صفحة 1 من 4 123 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 39
  1. تكبير الخط تصغير الخط
    بتاريخ : 15-10-2016 الساعة : 01:37 PM رقم #1

    افتراضي العقل والروح في الفلسفة الشرقية ... كيف علينا إدراكها ؟؟



    نائب المدير العام


    الصورة الرمزية نسائم الرحمن

    • بيانات نسائم الرحمن
      رقم العضوية : 6009
      عضو منذ : Jan 2012
      المشاركات : 5,178
      بمعدل : 1.16 يوميا
      معدل تقييم المستوى : 64
      التقييم : Array


  2. العقل والروح في الفلسفة الشرقية ... كيف علينا إدراكها ؟؟

    إعداد نزار محمد شديد




    العقل والروح في الفلسفة اليوغية ... كيف علينا إدراكها ؟؟

    العقل يُقصدُ به الإدراك ، بينما يَقصُد اليوغيون بهِ المادةَ التي تُدرِك

    يقول اليوغيونَ أن ( شيتا ) جوهر العقل موجودٌة في كل مكانٍ في الكَون ، وأن كميّتها ثابتةٌ لا تَزيدُ ولا تَنقص ولا تتغير، وإن كانت كالمادةِ والطاقة ، تَظهرُ في مظاهرَ مُتعدِدة ، نتيجةَ وجودِ مُركباتٍ جديدةٍ بِنسبٍ مختلفةٍ منه ، وأنّ جوهرَ العقلِ هو أوّلُ مظاهرَ الُمطلَق ومنه تَكوّنَت الطاقة ومن الطاقة تكوّنَت المادة

    جوهرُ العقلِ يتشابهُ معَ الطاقة ، وهو بالنسبةِ إلى الطاقةِ كالطاقةِ بالنسبةِ إلى المادة ، ففي الأطوارٍ العليا ، تكادُ صفةُ المادة أن تكون من مميزات الطاقة ، فمثلاً المغناطيسية أو الكهرباء ، تجدُ أن المادة والطاقة تَتّحدانِ اتحاداً يثيرُ الاهتمام ، حتى تبدوَ الطاقةُ وكأنها شيءٌ يمكن أن يُقطعَ بسكين ، وكذلكَ نجدُ الكهرباءَ في صِورها اللطيفةِ العليا ، ذاتَ طاقةٍ ومقدرةٍ توحي للإنسانِ أنها تَكادُ أن تَعقِل ، لِشِدةِ ما تقتربُ من الحدّ الفاصلِ بين الطاقةِ والعَقل ،
    إن عِلم الطبيعةِ سيكتشفُ في أعوامٍ قلائل ، أنواعاً أخرى من الطاقةِ تقدِّمُ أمثلةً جديدةً من أمثلةِ التفكيرِ أو العَملِ الُمتَعَقّل ، من أي شيءٍ معروف ، وسَتُسبّبُ الاختراعاتُ التي ستأتي في أعقابِ اكتشافِ الراديوم ، تطوراً في محيطِ الطبيعةِ يَهِزُّ الإنسان هزاً ، فإن العلمَ يكادُ يقفُ على الحدّ الفاصِلِ بينَ المادةِ والعقل ، سَيُنظَرُ إليهما في القريبِ العاجل ، على أنهمُا شيءٌ واحد ، والطاقةُ كمركزٍ متوسطٍ بينهما

    يجب أن نُسَلّم بوجودِ جوهرِ العقلِ كما نَسَلِّمُ بوجودِ الطاقةِ والمادةِ على الأساسِ النظري ، لأن هذهِ المظاهرِ الثلاثة ، لا يمكن أن تُعرَف إلا عن طريقِ آثارِها الظاهرية ، فالأثيرُ وهو أعلى أشكالِ المادة ، لا تُدركهُ الحواسُ عندَ الإنسان ، إلا إذا تألّفَت من ذَراتهِ الأجسامَ الصلبةَ أو السائلةَ أو الغازية ، كذلك الطاقةُ المجرَّدة ، لا سبيلَ إلى إظهارِها لعقلِ الإنسان ، إلا إذا ظَهرت آثارها عن طريقِ المادةِ في صورةِ الحركةِ أو القوة ، وهكذا جوهرُ العقل ، لا سبيلَ إلى معرفتهِ إلا على أنّه أفكارٌ أو قوةَ الفكر ،
    المادة هي الشيءُ الذي تَتَّشحُ بهِ النفسُ لتظهرَ به ، والطاقةُ هي الشيء الذي تَستعملهُ النَّفس لتعملَ بواسطته ، وجوهرُ العقلِ هو أداةَ النفسِ التي تُفكِّرُ بها
    جوهرُ العقلِ هو الشيءُ الذي تتولدُ منهُ الطاقةِ التي تَتَسبّب في حركةِ المادة

