وقالوا انه كان في جملة اموال خزانة ابرويز المسماة بهار خرم بالمدائن التي هي طيسفون واظن انها سميت مدائن لانها كانت دار مقر شاهنشاه فهي ايضا مدينة المدائن يعد العين والورق واواني الذهب والفضة احد عشر سفطا في كل واحد ثلاثون الف حجر ياقوت احمر وعشرة اسفاط في كل سفط اثنى عشر الف قصبة زمرد في كل سفط الف نافجة مسك ومن الكافور مائة جراب كلها مما لايأباه الا مكان وتوجه له الوجوه - فربما خفط في الخبر شؤيطة الامكان في الاوعية وما وعت عددا ومساحة والتفاضب في الاكثر والاقل من الاشرف والارذل وكل ما ارتفع عنه الامتناع فقد تنقبض عنه يد الانتقاد الخفاء موضع الصدق فيه والكذب - واما الخرافات المضحكة التي ربما يتلهى باستماعها فكثيرة عندهم جدا ويكفي منها ما يتصل بهذا الذي نحن فيه وهو قولهم في ابرويز انه خص بسستة عشر خصلة اعجزت غيره واعوزت عند من سواه وتعديدها يمل ويخرج عما نحن فيه بصدده - وبما شهد الجبال لتردد الصدى بها في تجاويفها واحدها كوراوند وكان من حجر على هيئة بقرة وانه كان مدفونا فعثر عليه ورفع الى الحسين جد بدر بن حسنويه ووقف على انه موراوند وكان يصب فيه الشراب فلا يزال يسقى ولا ينقطع ولو كثر الشراب فجربه الى ان طلبه منه كردى من اقاربه كان حمل اليه رأس عدوه فلم يجد بدا من اسعافه به ووسوس الخلق بفعله وكسره بنصفين ليقف على خبر ما فيه فوجد في جوفه عصارين قد شُدّ ناصية احدهما بناصية الآخر يعصران عنب ذهب - فرام جبر ما كسره فاعياه وبطل امره - وحكلا ابن زكرياء في كتاب الخواص، ان بمصر كنيسة فيها ميتان على سرير يخرج الزيت من تحته كذلك فما ينقطع واستغفر الله من هذا - ومما زعموا الكنز المحترق وهو ان خزانة كانت له بأرض فارس مشحونة بالعين والورق وانواع الجواهر والعطر والادهان وقع فيها حريق من الصواعق ودام ايقاده اربعة اشهر وقتلت رائحته الحيوانات الى اربعين فرسخا حوله ولم يخبر احد باخباره الا يعتاقها مدعاها كعادته في امثاله من الحادثات ولما انطفأت النار بذاتها وخمد وقودها فتشوا رماد المحترق وما انسبك تحته فوجدوا البسيطة كلها ياقوتا احمر قطعة واحدة متحدة فسرى عنه وسربه اذ كانت قيمته مثل ما في الدنيا من النعم عشرة ألاف مرة وبه ترأس على نظرائه وفاق من تقدم وتأخر عنه من ملوك الارض وأمر أن يخرط منها مائة لوح في كل لوح الف مثقال وما بقى من أواني الشرب وشرب في جميعها - وكيفية ما كان فهذا في الارض ويكاد أن يتصابر الانسان عليه فيحتمل الاذى فيه ولكن ما يقال على السموات وكونها من هذه الخسائس الأرضية غير محتمل عند من لايزن الخير والشر ولا يوزن بين الفضل والسرف بهذه الاثمان ولا يتدبر قول الله تعالى (لن ينال اللّ؟ هـ لحومها ولا دمائها ولكن يناله التقوى منكم) حق تدبر حتى يتحقق به كيفيات ما يستحق الفرح به وتميز النفيس من الخسيس فيصبر باعراضه عن الباطل بمن ارتضاهم الله من عباده في قوله تعالى (وذا مروا باللغو مروا كراما واذا خاطبهم الجاهل قالوا سلاما) - ومما يضحك ايضا ما ذكر في كتب الفتوح، ان سعد كتب الى عمر بن الخطاب رضى الله عنه، لني احصيت في الفئ صندوقا من ذهب مقفلا بذهب ولم افتحه وان رجلا يعطى فيه ما لا سماه وورد الجواب بأن بعه فما احسبه الا من حماقات العجم - ففعل وفتحه المشتري فأفضى الى درج فتحه واذا فيه كتاب فاحضر من يقرؤه واذا فيه تسريحة واحدة للحية من جانب الحلق انفع من الف تسريحة من عند الخد - فاستقاله المشتري وكتب بذلك الى عمر بن الخطاب واجابه؟ ان يستحلفه أكان مقيلنا لو وجد فيه كنزا اكثر مما امل - فسئل وقال، ما كنت مقيلكم - وقال، ونحن ايضا لانقيلك - وفي مثل هذا قال اسمعيل بن علي في بعضهم:
كالسفط المقفل قد زخرفت ... حاشيه بفنون النقط
يقزا من غر به مشرحا ... كم جوهر ضمن هذا السفط
حتى اذا اسلمه قفله ... لم يك الا الريح فيه فقط
باب سائر الجواهر واليواقيت

