النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: أحوال الصوفية

  1. تكبير الخط تصغير الخط
    بتاريخ : 01-04-2016 الساعة : 07:18 AM رقم #1

    Arrow أحوال الصوفية



    مراقب


    الصورة الرمزية هاشم

    • بيانات هاشم
      رقم العضوية : 124
      عضو منذ : Aug 2008
      المشاركات : 2,464
      بمعدل : 0.43 يوميا
      معدل تقييم المستوى : 40
      التقييم : Array



  2. أحوال الصوفية:

    أقوال العلماء في طريق التصوف كثيرة، ويطول ذكرها، ولكن نذكر هنا ما يدل عليه التعريف والمعنى. فالصوفي هو الذي يكون دائم التصفية، لا يزال يصفي الأوقات عن شوب الأكدار بتصفية القلب عن شوب النفس، ويعينه على كل هذه التصفية دوام افتقاره إلى مولاه . فبدوام الافتقار الى الله ينفي من الكدر، وكلما تحركت النفس وظهرت بصفة من صفاتها، أدركها ببصيرته النافذه وفر منها إلى ربه . فبدوام تصفيته جمعيته، وبحركة نفسه تفرقته وكدره، فهو قائم بربه على قلبه، وقائم بقلبه على نفسه.
    قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين) النساء:135. وهذه القوامية لله على النفس هو التحقق بالتصوف. قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: "مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا, فكانت طائفة منها طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها طائفة أخاذات أمسكت الماء فنفع الله تعالى بها الناس, فشربوا وسقوا وزرعوا، وكانت منها طائفة أخرى قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ, فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم, ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به".
    قال شيخ الإسلام أبو النجيب عبد القاهر بن عبد الله بن محمد السهروردي : أعد الله لقبول ما جاء به رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم, أصفى القلوب وأزكى النفوس, فظهر تفاوت الصفاء واختلاف التزكية قي تفاوت الفائدة والنفع. فمن القلوب ما هو بمثابة الأرض الطيبة التي أنبتت الكلأ والعشب الكثير, وهذا مثل من انتفع بالعلم قي نفسه واهتدى, ونفعه علمه وهداه إلى الطريق القويم من متابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم . ومن القلوب ما هو بمثابة أخاذات, أي كالحوض الذي يجتمع فيه الماء.
    فنفوس العلماء الزاهدين من الصوفية والشيوخ تزكت وقلوبهم صفت, فاختصت بمزيد الفائدة فصاروا أخاذات. وقال مسروق مولى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: صحبت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, فوجدتهم كأخاذات, لأن قلوبهم كانت واعية, فصارت أوعية للعلوم بما رزقت من صفاء الفهوم.
    حين نزلت الآية: (لنجعلها لكم تذكرة, وتعيها أذن واعية) الحاقة:12. قال رسول الله عليه وسلم لعلي كرم الله وجهه: "سألت الله سبحانه وتعالى أن يجعلها أذنك يا علي" قال علي كرم الله وجهه: فما نسيت شيئا بعد, وما كان لي أن أنسى. قال أبو بكر الواسطي: آذان وعت عن الله تعالى أسراره.كان عليا كرم الله وجهه قطبا كبيرا وبحرا غزيرا بالعلوم الربانية، وكان عنده أربعة أخماس العلوم, ويشارك أهل العلم بالخمس الذي لديهم. فقلوب الصوفية واعية, لأنهم زهدوا في الدنيا بعد أن أحكموا أساس التقوى, فبالتقوى زكت نفوسهم وبالزهد صفت قلوبهم, فلما جردوا نفوسهم من شواغل الدنيا, وذلك بتحقيق الزهد, انفتحت مسام بواطنهم وملأ الفيض الرباني قلوبهم.
    فعلماء التفسير وأئمة الحديث وفقهاء الإسلام أحاطوا علما بالكتاب والسنة, واستنبطوا منهما الأحكام, وردوا الحوادث المتجددة إلى أصول النصوص والأحكام, وحمى الله بهم الدين، ووضع علماء الإسلام علم التأويل، وعلم التفسير, ليسهل على العامة فهم نصوص وأحكام الكتاب والسنة, وتمهدت الشريعة وتأيدت, واستقام الدين الحنيف, وتأصل الهدى النبوي, فأنبتت قلوب العلماء الكلأ والعشب بما قبلت من مياه الحياة من الهدى والعلم . قال الله تعالى: (أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا, ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله, كذلك يضرب الله الحق والباطل, فأما الزبد فيذهب جفاء, وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ) الرعد:17.
    قال ابن عباس رضي الله عنهما: الماء: العلم, والأودية: القلوب. قال أبو بكر الواسطي رضي الله عنه: خلق الله تعالى ذرة صافية فلاحظها بعين الجلال, فذابت حياء منه فسالت. فصفاء القلوب من وصول ذلك الماء إليها, وقال ابن عطاء:"أنزل من السماء ماء" هذا مثل ضربه الله تعالى للعبد, وذلك إذا سال السيل في الأودية لا يبقى في الأودية نجاسة إلا كنسها وذهب بها, كذلك إذا سال النور الذي قسمه الله تعالى للعبد في نفسه لا تبقى فيه غفلة ولا ظلمة . "أنزل من السماء" يعني قسمة النور،"فسالت أودية بقدرها" يعني في القلوب الأنوار على ما قسم الله تعالى لها في الأزل،" فأما الزبد فيذهب جفاء" فتصير القلوب مستنيرة لا تبقى فيها ظلمة، "وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"، تذهب البواطل وتبقى الحقائق.
    وقال بعضهم "أنزل الله من السماء ماء"، يعني، أنواع الكرامات, ليأخذ كل قلب بحظه ونصيبه, فسالت أودية قلوب علماء التأويل والتفسير والحديث والفقه بقدرها, وسالت أودية قلوب الصوفية من الزاهدين في الدنيا المتمسكين بحقائق التقوى بقدرها, فمن كان في باطنه لوث محبة الدنيا من فضول المال والجاه وطلب المناصب والرفعة, اتسع وادي قلبه بقدره, فأخذ من العلم طرفا صالحا ولم يحظ بحقائق العلوم. ومن زهد في الدنيا, وترفع طلب الجاه والمناصب, اتسع وادي قلبه فسالت فيه مياه العلوم واجتمعت وصارت أخاذات. قال بعض الفقهاء: "التصوف كله اضطراب، فإذا وقع السكون فلا تصوف، والسر فيه أن الروح مجذوبة إلى الحضرة الإلهية، ومتطلعة ومنجذبة إلى مواطن القرب الإلهي, ولابد للصوفي من دوام الحركة والتفكر بدوام الإفتقار, ودوام الفرار إلى الله, من مغريات الدنيا ومتطلبات الجسد". ومن وقف على هذا المعنى يجد في معنى التصوف جميع المتفرع في الإشارات والعبارات, وحال المتصوف في تقلبه في الأحوال وارتقائه في المقامات لا يقيده وصف ولا يحبسه نعت, وأبواب المزيد علما وحالا عليه مفتوحة.