    نظريةَ اليوغيين تقول :

    أنّ ذرةَ المادةِ دوامةٌ صغيرةٌ من الأثيرِ في الأثير ، تتكون من فعلِ الطاقةِ في الأثير ، ولّما كان الأثيرُ مُجرّداً من الاحتكاك ، فإنَ حلقةَ الدوامةِ لا تفقِد شيئاً من قوتها ، وبذلك تُصبح حركتها دائمة ، وإن كانَ دواماً غيرُ أبديٍ بالنسبةِ لدوامِ الُمطلَق ، وهي تتمتعُ بكلِ ما يُنسَبُ للمادةِ من خواص ، في الطولِ والعرضِ والارتفاعِ والكميةِ والمرونةٍ والجاذبيةٍ والحيِّزِ والتَّمدُد …الخ ، كما أنّ لها حركتُها الداخلية ( الذبذبة ) ، هذه الدوامات أو الحلقات تختلفُ في أحجامها وسرعة ذبذباتها ، وهذه الحقيقةُ هي السببُ في وجودِ الأنواعِ المختلفةِ من الذّراتِ التي حَيرّت العلم ، وهي تُلقي ضوءاً على العناصرِ السبعين من عناصرِ المادةِ التي فَرضَت نفسها على عُلماء الطبيعة ، وأنه لَمِنَ المستطاعِ أن نرى بوضوح ، أنه إذا أمكنَ تغييرُ سرعةِ ذبذباتِ هذه الدوامات ، تَحَققَ حُلمَ الكيميائيينَ القُدامى بتحويلِ مادةٍ إلى مادة ، وأمكنَ تحويلُ الرصاصِ إلى ذَهب ،

    اليوغا تقول بأن مادةَ العقل ، تَعرفُ نَقسها وتُظهرُ معرفتِها لنفسِها بالفكر ، وهذا الفكرُ حركةً في جوهرِ العقل ، والحركةُ كما نَعلم ، مَظهرٌ من مَظاهرِ العقلَ ومُنبثقةً عنه ، وهذه الحركةُ تنتقلُ إلى الأثير ، فينشأ من ذلك حركةَ الحلقةِ الُمفرغة ، وهكذا تنشأ الذرّةَ أصلِ المادة ، وفيها العقلُ والطاقةُ والحركة .

    إن الأثيرَ بعد أن ينبثق عن جوهرِ العقلِ بفعلِ الطاقة ، بكونُ فيهِ صفاتِ أبيه وجدّهِ بالوراثةِ التي يملكُ حقَّ استعمالها ، ولذلك فهو يُفكرُ في الحركة ، والحركةُ توجِدُ حلقةَ الذرةِ لتتمكنَ من الظُهور ، لتجعلَ المادةَ حائزةً للعقلِ والقدرةِ على الحركة ، ، فالمادةُ كما نُدركها بحواسِّنا ، نتيجةَ الفِكر ، والفِكرُ هو العقلُ في حالةِ العمل ، والعملُ وليدُ الطاقة ، والطاقةُ ثمرةَ جوهرِ العقل ، إذن فإن المادةَ في الحقيقة ، هي العقل … والعقلُ هو كلُّ شيء ، فكل شيء في الدُنيا أصلهُ الفكر ، فالمادةُ والعقلُ كِليهِما مخلوقان ، وإنهما مظهرانِ للمُطلَق الذي لا وجودَ لغيرهِ إلا به

    عندما يصلُ الباحثُ إلى درجةٍ عُليا من النُمو الروحي ، يجدُ نفسهُ عارفاً بغير جهدٍ عقليٍ يبذلهُ في سبيلِ هذهِ المعرفة ، هذه المعرفة لا يستطيع أن يُدركَ كُنهها، من يعيشونَ في محيطِ القوةِ العاقلةِ العادية ، ولكن الذين أشرَقَت أنوار الروحِ عليهِم ، يعلمون أنها نوعٌ من الإدراك أسمى من إدراكِ العقل ، إنها تَفوقهُ ولكن لا تَتَعارضَ معه ، وكثيرٌ مما بدأ العقل الغربي يدركهُ الآن ، شيءٌ مقررٌ لدى أصحابِ الوعيِ الروحيِ منذُ أمدٍ بعيد
    إنّ عقلَ الإنسانِ أو قوتهِ العاقِلة ، لَفيها أسرارُ الكونِ كُلِّها …

