اعلم أن آفات العين أربعة :


الآفة الأولى :

أن تنظر بها إلى غير مَحْرَمٍ ، أو تنظر بها إلى صورة مليحة لشهوة ، أو إلى عورة فإن هذه الآفة عظيمة الخطر ، كثيرة الضرر ، تزرع في القلب سنبل الشهوة يانعا فيقبل كل واحد من الأعضاء إلى اجتناء ثمرته طائعا ، وتولد لصاحبها الغفلة فلا يكاد يستعمل عقله ، وحسبك أنها محركة لجميع الأعضاء إلى المعصية ، ومضلة للإنسان مغوية تنسيه نفسه وعقله وحياء ه وأدبه وحرمته ودينه ، وتنسيه مع ذلك ربه وقدرته وعقوبته ونعمته ، وهذه غاية البوار.

واليه أشار النبي المختار صلى الله عليه وعلى اله الأطهار بقوله : (وإياكم وفضول النظر فإنه يبذر الهوى ، ويولد الغفلة) ).

وبقوله العينان تزنيان واليدان تزنيان ، ويصدق ذلك ويكذبه الفرج) (1).
وبقوله : (النظر سهم مسموم من سهام إبليس من تركه خوف الله عز وجل آتاه الله إيمانا يجد حلاوته في قلبه) (2)


الآفة الثانية :

أن تنظر بها إلى عيوب المسلمين طلبا منه لما نهى الله عنه من التجسس لقوله تعالى : {وَلَا تَجَسَّسُوا}(2) وهذه الآفة تجر إلى معاصي كثيرة نحو التكبر والعجب بعمل نفسه ، ونحو الغيبة للمسلمين والهتك لأستار المؤمنين.

الآفة الثالثة :

أن ينظر إلى مسلم بعين الغضب عليه ، أو الإحتقار له ، فإن ذلك من جملة المهاوي والمخاطر.

وعلى هذا قال النبي : (إن من أمتي من لو أتى باب أحدكم فسأله دينارا لم يعطه ، ولو سأله درهما لم يعطه ، ولو سأله فلسا لم يعطه ، ولو سأل الله تعالى الجنة لأعطاها إياه ، ولو سأل الله الدنيا لم يعطها إياه لهوانها عليه ، ذو طمرين لا يؤبه له ، لو أقسم على الله لأبره) (3).

فأشار إلى النهي عن استحقار المسلمين المؤمنين ، واولياء رب العالمين ، فينبغي للمؤمن أن يكون رفيقا بالصالحين على ما نذكره إن شاء الله تعالى وبه الاستعانة.


الآفة الرابعة :

النظر إلى ما يختص أخاه المسلم مما يكره النظر إليه إلا أن يكون مما يحسن على بعض الوجوه النظر إليه على حسب ما ورد به الشرع ، فإن قضايا الشرع كثيرة وتفصيلها عسير ، والتصدي لها في هذا الموضع لا يصلح لما قصدناه فيه ، وذلك نحو النظر في كتاب أخيه المسلم إذا كره ذلك