    فالمتصوفة طائفة صالحة ذات أحوال سنية وصدق في العزيمة وقوة في الدين ظهرت بعد انقطاع النبوة والوحي السماوي، وبعد أن توارى نور المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، الذي أحبوه فأحبهم، ولا زالوا يتقربون إليه ولا يبخل عليهم بالتقرب منهم ومعرفة أحوالهم, كما في قوله صلى الله عليه وسلم:"المرء مع من أحب، أو أنت مع من أحببت".
    فقد اختلفت الآراء وتنوعت المذاهب بعد غياب الوحي السماوي، فتفرد كل ذي رأي برأيه, وتكدر لوح العلوم بشرب الأهوية، وتزعزعت أبنية المتقين واضطربت عزائم الزاهدين، وغلب الجهل وكثف حجابه, وتزخرفت الدنيا وكثر خطابها، وتفرد طائفة بأعمال صالحة وأحوال سنية وصدق في العزيمة وقوة في الدين, وزهدوا في الدنيا واغتنموا العزلة والوحدة، واتخذوا لنفوسهم زوايا يجتمعون فيها تارة، وينفردون أخرى، أسوة بأهل الصفة، الذين قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم، لما رأى فقرهم وجهدهم وطيب قلوبهم : " أبشروا يا أصحاب الصفة، فمن بقي منكم على النعت الذي أنتم عليه اليوم راضيا بما هو فيه، فإنه من رفقائي يوم القيامة".
    فهم طائفة تركوا الأسباب، متبتلين إلى رب الأرباب، وتهيأ لهم صفاء الفهوم لقبول العلوم، وصار لهم بعد اللسان لسان، وبعد العرفان عرفان، وبعد الإيمان إيمان، فصار لهم بمقتضى ذلك، علوم يعرفونها، وإشارات يتعاهدونها، فحرروا لنفوسهم اصطلاحات تشير إلى معان يعرفونها، وتعبر عن أحوال يجدونها.
    وغابت تلك المعاني والأحوال لمن جهل أمرهم ولم يطلع على أسرارهم. صار ذلك لهم منهجا مستمرا وخبرا مستقرا في كل عصر وزمان, فظهر اسم الصوفي بينهم وتسموا به، فالإسم سمتهم والعلم بالله صفتهم, والعبادة حليتهم, والتقوى شعارهم, وحقيقة الحقيقة سرهم . لهم من إمداد فضل الله مزيد، ولهيب شوقهم يتأجج إلى البارئ، ويقولون : اللهم هل من مزيد ؟. قال الله تعالى: (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار) النور:36-38.
    وقال الله تعالى: (للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض، يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا) البقرة:273. فالصوفية أوفر الناس حظا في الاقتداء برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم, وأحقهم بإحياء سنته الشريفة والتخلق بأخلاقه, فهم أحيوا سنته صلى الله عليه وسلم, لأنهم وقفوا في بداياتهم لرعاية أقواله, وفي وسط حالهم اقتدوا بأعماله فأثمر لهم ذلك أن تحققوا في نهايتهم بأخلاقه, وتحسين الأخلاق لا يأتي إلا بعد تزكية النفس, الذي يشترط الإذعان لسياسة الشرع واتباع السنة.
    والصوفية كلهم عدول في الشرع, اختارهم الله عز وجل لدينه, فمن دقق النظر علم أنه لا يخرج شئ من علوم أهل الله تعالى عن الشريعة والسنة, لأنهما هما وصلتهم إلى الله عز وجل في كل لحظة, وأن علم التصوف من عين الشريعة والسنة, ولذلك قال الجنيد رحمه الله تعالى: "علمنا هذا مشيد بالكتاب والسنة", ردا على من توهم خروجه عنهما . وقد أجمع علماء التصوف على أنه لا يصلح للتصدر في طريق الله عز وجل الا من تبحر في علم الشريعة والسنة , وعلم منطوقها ومفهومها وخاصها وعامها وناسخها ومنسوخها, وتبحر في لغة العرب حتى يعرف مجازاتها واستعاراتها وغير ذلك, وكل صوفي فقيه, وما ينكر أحوال الصوفية الا من جهل أحوالهم . إن أهم ركائز علم الصوفية، الإيمان والتقوى والاستقامة, قال الله تعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون) الأعراف:96.
    أي أطلعهم الله تعالى على العلوم المتعلقة بالعلويات والسفليات, وأسرار الجبروت وأنوار الملك والملكوت, لما آمنوا به وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وداوموا على عبادته وذكره. قال الله تعالى: (واتقوا الله ويعلمكم الله) أي يعلمكم من العلوم الإلهية ما لم تكونوا تعلمونه بالوسائط, ولذلك أضاف التعليم إلى اسم الله الذي هو دليل على الذات, وجامع الأسماء والأفعال والصفات, وقوله تعالى: (قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء, والله واسع عليم, يختص برحمته من يشاء, والله ذو الفضل العظيم) آل عمران:74. لا يقتصر الله علمه على أحد, فمن أين لكم أنه لا يؤتى أحد مثل أوتيتم والله كثير الفضل. وقوله تعال: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) الأعراف:96. أي لأنزل الله عليهم المطر والرحمة من السماء, ورضوان ومغفرة منه تعالى, وأخلرج لهم خيرات الأرض من نبات ,علم وجعل لهم فيها الأمان وعم السلام.
    فعليك التصديق والتسليم لهذه الطائفة ولا تتوهم فيم يفسرون به الكتاب والسنة أن ذلك إحالة للظاهرعن ظاهره, ولكن لظاهر الآيات والأحاديث مفاهيم بحسب معارف الناس وتفاوتهم في الفهم. فمن المفهوم ما جلب له الآية والحديث ودلت عليه في عرف اللسان وثم إفهام آخر باطنه يفهم من صيغ الآية أو الحديث, لمن فتح الله تعالى عليه, إذ، قد ورد في الحديث النبوي أن لكل آية ظاهرا, وباطنا, وحدا, ومطلعا, إلى سبعة أبطن وإلى سبعين. فالظاهر: هو المعقول والمقبول من العلوم النافعة التي تكون بها الأعمال الصالحة.
    الباطن: هو المعارف الإلهية.
    المطلع: هو معنى يتحد فيه الظاهر والباطن.
    الحد: وهو الذي يكون طريقا إلى الشهود الكلي الذاتي.
    فلا يصدنك عن تلقي هذه المعاني الغريبة عن فهوم العلوم من هذه الطائفة الشريفة, قول ذي جدل ومعارضة. إن هذا إحالة لكلام الله تعالى, وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم, وغير ذلك، فإنه ليس بإحالة, وإنما يكون إحالة لو قالوا: لا معنى للآية الشريفة أو الحديث إلا هذا الذي قلناه ! وهم لم يقولوا ذلك، بل يقرون الظواهر على ظواهرها, مرادا بها موضوعاتها, ويفهمون عن الله تعالى في نفوسهم ما يفهمهم بفضله، ويفتحه على قلوبهم برحمته ومنته. ومعنى الفتح في كلام الصوفية هو كشف حجاب النفس أو القلب أو الروح أو السر, لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من القرآن الكريم والأحاديث النبوية.
    ويتصف الصوفي بالهمة, وهي الإرادة التي تعني الإقبال بالنفس في حال جمعيتها والتوجه إلى الله والتهيؤ لقبول فيضه. فأحوال الصوفية أحوال إرادية لا صلة لها بالإدراك العقلي المنطقي, والفيض يمد همة الصوفي لا عقله.
