لوح عظيم من فضة كان اهداه اليه ملك الروم - وبعث المأمون مع الاصنام الذهبية والفضية المأخوذة من اصبهبذ كابل لما أسلم وبالياقوتة التي كانت تعلق على وجه الكعبة في المواسم - وبعث المتوكل اليها شمسة من ذهب مكللة بالدر والياقوت والزبرجد وكانت وكانت سلسلتها تعلق كل موسم وكانت قبيحة بنت المعتز ادخرت من الجواهر شيئا كثيرا لم تنتفع به في دين او دنيا ولم تغث به ابنها حين طلب منه الاتراك خمسين الف دينار على أن يقتلوا صالح بن وصيف ويريحوه منه فلاذ بأمه وشحت عليه وما زادت في الجواب على ان لا مال لها - ووجد صالح بعد قتله المعتز لها في مخبأ ثلاثة اسفاط في اولها قدر مكوك من زمرد لم يقدر المتوكل ولا غيره على مثله وفي سفط دونه قدر نصف مكوك حب كبار ما ظن ان مثله يقع ويكون في ايدي العالم وفي الثالث دونه قدر نصف كيلجة ياقوت احمر ما سمع بصفة مصله وقومت لصالح عوضا على البيع بالفي دينار ومع تلك الاسفاط من غير الجواهر ما قيمته الف الف دينار قد ضيعتها بجهالة وشح نفس بعد تضييع الابن وتوهين الخلافة وما رحت تجارتها غير الافتضاح بارتكاب صالح منها ما خرجت به الى الحج حرمانة عريانة تفضح بالفضيحة بالدعاء عليه - وما ايذكر من الجواهر غير معلومة بالتفضيل فان منها ما حكى عن عامل خراسان وقد وجد لبعض الاكاسرة نخلة مصوغة من ذهب عليها انواع الجواهر منظومة بين السعف على مثال البسر والتمر فحملها الى مصعب بن الزبير بالعراق وقومت بالفي الف دينار فقال لجلسائه من ترون اهلا لها؟ قالوا - انت فدعها لولدك - قال - ر ولكني ادفعها الى رجل قدم لدينا يدا وهو انفع لهم منا - ادفعوها الى عبد الله بن ابي فروة - فأخذها - ولما دخل المسلمون الى نهاوند وجمع المسلمون الاسلاب اللا السائب صاحب الاقباض اقبل الهربذ الى حذيفة بن اليمان وقال له هل لك ام تؤمنني حتى اخبرك بما اعلم؟ قاله - نعم فهات ما معك قال - ان النحيرجان اودعني ذخيرة كسرى فان امنتني وامنت من شئت؟ وسميت اخرجها لك - قال - قد اعطيتك ذلك - فجاء فسفطين عظيمين ليس فيهما غير اليواقيت والدر واجمع رأي المسلمين عل تخصيص عمر بها دونهم وقدم السائب بهما عليه فقال له - ادخلهما بيت المال حتى انظر في شأنهما والحق انت بجندك - ففعل وبات عمر يروى في ذلك وحين اصبح اناخا بعيرهما سواء وقال للسائب - الحق بامير المؤمنين ففعل فلما رآه قال - مالي وم لابن ام السائب بل ما لابن ام السائب ولي خذ هذين السفطين لا أبالك واحملهما الى حيث حملتهما منه واصرف ثمنهما في عطية المسلمين - ففعل ما امره به ووضعها في مسجد الكوفة فابتاعهما عمر بن حريث بألفي الف درهم وباعهما في ارض الاعاجم بأربعة آلاف الف درهم

(1/29)