(1/31)

قيل خير اليواقيت بعد انواع الاحمر هو المورد الاصفر ثم الا كهب وأدونه الابيض - قال الاخوان الرازيان، ان القطعة الواحدة ربما جمعت جميع الالوان وانه قد وقع اليهما واحدة كذلك تركبت من كل لون حتى حوت الحمرة والصفرة والخضرة والكهبة والبياض وكانا يعلمان ان النار تسلخ جميعها وتبيضها ولا يبقى منها غير الحمرة الثابتة على حالها فقط فانها لها كالاصل وسائر الالوان كالاعراض تبطل بلإحماق ويبقى الجوهر صافيا كالبلور - وما ذكر الكندي من لقط المعادن التي اشتراها يدل عليه - (الاصفر) قالوا، ان المختار منه هو المشبع الصفرة المقارب بالتشبه بالجلنار من الاحمر وبعده المشمشي ثم الاترجي ثم التبني ولا يزال يتراجع بضعف اللون الى ان يقارب البياض ثم يبلغه - وقيمة اجوده اذا اتزن مثقالا مائة دينار ثم تتناقص القيمة بانحطاط الرتبة حتى يبلغ مثقاله الدينار الواحد - وقال الكندى، ومن اشباهه الكركهن في جميع انواعه - فمنه الخلوقى والزيتي والفستقي وبو قلمون يوجد فيه كل لون من الخلوقية والصفرة والخضرة والسماوية ترى فيه هذه الوان عند تحريكه فيتلون ضروبا كبوبراقش في تلون ريشه بحسب الظل والضح ووضعهما منه - قال، والكركهن الاصفر مغالط لانه لايغادر اصفر الياقوت الا في الشعاع والحك فأما الرطوبة فانها رطبة جدا - وقول الكندى في الالوان المختلفة انها تترا يا فيه الحركات يدل انها ليست فيه ذاتية انما هي مخايل - أبو قلمون وأبو براقيش وقد يرى في مكاسر البلورى في الشمس هذه الالوان على احسن ما يكون - كذلك يراها في ضيق فتح عينيه واشرف عليها رشعرة حاجبه ووسطها بين عينيه وعين الشمسي - وقال نصر اول هذا النوع الاصفر الناقع ذو الماء والرونق والشعاع - والثاني الخلوقي وهو اشبع لونا ثم الجلنارى اشبع من الخلوقي واوفر ضياء وهو أجودها (الأكهب) قالوا ان اجوده الطاوسى ثم الآسمانجونى ثم النيلي ثم الآبجون وهو اقرب الى البياض - ومن انواعه الكحلي والنفطي وان ضربا الى السواد وقيمة وزن المثقال من الطاوسي عشرة دنانير ثم ينحط فيما بعده الى ان يبلغ الدينار - قال نصر، ان للاكهب مراتب تتفاضل بالشبع من اللون فأوله الآسمانجونى الازرق ثم اللازوردى ثم النيلي ثم الحكحلي وهو اشبعها - وقال الكندى، انه ربما كان في آسمانجونى صفرة فيدخل النار قليلا بمقدار ما تنسلخ عنه الصفرة وان اخطأ الفاعل ذهبت الكهبة معها - وهذا من قوله دليل على ان الضفرة اقل بقاء فيه من الكهبة - وقال، ان اعظم ما رأينا من آسمانجونىه حول الارعين مثقالا ومن الابيض ما يقاربه - وقد كان عندنا في الخزانة بخوارزم قطعة بين الآسمانجونى والكحلي وزنها ارجح قليلا من ستين مثقالا وقد خرط منها جارية مقعية ركبتاها على صدرها وذقنها عليهما ويداها على ظنبوب الساقين شبكت الاصابع بعضها في بعض - وذكر الكندى في الكيس المشترى انه كان فيه سائر الحصى في المنظر وما بلآثار وانعام التأمل بحد النور فقد اشتملت على ان تكون من احمر الياقوت واصفره وآسمانجونيه - ومن اصناف الكركند والكركهن الاصفر والفستقي والوزيتي والخلوقي ومن ضروب الجربز ما هو شديد الحمرة ومنها رقيقها ولن تظهر الوانها الا بعد الحك فصوصا ثم جود الاحماء منه ما كان احمر - وقرئ علىّ من كتاب هندي في نوع الاكهب ان اجوده واصلبه هو مشبع اللون المدور الشكل خلقة واذا قوبل به الشمس مال لونه الى السواد - وزعم بعض البحريين انهم بلغوا في سيرهم جبلا مطلا على كهف كالزاوية فيه من ماء البحر كالدردور وان ركاب المراكب انتقلوا منه الى القوارب ودخلوا بها تحت تلك الظلة يلزمون حواشي الماء ويتقون وسطه ويحذرونه وكانت اليواقيت الكهب تلمع من خلل السقف المتعالي فيرمونه بالمشاقيص والمعابل العراض النصول حتى تنكسر من الجبال عراضا تساقط فيلتقطون قطاعا منها ما يقع منه على يبس الشاطئ او ضحضاح الماء المتباعد عن الوسط ويتركون ما وراءه بالقرب منه حتى جمعوا من ذلك جملة وباعوها من الحكاكين - وقال الكندى ان من الافلح الآسمانجونى ما يغالط فيروج مكان سميه من الياقوت - ومنه ما يميل الى السواد وهو اردأ النوعين - قال، وجميع الاشباه تجلب من معادن الياقوت الا الافلح فانه يجلب من مندرون من بلاد سرنديب وكأنه عنى مندرى تبن الفرضة