    ويقول الصوفية أن العلم الباطن أو الغيبي يفيض عليهم من مشكاة خاتم الرسل, وبذلك يكون محمد صلى الله عليه وسلم, أو الحقيقة المحمدية, أو روح محمد، مبدأ كل كشف, وإلهام, ومصدر كل علم باطني، ويؤمنون بأن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يمد المخلوقات, بالأسماء الإلهية المتجلية في الموجودات على اختلاف أنواعه , وأنه هو وحده المظهر الكامل لها جميعها, وبذلك استحق إسم عبد الله, والله اسم جامع لجميع الأسماء الإلهية, ولأن محمدا صلى الله علسه وسلم واسطة الخلق, وحلقة الإتصال بين الذات الإلهية والمظاهر الكونية، فهو بمثابة العقل الأول في الفلسفة الإفلاطوتية الحديثة, وبمثابة المسيح في الفلسفة المسيحية, وبمثابة" المطاع" في فلسفة الغزالي.
    يعتقد الصوفية بأن في العالم أجسام وأرواح, منها الكثيف ومنها اللطيف, وكلها حجب تستر الذات الإلهية وتمنعها من الظهور عارية عن كل تعين, كما تحول بيننا وبين إدراك تلك الذات على حقيقته. ويستشهدون في هذا المعنى بحديث كثيرا ما رددوه وذهبوا في تأويله وهو:" أن لله سبعين ألف حجاب من نور, وظلمة لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه البصر من خلقه" والمراد بالوجه الذات الإلهية, وبالحجب التعينات الكونية.
    فالعالم الذي هو صورة الله هو عين الحجاب الذي يستر الله, ولا يدرك العالم من الله إلا بمقدار ما يتجلى فيه من أسرار الحق، كما في قوله تعالى: (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب) الشورى:51. ولهذا لا يدرك شيء مما في العالم كما يدرك الحق نفسه, ويعترف العارفون بأن الوجود المطلق بعيد المنال حتى على ذوق الصوفي، ولهذا أجمع الصوفية على ضرورة العمل لرفع ذلك الحجاب – حجاب الإنية - وجعلوا غاية طريقتهم الفناء عن الصفات البشرية المشار إليها بالإنية.
    والقلب عند الصوفية هو محل الكشف والإلهام, وأداة المعرفة, والمرآة التي تتجلى على صفحتها معاني الغيب, ويداوم على الذكر بالقلب واللسان, ويستقبل القلب علم الباطن الذي لا يكتسب بالعقل كالحكمة فهي علم رباني يلقى في القلب ولا تكتسب كالعلوم الأخرى,كما في قول الله تعالى: (يؤتي الحكمة من يشاء, ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا) البقرة:269.
    والفناء عندهم حال يتحقق فيها الصوفي من اتحاد موجود بالفعل, كان قد حجبه عنه انشغاله بأنيته: فليس في الأمر في زعمهم تحول في الصفات ولا صيرورة ولا حلول, وإنما تحقق من زوال الصور الفانية وبقاء الذات الأبدية, أما حقيقة هذه الذات المطلقة فلا يرقى إليها إنسان أيا كان, فلا يزال الحق من هذه الحقيقة غير معلوم علم ذوق وشهود.
    والصوفي الكامل يراقب نفسه في كل حين ليقف على مدى استعداده الروحي, لأن قلب الصوفي مرآته التي يرى فيها تجلي الحق, فهو يتغبر في كل لحظة مع تغير التجلي الهي, واللحظة التي يكون فيها الصوفي حاضرا بقلبه مع الله ويدرك فيها ناحية من نواحي استعداده الروحي هي التي يسميها الصوفية" الوقت". ولذالك يقال: الصوفي بحكم وقته, والصوفي ابن وقته.
    ومن الصوفية من يسأل إستعجال الإجابة, وإنما امتثالا لأمرالله تعالى في قوله: (وقال ربكم ادعوني استجب لكم) غافر:60. وليس المراد بالاستجابة منح الشيء المسؤل فيه دائما, فإن المسؤل فيه لا يتحقق إلا إذا اقتضته طبيعة الشيء نفسه ووافق السؤال فيه الوقت المقدرله. أما إذا اختلف الوقت فلا استجابة إلا الاستجابة بلفظ" لبيك", وهي تختلف عن الاستجابة الحقيقية التي يلزم عنها منح المطلوب.
    يعتبر الصوفية أن الولاية أساس المراتب الروحية كلها, فكل رسول ولي, وكل نبي ولي، وأخص صفات الولي أيا كان، المعرفة، أي العلم الباطن الذي يلقي في القلب القاء ولا يكتسب بالعقل عن طريق البرهان, وهومختلف عن العلم الموحى به في مسائل التشريع . فالأنبياء أولياء لأنهم فوق معرفتهم الكاملة بالله يعلمون شيئل من عالم الغيب.
    والرسل أولياء لأنهم يجمعون بين معرفتهم الكاملة بالله وبين العلم الخاص بالشرائع التي أرسلوا بها . والنبوة والرسالة تنقطعان لأنهما مقيدتان بالزمان والمكان, أما الولاية فلا تنقطع أبدا, لأن المعرفة الكاملة بالله لا تحد بزمان أو مكان, ولا تتوقف على أي عامل عرضي . وهناك فرق آخر, وهو أن العلم الشرعي يوحى به إلى الرسول على لسان الملك, أما العلم الباطن عند الولي, سواء كان رسولا أو نبيا أو محض ولي, فهو إرث يرثه الولي من خاتم الأولياء، الذي يرثه بدوره من منبع الفيض الروحي: روح محمد صلى الله عليه وسلم, أو الحقيقة المحمدية.
    خاتم الأولياء وحده من بين ورثة العلم الباطن هو الذي يأخذ علمه مباشرة عن روح محمد صلى الله عليه وسلم, التي يرمز إليها الصوفية عادة باسم " القطب". ولا يقصد بالحقيقة المحمدية, أو روح محمد, محمد النبي بل حقيقته القديمة التي تقابل العقل الأول عند افلاطون, و"الكلمة" عند المسيحيين, والتي يقول ابن العربي إنها المقصودة في الحديث" كنت نبيا وآدم بين الماء والطين" لا بمعنى وجدت حقيقتي أو روحي التي هي العقل الإلهي قبل أن يوجد آدم.
    فالولي لا يأتي بشرع جديد, وإنما يأتي بالفهم الجديد لبعض نصوص الكتاب والسنة, الذي لم يكن يعرف لأحد قبله, ولذلك يستغرب هذا الفهم العامة من الناس فيصدون عن الإيمان بأهل الطريق ويقولون هذا تأويل وتفسير للنصوص القرآنية, أو الحديث لم يقله أحد على وجه الذم . وكان الأولى أخذه على وجه الاعتقاد واستفادته من قائله, ومن كان شأنه الإنكار فهو شأنه ولن ينتفع بأحد من أولياء الله.
    يتوجه الصوفي بقلبه وجوارحه ولسانه إلى الله ورسوله, ويداوم على الذكر بالقلب واللسان حتى يرتقي إلى ذكر الذات, ويصيرحينئذ بمثابة العرش, فالعرش قلب الكائنات في عالم الخلق, والحكمة والقلب عرش في عالم الأمر والقدرة .
    والقلب عند الصوفية يقول الشعراني في كتابه "الطبقات الكبرى": " ثم اعلم يا أخي رحمك الله, إن علم التصوف عبارة عن علم انفتح في قلوب الأولياء حين استنارت بالعمل بالكتاب والسنة, فكل من عمل بهما انقدح له من ذلك علوم وأداب وأسرار وحقائق تعجز الألسن عنها، نظير ما انقدح لعلماء الشريعة من الأحكام, حين عملوا بما علموه من أحكامه".
    يتمسك الصوفية بأداب عامة منها :
    أنه من شأن كل العباد ألا يقفوا مع شيء من المواهب التي منحهم الله إياها، وينسون حقوقه عليهم . فجميع ما يطلب العبد في الدنيا والآخرة لا يخرج إلا من خزائن الله تعالى، كما في قوله: (وإن من شيء إلا وعندنا خزائنه، وما ننزله إلا بقدر معلوم) الحجر:21. ومن علم هذا ذوقا لم يلتفت لسواه، ومن رضي به، لم يسأل ما زوي عنه من حظوظ الدنيا والآخرة إذا كان الله عوضا له عن كل شيء.