وفي سنة اثنين وتسعين عبر طارق مولى موسى بن نصير من جانب ارض المغرب الى الاندلس فقتل ملكها في المعركة وهو في قبة مكللة بأنواع الجواهر على سرير كذلك تجره دابتنا على رسم العجلات التي كانت اليونان تسميها مراكب القتال والهند اتو وهي الرخاخ في الشطرنج - ثم كان الواحد من البرابرة يجيء بالحمل ليس فيه غير الجواهر والديابيج المنسوجة فيبيعه جزافا من العربي بدهم الى درهمين - ثم سار موسى بن نصير في سنة ثلاث وتسعين الى الاندلس قتلقاه طارق مولاه وسار معه الى مدينة طليطلة من الاندلس وفتحاها وأصابن مائدة سميت باسم سليمان بن داود كعادة العوام في نسبة كل ما استغربوا صنعته واستعبدوا عمله اليه وينسب كل بناء وغواص من الشياطين المقهورين وكانت تلك المائدة خلطين من ذهب وفضة مرصعة بالجواهر في ثلاثة اطواق يحملها البغل - ففك طارق منها احدى قوائمها بأخرى من حديد لسوء ظن وأخذ بالحزم في الانف ووجد في بعض المدن التي افتتحهابيت فيه اربعة وعشرون تاجا من تيجان ملوكهم لم يهتد لقيمة التاج منها فكأنها كانت تحفظ لكل ملم مضى منهم حتى يعرف بها عددهم وتواريخ ملكهم او أن ذلك كان سنة مشروعة لهم - وفي سنة ست وتسعين خرج موسى الى الوليد بن عبد الملك واهدى له المائدة فقال طارق للوليد - انا اصبتها دونه ولكنى احتشمتها فتركتها له - فكذبه الوليد وكان قد استظهر بقائمتها فقال - سل موسى عنها. فقال - هكذا اصبتها - وحينئذ اخرج طارق قائمتها الاصلية فعرف الوليد صدقه واجازه وكذب موسى - وحاصر خالد بن برمك اصبهبذي الجبل والمصمغان في قلعة بجبال طبرستان فلما ضاق الامر بهما سألاه الأمان والنزول على حكم امير المؤمنين فأجابهما اليه وخرجا فوكل بالباب من يمنع من اخراج شيء من الفئ منها - وعمد رجل الى سنور فشق بطنه زحشاه بجواهر ثم خالطه ورمى به الى خارج الحصن ولم يحظ بتقديم الاطلاع فاتفق رجل من العسكر قريب من موقعه فأخذه وجاء به الى خالد فأمر بالتشديد في حفظه في الخزائن اذ كانت الاكاسرة وقت هربهم من العراق الى مروا ودعوا ملوك الجبل نفيس جواهرهم وخف اموالهم وذخائرهم فوجد خالد من ذلك ما لم يدر له قيمة - وكان بارض الدوار صنم يسمى زون معمول من ذهب وعيناه ياقوتتان فقلعهما عبد الرحمن بن سمرة وقطع يدا الصنم ثم قال لمرزبانها دونك الذهب والجوهر فما اردنا بما فعلت الا انه اعلمك انه لاينفع عابده ولا يضر معانده - وقالوا؟ واتى المنصور رجل واخبره انه دخل ناووس فىن الملك من الاكاسرة فرأى عليه تاجا من الجواهر واللالى قد فات القيمة وانه كره ان يمد يده لشيء منها دون إخباره بها - فامر المنصور ان يضرب سبعين سوطا وينادى عليهظ هذا جزاء من تخطى عرصة ملك حيا كان او ميتا وهذا هو مستوجب السياسة ومقتضى المروءة والحرية لكن من درس الاخبار واطلع منها على افعال العرب في العجم عند انتزاع ارضهم ونعمتهم وعلى الموجود في قبور بني امية حين نبشها عبد الله بن علي بعلة الثأر والترة وحرص المنصور على الاموال يعلم بطلان هذا الخبر وان كان فيه تحسين الادب - وفي اخبار الفرس التي لاتخلو من زيادتهم امر الاكاسرة وتفضيل ملكهم والمملكة التي لهم ان صاحب سرنديب حمل الى انوشر وان سبع الغوص وعشرة افيلة ومائتي الف ساجة واهدى صاحب الصين فرسا بفارسه منضودا من درر وعيناهما من ياقوت احمر وثوب صيني عشاري لازوردى الارض فيه صورة االملك بتاجه وحلله وهو في اثوابه والخدم على راسه تحمل ذلك الثوب جارية قد غابت في شعرها وفاقت اقرانها حسنا وجمالا والثوب في صندوق من ذهب - واهدى اليه ملك الهند الف مناعود يذوب بالنار حتى يكتب بسواده الذائب وجا ياقوت احمر مملؤ من الدر وعشرة امناء كافور كاالفستق خلقه واكبر منه وفرشا من جلود الحيات موشى الين من الحرير وجاريه في قدر سبعة اذرع وانفذ خاقان مائة جوشن مذهبة ومفضضة بعد التذهيب واربعة آلاف مناسك تبتى

(1/30)