الأبراج التنبُّئِية
تحسبُ التقاليد الفلكية الهندية كلها حياةً ما وتُحلِّل مجراها؛ وهناك تسعة أجرام سماوية متعاقبة تحكم فترات هذه الحياة، فيحسب النظام البوذي فترة الحياة من وقت الولادة وموقع قمر الولادة، ثم يقسمها إلى تسع فترات حسب معادلات معينة. أما الصيغة الهندوسية فلا تأخذ فترة الحياة بعين الاعتبار، بل إنها تقسم الفترات حسب قاعدة أخرى. وفي كِلتا الحاليْنِ يُفسِّر عُلماء التنجيم كل فترة من خلال علاقتها بالكوكب الذي يحكمها، وخريطة الولادة والمرحلة السِّنِّية التي تجري فيها.
ورغم أن عِلم التنجيم البوذي يحتوي على حسابات لفترات حياة الناس، إلا أنه ليس نظامًا حتميًّا من القدر المحتوم، كما أنه يوفر معادلات لحساب إطالة العمر في حال أدائنا لأعمال صالحة وأفعال بَنَّاءة. ويحسب نظام الكلاتشاكرا الأصلي في الهند فترة الحياة التي يمتد أقصاها إلى ظ،ظ*ظ¨سنة، في حين تؤكد الأنظمة الهندوسية على فترة أقصاها ظ،ظ¢ظ* سنة. في التبت تقلَّصت الـ ظ،ظ*ظ¨ إلى ظ¨ظ* سنةً؛ لأن معدل فترة الحياة حسب التعاليم البوذية ينخفض إلى أقصى درجة. في القرن التاسع عشر عدَّل مُعلِّم النيِنغما ميبام حساب فترة الحياة؛ بحيث يكون أقصاها ظ،ظ*ظ* سنة. بالإضافة إلى ذلك، وبصرف النظر عن السن القصوى المؤكدة، يحتوي النظام التبتي على أربع طرق مختلفة لحساب فترة الحياة. وبذلك يكون لكل شخص عدة فترات حياة مُحتمَلة. فنحن نُولد وبداخلنا الكثير من طاقات الكارما المختلفة التي يمكن أن تنضج.
وعندما نتحدث عن شخصٍ له فترة حياةٍ عينية، يمكن أن تنشأ ظروف قاهرة تُطيل فترة الحياة أو تُنقصُها. فإذا كان أحدهم يعاني من مرضٍ لا شفاء منه، فقد لا يكون هذا الشخص يتمتع بالاحتمال الكارمي للشفاء. ورغم ذلك فمن شأن الصلوات والاحتفالات الطقسية للاما الأكبر أن تسلك سلوكَ ظرفٍ لجعل الاحتمال الإيجابي المدفون داخلنا ينضُج بصورةٍ لم تكن لتظهر في هذا العمر. وعلى نحوٍ شبيه إن من شأن حدث خارجي، مثل هزة أرضية أو اشتعال حرب، أن يوفر ظرفًا لجعل الإمكانات السلبية المدفونة داخلنا تنضج بصورةٍ لم تحمل تأثيرًا في هذه الحياة. في مثل هذه الحال يمكن أن نموت – كما يُقال – "الموت قبل الأوان". في حالةٍ أخرى إذا لم تكن لدينا الإمكانات المدفونة داخلنا، فإن الظرف الدراماتيكي في هذا العمر لن يحمل أي تأثير. فالطقوس الخاصة لا تعود بالفائدة على بعض الناس، وبعض الأفراد ينجون من الهزة الأرضية.
إذًا البُرج التبتي عبارة عن تنبؤ عام لما يمكن أن يحدث للمرء في حياته، وليس هناك ضمان بأن حياتنا ستتكشف فعلاً بتلك الطريقة. وهناك احتمالات أخرى كذلك؛ لأن عِلم التنجيم يستطيع التنبؤ بفترات حياة أخرى أيضًا. كل احتمال يُشبه مستوى كميًّا. كلها عملية – اعتمادًا على أفعالنا وممارساتنا - إلى جانب الظروف الخارجية القاهرة. وما يحدث في حياتنا يعتمد على الإمكانات الكارمية التي جمعناها من أفعال سابقة في هذه الحياة أو في حياة سابقة. وإلا لَكان الإنسان والكلب اللذان يولدان في اللحظة نفسها وفي المكان نفسه يعيشان حياتين متطابقتين.
إن الهدف الرئيس من البرج التبتي هو تنبيهنا إلى وجود مسارات مُحتمَلة لحياتنا قد نعيشها. وذلك بصرف النظر عن كونها الحالة التي تعتمد علينا. ورغم أن لدينا الكثير من الإمكانات فإنَّ معرفة مجموعة واحدة من الأبراج تبقى كافية لتُلهمنا استغلال حياتنا الإنسانية الثمينة لبلوغ الهدف الروحي. وضمن سياق الكلاتشاكرا نناضل للتغلب على كل العوائق الكارمية التي تمنعنا من أن نكون قادرين تمامًا على مساعدة الآخرين. والتأمل بمعاناتنا يساعدنا على تطوير عزمنا لنكون أحرارًا (نكران الذات)، إلى جانب الرحمة بالآخرين. وعلى نحوٍ مشابه، فإن التفكر بالمعاناة التي قد نعيشها في حياتنا كما يُجمِلُها بُرجنا يمكن أن تساعدنا على طول دربنا الروحية. إذًا فالبُرج التبتي يمكن أن يكون وسيلةً بارعة لمساعدة المهتمين بعِلم التنجيم للتقدم دائمًا. وليس البُرج التبتي مرهونًا بتوقعات مستقبلٍ حتمي وحقيقي في الجوهر أبدًا.
المفضلات