مولد النور صلى الله عليه وسلم 9

**الشيخ / خالد الجعفري** · 05:29 AM

*9- مولد النور صلى الله عليه وسلم...*

ولد المصطفى صلى الله عليه وسلم وحق الهناء فتلألأت الكائنات بسعد طوالعه، وافتخرت الخلائق بقدومه والعرب والأعجام، وعكفت على بيت السيدة الكريمة آمنة رضي الله عنها طيور مناقيرها من الزمرد الأخضر وأجنحتها من اليواقيت الجوهرية، وتدلت الكواكب من السموات وأقبل إلى بيت السيدة الفضلى آمنة الغمام، وقد ذكر غير ذي واحد من الثقات وأماجد الأعلام من الأئمة الكرام أنها رضي الله عنها رأت رجالاً وقفوا في الهواء بأيديهم أباريق من فضة بالسلاسل الذهبية فيها ماء من السلسبيل فشربت فزال ما بها من الآلام..

ولم تزل السيدة الجليلة رضي الله عنها تشاهد من غرائب معجزاته أموراً نورانية وترى من عجيب آياته ما لا تحيط به العقول والأفهام، وكل ذلك في ليلة الإثنين من بعد العشاء إلى طلوع اللمعة الفجرية، وكان أن أخذها المخاض ووضعته صلى الله عليه وسلم نوراً يتلألأ كالبدر ليلة التمام وكل الكون به صلى الله عليه وسلم قد تباهى وأشرقت لمولده الأقطار وعم النور جميع الأمصار، وتزينت السماء بالبهاء وإمتلأ الأرض بالضياء، وفاحت الزهور برائحتها الزكية وغردت الطيور بأصواتها الشجية، وذعر الشيطان وحل به الهوان، وزخرفت الجنان واصطفت الحور والولدان والكل يرحب بالمصطفى صلى الله عليه وسلم سيد الأكوان، يقول مولانا الإمام فخرالدين الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني رضي الله عنه:

وكل الكون من عال ودان
بمحمود الطليعة قد تباهى

يقول الإمام جعفر بن إسماعيل بن زين العابدين البرزنجي رضي الله عنه في مولده:
"وبرز صلى الله عليه وسلم واضعاً يديه على الأرض رافعاً رأسه إلى السماء العلية مومياً بذلك الرفع إلى سؤدده وعلاه، ومشيراً إلى رفعة قدره على سائر البرية وأنه الحبيب الذي حسنت طباعه وسجاياه، ودعت أمه عبدالمطلب وهو يطوف بهاتيك البنية فأقبل مسرعاً ونظر إليه وبلغ من السرور مناه، وأدخله الكعبة الغراء وقام يدعو بخلوص النية ويشكر الله تعالى على ما من به عليه وأعطاه.. وولد صلى الله عليه وسلم نظيفاً مختوناً مقطوع السر بيد القدرة الإلهية طيباً دهيناً مكحولة بكحل العناية عيناه"..

ويقول الشيخ أمين محمد البطاوي رضي الله عنه في مولده:
"فلما حان مقدمه السعيد وآن أوان مولده الشريف المجيد، حفت بآمنة الملائكة المقربون وهم بذكر مولاهم يسبحون《سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر 》.. ثم وقف جبرائيل الأمين عن اليمين ووقف إلى الأمام ميكائيل عليه السلام، وكانت آمنة فريدة في المكان وليس معها أحد سوى الرحمن، وكانت الملائكة ترفرف بأجنحتها وتحجب الأنظار عن مشاهدتها، ولما اشتد وطيس الطلق بسطت أكف الضراعة إلى خالق الخلق《يا عالم السر منا لا تكشف الستر عنا وعافنا واعف عنا وكن لنا حيث كنا ..
فإذا هي بحواء وسارة وآسية ومريم عليهن السلام وطائفة من الحور المقصورات في الخيام، فأخذ المكان يتلألأ بالأنوار الإلهية ويسطع بالكواكب البهية، فاطمأنت آمنة وهدأ بالها وارتاح ضميرها وانشرح صدرها، وزال عنها الرعب والخوف والألم ومن الإله عليها بالجود والكرم فوضعت المصطفى صلى الله عليه وسلم..

وقد ولد المصطفى صلى الله عليه وسلم بدراً كاملاً مختوناً مكحلاً، بوجه طلق المحيا أشرقت منه الدنيا، وتفجر النور وعم الكون السرور، ونادت الكائنات من جميع الأنحاء أهلاً وسهلاً بمنبع السرور والهناء فلا شك ولا امتراء أنه خير من تلد النساء"... يتبع..

📚 دكتور بهاء الدين ماهر - علوم وثقافة منقول