    فإذا علمت ذلك، فالعبد إنما وظيفته امتثال الأمر، واجتناب النهي، إجلالا لله تعالى، لا طمعا في شيء، ولا خوفا من شيء. هذا هو اللائق بالأدب، لأن العبد إنما يعمل لنفسه، فكيف يطلب أجرا على ما عمله لها ؟ (والله خلقكم وما تعملون) الصافات:96.
    واعلم أن العوام أمرهم محمود في ذلك إن شاء الله تعالى، فيسألونه ويعطيهم ويرونه فضلة ونعمة، ويقولون نحن غارقون في نعمة الله، وباطنهم سليم لله تعالى، وإنما يقام هذا الميزان على أصحاب الدعاوى والتكبرعلى الخلق بعبادة الله تعالى، من الذين لا يعلمون حقيقة عبوديتهم، وطغو فيما ليس من وصفهم. فالعبد المخلص لا يستحق على سيده أجرة بخدمته له، وإن طلبها أساء الأدب. فالعبد إنما يخدم سيده امتثالا لأمره، وهو سبحانه وتعالى يعطيه ما وعده، فهو لا يخلف الميعاد.
    مع أن العمل يطلب الأجرة بذاته، ثم يعود ذلك إلى العامل، ولذلك قالت الرسل عليهم الصلاة والسلام، عن أمر الله تعالى لأممهم، تعريفا لهم بما الأمرعليه: (ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله) هود:29. فذكروا استحقاق الأجر على من يستعملهم، واختص الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بفضيلة لم ينلها أحد غيره، عاد فضلها على أمته مع إبقاء أجره على الله، كالرسل قبله . فأمره الحق أن يأخذ أجره الذي له على رسالته من أمته، وهو ألا يؤذوا قرابته، فقال الله تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجرا، إلا المودة في القربى) الشورى:23
    فتعين على أمته أداء ما أوجب الله عليهم من حب قرابته وأهل بيته . فعلم أن الأجور مترددة بين الحق والخلق . للحق أجر على خلقه، لأعمال عملها لهم، وللخلق أجرعلى الله فضلا منه ومنة بأعمال عملوها له، لأنهم طريق لظهور هذه الأجور, فلولا وجود الخلق في ذلك،لم يظهر للأجر عين. ينبغي للعبد أن يثق بضمان الله تعالى، ولا يكون عنده اتهام لله تعالى في شيء، لأنه عبده، وليس للعبد عنده شيء يطلبه منه، ويتهمه فيه.
    فمتى لم يكن له وثوق بضمان الله ووعده، فهو ناقص الإيمان، وعلامة الوثوق أن يتساوى عنده الغائب والحاضر، فلا فرق. فاحذر أن يكون في باطنك اتهام، لأنه عند الله تعالى، كالتصريح باللسان. وأنت لو قلت صراحة: أنا لا أثق، ولا أصدق بما وعد الله تعالى، حكمت الشريعة بهلاكك, فمن هو عند الله بهذه المثابة، فكيف يعد نفسه مسلما ؟
    فالإسلام هو التصديق بحميع ما أخبر لله, فافهم ذلك! واعلم أن العبادة بلا علة من طلب ثواب وغيره، من أحوال المريدين، يتلبسون بها ذوقا، أول دخولهم في الطريق، ولذلك قال بعض العارفين: نهاية الفقيه، مبتدأ الفقير، لأن أعلى أحوال الفقيه، أن يخلص في علمه وعمله لله تعالى، ويشهد إخلاصه، ولا يطلب عليه ثوابا,وهو لا يرغب أن يذوق غير هذا . وهذا أول دخول المريد في الطريق، ثم يترقى إلى مقامات وأحوال بحسب حظه ونصيبه، على أن يغيب عن ملاحظة نفسه، هذا كله بما كشف له من جلال وعظمة الله، لأن من ذاق شيئا من ذلك، شغله عن متطلبات نفسه.
    وانظر العبد لما تصيبه مصيبة، يصير صاحبه جالسا، وهو يدخل ويخرج، فإذا قال له صاحبه: من زمان أنا جالس في انتظارك! قال له: والله من الهم ما رأيتك!، مع سلامة حاسة بصره، لكن القلب مشغول، والجوارح تبع له، فافهم ! . إن كل من أعطي شيء، فهو الأكمل في حقه، والأصلح، حكمة بالغة من حكيم عليم، فالأكمل في حق الأنبياء النبوة، وفي حق الولي الولاية، وفي حق المؤمن الإيمان، وفي حق العالم العلم، وفي حق المحترف الحرفة، وفي حق غير المحترف عدمها، وهكذا , وهنا أسرار يعلمها أهل الله تعالى.
    فطلب العبد الإنتقال من الحالة التي هو فيها، اختيار غير ما اختار الله له، وهو مؤذن بأنه يدعي أنه أعلم بمصالحه من الله، فكفى به جهلا وكفرا، وكل ما ذكرناه مأخوذ من قول الله تعالى : (الله الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى) طه:5. فافهم ! ومن شأن أهل الرجاء والرضا أن لا يشهدوا لهم ملكا لشيء، لا ظاهرا ولا باطنا، والمدد من شهود ذلك، ذوقا لا علما.
    لأن الذوق لا يتوقف على دليل، فهو أقوى، وصاحب العلم لولا الدليل ما علم! ولا ينسب الملك إلا من نسب إليه دليله. فالقاصر من الفقراء، يغلب عليه شهود الملك لله تعالى، مع قطع النظر عن ملك الخلق أصلا ورأسا, والكامل من الفقراء، من يشهد الملك لله رب العالمين، مع شهود نسبة الملك للعبد، ولا يحجبه هذا عن هذا، لأنه يشهد أن ملك العبد بتمليك الله تعالى له، فضلا منه ونعمة.
    قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه:" احذر من دعوى الملك لشيء من باطنك أو ظاهرك، لأن كل عبد ادعى ملكا حقيقة، فليس بمؤمن، لأن الله تعالى قال : (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم) التوبة:111. فالمؤمن من باع نفسه لله تعالى، بمعنى، أنه لم تبق عنده منازعة لله فيما هو له تعالى، فاحفظ نفسك من دعوى تسلب عنك الإيمان، والزم الأدب، فإنه باب لكل خير، ولا تجادل فتهلك ".
    كما أن الإرث لله من عباده, قال الله تعالى: (وإنا لنحن نحي ونميت ونحن الوارثون) الحجر:23.
    فأصحاب النظر القاصر، وقفوا مع ظاهر ما نسب إليهم، وأهل الله علموا الوجوه من ذلك وكادوا أن يذوبوا من الحياء والخجل، لعلمهم بأسرارخطاب الحق لهم، وما فيه من التوبيخ والتقريع لأنهم أهل القرب والمجالسة، فهم يفهمون، أنه لولا علم منا المنازعة له ودعوى الملك، لما قال سبحانه وتعالى: (إن الله اشترى من المؤمنين انفسهم وأموالهم) التوبة:111. وكذلك في قوله تعالى: (إن اصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون) يس:55. ونحو ذلك من الأغيار ولذلك قال بعض العارفين: اللهم لا تجعلني منهم، ومن شأنهم أن يروا جميع النعم التي بأيديهم لوجهين، وجه نعمة، ووجه بلاء ومحنة. فربما أتت النعم في المحن، فالعبد يعطي الوجهين حقهما، فيرى النعم من وجه النعمة، ويعترف بعجزه عن القيام بشكرها، ويراها من وجه البلاء والمحنة، فيخاف من المكر والاستدراج, كما في قوله تعالى: (سنستدرجهم من حيث لا يعلمون) القلم:44.
    فإذا نظرها بهذا الوجه، أمن إن شاء الله من التكبر بها على من لم يعطاها، لأن النفس إذا رات ما فيه من النعم الظاهرة والباطنة، من الأحوال والعلوم والمواهب والمعارف والكشوفات، ورأت تعظيم الخلق لها، بسبب ذلك، طغت وتكبرت.
