شال حرير
للشاعر محمود درويش



شال على غصن شجرة . مرَّت فتاةٌ من هنا ،
أو مرّت ريح بدلاً منها ، وعلَّقت شالها على
الشجرة . ليس هذا خبراً . بل هو مطلع
قصيدة لشاعر متمهِّل أَعفاه الحُبُّ من الأَلم ،
فصار ينظر إليه – عن بعد – كمشهد
طبيعةٍ جميل . وضع نفسه في المشهد:

الصفصافة عالية ، والشال من حرير . وهذا
يعني أن الفتاة كانت تلتقي فتاها في
الصيف ، ويجلسان على عشب ناشف. وهذا
يعني أيضاً أنهما كانا يستدرجان العصافير
إلى عرس سري ، فالأفق الواسع أمامهما ،
على هذه التلة ، يغري بالطيران ، ربما قال
لها : أَحنُّ إليك ، وأَنتِ معي ، كما لو
كنتِ بعيدة . وربما قالت له : أَحضنكَ ،
وأَنت بعيد ، كما لو كنتَ نهديَّ . وربما
قال لها : نظرتك إليَّ تذوِّبني ، فأصير
موسيقى . وربما قالت له : ويدك على
ركبتي تجعل الوقت يَعرَق ، فافْرُكْني لأذوب...
واسترسل الشاعر في تفسير شال الحرير،
دون أن ينتبه إلى أن الشال كان غيمة
تعبر، مصادفة ، بين أغصان الشجر عند
الغروب.