    إن العقلَ يدركُ نَفسهُ وما يليهِ من طاقةٍ ومادة ، أما ما يحيطُ به ويسمو عليه ، فإن معرفتهُ وإدراكهُ يقفانِ عندَ الُمطلَق ، لكن الروح ، ذلكَ المبدأ الإلهي ، ذلكَ النورُ الذي يُشرقُ على العقل ، تلك البِضعَةَ من روحِ الله ، النفسُ الحقيقيةُ العليا ، فإنها تعلمُ أنها تعرفُ الُمطلَق وما عندَ الُمطلَق ، وعندما تنحسرُ عن الإنسانٍ الحجُبَ جميعها ، بما فيها العقل الروحيُ نفسُه ، وحين لا يبقى من الإنسانِ إلا روحه ، عندها يُدركُ الإنسانُ بقوّتها كلّ شيء ، وعندها لا يكونُ الإنسانُ إنساناً ، إنه لم يعد بعدُ إنساناً ، إذ يُصبحُ روحاً عادَت إلى بارئها .

    مادةُ الُمخِ ما هي إلا الأجهزةَ الماديةَ التي يستعملها جوهرُ العقل ليظهرَ عن طريقها . أما جوهر العقل فهو نوعٌ رفيعٌ من الطاقة ، وهو كالطاقة نفسها ، يظلُ سلبياً ساكناً بلا حركة ، إنه لا يتحرّك إلا إذا تكونت الأفكار فيه ، فيتّحد عندئذ بالحركة

    عقل كل فردٍ يبدو كأنه قدرٌ معينٌ من جوهر العقل ، منفصلٌ عن سائر جوهر العقل ، إلا أنّ الحقيقة أن كل العقول متصلةً ببعضها البعض ، وأنها جميعاً متصلةً بجوهر العقل ، بالعقل العام التي هي جزءٌ منه ، إن جوهر العقل لا ينفصلُ عن بعضه ، بوجودهِ مجزءاً في الأفراد ، أكثر مما ينفصل الأثيرُ عن بعضهِ في الأجسام المنفصلةِ المتباعدة ، أو كالطاقة إذا ظهرت مقسمةً في حركاتِ الأفعالِ المتباينة ، كذلك لا يوجد شيءٌ ميت في الكون ، لأن الكونَ حيٌ جميعه ، لأن كل ذرةٍ في الكون فيها مادةٌ وطاقةٌ وعقل ( جوهر العقل ) فالكون حيٌ متحرك ، عاقلٌ من الذّرةِ إلى الشمس ، وإنِ اختلفَ الفكرُ بين الإحساسِ الغامضِ حتى التجاذبَ والتنافرَ الكيميائي في أبسط أشكاله ، والمجهودُ الفكريُ في الإنسان وفي الكائناتِ الأرفعِ من الإنسان .

    علم النفس والكيمياء / لفرويد وإدلر ويونغ : قرّرَ أن العقل اللاواعي / العقلَ الباطن في الإنسان ، مَتّصلٌ ببعضهِ كالمياهِ الجوفية ، تَتَصلُ بِبعضها ، وإن بَدى كلُ بئرٍ ارتوازيٍ مستقلاً عن الآخر .

    أتمان أو الروح :

    العقلُ الكليُ ليسَ هوَ المطلق ، إنه منبثقٌ عنه ، وهو يعرف قَطعاً ويقيناً أن المطلقَ موجود ، لأنه يعلمُ حدودَ نَفسِه ، ويعلم أن المطلق وراءَ تلك الحدود ، وأنه بهِ محيط ، وأن هناكَ ما لا يدركهُ العقل ، لا على أنهُ لم يَصِل إليه بَعد ، وأنّهُ مع الوقت سيصلُ إليهِ فيُدركه ، ولكن على أنه فوقَ عِلمه وخارجَ قدرتهِ على العِلم ، رغمَ إحساسهِ بوجوده