    قال الله تعالى: (كلا إن الإنسان ليطغى، أن رآه استغنى) العلق:6-7. حقا إن الإنسان ليطغى ويتكبر إذا كثر ماله, وينسى أن الله هو الرزاق والوهاب, نزلت الآية في أبي جهل, ولم يعلم أن البلايا أكثر من النعم في الدنيا، فإنه ما من نعمة ينعمها الله على عبده تكون خالصة من البلاء, وإن الله تعالى يطالبه بالقيام بحقها من الشكر عليها وإضافتها إلى من يستحقها بالإيجاد، وان يصرفها في الوجه الذي امر الحق أن يصرفها فيه. وكذلك في الرزايا، هي في نفسها مصائب وبلايا، ويتضمنها من التكليف، ما تضمنته النعم من طلب الصبر عليها، ورجوعه إلى الحق تعالى في رفعها، وتقلبها بالرضا والصبر الذي هو حبس النفس عن الشكوى بالله إلى غير الله.
    قال ابن العربي رضي الله عنه في رسالة بعثها إلى الشيخ فخر الدين الرازي، وهو من العلماء الذين انتهت إليهم الرئاسة في الاطلاع على مختلف العلوم:"اعلم يا أخي وفقنا الله وإياك, أن الرجل لا يكمل عندنا في مقام العلم حتى يكون علمه عن الله عز وجل بلا واسطة, من نقل أو شيخ، فإن من كان علمه مستفادا من نقل أو شيخ, فما برح عن الأخذ عن المحدثات وذلك معلول عند أهل الله عز وجل ومن قطع عمره في معرفة المحدثات وتفاصيلها، فاته حظه من ربه عز وجل، لأن العلوم المتعلقة بالمحدثات يفني الرجل عمره فيها ولا يبلغ إلى حقيقتها، ولو أنك يا أخي سلكت على يد شيخ من أهل الله عز وجل لأوصلك إلى حضرة شهود الحق تعالى فتأخذ عنه العلم بالأمور من طريق الإلهام الصحيح من غير تعب ولا نصب ولا سهرولا واسطة، كما أخذه الخضر عليه السلام، فلا علم إلا ما كان عن كشف وشهود، لا عن نظر وفكر وظن وتخمين".
    قال الصدر القونوي الرومي تلميذ ابن العربي عن المناوي:كان شيخنا ابن العربي متمكنا من الاجتماع بروح من شاء من الأنبياء والأولياء على ثلاثة أحوال: إن شاء استنزل روحانيته في هذا العالم, وأدركه متجسدا في صورة مثالية شبيهة بصورته الحسنة العنصرية التي كانت له في حياته الدنيا, وإن نشاء أحضره في نومه, وإن شاء انسلخ من هيكله واجتمع به.
    وقال الشعراني في كتاب" الأجوبة المرضية": وذكر محي الدين ابن العربي في كتابه "الفتوحات المكية": أن الكعبة كلمته, وكذلك الحجر الأسود, وأنها طافت به ثم تلمذت له وطلبت منه ترقيتها إلى مقامات في طريق القوم, فرقاها وناشدها أشعارا وناشدته, وحاشا أولياء الله أن يخبروا بخلاف الواقع والله أعلم.
    وقال القونوي يحكى عن نفسه: أنه قد اجتهد شيخي العارف ابن العربي أن يشرفني ويوصلني إلى المرتبة التي يتجلى فيها الحق تعالى للطالب بالتجليات البرقية في حياته, فما أمكنه, فزرت قبره بعد موته ورجعت, فبينما أنا أمشي في الفضاء عند ترسوس في يوم صائف والزهور يحركها نسيم الصبا, فنظرت إليها وتفكرت في قدرة الله تعالى وكبريائه وجلاله فشغفني حب الرحمن حتى كدت أغيب عن الأكوان, فتمثل لي روح الشيخ ابن العربي في أحسن صورة كأنه نور صرف، فقال: يا محتار انظر إلي, وإذا الحق جل وعلا تجلى لي بالتجلي البرقي من الشرف الذاتي, فغبت عني به فبه على قدر لمح البصر, ثم أفقت حالا, وإذا بالشيخ الأكبر بين يدي, فسلم سلام المواصلة بعد الفرقة وعانقني معانقة مشتاق وقال: الحمد لله الذي رفع الحجاب وواصل الأحباب, وما خيب القصد والاجتهاد والسلام. وكان الشيخ الكامل أبو يزيد البسطامي رضي الله عنه يقول لعلماء عصره:" أخذتم علمكم من علماء الرسوم ميتا عن ميت, وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت". وقال الشيخ أحمد الادريسي, وهو من أحفاد الرسول صلى الله عليه وسلم:" أخذنا العلم من أفواه الرجال كما تأخذون, ثم عرضناه على الله والرسول, فما أثبته الرسول أثبتناه, وما نفاه نفيناه, فوالله العظيم لو ما قال لي قل ما قلت ! وويل لي يوم العرض على الله ان غيرت أو بدلت".
    فاعلم أرشدني الله وإياك إلى مناهج التسليم والتصديق, أذاقنا جميعا حلاوة الإيمان والتحقيق, أن العلم ينقسم بحسب ما يجب اعتباره هنا إلى قسمين: علم الظاهر وعلم الباطن.
    علم الظاهر: فالمراد به العلم الشرعي لما يلزم المكلف في أمر دينه عبادة ومعاملة, وهو يدور على التفسير والحديث, وعد منه النحو واللغة وأصول الفقه ونحوها على ما هو مبين في كتب أهل العلم.
    علم الباطن : فهو نوعان :
    الأول: أصول علم المعاملة: وحقيقته النظر في تصفية القلب وتهذيب النفس, باتقاء الأخلاق الذميمة التي ذمها الشرع كالرياء, والعجب, وحب العلو, والثتاء, والفخر, ليتصف بالأخلاق الحميدة كالإخلاص, والشكر, والصبر, والزهد, والتقوى, والقناعة ليصلح عند إحكامه لذلك، لعمله بعلمه، حتى يرث ما لم يعلم.
    فعلمه بلا عمل وسيلة بلا غاية, وعكسه جناية, واتفاقهما بلا ورع،كلفة بلا أجرة, فأهم الأمور زهد واستقامة لينتفع بعلمه وعمله, وهذا النوع فرض عين في تقوى علماء الآخرة, فالمعرض عنه هلك بسطوة ملك الملوك في الآخرة, كما أن التمنع عن الأعمال الظاهرة هلك بسيف سلاطين الدنيا، بحكم فتوى فقهاء الدنيا.
    الثاني: المكاشفة: وهو نور يظهر في القلب عند تزكية النفس, فتظهر المعاني المجملة فتحصل لصاحبه المعرفة بالله تعالى وبأسمائه, وصفاته, وكتبه, ورسله, وتنكشف له الأستار عن مخبئات الأسرار, فافهم وسلم تسلم, ولا تكن من المنكرين, فتهلك مع الهالكين.
    وهذا النوع هو الذي قال فيه بعض العارفين: من لم يكن له نصيب من هذا العلم, أخشى عليه سوء الخاتمة, وأدنى النصيب منه التصديق به وتسليمه لأهله, والله تعالى أعلم, ثم أن علم الباطن بنوعيه هو غاية العمل بعلم الظاهر وزبدته ونتيجته المقصودة منه وثمرته, وذلك أن العبد أذا عمل بالشريعة ووقف عند حدودها المرسومة, بالمحافظة على شروطها, وآدابها المعلومة يستضيء قلبه لا محالة من فضل الله تعالى بأنوار الايمان, فينقدح له في الباطن ما لا يكيف من غرائب العلوم, والآداب, وأسرار الحقائق والعرفان, فيطلع من علوم الشريعة وآدابها على ما لا تحيط به الأفكار, ويتحقق من المعارف الإلهية, والأسرار الربانية بما يحير أذهان النظار.
    فحقيقة الصوفي فقيه يعمل بعلمه لا غير, فيورثه الله الإطلاع على دقائق الشريعة وأسرارها, حتى يصير مجتهدا في طريق الفيض والأسرار, كما هو شأن الآئمة المجتهدين في الفروع الشرعية, ولذلك شرعوا في الطريق واجبات, و محرمات, ومندوبات, ومكروهات.
