موهبة الأمل

للشاعر محمود درويش



كلما فكَّر بالأمل أنهكه التعب والملل ,
واخترع سراباً, وقال : بأيّ ميزانٍ أَزِنُ
سرابي ؟ بحث في أدراجه عمَّن كأنه
قبل هذا السؤال , فلم يعثر على مُسَوَّداتٍ
كان فيها القلبُ سريعَ العطب والطيش .
ولم يعثر على وثيقة تثبت أنه وقف
تحت المطر بلا سبب . وكلما فكَّر بالأمل
اتسعت المسافة بين جسد لم يعد
خفيفاً وقلب بالحكمة . ولم يكرِّر
السؤال : مَنْ أنا ؟ من فرط ما هو
مُجَافٍ لرائحة الزنبق وموسيقى الجيران العالية.
فتح النافذة على ما تبقّى من أفق ، فرأى
قطَّتين تمازحان جَرْواً على الشارع الضيِّق ,
وحمامةً تبني عشاً في مدخنة . وقال :
ليس الأمل نقيض اليأس , ربما هو الإيمان
الناجم عن لا مبالاة آلهةٍ بنا ... تركتنا
نعتمد على مواهبنا الخاصة في تفسير
الضباب وقال : ليس الأمل مادَّةً ولا
فكرة . إنه موهبة . تناول قرصاً مضاداً
لارتفاع ضغط الدم . ونسي سؤال الأمل ....
وأَحسَّ بفرج ما.... غامض المصدر !