    إن ما نُسميه العقلَ الكلي ، ليس الوسيلةَ التي يعلمُ المطلقُ بها الأشياء ، ليس العقلُ هو الذي يَعلمُ المطلقُ به ، إنما هو الوسيلةَ التي يُدرِك بها الكون ، والكون ليسَ مطلقاً ، إنما هو مخلوقٌ محدود ، لأنه يشملُ ما انبثقَ عن المطلق ، ولكنه ليسَ هو المطلق ، بل هو فيضٌ من المطلق …

    النفسُ البشريةُ تستطيعُ أن تستمِدَ من العقلِ الكليِ ما فيه من علمٍ بكلِ شيء ، وهذا ما يتمتعُ بهِ الأقطابَ على حسبِ ما بَلَغوا من درجةٍ ومكانةٍ في السُمو ، وهؤلاءٍ الأقطابَ يُبلغونَ الناسَ ما تَكَشّفَ لهُم من وجودِ المطلق ، مؤيدينَ بذلكَ ما استطاعَ العقلَ إدراكهُ بواسطةِ القوةِ العاقلة ،
    إنّ في كلٍ منا مِنَ المطلق ( الروح ـ أتمان ) قَطرَة ، إنها قطرةٌ من محيطِ المطلقِ غيرَ المحدود
    الروحُ هي الجزيء الصغيرِ من المطلقِ الذي يبدو منفصلاً عن المطلق ، وما هو بمنفصلٍ عنه ، هو المبدأ الأسمى في كلّ نَفس ، حتى أحظَّ النفوسِ فيها ذلكَ القَبَس ، إنه فينا أبداً لا يزيدُ ولا ينقص ، ولكننا نحن نزدادُ إبصاراً لنوره ، كلّما تَقدمنا وارتقينا على السُلّم درجةً بعدَ درجة ، إنّ الروحَ موجودةٌ دائماً لا تتغيرَ ولا تتبدل ، ولكن وعيَ الإنسانِ ينمو مُقترباً من الروح ، ولا بد أن يندمجَ يوماً فيها ، وهذا هو هدفُ النفسِ وغايةَ التدرُّجِ والتَّقدُم ، والغرضُ من كلِّ جهدٍ وكِفاح …إنّ الحياةَ وسيلةَ النفسِ وفرصةَ كِفاحِها للتخلّصِ من حُجُبها وقيودها ، لتَصلَ إلى ميراثِها وتَتَمتّع به .

    لماذا فَصَلَ المطلقُ جزءاً منهُ وقسّمهُ أجزاء ، أو ما يَبدو أنهُ كذلك ؟ ولماذا يبدو كأنه فَصَلَ هذه الأجزاء ، ما الفائدةَ وما معنى هذا كله ؟ وما الحكمةَ منه ؟

    في العقل البشري عِلمُ العقلِ العامِ في الحالةِ الكامنة ، عقلُ كلُ فردٍ فيه معرفةَ الكونِ كلها ، وتحليلُ ماءِ المحيط لا يتطلبَ سِوى تحليلُ قطرةٍ منه ، والراسخُ في العلمِ يَعلَم كلُ علمِ الكَون ، باستقرائهِ ما في عقلِ نَفسه وعقلهِ ، يستطيع أن يحصلَ على ما في جوهرِ العقلِ من معرفة ، وأن يستقبلَ كلّ ذبذبات العقلِ الكلي ، فكل قطرةٍ فيها ما في الكلّ من خَواص ، … العقل الكلي فيه كل المعرقة ، وما يصل إلى عِلمِنا منهُ ليسَ جديداً ، بل هو موجودٌ فيه ميسورٌ لمن يستطيعُ أن يستمِده بعقلهِ الفرديِ كلما اتَّسَع أفُقَهُ وزادَ عُمقه ، حتى يصل إلى محيطهِ ليطّلِع على دورةِ القَدَر ، بل ويُشاركُ في جهودهِ إن أراد

    يمكن استخدام العقلِ في تشكيلِ المادةِ بواسطةِ الطاقة ، وبذلكَ يأتي أموراً ويصنعُ أشياءً تبَدو للعقلِ العاديِ مُعجزات ، ولكنها تدخلُ في نطاقِ الأسبابِ والمسببات ، نطاقَ الممكنِ المعقولِ لا إعجازَ فيها ولا مُستحيل

    تَستطيعُ النفسُ التي تقدّمت أن ترتفعَ بِعلمِها إلى حيثُ تكونُ فوقَ متناولِ قانونِ العِلَلِ والأسبابِ والنتائج ، الذي يسيطرُ على مجرياتِ الأمورِ في مستوياتِ الوجودِ الدُنيا .