    كذلك استنبط علماء الباطن من نصوص الشريعة أحكاما ووقائع في الباطن لا تحصى عن طريق الإجتهاد. فالاجتهاد واقع في دولة الباطن كما هو في دولة الظاهر, ولا غنى لإحداهما عن الأخرى, فحقيقة بلا شريعة باطلة, وشريعة بلا حقيقة عاطلة ناقصة. فالفريقان يغترفان من عين واحدة, وكما أنه لا يخرج شيء من علوم علماء الظاهر, من الشريعة, فكذلك لا يخرج شيء من علوم علماء الباطن عنها.
    وكيف تخرج علوم أهل الباطن عن الشريعة, والشريعة هي وسيلتهم إلى الله في كل لحظة؟ قال صلى الله عليه وسلم:" من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم". فعلم أن العلوم التي امتاز بها أهل الله تعالى عمن عداهم إنما هي أسرار يبديها الحق تبارك وتعالى إلى أمناء الأولياء وسادات النبلاء من غير سماع ولا دراسة, ولم يطلع عليها الا الخواص.
    وللعارفين خزائن أودعوها علوما غريبة وأنباء عجيبة يتكلمون فيها بلسان الأبدية, ويخبرون عنها بعبارة أزلية وهي من العلم المجهول، وتعني جملة" بلسان الأبدية وعبارة أزلية" اأنهم ينطقون بالله . وقال صلى الله عليه وسلم : "إن من العلم كهيئة المكنون لا يعلمه إلا العلماء بالله تعالى, فإذا نطقوا به لا ينكره عليهم إلا أهل الغرة بالله".
    اختص علماء الباطن بالدلالة على الله تعالى, والهداية إلى الطريق الموصلة إليه سبحانه وتعالى دون غيرهم, فمما اختص به علماء الباطن عن غيرهم علمهم بالطريق الموصلة إلى العمل بالكتاب والسنة, ومما اختصوا به أيضا عمن سواهم , معرفتهم بأمراض القلوب على كثرتها, واختلاف أنواعها, باختلاف مراتب النفس, ومعرفنهم بأدويتها جملة وتفصيلا.
    ومن ذلك أيضا معرفتهم بآداب حضرات الحق جل وعلا في بساط التكاليف الشرعية, في جميع مقامات الدين, فإن لكل مقام منها آدابا تخصه لا يعرف الطريق الموصلة إلى العمل بتلك الآداب إلا علماء الباطن.
    قال الشيخ علي ابن محمد وفا: من التفقهين تستفيد دعوى العلم بأحكام الدين, ومن العلماء العاملين تستفيد العمل بأحكام الدين, فانظر أي الفائدتين أقرب قربى عند رب العالمين فاستمسك بها, وإذا قال لك المتفقهون ماذا استفدت من الصوفية الصادقين, فقل لهم استفدت منهم حسن العمل بما استفدته منكم من أقوال أحكام الدين.
    كذلك اختص الصوفية أيضا بما لم يشاركهم فيه غيرهم من علوم المعارف الإلهية والحقائق الفردانية, في بساط المكاشفات وحظوات المشاهدات, لأنهم حصلوا على علم التوحيد الخاص بالكمل من الخواص, عن طريق الكشف الحقاني والشهود العياني.
    وهذا العلم يسمى علم المكاشفة, لأن صاحبه يكشف من المعرفة بالله تعالى, وبأسمائه الحسنى, وبصفاته العليا بما لا تدركه العقول, ولا يأتي عليه المقول, وهو أعلى الدرجات في التوحيد, لأنه أما تقليدي وهو توحيد العوام, وأما نظري وهو توحيد أهل ألنظر من علماء الظاهر القاصرين عن رتبة أهل ألأذواق العرفانية, وأما كشفي شهودي وهو توحيد العارفين بالله تعالى. وهذا العلم حسبما تقدم هو النوع الثاني من نوعي علم الباطن, وهو نتيجة العمل بالنوع الأول الذي هو علم المعاملات في الظاهر والباطن, كما أن علم المعاملات نتيجة علم الظاهر.
    فقد اتضح لنا بحمد الله تعالى منشأ علوم أهل الكمال, وعثرنا على بعض ما يشير إلى ما امتازوا به من أسرار الأذواق على طريق الإجمال, وأنهم كما قال الشعراني في" اليواقيت والجواهر": هم أئمة مجتهدين لا يخرجون عن الشريعة المطهرة فيما يسرون ولا فيما يجهرون, لا ينبغي لأحد أن ينكر عليهم كلامهم, الا بعد أن يدخل طريقهم ويعرف مصطلحهم, والكاملون منهم, فطريقهم محررة على الآداب تحرير الذهب, إذ هم حماة الدين وأنصاره". إن سبب إنكار بعض الناس على الصوفية إنما هو دقة مداركهم, ولو أن المنكر لزم الأدب لسلم للقوم كل ما خالف فهمه مما لم يعارض كتابا ولا سنة ولا إجماع الفقهاء.
    لا يخفى أن أصل الإنكار على الصوفية, إنما ينشأ عن الحسد, ولو أن المنكرين تركوا الحسد, وسلكوا طريق أهل الله لم يظهر منهم إنكار, ولازدادوا علما إلى علمهم, ولكن هكذا كان الأمر, فلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
    وأشد الناس عداوة لأصحاب علوم الوهب الإلهي في كل زمن أهل الجدال بلا أدب, لأنهم من أشد المنكرين, ولما علم العارفون منهم ذلك عدلوا إلى الإشارة كما عدلت مريم إلى الإشارة, فلكل آية أو حديث عندهم وجهان:
    وجه يرونه في نفوسهم .
    ووجه يرونه فيما خرج عنهم, قال الله تعالى: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم الحق) فصلت:53. فيسمون ما يرونه في أنفسهم إشارة ليأنس المنكرون عليهم, ولا يقولون إن ذلك تفسير لتلك الآية, أو الحديث وقاية لشرهم ورميهم بالكفرجهلا من الرامين بمواقع خطاب الله تعالى, واقتدوا في ذلك بسنن من قبلهم, والله تعالى كان قادرا أن ينص ما تأوله الصوفية وغيرهم, في كتابه, كالآيات المتشابهات, والحروف لأوائل بعض السور, ومع ذلك فما فعل الله تعالى, بل أدرج في تلك الكلمات الإلهية والحروف علوما اختصاصية لا يعلمها إلا عباده الخلص.
    ولو أن المنكرين كانوا ينصفون لاعتبروا في أنفسهم إذا رأوا الآية بالعين الظاهرة التي يسمونها فيما بينهم, فيرون أنهم يتفاضلون في ذلك ويعلمون المزية لبعضهم على بعض في الكلام والفهم في معنى الآية, ويقر القاصر منهم بفضل غير القاصر عليه وكلهم في مجرى واحد. ومع هذا التفاضل المشهور فيما بينهم ينكرون على الصوفية أنهم يعلمون الشريعة, وأنهم ينسبونهم إلى الجهل والعامية، لا سيما إن لم يقرؤا على أحد من علماء الظاهر.
    وكثيرا ما يقولون من أين أتى هؤلاء العلم, لاعتقادهم أن أحدا لا ينال علما إلا على يد معلم, وأن أهل الله لما عملوا بما علموا أعطاهم الله تعالى علما من لدنه بعلوم ربانية أنزلها في قلوبهم مطابقا لما جاءت به الشريعة, لا يخرج عنها ذرة.
    قال الله تعالى: (خلق الإنسان علمه البيان) الرحمن:3-4. وقوله تعالى: (علم الإنسان ما لم يعلم) العلق:5 وقال الله تعالى في عبده الخضر: (وعلمناه من لدنا علما) الكهف:65. وصدق المنكرون في قولهم أن العلم لا يكون إلا بواسطة معلم , وأخطئوا في اعتقادهم أن الله تعالى لا يعلم من ليس بنبي ولا رسول, قال الله تعالى: (يؤتي الحكمة من يشاء من عباده, ومن يؤتى الحكمة, فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولي الألباب) البقرة:269. والحكمة هي العلم, والمعارف التي يفتح بها الله تعالى على من يشاء من عباده وحيا, أو الهاما أو رؤية صادقة, ولكن هؤلاء المنكرون لما آثروا الدنيا على الآخرة وعلى ما يقرب إلى الله, واعتادوا أخذ العلم من الكتب ومن أفواه الرجال، حجبهم ذلك عن أن يعلموا أن لله تعالى عبادا تولى تعليمهم في سرائرهم .
