|
بتاريخ : 24-03-2016 الساعة : 10:11 PM
رقم
#2
كاتب الموضوع :
نسائم الرحمن
البخور.. عالم من السحر والأحلام
|
نائب المدير العام
|
البخور، كما يحلو للمصريين أن يصفوه، عبق الليالي المثيرة مثلما كان في ليالي ألف ليلة وليلة، ويعد أحد الطقوس الأساسية عند الشرقيين، عرفه الفراعنة، وحفلت به المعابد، وارتبط بالطقوس الدينية منذ قديم الزمان، كما يعتبره معظم المسلمين جالبًا للبركة، وواقيا من الحسد..
في العالم العربي تلتصق رائحة البخور بالعديد من البيوت، وهناك من يستخدمه بشكل سلبي في أعمال السحر والشعوذة، ومنهم من يستخدمه كعلاج أو لتعطير منازلهم برائحته الذكية. وأيضا نلاحظ أن البخور ارتبط عند البعض بالمساعدة لجلب الرزق حيث يقوم الرجل بالتجول على المحلات والبيوت لتبخيرها مقابل الحصول على عائد مادي بسيط جدا، وتجده يرتدي ملابس مرقعة، ويعلق على رقبته سبحا ومخلاة مليئة بشتى أنواع البخور، ويدعو لكل من يقابله، وهناك الكثيرون يعتقدون في هؤلاء وفي مباخرهم باعتبار البخور جالبا للرزق وللبركة.
وليس هناك بلد عربي لا يعرف البخور أو المبخرة حيث يبعث الشعور بالراحة والطمأنينة في النفوس، وهناك بخور العود في البيوت العربية وهو ذو رائحة جميلة، ويعد مظهرًا من مظاهر الترحيب بالضيوف. عرف المسلمون البخور عبر العصور المختلفة، ففي عهد الدولة الفاطمية خاصة في يوم الجمعة حيث كان الخليفة يلقي خطبة الجمعة، وكان للخلفاء الفاطميين خزائن ملحقة بالقصور مخصصة لحفظ البخور.
وفي عصر الدولة المملوكية ارتفعت مكانة البخور، وكذلك المُبخر وهو الشخص الذي يقوم بمهمة التبخير، واستمرت هذه المكانة حتى العهد العثماني، واستخدمت المبخرة في مناسبات كثيرة مثل مواكب الزواج، وتبخير الموتى، وتهيئة البيوت لاستقبال الضيوف، أو الاحتفالات العائلية وغيرها. وللمسيحيين علاقة قوية بالبخور، وهو مستخدم في الكنائس منذ العهد القديم كطقس من طقوس الصلاة ورمز لصلوات القديسين المرفوعة أمام الله، باعتبار أن الإنسان لابد أن يكون ذا رائحة ذكية عندما يقف أمام الله.
ولذلك كانت الأديرة والكنائس تتعاقد مع مستوردين متخصصين لتوريد البخور إليها، وهم يرفضون الاستخدامات السلبية للبخور وفق اعتقادات غير صحيحة، واعتبر رجال الكنيسة أن اعتقاد البعض بأن البخور يطرد الشياطين، أو أنه نوع من أنواع البركة تحل على المكان الذي يستخدم فيه البخور أمر غير صحيح، خاصة أن كثيرا من أصحاب المحلات شديدي الاهتمام بتبخير محلاتهم على اعتبار أن ذلك يجلب الرزق ويبعد الحسد عنهم.
ويؤكد علماء الاجتماع وأساتذة علم النفس وأساتذة المعتقدات حول البخور والاعتقادات السائدة به في أوساط العرب والمسلمين، وكيف يستخدم، والعوامل النفسية والاجتماعية المرتبطة به، وكل ما يتعلق بهذه الثقافة.
تقول د. نهلة عبد الله إمام - مدرس العادات والمعتقدات والمعارف الشعبية بأكاديمية الفنون: إن البخور ليس عادة مصرية فقط ولا عربية فحسب، وإنما هي موجودة في العديد من الثقافات الأخرى مثل الثقافة الهندية والصينية فنجدها في المعابد باختلاف أنواعها فكان يتم استخدامها قديما نظرا للربط الشديد بين المعتقدات في طرد الأرواح الشريرة وإطلاق رائحة البخور في كل مكان.
