بسم الله الرحمن الرحيم
ينبغي لنا أن لا نؤثر القليل الحقير على الجزيل الكثير و لا التواني و التقصير على الجد و التشمير ولا سيما من كان ممن قد أيده الله منه بأتقان العمل ولقح عقله بدلالات الفهم أن لا يتحير في ظلمة الغفلة التي تحير فيها الجاهلون .والعجب كل العجب لأهل هذه الصفة كيف استوحشوا من طاعة الله و أنسوا بغيره و ركنوا إلى الدنيا و تقلب حالاتها وكثرة آفاتها ولا زادتهم الدنيا إلا هوانا ولا ازدادوا لها إلا إكراما فما مستيقظ من وسنه يخلع و ثيق الغل من عنقه ويهتك جلباب الران عن قلبه و إن من أنصح النصحاء لك يا أخي من نبهك من امرك على الحجة و أمرك بالرحلة ولم يحسن لك..سوف أرجو لعل يكون
فما رأيت هذه الخصال تورث صاحبها إلا الخسارة و الندامة فكابدوا التسويف بالعزم وبادروا التفريط بالحزم فقد وضح لنا و لكم الطريق و الله المستعان المرشد و الدليل.من أراد منكم الطريق فليلق العلماء بالجهل و الزهاد بالرغبة و أهل المعرفة بالصمت .أطلب الحاجة بلسان الفقر لا بليان الحكم و إن لكل سفر زاد لا محالة فتزودوا لسفركم من الدنيا إلى الآخرة بالتقوى و كونوا كمن عاين ما أعد الله من ثوابه و عقابه ترغبوا و ترهبوا و لا يطولن عليكم الأمد فتقسى قلوبكم فوالله ما بسط أملا من لا يدري لعله لا يصبح بعد مسائه و لا يمسي بعد صباحه فكم رأيتم من كان بالدنيا مغترا و إنما تقر عين من وثق بالنجاة من عذاب الله.

أخلي قلبك من كل شيء إلا ذكر الله
فإنه قرع الباب من بالباب
قيل فلان
قيل افتح حصل المقصود

إني لأرجو من الله عطفة و لا أ قول إن قيل متى ذاك متى
من لاذ بالله نجا فيمن نجا من كل ما يخشى و نال ما رجا
سبحان من نهفو و يعفو دائما و لم يزل مهما هفا العبد عفا
العبد الضعيف
صالح بن إبراهيم الفطناسي
الحمد لله و سلام على عباده الذين اصطفى