    احذَروا المعَلّم الذي يَدّعي أنهُ يستطيعُ بعقلهِ أن يُفَسّرَ لعقولِكُم سِرّ الوجود الذي اختصّ الله به نَفسَه ، فإن ساوَرَكُم الشّكُ وسَبّبَ لكم أسىً من سؤالٍ ما عنِ الوجودِ والخلقِ والكون ، فاهدءوا والجئوا بالعقلِ إلى الروحِ وسلطانِه ، تجدوا الهدوءَ والسّلام ، السّلام الذي يفوقُ الإفهام …
    النفسُ مركزُ الوعي ، وفيها القَبَسُ الإلهيُ تَحوطُ به حُجُب ، وهذه الحجُبُ على درجاتٍ وأشكالٍ من جوهرِ العقلِ والطاقةِ والمادة

    وحتى بعدَ الموت ، فإنّ النفسَ لا تتخلصَ من المادة ، لأن لها مراكبَ أو أجساماً من المادةِ الشفافةِ في درجاتِ مختلفةِ من الصّفاء ، فجوهرُ العقلِ الفرديِ نفسهُ بِصورهِ المتعددة ، تحوطهُ طبقةٌ من المادةِ تحجبهُ عن العقلِ الكليِ إلى حدٍ ما

    توضعُ النفسُ في جسدٍ من المادةِ في أكثفِ صُورِها ، ثم تعملُ جاهدةً تحوَ الرُقيِ والتقدمِ والرِفعة ، متخذةً صوراً يتسامى بعضها فوقَ بعض ، حتى تبلغُ درجةَ الملائكة ، وبعدها تندمجُ في المطلق وتدركُ وحدتها معه ، وهذه الحقيقة عُرِفَت بشهادةِ الذينَ بَلغوا المرحلةِ التي تؤهِّلُ لهذهِ الوِحدة ( النيرفانا ) .

    عملية تكوين مركز الوَعي ، أو مولدِ النّفس ، أو دخولِ الروحِ حُجُبَ العقلِ والطاقةِ والمادة ، تُشبهُ في طبيعتها ما يسبقُ تكوينَ الجنين ومولِده ، فالإرادةَ الإلهيةَ تشبهُ الخليةَ المتكونةَ من بويضتي الذكرِ والأنثى ، والروحُ تشبهُ الطفلَ الذي يتكونَ مِنها ، ولا بدّ أن تكونَ في الطفلِ طبيعةَ الوالدينِ وصفاتهما ، أي أن الروحَ من الله وأنها نَفسُ النفس ، وأن الحجُبَ التي تمثلُ العقلَ والطاقةَ والمادة ، هي جسدُ الطفل ، وكلٌ من نفسِ الطفلِ وجسده ، لا بُدّ أن يَكونا من نفسِ العناصرِ التي تكوّنَ منها الوالِدان ، فليس ثمةَ شيءٌ آخر يمكن أن يتكونَ منهُ الطفل ، وكما يقولُ كاتبٌ غربي : نحن بحق من جوهرِ المطلقِ نفسه ، وطبقاً لقانونِ الأبوةِ نأتي نحنُ أطفالهُ جسداً وروحاً على السواء ، إننا مولودونَ ولسنا مَصنوعين ، إذ أننا أولادٌ الحقيقةِ .