(1/32)

ولو قايست بين أعظم ما يوجد من كل لون من الوان الياقوت وجدته بحسب ما لها من الرتب في القيمة ووجدت الصغر في الجثة مقرونا بالعزة والعظم فيها مع الكثرة على مثال الفلزات وما ذكرناه من مقادير الذهب والفضة والنحاس من جواهرها في الحفيرة الواحدة بحسب صروفها في القيمة - واما اوزان اليولقيت اذا تساوت في الحجم واختلفت في اللون بحسب ما اعتبرناه وتولينا امتحانه - واما الاكهب فانا وجدناه اثقل من الاحمر بشيء يسير أو همت قلته في سبب انه ما كان في الاحمر من الثقب وانها لصغرها لم تطرق للماء فيدخلها وبقيت خالية من الماء مملؤة من الهواء على مثال السحارة فان ضيق الثقب في اسفلها لايسوغ الهواء ان يدخلها مع خروج الماء منها - فان وسعت حتى وسعت الهواء والماء معا سال الماء منها - وقد كان عملنا في هذا الامتحان مائيا فقصرت عليه مقالة تضمنت حقائقه وأدى الى أن الاكهب اذا كان في الوزن مائة كان وزن الاحمر الذي يساويه في الحجم سبعة وتسعين وثمن ولإزالة الكسر يكون نسبة وزن الاحمر الى وزن الاكهب نسبة السبعمائة والسبعة والسبعين الى الثماني مائة ولم يتفق لنا عرض شيء من هذه الالوان على هذا الامتحان وما اظن الابيض منه والاخضر والاسود يخالف الاكهب فانها صم كصممه وثقال كثقله عديمة الخلل غير مثقوبة كالاحمر - وقد جعلنا وزن المائة من الاكهب قطبا في قياس سائر ما عداه واليه نرجع كالجوع الى القانون - واما الكندى فانه قال في الياقوت بالاطلاق انه اثقل الجواهر المساوية لقدره في الفسحة اي سعة المكان فان سعتهبقدر المتمكن ومساحتهما وهما تعليميان غير طبيعيين واحدة ولم بفعل فيه لونا عن لون ولو كان وصف الجواهر بعدم الذوب لكان اشد مبالغة في الاحتياط فان الذهب والزئبق والاسرب يفضل عليه في الثقل - (الاخضر) قالوا ان خير اخضره الزيتي ثم الفستقي ثم ينحط لونه بالتدريج حتى يبلغ البياض وقيمته لا تبعد عن قيمة الاكهب - قال أبو العباس العمانى - ان من الاكهب جنسا يسمى أو قلة وهو أقلها لونا وأردأها والينها - واظن ان الذي سماه الكندى الافلح وان جعله في كتابه بالحاء وان نصراهو الصائب في ذكره بالجيم فانه حينئذ تعريب او قلة وهو الافلج - قال الاخوان الرازيان - الذي رفعه الامير امين الدولة من بيت الاصنام ببلد ناهورة كان او قلة وكان وزنه اكثر من خمسة وثلاثين مثقالا ومعدنه بالهند ومنزلته من الياقوت منزلة االجمست والبلور منها وكان معلقا على رأس صنم من خمسة وتسعين مثقالا من الذهب - فصل اعضاء وسبك للتكاثر والتفاخر بين الاقران - كان ذكره في كتاب الفتح ياقوتا اكهب ورأيته في الطريق عند منصرفة فوجدته مائل اللون الى خضرة الزجاج غير مشبعة يملأ الكفين مثقوبا في احد اركانه مسلوكا فيها حلقة ذهب وعندها بخطهم كاسم او ما اشبهه - شلته بيدي فاستخففته ولمح ذلك المرء فأخذه من يدي لئلا أتبين فيه بخلاف ما يرى الناس منه

(1/33)

(الابيض والاسود) - قالوا في الاسودانه النفطي والكحلي او هما من انواع الاكهب اذا تراكمن اللون فيهما وتكدر - وأما الابيض فمنه ما يخلس بياضه ومنه ما شابه شيء من الالوان فيحك حتى يصير على الشكل المستعمل في ذلك اللون ويروج مكانه او فيما بينه - وربما ثقبت في الابيض مواضع ولون بما يدخل فيها من الاصباغ للتمويه - ويحمل ذها الابيصض من سرنديب ويكون رزينا باردا في الفم - قال نصر - ابيضه نوعان بلوري ويشابه البلور في البياض والصفاء وكثرة الماء - والاخر مختلف عن الاول في اوصافه التي ذكرناها وفاضل عليه في الصلابة ولهذا انتسب الى الذكورة - ويجري على السنة جمهور الهند كذر حجر القمر وسيمونه جندر كاندأي شعاع القمر وليس بالذي ذكره يحيى النحوي في رده على ابروقلس انه على اللون يظهر على سطحه لطخة بياض وتأخذ في الزيادة بزيادة لون القمر الى بدوره ثم تأخذ في النقصان حتى يضمحل في المحاق ويعود عند الهلال بل تزعم الهند ان الماء يقطر منه اذا وضع في سمرة - وكنت اظنه البلور واحمل عليه في ما ذكر في اخبار السند من اتحاف ملكها الاسكندر في جملة ما أهداه اليه بقدح يمتلي زعموا من ذاته ماء واوجه له بالممكن الكون وجوها وليس يبعد ان يكون ذلك الحجر القمري المذكور - والياقوت الابيض فانه اوزن من البلور والبرودة في الفم من لوازمه وذلك معين على اجتماع الماء عليه قطرات كاجتماعه على اواني الفلزات المملوءة ثلجا الموضوعة في الظل صيفا المظنون بها عند العامة انما رشح من الداخل الى خارج وخاصة في هواء بلاد الهند الحار الرطب وأنى تكون تلك القطرات رشحا وهي ان جمعت في مرات كان لوزنها مقدار ولم ينقص من وزن الآنية بها بما فيها في الوزن متى استوئق من فيها بصمامة محكمة - وذكر سسرد في كتابه المجمل والمفصل هذا الحجر واستعمل ما يقطر منه من الماء في علاجاته وقال؛ ان الذي يرشح من هذه الخرزة نافع من الحميات وارواح السوء - وعند العمامة ان جرم الياقوت يتردد في الوانه بين الاكهب والابيض والاصفر الى ان يبلغ الاحمر - قال الغضائري
ازبسى كستن بحال ازحال شد ياقوت باك ... بيشتر اصفر بباشد لنكهى احمر شود
وهذا بسبب ما سمعوه من الطبيعيين ان الياقوت الاحمر بالغ عاية كما له كما الذهب الابريز في غاية اعتدالة وظنوا ان الياقوت تردد في الوانه وتدرج فيها الى الحمرة ثم وقف لديها اذ ليس وراء الكمال شيء - وان الذهب ايضا يتردد في انواع الذائبات من عند أبويه الزئبق والكبريت واجتاز على الرصاص والنحاس والاسرب والفضة الى ان يستوفى الصبغ والرزانة فوقف فلا يتجلوز رتبة الكمال - لذلك زعموا يزداد في التراب وزنا ولا يستحيل فيه ولم يعن الطبيعيون فيها الا ما يعنون في الانسان انه بالغ اقصى رتبة الكمال بالاضافة الى ما دونه من الحيوان ويذهبون فيه الى سنخه وجوهره لا انه صعد الى الانسانية من انواعها حتى ارتقى من الكلبية الى الدبيه ثم الى القردية الى ان يأنس - وقال ابو بكر علي بن الحسين القهستانى
كذا اليواقيت فيما قد سمعت به، ... من طول تأثير جرم الشمس في الحجر
فان عنى انها اطالت التأثير في اي حجر كان حتى صار بذلك ياقوتا فهو محقق في ظنه وان عنى المادة المستعدة لقبول الياقوتية فهو محقق صادق كما أشرنا في بيته فيب الاصل - وقال منصور مورد - كجا خاك دركاهش ازكيمياست - كيا قوت كرد دهمى رومدر وجميع ما في العالم يستحيل بعضه الى بعض بحسب امتداد زمانه ولكن هذا طريق الشعراء من الاغراق في المدح بالأكاذيب -
ذكر اللعل البدخشى

(1/34)

الجواهر الفاخرة في الاصل ثلاثة وهي الياقوت والزمرد واللؤلؤ ومن حق الترتيب فيها ان يتلو بعضها بعضا الا انه لما جرى في باب الياقوت ذكر لأشباهه وجب الحاق اللعل لها فانه منها واباها - فاقول انه جوهر احمر مشف صاف يضاهي فائق الياقوت في اللون وربما فضل عليه حسنا ورونقا ثم يخلف عنه في الصلابة حتى اسرع التأثير اللى زواياه وحروفه من مماسة الاشياء ومصاكتها ويجاوز ذلمك الى سطوحه المستوية حتىذهب بمائه الى ان يعاد عليه الجلاء بالمارقشيثا وان تنوع انواعا بالوانه ونسب صفره الى الذهب والبيضه الى الفضة واحمره الى النحاس وادكنه الى الحديد فان الذي يستعمله الجلاؤون هو الذهباني لم اتحقق فيه الى الآن اذ لك لخاصية فيه معدومة في سائر انواعه ام هو من جهة كثرته وقلة سائره - وهذا اللعل هو الذي سماه الكندي ونصر بيجاذيا ذهبي اللون ولست اعرف لهذه التسمية علة سوى احتياجه في الجلاء الى ذهبي المارقشيثا واسبعدها مع ذلك انه ليس للذهب بلونه اتصالا يحتمل التشبيه والاختلاط كما ترى في غيره من قطع اللازورد - ونسب نصر معدنه الى بدخشان وقال انه يشترى الى ايام آل بويه بقيمة الياقوت ثم عرفوه فتخلف عن نفاقه بتلك القيمة - وليس بدشخان منه بشيء ولكنه ينسب اليه لأن ممر حامله عليه وفيه يجلى ويسوى فبدخشان له باب ينتشر نمنه في البلاد كما ينسب الهليلج والعود والبرنك الى كابل لأن كابل كان فيما مضى اقرب ثغور الهندالى ارض الاشلام وبها مقر المتلقبين بالشاهية من الاتراك والبراهنة بعدهم فكان كابل ايامئذ كالفرضة المقصودة لجلب تلك السلع منها والا فذلك العود الخالص محمول اليها من سواحل الهند الجنوبية والهليلج من جالهندر وبينهما مسيرة اكثر من شهرين بسير الرفق - والبرنك محمول اليه من نواحى قيرات المصاقبة لحدود كشمير والقندهار - ومعلوم انه لايقوم على النار من انواع اليواقيت غير احمره وان لونى اصفره واكهبه سنسلخان عنها في الحمى لكن احد من يزاول صنعة الحك والجلاء بتلك النواحي اخبر ان هذا الجوهر اللعل يقاوم النار ان احمى بالتديج وتركت البزطقة في الكور الى ان تبرد بالتدريج ايضا فان النار تزيده حسنا وصفاء ولم اشاهد ذلك ولم اتمكن من امتحانه - ومعادن اللعل في بقاع بها قرية تسمى وَرزَقنج على مسيرة ثلاثة ايام من بدخشان بخروخان في مملكة شاهنشاه ومقره شكاسم قريب من تلك المعادن والطريق اليها يتياسر من شكاسم ويمر فيهل بينه وبين شكنان ولهذا استأثر صاحب وخان بغلاوة الجوهر ويجوزه سرا ولايطلق لمستنبطيه حمل شيء عظيم الحجم الى موضع الا بمقدار من الوزن فرضه لهم ورخص في حمله وما زاد عليه فهو له ومحظور عليهم حمله الى غيره - وذكروا في اول ظهور هذا الجوهر ان الجبل هناك انشق وتقطع بزلزلة أرجفت الارض حتى تساقطت الصخور العظام وانقلب الموضع عاليها سافلا وظهر اللعل منه ورأته النساء وظنته صابغا للثياب وسحقته فلم تلون منه شيئا وأرينه رجالهن وانتشر الحديث به وشهر به اصحلب المعادن بأمره فاستنبطوه بالحفر ونسبت المعادن ما اخرج من كل واحد منها نسب اليه كالبلعباسي والسليمانى والرحماني وربما الى ما قاربها من القرى والبقاع كالنيازكى فانها نسبت الى انف جبل هناك سيمى نيازك لا اتصال له بشيء من ذكر النصل

(1/35)


وطلب اللعل ينقسم الى قسمين احدهما بحفر المعدن والآخر بتفتيشه لبن الحصى والتراب النهالة من تقطع تلك الجبال بالرجفات وإسالة السيول الى السفوح ويسمى هذا الطلب هناك تاترى واسنتباط المعادن كالخصال في القمار وكاعتساف الهامه خزافا والقفار والتهور في ركوب البحر لادليل لفاعليها معينا على بلوغ المرام غير التفرس وكذلك هؤلاء يبتدؤن في عمله وأكل الجبل كأكل السوس والأرضة على عمياء ليس فيها الالعل وعسى فان طال بهم الامر على ذلك عادوا بالخسران والخيبة وان وصلوا الى حجر ابيض يشابه الرخام في لونه لين منفرك قد احتف به من جانبيه إما حجر الزنود واما حجر آخر يسمونه غدود على وجه تشبيه بغدد اللحم وهو ابيض يضرب قليلا الى الكهوبة استمروا فيه على العمل وكان اول امارات النجاح في العمل والامل وعند ذلك يفضى بهم الى ما يسمونه شرستة وهو جوهر متفرك اذا أخرج انتشر ولم ينتفع به لكنه عندهم من طلائع المقصود ثم يفضى بهم الى الحفر الى شيء غير متفرك بل متماسك يعمل منه خرز مؤاتية للثقب ونسبته الى المطلوب كنسبة الكركند الى الياقوت اعنى بالكمودة والصمم ونزارة الشفاف غير التام فاذا جاوزوه بلغوا موضع الجوهر - ومما يجرى على ألسنتهم في التشبيه ان هذا جزاء الجوهر كملك مشتهر في الممالك بالسخاء مقصود منها بتأميل العطاء والحباء يحتاج الى قطع مسافة مديدة في فلاة عديمة الماء والمرعى يعيا في قطعها الخريت وهي مثال الجبل المحفور فإذا اقتحمها انتهى الى تخوم المملكة فاستبشر الى بالانتهاء الى العمارة كالاستبشار بالحجر الابيض المبشر بالنجاح - واذا اخترق العمران من قرية الى أخرى شابه الشرستة الاولى والبلد كالثانية وقد بلغ قصر الملك المقصود فيه - وهذا اللعل يوجد في وعاء كأنه من ذلك الحجر الابيض كالبلور واسم الوعاء بما فيه مغل ويختلف بالصغر والعظم فيأخذ من كالبندقة الى قدر البطيخة ولم يذكروا منه ما يفضل الى الثلاثة ارطال - واذا كشطت عنه تلك القشرة بدا الجوهر اما قطعة واحدة وذلك عزيز الوجود واما قطاعا مهندمة كهندام حب الرمان في قشره متفاوتة في الحجم الى ان يبلغ في المغل من القطعة الواحدة الى الكثيرة المتشابهة في الصغر الارزن وربما وجد الجوهر غير متغلف ايضا ويختاف لونه في حفائر معادنه فيميل بعضها الى البياض وفي بعض ال سواد وتخلص الحمرة في بعض كالذي في المعدن المعروف بأبي العباس فانه على غاية الحمرة المشبعة - والذي يعرف بالرحمانى فانه اردأها - واجود الجميع هو المعروف بالنيازكي بهرمان عصفري في غاية الصفاء - وفي ايامنا قيمة ما يكون منه وزن درهم عشرة دنانير هروية فان بلغت القطعة من وزن عشرين درهما الى مائة درهم كانت قيمة كل وزن درهم منه عشرين دينارا الى ثلاثين