ويؤكد د. محمد المهدي - استشاري الطب النفسي والأعصاب أن الشعوب العربية بشكل خاص تستخدم البخور في أيام معينة مثل أيام الجمعة لأنه يعطي عبقا روحانيا للمكان، كما تستخدم أيضا في حالات المرض عندما يتعذر على الآخرين فهم طبيعة المرض فيقولوا «بخروا المريض»، مما أصبح عنصر مهما في العلاج هذا طبقا لبعض معتقدات البشر، مشيرا إلى أن البخور يعطي حالة من الطمأنينة للمريض ومن حوله، كما يستخدم أيضا أثناء إقامة سبوع المولود الجديد بالعائلة لجلب الخير له.
ويرى المهدي أن استخدام البخور انطلق من خلال الطقوس القديمة العربية، ولأن رائحته تدوم لفترة طويلة فهي تعطي انعكاسا نفسيا على الإنسان بحالة من الرضا والشفافية. وفي رأى د. زينب شاهين ـ أستاذ علم الاجتماع أن استخدام البخور يرجع لقناعات الأفراد فهو عادة قديمة تجلب الخير، وتبعد كل شئ سيئ، خاصة ما يتعلق بالحسد أو العين، وتضيف: هي ممارسات شخصية لا تضر المجتمع بشيء، وإنما يرجع استخدام البخور منذ القدم إلى الطقوس الشعبية الموروثة.
أما د.صلاح الراوي - أستاذ مساعد بأكاديمية الفنون وله مؤلفات عديدة عن الثقافة الشعبية قال: إنني شخصيا أعشق البخور واستخداماته العديدة، خاصة أنه مرتبط بناحية اعتقاديه، نظرا لأن هناك العديد من الأنواع المختلفة من البخور مع استخدام «الشبه والملح» فهي عناصر متكاملة للبخور، خاصة عنصر عين العفريت.
فكثير من الشعوب العربية وفي مصر يستخدمون البخور لعلاج الكثير من الحالات من الحسد وطرد الشياطين، كما يستخدم منه نوع معين لتحضير الجن بطريقة خاصة، كما أن البخور جزء خاص بالعطارة المرتبطة بالعلوم الشعبية مثل خشب الصندل. ويرى الراوي أن استخدام البخور في جزء كبير منه عادات وتقاليد، فإنه شخصيا تمت معالجته بالبخور من خلال استخدامه «الجاوي» أثناء طفولته، كما يستخدم في حفلات الزار، كذلك ارتبط به الإنسان العربي لرائحته الذكية والطيبة التي تعلق بالمكان لفترة طويلة.
وتابع الراوي أن هناك وحدة متكاملة بين الإنسان وبين عناصر الطبيعة، ولهذا فهو بحاجة إلى استخدامه للبخور، خاصة أن البخور يستمد مكوناته من النبات وأشياء صلبة من الطبيعة.
البخور لكل المناسبات
البخور متجذر بشكل واضح في الثقافة العربية إلا أن العديد من الشعوب العربية تستخدم البخور إبان صلاة الجمعة بالأخص انطلاقا من أن استخداماته تجلب الخير والسعادة، وهى تعتبر من أهم الطقوس العربية، إلى جانب أنها توظف أيضا في حالات الفرح من خطوبة وزفاف وحناء العروسة، وسماع الأخبار السعيدة، كما أن البخور من الروائح الجميلة التي دائما ما تجد المرأة العربية والخليجية بشكل أساسي تحب أن تنثرها على عباءتها حتى تعطى لها رائحة جميلة.
أشهر أنواع البخور
أنواع البخور كثيرة منها «كناس العطار» وهي خليط من بواقي منتجات العطارة، و«الفسوك» هو نوع يستعمله الأثرياء مثل الفسوك المغربي، والصندل المختوم مثل الذهب والنحاس وهذا يصل سعره إلى آلاف الجنيهات، وكذلك الصندل العادي ويطلق عليه «صمندي كسر» ويصل سعره إلى أكثر من 300 جنيه للكيلو، وتصل أنواع البخور إلى أكثر من 70 نوعًا يتم استيراد أغلبها من الهند ودول شرق أسيا.
وكالة (دار الإعلام العربية)
يمكنك مشاهدة توقيعي بالنقر على زر التوقيع
|
|
|
المفضلات