علم الوقت تاليف الشريف الفـاتح بن الشـريف يوسف البركــــاتي الحسني السوداني
بسـم اللـه الرحمن الرحيـم


المقدمـــــة :

الحمد لله رب العالمين حمداً يليق بجلال وجههِ وعظيم سلطانه والصلاة والســـلام علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم .
وبعـــــــــد :
يقول المعترف بالعجز والتقصير الراجي من الله القَبُولَ والتدبير المعـــــتمد أبداًعلي رحمة العلي القدير؛ سيادة مولانا الشريف الفـاتح بن الشـريف يوسف البركــــاتي الحسني السوداني تلميذ والده بحر المعارف الشريف يوسف الشريف الطاهــر من مدينة رفاعةً تلميذ عمّه العارف بالله الشريف بركات الشريف أحمد ود طــه الشهـيد بمدينة الشرفة من الديار السودانيه إنّه ممّا ُســطر في الكتاب أزلاً وخصصته ارادةُ المولي العلي ســابقاً وأبرزته قدرتةُ العلية لاحقاً وفقا لعلمه القديم وتدبيره الحكيم أن أجمع هذا المصنف النادر الفريد في علم الوقت والأزياج وقد جمعته في أعوام عديدة وأزمان مديدة وسلكت فيه منهج أهل العلم والمعرفة والريادة من العلماء الوارثين أهل الورع والسيادة الذين قال اللهُ فيهـم ( إِنّما يخشي اللهَ من عباده العلمـاء ) والذين قال في حقهم رســـــول الله صلي الله عليه وآله وسلّم )العلماءُ ورثةُ الأنبياء ) وكان ابتداء ذلك في مطلع ربيع الثاني سنة 1416 هـ الموافق ايلول لسنة 1996م وقمت بتحقيقه ومراجعته وتنقيحه الي ان أظهره الله تعالي بين يديك بهذا الثوب الذي امامك الآن فرحم الله عبدا نظر فيه بعين الفحص والتدقيق والصدق والانصاف مستفيدا من ما اودعناه فيه من حقائق وعلوم ومعارف ومتجاوزا عن ما فيه من الخلل والزلات فمعروف لدي الجميع أنه لا يسلم كتاب أو مصنف من الخطأ والنسيان وأسالُ الله العظيم ان يجعلَ هذا العمل خالصاً لوجههِ الكـــريم وأن ينفعَ به عموم المسلمين والمؤمنين والمحسنين وأن يكونَ هذا المجموع خيرعـون لكل مخلص وصادق ومريد وان يوفق جميع الاخوان والاصحاب والاحباب والباحثين الي فهم معانيه واقول لجميع الواقفين علي هذا الكتاب أن ما وجدتموه موافقا للشريعة فهو مذهبنا ومنهجنا وقصدنا الذي وضعنا من اجله هذا الكتاب وما وجدتموه مخالفا للشريعة فاضربوا به عرض الحائط وهذا أوان الشروع فيه فنبدأ متوكلين علي الله الحميد ونسأَله القَبول وهو السميعُ المجيد والصلاةُ والسلامُ علي سيدنا محمد الفاتح وعلي آله من وَحّدُوا اللهَ حقَّ تَوْحيد والحمد لله رب العالمين .
الشريف الفـاتح بن الشـريف يوسف البركــــاتي الحسني السوداني

* * *













بسم الله الرحمن الرحيم


كتاب علم الوقت والأزياج الفاتحية


الحمد لله القائل في محكم تنزيله : ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءًا وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ ) والصلاة والسلام علي المبعوث رحمة للعالمين معلم البشرية جمعاء سيدنا محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وآله وسلم القائل : ( تعلموا الوقت ولا تكونوا كالذين يؤذنون علي أذان بعضهم بعضا ) ورضي الله عن ساداتنا العلماء الذين اقتفوا تلك الآثار وبينوا قواعد علم الاوقات والازياج والتقاويم فكانت فكرة التقويم الهجري القمري منذ فجرالأسلام رائدة عظيمة تشهد علي رقي وتطور هذه الامة وقد وردت أسماء بعض الشهور القمرية في كتاب الله العزيز كشهر رمضان الكريم كما وردت بعض أسماء أيام الأسبوع كيوم الجمعة والسبت وغير ذلك من محددات علم الوقت الطبيعية كالنيرين وهما الشمس والقمر والطوالع والمطالع والأبراج والمنازل وطلوع الشمس وغروبها ودلوكها وتوسطهما وتوتدها وتطور العرجون وغير ذلك من المحددات الكونية التي يتم بها تحديد أوقات العبادات من صلاة وصيام وزكاة وحج وغير ذلك من الأعياد الدينية والمناسبات الأسلامية المختلفة فجاء التقويم الهجري محددا لتلك الاوقات وهو تقويم قمري وكل دقائقه تتم بحركة كونية يقدرها رب العزة جل جلاله .