    فالطفلُ الذي يولدُ ويكونُ في صورةِ مادةٍ بسيطةٍ أولَ الأمر ، ثم ينمو فيَعي ثم يَعقِل ثم يُدرِك ثم يبلغُ مبلغَ الرِّجال ، حتى يصبحَ كأبيه شكلاً وعقلاً ، كذلك هذا الطفلُ الإلهي يُبعثُ في أبسطِ شكلٍ من أشكالِ الروح ، التي يمكن أن تُسمّى جسدُ الله ، وكلّما نمَت ، ارتفعت وارتقت وبلغت ذرى الارتفاعِ التي يصابُ فيها العقلُ بالدّوار ، حتى إذا بلغت آخرَ الطريق ، وجَدت نفسها أمام بيتِ أبيها ، لتدخُل وتُلقى نفسها في أحضانِ أبيها الذي يكونُ في انتظارها ، ثم تُقفَلُ الأبواب ، فلا نَعلَم مما يجري في الداخِلِ شيئاً ، هذه هي عودةُ النفس بعد رحلةٍ شاقةٍ طويلة ، لتَدخُلَ بيتها بسَلام .
    كما تنعكسُ الشمسُ على البحر ، وعلى كلِّ نقطةٍ فيهِ إذا انفصلت عن غيرِها ، كذلكَ ينعكسُ نورُ المطلقِ على صفحاتِ العقلِ الكلي ، وعلى كلِّ ذرةٍ من ذراتِ ذلكَ العقل ، فإذا انعكست الشمسُ على بحرِ العقل ، فهيَ نورُ المطلق ، وإذا انعكست على قطرةٍ من العقلِ الكليِ التي يقالُ لها النّفس ، سمُيَتِ الروح ،

    ليسَ ذلكَ الذي يبدو في الانعكاسِ هوَ الشمسُ نَفسُها ، ولكنه في نفسِ الوقت ، ليسَ وهماً ولا خيالاً ولا شيئاً مُزيفاً ، فإن الشمسَ قد أرسلت جُزءاً من نَفسِها ، من قُدرتها ومن حرارتها ونورها ومادتها ، ولهذا فالبحرُ والقطرةُ تأخذانِ من نفسِ الشمس ، إن روحَ القطرةِ حَق ، وهذه مُعجزةَ السّر ، فعلى حين تكونُ الشمسُ حاضرةً في القَطرة ، إلا أنّ الشمسَ نفسها بعيدة ، وليس الحاضرُ منها إلا مظهرٌ فقط ، إن من يَرى الانعكاسَ في القطرةِ يرى الشمس ، شكلها ونورها ، ومع ذلك فالشمسُ في السماء ، وهكذا نرى الشمسَ في القطرةِ وهي في السماء ، ونرى الشمس في السماءِ وهيَ في القطرة ، هذا هو اللغزُ الإلهيُّ الذي في طيّاتِهِ الواحدَ المُتعدِّد ، والُمتَعدِّدَ الواحِد الحق ، والكلُ الذي يَبدو مُنفصلاً ولا انفصال …

    تنعكسُ الشمسُ على ملايينِ القطرات ، فإذا بالملايين منَ الشُموس ، ولكن ، مع أننا نرى في كلِّ قطرةٍ شمَساً ، إلا أن الشَمسَ واحدةً وهي في السّماء ، إنّ من يستطيعُ أن يدركَ هذا اللُغز ، يدركُ سِرَ الصّلةِ بينَ الروحِ والمطلَق ، بينَ المتعددِ والواحِد ،
    ألا ليتَ كلّ قطرةٍ تُدركُ أنّ في داخِلها شمسُ الحياة ، وتَعرفُ كيفَ تدركُ وجودَها فيها الإدراكَ الصَّحيح ، …•


    يمكنك مشاهدة توقيعي بالنقر على زر التوقيع

    نسائم الرحمن غير متواجد حالياً
    • توقيع نسائم الرحمن






  3. رد مع اقتباس
  4. تكبير الخط تصغير الخط
    بتاريخ : 16-10-2016 الساعة : 08:18 AM رقم #2
    كاتب الموضوع : نسائم الرحمن


    مراقب


    الصورة الرمزية تبارك

    • بيانات تبارك
      رقم العضوية : 134
      عضو منذ : Aug 2008
      المشاركات : 2,480
      بمعدل : 0.43 يوميا
      معدل تقييم المستوى : 40
      التقييم : Array


  5. شكرا على الموضوع والمعلومات القيمة

    يمكنك مشاهدة توقيعي بالنقر على زر التوقيع

    تبارك غير متواجد حالياً
    • توقيع تبارك

  6. رد مع اقتباس
  7. تكبير الخط تصغير الخط
    بتاريخ : 17-10-2016 الساعة : 02:41 PM رقم #3
    كاتب الموضوع : نسائم الرحمن


    شاملى ذهبى


    • بيانات الزهراء
      رقم العضوية : 207
      عضو منذ : Sep 2008
      المشاركات : 662
      بمعدل : 0.12 يوميا
      معدل تقييم المستوى : 22
      التقييم : Array


  8. شكرا ويسلموووو اختى الكريمة على الموضوع والافادة الحلوة

    الزهراء غير متواجد حالياً
    رد مع اقتباس
  9. تكبير الخط تصغير الخط
    بتاريخ : 18-10-2016 الساعة : 02:44 PM رقم #4
    كاتب الموضوع : نسائم الرحمن


    شاملى ماسى


    الصورة الرمزية محمد المازن

    • بيانات محمد المازن
      رقم العضوية : 160
      عضو منذ : Aug 2008
      المشاركات : 1,067
      بمعدل : 0.19 يوميا
      معدل تقييم المستوى : 26
      التقييم : Array


  10. شكرا على الطرح والافادات القيمة بارك الله فيكم

    محمد المازن غير متواجد حالياً
    رد مع اقتباس
  11. تكبير الخط تصغير الخط
    بتاريخ : 19-10-2016 الساعة : 07:01 PM رقم #5
    كاتب الموضوع : نسائم الرحمن


    شاملى فضى


    • بيانات ذكوان
      رقم العضوية : 6167
      عضو منذ : Mar 2012
      المشاركات : 383
      بمعدل : 0.09 يوميا
      معدل تقييم المستوى : 16
      التقييم : Array


  12. شكرا على الموضوع والمعلومات المفيدة

    ذكوان غير متواجد حالياً
    رد مع اقتباس
  13. تكبير الخط تصغير الخط
    بتاريخ : 20-10-2016 الساعة : 05:26 PM رقم #6
    كاتب الموضوع : نسائم الرحمن


    شاملى ماسى


    • بيانات اسامه العشرى
      رقم العضوية : 32220
      عضو منذ : Dec 2015
      المشاركات : 1,063
      بمعدل : 0.35 يوميا
      معدل تقييم المستوى : 19
      التقييم : Array


  14. شكرا على الموضوع القيم والمفيد بارك الله فيكم

    اسامه العشرى غير متواجد حالياً
    رد مع اقتباس
  15. تكبير الخط تصغير الخط
    بتاريخ : 21-10-2016 الساعة : 05:41 PM رقم #7
    كاتب الموضوع : نسائم الرحمن


    شاملى ذهبى


    • بيانات ذاكية البحيرى
      رقم العضوية : 31946
      عضو منذ : Jun 2015
      المشاركات : 606
      بمعدل : 0.19 يوميا
      معدل تقييم المستوى : 15
      التقييم : Array


  16. شكرا على المعلومات والافادات الجميلة ويسلموووو

    ذاكية البحيرى غير متواجد حالياً
    رد مع اقتباس
  17. تكبير الخط تصغير الخط
    بتاريخ : 30-10-2016 الساعة : 05:50 PM رقم #8
    كاتب الموضوع : نسائم الرحمن


    شاملى فضى


    • بيانات ريم نوار
      رقم العضوية : 13781
      عضو منذ : Sep 2012
      المشاركات : 443
      بمعدل : 0.10 يوميا
      معدل تقييم المستوى : 16
      التقييم : Array


  18. تسلم يمناكِ استاذة نسائم على مجهوداتك ومواضيعك الشيقة والقيمة

    ريم نوار غير متواجد حالياً
    رد مع اقتباس
  19. تكبير الخط تصغير الخط
    بتاريخ : 02-11-2016 الساعة : 09:30 AM رقم #9
    كاتب الموضوع : نسائم الرحمن


    شاملى ماسى


    الصورة الرمزية حنين

    • بيانات حنين
      رقم العضوية : 132
      عضو منذ : Aug 2008
      المشاركات : 3,671
      بمعدل : 0.64 يوميا
      معدل تقييم المستوى : 52
      التقييم : Array


  20. شكرا على الموضوع والمعلومات المفيدة

    حنين غير متواجد حالياً
    رد مع اقتباس
  21. تكبير الخط تصغير الخط
    بتاريخ : 07-11-2016 الساعة : 03:57 PM رقم #10
    كاتب الموضوع : نسائم الرحمن


    شاملى ماسى


    الصورة الرمزية كريمة

    • بيانات كريمة
      رقم العضوية : 52
      عضو منذ : Jul 2008
      المشاركات : 1,367
      بمعدل : 0.24 يوميا
      معدل تقييم المستوى : 29
      التقييم : Array


  22. شكرا على الموضوع والمعلومات المفيدة

    كريمة غير متواجد حالياً
    رد مع اقتباس



معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك