|
بتاريخ : 05-12-2016 الساعة : 09:06 AM
رقم
#1
مولد النور صلى الله عليه وسلم 15
|
مشرف
|
*15- مولد النور صلى الله عليه وسلم...*
لما بلغ سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم خمساً وثلاثين سنة كانت قريش قد أعادت بناء الكعبة المشرفة لإنصداعها بالسيول، وتنازعوا فيما بينهم في أمر الحجر الأسود..
فكل أراد رفعه ورجاه، وعظم بينهم القيل والقال، وتحالفوا على القتال، وقويت العصبية ثم تداعوا إلى الإنصاف، وفوضوا الأمر إلى ذي رأي صائب وأناه، فحكم بتحكيم أول داخل من باب السدنة، فكان حضرة النبي صلى الله عليه وسلم أول داخل، فقالوا:
هذا الأمين وكلنا يقبله ويرضاه..
ثم أخبروه بأنهم رضوه أن يكون صاحب الحكم في هذا الملم ووليه، فوضع صلى الله عليه وسلم الحجر في ثوب، ثم أمر أن ترفعه القبائل جميعاً إلى مرتقاه..
فرفعوه إلى مقره من ركن هاتيك البنية المشرفة زادها الله تعظيماً، ووضعه الحبيب صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة في موضعه الآن وبناه..
ولما كمل المصطفى صلى الله عليه وسلم أربعون سنة على أوفق الأقوال المروية بعثه الله تعالى للعالمين بشيراً ونذيراً فعمهم برحماه، وبدئ إلى تمام ستة أشهر بالرؤيا الصادقة الجلية، فكان صلى الله عليه وسلم لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق صبح ضاء سناه..
وحبب إلي الحبيب صلى الله عليه وسلم الخلاء، فكان يتعبد بغار حراء..
إلى أن أتاه فيه من الحق صريح الحق ووافاه، وذلك في يوم الإثنين لسبع عشرة خلت من شهر رمضان المبارك، وقيل: لسبع، أو لأربع وعشرين منه، أو لثمان خلت من شهر مولده الذي بدأ فيه بدر محياه، فقال له المطاع في السماوات والمتحمل لكلمات الله تعالى:
اقرأ، إلى ثلاث مرات، فكان الرد من المخصوص بالذات والكامل من علوم الله:
ما أنا بقارئ؛ أي بأي علم أقرأ لك، فهو الكامل من علوم الله أجمعها إذ يقول مولانا الإمام فخرالدين الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني رضي الله عنه:
يا كاملاً من علوم الله أجمعها
يا أحمد أيها المخصوص بالذات
ثم فتر الوحي ثلاث سنين، وقيل ثلاثين شهراً، ليشتاق إلى انتشاق هاتيك النفحات الشذية من رب البرية، ثم أنزلت عليه:
{يَا أَيُّهَا المُدَّثِّر}، فجاءه جبريل عليه السلام بها وناداه، فكان لنبوته في تقدم: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}..
وأول من آمن به من الرجال سيدنا أبوبكر الصديق رضي الله عنه، ومن الصبيان سيدنا الإمام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه، و من النساء سيدتنا السيدة خديجة رضي الله عنها التي ثبت الله بها قلبه الشريف ووقاه، ومن الموالي سيدنا زيد بن حارثة رضي الله عنه، ومن الأرقاء سيدنا بلال بن رباح رضي الله عنه الذي عذبه في الله أمية بن خلف فأولاه مولاه سيدنا أبوبكر من العتق ما أولاه حتى قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيما بعد: أبوبكر سيدنا وأعتق سيدنا..
ثم أسلم ساداتنا: عثمان بن عفان، وسعد، وسعيد، وطلحة، وعبدالرحمن بن عوف، الزبير بن العوام، وغيرهم ممن أنهله الصديق رحيق التصديق وسقاه..
وما زالت عبادته صلى الله عليه وسلم وأصحابه مخفية حتى أُنزل عليه: {فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ}، فجهر بدعاء الخلق إلى الله تعالى؛ ولم يبعد منه قومه حتى عاب آلهتهم وأمر برفض ما سوى الوحدانية للواحد الديان، فتجرؤا في جور وفجور على مبارزته بالعدواة وأذاه..
واشتد البلاء على المسلمين، فهاجروا بأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة خمس إلى ناحية بلاد الملك النجاشي العادل الذي لا يظلم عنده أحد.. وفي مكة حدب علي الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم عمه الهمام أبوطالب، فهابه كل القوم..
ومازال الهمام أبوطالب يدافع عن الحبيب صلى الله عليه وسلم حتى مات في نصف شوال من السنة العاشرة للبعثة المعظمة وعظمت بموته الرزية، وتلته سيدتنا السيدة خديجة فكان عاماً للحزن..
وشد البلاء على المسلمين، وأوقعت قريش به صلى الله عليه وسلم كل أذية، فأم الطائف يدعو ثقيفاً، فلم يحسنوا بالإجابة له، وأغروا به السفهاء فسبوه بألسنة بذية، ورموه بالحجارة حتى خضبت بالدماء نعلاه..
ثم عاد إلى مكة، فسأله ملك الجبال في إهلاك أهلها بضم الأخشبين، إلا أن الرحمة صلى الله عليه وسلم قال:
(إني أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يتولاه)... يتبع..
|
|
|
المفضلات