تعريف علم الوقت والأزياج عموماً :
علم الوقت فهو علم باحكام يعرف بها ازمنة الايام والليالي وموضوعه معرفة سير البروج والمنازل وغايته معرفة الوقت في الليل و النهار .
فضل وشرف علم الوقت والأزياج :
فضل علم الوقت والأزياج معروف عند العلماء أن كل علم يشرف بشرف معلومه وشرف هذا العلم كونه يعرف به أوقات الصلوات التي هي اعظم اركان الاسلام وافضل العبادات البدنيه .
الدليل علي علم الوقت والأزياج من الكتاب والسنة :
الدليل علي علم الوقت والأزياج من الكتاب هو قوله تعالي : ( هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل ) الاية وقوله تعالي : ( وعلامات وبالنجم هم يهتدون ) وقوله تعالي : ( فلا اقسم بمواقع النجوم ) وقوله تعالي : ( وجعلنا اليل والنهار ايتين فمحونا اية الليل وجعلنا اية النهار مبصرة ) وقوله تعالي : ( والقمر قدرناه منازل ) الاية وقوله تعالي : ( اقم الصلوة لدلوك الشمس الي غسق الليل ) والدلوك زوال الشمس والغسق الظلمة قال به الزمخشري وغيره ونختم الادلة من كتاب الله بقوله تعالي : ( رب المشرق والمغرب ) وقوله تعالي : ( رب المشرقين والمغربين ) وقوله تعالي : ( فلا اقسم برب المشارق والمغارب ) و ذكر بعض العلماء في تفسيرهذا المعني أي المشرق والمغرب أنه حيث اُفرد اريد به الجهه او ثُني فالشتاء والصيف او جُمع فكل يوم وهذا ما ستراه ايها المسلم في هذا الكتاب المسمي بعلم الوقت والازياج وستقف عليه بنفسك في محله انشاء الله تعالي .
واما الدليل علي علم الوقت والأزياج من السنة النبوية المطهرة فاحاديث كثيرة منها ما اخرجه الطبراني واللفظ له والبزار والحاكم وقال صحيح الاسناد وهو قوله صلي الله عليه وسلم : ( ان خيار عباد الله تعالي الذين يراعون الشمس والقمر لذكرالله ) واخرج الطبراني في الاوسط قوله صلي الله عليه وسلم : ( لو اقسمت لبررت ان احب عباد الله الي الله لرعاة الشمس والقمر- يعني المؤذنين - وانهم ليعرفون يوم القيامة بطول اعناقهم وقوله صلي الله عليه وسلم : ( تعلموا الوقت ولا تكونوا كالذين يؤذنون علي اذان بعضهم بعضا ) واخرج ابن السني والخطيب والديلمي عن ابن عمر قوله صلي الله عليه وسلم : (تعلموا من النجوم ما تهتدون به في ظلمات البر والبحر ) وغير ذلك الكثير من الادلة من السنة النبوية المطهرة 0
توضيح النهي الشرعي عن تعلم علم النجوم :
ذكر العلماء أن ما ورد من النهي عن تعلم علم النجوم فهو محمول علي من توغل في علم النجوم من الاخبار بالمغيبات وجعل التاثير لها من دون الباري جل وعلا من المنجمين والمشعوذين والدجالين .أما تعلم علم الوقت والازياج فهو من حيث توقف الصلاة عليه فهو واجب وبعضهم جعله من فروض الاعيان لتوقف الصلاة علي معرفته ومعلوم أن القاعدة الاصولية في علم الاصول أن ما لا يتوصل الي الواجب الا به فهو واجب ويتضح ذلك بجلاء في علم الوقت والازياج لانه مقدمة لبعض العبادات كالحج وميقاته والصوم ودخول وقته والزكاة ووقت الحول والصلوات وتحديد مواقيتها وكل ذلك متوقف حقيقة علي الوقت واما من حيث تعلم علم الوقت لمعرفة التقاويم والتواريخ والسنين والحساب فجعله بعض العلماء من فروض الكفايه التي اذا قام بها بعض العلماء سقطت عن الباقين واما الاجماع فلا خلاف في علم الوقت بعد معرفة ماهيته كما تقدم وانه وسيلة الي تلك العبادات من الحج والصوم والزكاة والصلاة فليحكم هذا الامر جيدا .