(1/36)

وذكر جوهر يو الامير يمين الدولة انهم شاهدوا منه ما يفضل على وزن المائة درهم - فطابق قولهم ما يحكى عن بعضهم انه عثر على مغل اتزن منا ونصفا وانكشفت جادتها عن قطعة واحدة من فائق النيازكي فخاف ان يقبض عليها وتؤخذ منه فكسرها قطعا وحمل احديها الى يمين الدولة وكان وزنها نيف وتسعين درهما - واهذا يقال في ثمن المغل؟ فربما كان فيه غناء من يجده مدة العمر وكنت اسمع فيما مضى ان اللعل يوجد احيانا في وعائه مائعا سائلا واذا ضربته كيفية الهواء استحجر وصلب هكذا سمعنا ايضا احد من مكث في تلك النواحي وانكره سائر المخبرين وليس انكارهم يفيد يقينا على امتناع ذلك فربما كان ذلك في الندرة ولم يتفق لهم ولا وصل خبره بهم اذ تقرر في باب البلور تحجره بعد الميعان في غاية الرقة - ويوجد من جوهر هذا اللعل بنفسجي واكهب واخضر واصفر وقد شاهت من هذه الالوان شيئا لم يشبع خضرة اخضره شبع المينا الاخضر بل كان بالزجاج اكثر شبها - وذكر الحكاك الذي حكيت عنه ان بعض الكبار بتلك تانواحى احمى الاخضر بمشهده مرات متوالية فما استحال عن لونه ولم تقدح النار فيه قدحة في الزمرد - واكثر ما يوجد هذا الاخضر من التراب والحصى في التفتيش أما اصفره فانه لايصبر على النار ولكنه يتغير - وهذا مضاه لما ذكره الكندى في اكهب الياقوت اذا شابته صفرة ثم انه ليس في رزنق الياقوت الاصفر حتى يكون من اشباهه ولا في ماء اصفر المينا وهذا ارخى انواعه واقبله للتفتت والتناثر ويوجد هذا الاصفر في جميع حفائر المعادن ويكثر وجوده بالقرب من قرية ورزفنج في سفح الجبل قرب الماء وهناك معدن يعرف بناونولون جوهره مشمشي - وأما البنفسجى الضارب الى الكهوبة فيوجد حول المعدن البلعباسي وفوق ذها المعدن معدن يعرف بالشريفي يغلب السواد في جوهره على الحمرة حتى يخفى شفافه حمرته الا اذا اقيم بازاء الشمس بينها وبين البصر - وعلى ظهر الجبل الذى فيه هذا المعدن يوجد البلور على هيئة نبات السكر النباتي ولقد حمل الى منه نوع اكهب فكان كالياقوت الكحلى الناصع - وأما وجود قطعة واحدة بعضها احمر وبعضها اصفر فهو مما يكثر التحدث به وذكر بعض الجوهريين انه يكون منه قطعة واحدة تجمع الاحمر والاصفر والاخضر مختلطة لا بالتماس بين المتميزات ولكن باتحاد المادة واتصال الملونات بتلك الالوان وهي في ذاتها واحدة - وكان نصر بن الحسن بن فيروزان مولعا بجمع الغرائب وخاصة من الحصى والاحجار وذكر ان عنده ياقوت احمر في عرض الكف وطلبه من خوارزم شاه ليراه فاهداه اليه وكان غلظا مقاربا لغلظ الاصبع في عرض يستر الكف اذا أطبق عليه ووجهه محبب كالاترج والعنب المندمج وبطنه مسطح ولونه احمر يضرب قليلا الى الخمرية غير تام الصفاء واخبر انه وجد بأرض الهند ملتحما على حجر وانه امر بحكه بالسنبادج حتى تميز منه ولما لم يقم للمبرد قلنا انه بعض الاشباه - واتفقت لي اعجوبة في غار مشرف على بطحاء متاخمة بقصيا على قرب فرسخين من قرية سالياهة نحو كشمير وفي جباله وذلك اني لمحت على ارض ذلك المغار نصف كرة حمراء في قدر الرمانة الكبيرة زظننتها من مشابه ما وجد نصر بن الحسن وقربت منها وزاولتها فاذا انها نصف كرة من طين قد نبت عليها حبات كحبات الرمان على حمرة تامة رمانية تلمع في وسط كل حبة نواة دقيقة مستطيلة وقدر كل حبة منها كحبتين او ثلاث من حب الرمان السمين متطاولة الخلقة وقد برز اصل كل واحدة الى الطين مثل ما يبرز من حبة الرمان كالخيط وينغرس في شحمه فأخرجت نواها وزرعتها فلم تنجب - وتعجبت من حصول حب على طين من غير توسط شجرة او نبات بينهما - فاما قياس ما بين اللعلوالياقوت الاكهب المتساوى المساحة فهو سبعون وثلث وثمن عند المائة - ولا يزال اللغويون والشعراء يشتقون الاسامى للتفاؤل والتيمن والتشاءم - فقد كتب الحاكم ابو سعد بن دوست النيسابورى الى صديق له عقيب النثر -
ففي الخاتم لاشك ... على الودين ختمان
فلولا الفأل ما كان ... قبول المال من شان
البيجاذى

(1/37)

البيجاذى الداعى الى ذكره هل هنا انه من اشباه الياقوت ولان الكندى ونصرا جعلا اللعل جنسا وفصلا منه بالنسبة الى الذهب - والبيجاذى لايخلو من حمرته ما يضرب بها الى سمة من البنفسج وخيره السرنديبى المشبع الحمرة والمتلهب اللون بالصفاء وكل ما كان اصلب جرما واعظم جثة واحمل لزغب الري المنتوف فهو انفس وربما بلغت قيمة وزن الدرهم منه دينارا - قال الكندى؟ انه ظهر اولا في جبل الراهون ثم ظهر له معدن بين وخان وشكنان فبي موضع يدعى يدخشان من اطراف طخارستان وهذا هو اللعل والامشتغلون بامره لايقرنون ذكره بالبيجاذى ولا يرون بينهما وصلة ما - والمتوجه من بدخشان الى شنكشان يتيا من عنه جبال مباينة لمعادن اللعل ويعرف البيجاذى هناك بالسحرى نسبة الى قرية بحدود وخان هذا اسمها - وما يقع الى كشمير من البيجاذى من المعادن الشكنانية فانه من نواحي الجبال التي قصبتها هبليك الى شكنان مسيرة يومين والى كدكد مستقر شاه بلول سبعة ايام من حدود تشرف على قاع كشمير وقصبة اردستان - قال الكندى؟ وان البيجاذى يوجد في معادن الياقوت وطابقته حكاية الحكاك انها مقدمة الياقوت بمنزلة شرشستة الباينة لجوهر اللعل وان البيجاذى اينما وجد فممكن ان يكون هناك ياقوت وان لم يجب ذلك - ثم ذكر احد العلوية بتلك النواحى (انه) اخرج من بين دقاق البيجاذى قطع يواقيت رمانية في الغاية قصر وزن كل واحدة منها عن وزن دانق - وقد رأيت عند الامير يمين الدولة مما حمل اليه من بيوت الاصنام ببلد ناهورة قطعة بيجاذى على هيئة الحصاة الململمة بجريان الماء مطاولة الشكل مفرطحة في غاية الضاربة الى شيء من الخمرية وعلى نهاية الصفاء والنقاء قدرت وزنها فيما بين العشرين درهما والثلاثين ولم اشلها بيدي - واما النسبة بين البيجاذى والياقوت الاكهب في الوزن فلم يتفق لي امتحانهما واظن تخمينا انها تكون موافقة الى ما ذكرناه في اللعل - وقال الصنوبرى -
لا وانصباب مدامة مشمولة ... كدم الذبيح يصب في خرداذى
في بطن جوهرة كان فرندها ... ماء يذوّب فيه فص بجاذى
وقال منصور القاضي الهروي
فان يرتجون البدر في العام مرة ... يلذ عامه من كاشف بملاذ
كما جذبت قلبي جفونك لم يكن ... ليحسن جذب التبن فص بجاذى
وقال ايضا
اذا انت طالعت الهلال تركته ... بغور ويبدو من كسوف على أمن
كما سلبت عيناك قلبي لم يكن ... ليجذب بيجاذيه ورق التبن
وقال ايضا
يا من وقع الكسوف بدر ... كنت له لمحة المحاذى
كما سلبت الفؤاد منى ... ما سلب التبنة البجاذى

(1/38)

ولسنا نجتزئ على حكاية ما ليس بمسموع - ومنه ما في كتاب الكندى من اشباهه وانواعه والخربون وهو لا يختلف عن نوع منه يسمى أسبيد جشمة الا بفتور ويعلوه كالسحابة فاما للاسبيد جشمة فقد ذكره حمزة في الجواهر وانه جوهر كالبيجاذى - وذكر نصر بن احمد بن الخطي انه حجر يجلب من ارض المغرب الى مصر أدون من الياقوت واصفى نمن البيجاذى واشبع لونا من المعل البدخشي يسمى اسبيد جشمة ويعرف بالغروى وقيمة المثقال منها تبلغ ثلاثين دينارا مغربية - قال - ولم ار منه الا خرزات تبلغ الواحدة منها في الوزن نصف مثقال - وقال ابو القاسم بن صالح الكرمانى انه يشبه الجزع لكنه شفاف وفيه كالدخانية يتختم به الشيعة بفارس وكان سبب ذلك وجلبه من ناحية المغرب ظهور اصحاب مصر بها قبل ورودهم مصر - قال، وليس فيه كثير ثمن اذ لايرغب فيه غيرهم - وذكر نصر في اسبيد جشمة انه نوع من البيجاذى وفيه صفرة العقيق الرومى حسن اللون ويزاد في تحسينه بتبطين الفص منه في الخاتم - قال الكندى، انه شديد الحمرة لايمازجه بنفسجية بل تشوبه صفرة خلوقية وانه رطب جدا وان منه نوع اصفى يشبه العقيق الرومى ويتخلف عن الصبغ عن الخرجون ويعرف بالزردول - ونوع آخر يضرب الى الصفرة اصم عديم الماء يعرف بالتاربان - قال ومزاولة جميع اصنافه في الحك والجلاء على مثل ما يستعمل في اللزمرد ويحفر اسفله ليضيء على البطائن فانه لايضيء بغير حفر الا اذا كان في غاية النقاء والرطوبة مشابها للياقوت فيضيء حينئذ على ملاسة اسفله وذلك نادر شاذ - قال، قد يتفق في البيجاذى الخراساني ان يخرج بوزن رطل اعنى الكندى ونصر جوهر اسمياه الماذينج كان يجلب من جبل في حدود سندان فوق ارض اليبل وقد انقطع معدنه ونفد ما فيه ووصفاه بشدة الحمرة وشابهاه الكركند مع ميله الى السواد لايمكنه من الاضاءة الا بلالباطنة ويتخلف عن البيجاذى وربما بلغ ربعه او خمسه - وقال المتجرون انه كان يبلغ وزن القطعة منه رطلا - وفي الزهر سمى له او هو سمى ذلك على وجه التشبيه - قال الصنوبرى -
الى لازوردو فيروزج ... وماذينج اللون اسرنج
ودل لونه على اقتران ذكره باسرنج كاقتران الاكهبين قبلهما والاسرنج آنك محرق وبالكبريت محمر على مثال الزنجفر - وذكر حمزة في جملة ما ذكر حجر اسماه المنك وزعم انه كان عند ملوك الفرس لا لون له وكان يبطن ببطانة فيؤدى لونها وهذه صفة المها والياقوت الابيض - والهند يفعلون مثل ذلك في البلور - وكنت ارى مثل ذلك على برانج صنم سومنات التي كانت يتزين بها وهي من ذهب في سعة تقلرب الذراعين وسمك اكثر من شبر ونصف يتهندم بعضها في بعض ويرتفع على رأسه حتى يصير كالاسطوانة وعلى تاجه فوقها انصلف لكر من المها قد بطنت في القاعدة وما في الترصيع من جوانبه باللك فكانت تحمر منه في المنظر - وذكر حمزة ايضا ماذه سورى وانه كان عرب على الماسورى ولم يشر الى ما يفهم منه مائيته - والله الموفق -
الألماس
انما قدمت ذكر الألماس على ما ذكر مما بقى من مثمنة الجواهر التي لها رياسة اعنى اللؤلؤ زالزمرد لأنه الفاعل في الياقوت الفاعل فيما دونه وغيره منفعل بشيء فوقه ولا متأثر مما دونه الا بالمقدار الذى يخصه فعله من جهة انه من جملة الكائنات الفاسدات وان امتد ببقائه أزمنة وسنوات منزلته منها من جميعها منزلة السيد المطاع من السفل والرعاع - والمناسبة بينه وبين الياقوت اقرب الناسبات بالرزانة والصلابة وقرب الجوار في المعدن وقهر الغير بالثقب والقطع على ان اللؤلؤ جنس حيوانى مائى على خلاف الجواهر الارضية الموات الجماد ومنفصل عنها بالنمو ثم لن يقدح تأخير ذكره مما له الشرف والرساية والنفاسة - واسم الألماس بالهندية هيرا وبالرومية اذا مسوايضا ادمنطو قال الكندى معناه الذى لاينكسر وهو بالسريانية ألمياس وكيفاد الأماس وكأن معناه حجر الألماس وخاصيته لنه لايكسره شيء ويكسر كل شيء - ويظن بعضههم ان الظران هو الألماس وليس به وانما هو اسم مأخوذ من الظر وهو القطع الذى منه تسمى الظران ظرانا وهو ماء الحديد الذكر المسقى - وامنا الفولاذ يشهد لذلك ما في اوائل كتاب يوشع سيف من ظران - وهذا نص يسقط معه معنى الألماس من الظران على ما يجيء منه في الشعر معجم الظاء - قال امرؤ القيس

(1/39)

تطاير ظران الحصى بمناسم ... صلاب العجى ملثومها غير أمعرا
كأن صليل المرو حين تشذه ... صليل زيوف ينتقدن بعبقرا
بجسرة ينجل الظرّان منسمها ... اذا توقد في الديمومة الظرر

(1/40)

__________________