    فالله تعالى هو المعلم الحقيقي للوجود كله, وعلمه هو العلم الصحيح, الذي لا يشك مؤمن ولا غير مؤمن في كماله. فمن كان معلمه هو الله تعالى, كان أحق بالإتباع, لمن كان معلمه اطلاعه وفكره.
    وأين تكذيب هؤلاء المنكرين لأهل الله تعالى في دعواهم العلم من قول علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه:" لو تكلمت لكم في تفسير سورة الفاتحة لحملت لكم منها سبعين وقرا" فهل ذلك إلا من العلم اللدني الذي آتاه الله تعالى عليا كرم الله وجهه من طريق الفيض الرباني, فالفكر لا يصل الى ذلك.
    وقد كان الشيخ أبو يزيد البسطامي رضي الله عنه يقول لعلماء زمانه:" أخذتم علمكم ميتا من ميت , وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت", وقول الشيخ الشعراني:"تحرك عندي خاطر قوي يطلب مقامات الأولياء، وازدريت جميع ما أنا فيه وتكدر لذلك عيشي، بأن في ذلك عدم الرضا بما قسمه الله تعالى لي، حتى خفت من سوء الخاتمة والمقت والغضب "فخرجت على وجهي. فبينما أنا بالفسطاط، مقابل الروضة بمصر، أخذتني حالة بين النائم واليقظان، فسمعت هاتفا، أسمع صوته ولا أرى شخصه يقول على لسان الحق سبحانه وتعالى، عبدي ! لو أطلعتك على جميع الكائنات وعدد الرمال، واسم كل ذرة منه، والنبات وأسمائها وأعمارها، والحيوانات وأعمارها وإنسابها إلى أصولها من الوحش, والطيور، والحشرات, وسائر الدواب، وكشفت لك عن ملكوت السماوات والأرض، والجنة والنار وما فيهن ظاهرا وباطنا، وأنزلت المطر بدعائك، وأحييت الميت على يدك، وأجريت على يدك جميع ما أكرمت به عبادي المؤمنين، لست في عبوديتي في شيء".
    ويضيف الشعراني : فما استتم هذا الكلام، وبقي عندي شهوة نفس لمقام من مقامات الأولياء، لا في الدنيا ولا في الآخرة, وأضاف:" بأني وددت أن أتكلم على المراد بالهاتف، وما ألقاه أبسط الكلام في ذلك، مرصعا بكلام بعض العارفين من مشايخي رضي الله عنهم، خوفا أن يتوهم أحد من القاصرين الذين لا معرفة عندهم بمراتب الوحي، أن ذلك وحي كوحي الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام".
    ثم أضاف فقال:" اعلم أن الهاتف المذكور لا يخلو، إلا أن يكون ملكا، أو وليا، أو من صالح الجن، أو هو الخضر عليه السلام، لأن الخضر، حي باق، وقد اجتمعنا بمن اجتمع به والمهدي، وأخذ عنهما طريق القوم، كالشيخ حسن العراقي، صاحب الضريح، فوق الكوم، بقرب بركة الرطلي بمصر، الذي ذكر لي بأنه اجتمع بالمهدي، إمام آخر الزمان، عليه السلام بدمشق، وأقام عنده سبعة أيام، وعلمه ورده، كل ليلة خمسمائة ركعة، وصيام الدهر، وأنه سأل الإمام المهدي عن مولده، فقال أنه ولد أواخر المائتين من الهجرة" .فسألت عن ذلك بعض الكمل من العارفين، فأجاب بالتاريخ المذكور.
    ويذكر الشعراني إن الوحي عدة أنواع منه:
    - ما يكون متلقى بالخيال، كالمبشرات في عالم الخيال، وهو الوحي في النوم فالملقي خيال، والنازل كذلك، وكذلك الوحي.
    - ومنه ما يكون خيالا في حس على ذي حس.
    - ومنه ما يكون معنى يجده الموحى إليه في نفسه, من غير تعلق حس ولا خيال من نزل به وهو المسمى بالإلهام.
    - وقد يكون كتابا، ويقع ذلك كثيرا للأولياء، كما وقع لقضيب البان و الشيخ حسن العراقي رضي الله عنه, وجد بعد القيام من النوم، ورقة مكتوبا فيها ما ألقي إليه.
    فعلوم الغيب تنزل بها الأرواح على قلوب العباد، فمن عرفهم، تلقاهم بالأدب، ومن لم يعرفهم، أخذ علم الغيب ولا يدري عمن كان.
    كما نزلت ورقة على مصطفى البكري فيها "صلاة الفاتح لما أغلق" بخط مذهب, لما دعى الله أن يكرمه بصلاة على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم, تكون أفضل صلاة يصلى بها عليه . فلهذا كان أهل الله تعالى يرون تنزل الوحي على قلوبهم، ولا يرون الملك النازل، إلا أن يكون المنزل عليه نبيا أو رسولا.
    واعلم أن أهل الله، يشهدون الوحي، ولكن لا يشهدون الملك الذي يلقي الوحي، وقد لا يشهدون الإلقاء، ولكن يعلمون أنها من الملك، من غير شهود, فلا يجمع بين رؤية الملك والإلقاء منه إليه، إلا نبيا أو رسولا، ولهذا يفرق بين النبي، صاحب الشرع المنزل، وبين الولي التابع. واعلم أن ما ألقي على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، يعبر عنه بالوحي وبالشرع. فإن كان منسوبا إلى الله تعالى، بحكم الصفة، سمي قرآنا وفرقانا وتوراة وإنجيلا وزبورا وصحفا, وإن كان منسوبا إلى الله تعالى بحكم الفعل، لا بحكم الصفة، يسمى حديثا وخبرا وسنة. لقد أغلق الله باب التنزيل بالأحكام المشروعة، وما أغلق باب التنزيل بالعلم بها على قلوب أوليائه.
    فالتنزيل الروحاني بالعلم بالأحكام الشرعية باق للأولياء، ليكونوا على بصيرة من دعائهم إلى الله تعالى بها، كما كان حال من اتبعوه صلى الله عليه وسلم. ولذلك جاء في الحديث: "أنا ومن اتبعني".
    واعلم أن الولي لا يدعوا إلى الله ابتداء، خلاف النبي، فالولي يدعو إلى الله بحكاية دعوة الرسول ولسانه لا بلسان يحدثه، كما يحدث الرسول. ولهذا لو قال الولي بما يخالف حكم الرسول،لم يتبع في ذلك .
    قال الشعراني رضي الله عنه:"جاءني هاتف في المنام، وقال لي: اسمع هذا الكلام الجامع لكل كلام، فقلت له: نعم, فقال على لسان الحق: ليس للعبد أن يشغل قلبه في كل نفس بالإختيار لفعل شيء أو تركه في المستقبل، وإنما عليه أن يعطي ما أبرزناه على يديه حقه، فإن كان طاعة، حمدنا عليها واستغفرنا من تقصيره فيها، وإن كان معصية، حمدنا على تقريرها عليه واستغفرنا من ارتكابه مخالفة أمرنا، وإن كان غفلة وسهوا، أو نحوها، فعل ما هو اللائق بها, وقد قربنا لك طريق الأدب في كل ما يجريه على يديك". فافهم ذلك فهمنا الله وإياك, ونسأل الله تعالى أن يحققنا بالعبودية له، وإنه على كل شيء قدير، ورحمته وسعت كل شيء, وهو الغفور الرحيم.
    المصدر:كرامات مغربية بعيون مشرقية – د. صالح حسن الفضالة -الفصل الثاني عشر – ص379-396 - الناشر: دار التوحيدي للنشر والتوزيع والاعلام. الرباط – المغرب.

