عِلم التنجيم والكارما التبتيَّة-المنغوليَّة
النجم الثابت وخريطة الأبراج الفلكية
يشترك النظامان الهندي والتبتي-المنغولي بخاصية أخرى تتعلَّق بالخريطة الفلكية، وتختلف بشكلٍ كبير عن النظاميْنِ: اليوناني القديم والغربي الحديث؛ إذ إنهما يستعينان بالنجم الثابت أو خريطة الأبراج الفلكية، في حين يستعين الأخيران بالخريطة الفلكية المدارية. وما حدث بالفعل هو انتقاد الكلاتشاكرا لاستخدام أنظمة التنجيم الهندوسية الهندية لخريطة الأبراج الفلكية ذات النجم الثابت، ومن ناحية أخرى أيَّدوا النظام المَداري. ولكن نبذ التبتيون هذه الخاصية حينما تبنَّوْا نظام خريطة الأبراج الفلكية في الكلاتشاكرا، وعادوا إلى استخدام نظام النجم الثابت، رغم أنه يختلف عن كل الأنظمة الهندوسية الهندية.
وعِوضًا عن شرح التفاصيل المرتبطة بالفروق حول الخرائط الفلكية بين الأنظمة التبتية-المنغولية والكلاتشاكرا والهندوسية الهندية، ويكفي أن نشرح الفرق العام بين الخريطة الفلكية ذات النجم الثابت والمدارية من حيث الخريطة الفلكية المقسَّمة إلى اثنتي عشرة علامةً، التي تشترك بها كل الأنظمة الأربعة. فالفرق يكون من وضع الأنظمة للمقاعد الاثنيْ عشر على عجلة الملاهي العملاقة، وهل هذه المقاعد تحافظ على ثباتها أم تتحرك ببطءٍ شديد.
تصوَّروا أن عجلة الملاهي العملاقة نفسها مُقسَّمة إلى اثني عشر قسمًا، كُلُّ قسم يحمل اسم علامة واحدة من العلامات. كذلك كل مقعد يحمل اسم علامة واحدة من العلامات. ويضع النظامان التبتي-المنغولي والهندي المقاعد الاثني عشر في المواقع نفسها على عجلة الملاهي العملاقة؛ حيث تبدأ الأقسام التي تحمل الاسم نفسه. ويقع مقعد برج الحمل في بداية قسم برج الحَمَل على عجلة الملاهي العملاقة، ولا يتحرَّك أبدًا من ذلك الموقع. لذلك يستعين عِلم التنجيم التبتي-المنغولي والهندي بخريطة الأبراج الفلكية للنجم الثابت.
يضع النظامان: اليوناني القديم والغربي الحديث مقاعد برج الحَمَل في أي موقع كان على عجلة الملاهي العملاقة؛ بحيث يكون موقع كرة الشمس في اللحظة نفسها من الاعتدال الربيعي في الهند هو لحظة تساوي الليل بالنهار في الطول. ولأن الشمس تعبر مباشرةً فوق الرأس في ذلك اليوم في مدار السرطان يُدعى هذا الوضع للعلامات في السماء: خريطة أبراجٍ فلكية مدارية.
ولغرض مناقشتنا دعونا الآن نترك الاعتبار الخاص بالنظام اليوناني القديم. ففي عام ظ¢ظ©ظ* م تقريبًا كانت نقطة الاعتدال تقع في بداية قسم برج الحمل من عجلة الملاهي كما هو ملحوظ في السماء. ومنذ ذلك الوقت وهي تزحف نحو الخلف ببطءٍ شديد، بمعدل درجة تقريبًا في كل اثنتين وسبعين سنة، وتُعرف هذه الظاهرة ببدارية الاعتدال. ويرجع التباين بين الموقع الملحوظ بين برج الحمل بدرجات الصفر وموقع برج الحمل بدرجات الصفر المعروف؛ من حيث الاعتدال الربيعي إلى الحقيقة، التي تقضي أن المحور القطبي للأرض يدور تدريجيًّا في وجهته إلى النجوم "الثابتة" في فترة دوران مدتها ظ¢ظ¦ظ*ظ*ظ* سنة.
تقع نقطة الاعتدال حاليًّا ثلاثًا وعشرين درجة تقريبًا في قسم برج الحوت من عجلة الملاهي العملاقة، مباشرةً خلف قسم برج الحَمَل. وهكذا يضع النظامان اليوناني القديم والغربي الحديث مقعد برج الحمل حاليًّا بين سِتٍّ وسبع درجات في قسم برج الحوت من عجلة الملاهي العملاقة. وفي كل سنة تتحرَّك المقاعد نحو الخلف مسافة صغيرة، وهي تُشير إلى مواقع الأجرام السماوية حَسَب الخريطة الفلكية المَعروفة بالمقاعد، في حين يُشير النظامان التبتي-المنغولي والهندي إلى مواقعهما حسَب الخريطة الفلكية المُعرفة بعجلة الملاهي العملاقة نفسها. وبذلك يُعَدُّ الكوكب الواقع على الدرجة صفر لبرج الحمل من الخريطة الفلكية المدارية واقعًا على الدرجة بين ست وسبع لبرج الحوت من الخريطة الفلكية ذات النجم الثابت، وبكلمات أخرى ينقص الموقع المداري بثلاثٍ وعشرين درجة.
تكشف مراقبة السماء أن برج الحمل بدرجات الصفر في النظام الغربي يعكس في الحقيقة الموقع المراقَب لبداية مجموعة نجوم برج الحمل سالب عامل البدارية من اثنتين وعشرين وأربع وعشرين درجة. وبما أن النظاميْنِ التبتي-المنغولي والهندي التقليديين لا يعتمدان أبدًا على المراقبة التجريبية لحساب عامل البدارية، ولكنهما يَستمِدَّان مواقع الأجرام السماوية – حَصرًا – من الأنماط الرياضية، فلم يكن من المهم كثيرًا عدم تماثُل المواقع المحسوبة مع المواقع المراقَبة، ولم يكن علماء التنجيم الهنود والتبتيون والمنغوليون التقليديون مُهتمِّين بتأكيد حساباتهم من خلال النظر إلى السماء.
المفضلات