    هاشم غير متواجد حالياً
    رد مع اقتباس
  3. تكبير الخط تصغير الخط
    بتاريخ : 01-04-2016 الساعة : 06:58 PM رقم #2
    كاتب الموضوع : هاشم


    شاملى ماسى


    الصورة الرمزية عهود المالكى

    • بيانات عهود المالكى
      رقم العضوية : 32083
      عضو منذ : Sep 2015
      المشاركات : 3,682
      بمعدل : 1.16 يوميا
      معدل تقييم المستوى : 45
      التقييم : Array


  4. شكرا على الطرح القيم والافادة بارك الله فيكم

    عهود المالكى غير متواجد حالياً
    رد مع اقتباس
  5. تكبير الخط تصغير الخط
    بتاريخ : 01-04-2016 الساعة : 07:09 PM رقم #3
    كاتب الموضوع : هاشم


    شاملى ماسى


    الصورة الرمزية ابو بكر

    • بيانات ابو بكر
      رقم العضوية : 108
      عضو منذ : Jul 2008
      المشاركات : 2,453
      بمعدل : 0.43 يوميا
      معدل تقييم المستوى : 40
      التقييم : Array


  6. بارك الله فيك اخى الكريم هاشم على مواضيعك القيمة

    ابو بكر غير متواجد حالياً
    رد مع اقتباس
  7. تكبير الخط تصغير الخط
    بتاريخ : 01-04-2016 الساعة : 07:42 PM رقم #4
    كاتب الموضوع : هاشم


    شاملى ماسى


    الصورة الرمزية نور الهدى

    • بيانات نور الهدى
      رقم العضوية : 18
      عضو منذ : Jul 2008
      المشاركات : 3,957
      بمعدل : 0.69 يوميا
      معدل تقييم المستوى : 55
      التقييم : Array


  8. شكرا على الموضوع والافادة بارك الله فيكم

    نور الهدى غير متواجد حالياً
    رد مع اقتباس
  9. تكبير الخط تصغير الخط
    بتاريخ : 01-04-2016 الساعة : 07:56 PM رقم #5
    كاتب الموضوع : هاشم


    شاملى ماسى


    الصورة الرمزية ماجد

    • بيانات ماجد
      رقم العضوية : 66
      عضو منذ : Jul 2008
      المشاركات : 2,559
      بمعدل : 0.44 يوميا
      معدل تقييم المستوى : 41
      التقييم : Array


  10. شكرا على الموضوع القيم والمعلومات بارك الله فيكم

    ماجد غير متواجد حالياً
    رد مع اقتباس
  11. تكبير الخط تصغير الخط
    بتاريخ : 01-04-2016 الساعة : 09:11 PM رقم #6
    كاتب الموضوع : هاشم


    شاملى ماسى


    الصورة الرمزية هشام حسن

    • بيانات هشام حسن
      رقم العضوية : 31515
      عضو منذ : Sep 2014
      المشاركات : 1,176
      بمعدل : 0.33 يوميا
      معدل تقييم المستوى : 21
      التقييم : Array


  12. بارك الله فيك اخى على المواضيع القيمة والمفيدة

    هشام حسن غير متواجد حالياً
    رد مع اقتباس
  13. تكبير الخط تصغير الخط
    بتاريخ : 01-04-2016 الساعة : 09:40 PM رقم #7
    كاتب الموضوع : هاشم


    شاملى ماسى


    الصورة الرمزية خلود العنزى

    • بيانات خلود العنزى
      رقم العضوية : 31921
      عضو منذ : Jun 2015
      المشاركات : 3,718
      بمعدل : 1.15 يوميا
      معدل تقييم المستوى : 46
      التقييم : Array


  14. شكرا على الموضوع والمعلومات القيمة

    خلود العنزى غير متواجد حالياً
    رد مع اقتباس



معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك