العطور المستقلة

محمد ناجي

السر الذي يكمن وراء الطفرة الأخيرة في عطور “ركن السوق المميز” أي العطور التي يصدرها خبراء عطور مستقلين لا يتبعون شركات العطور ودور التجميل العالمية الشهيرة هو استحواذ فكرة “القدرة على التعبير الفعلي عن النفس” على عقول الناس فقد أصبح الكثيرين راغبين في أن يحملوا هوية خاصة عندما يضعون العطر وليس اللهث وراء إسم الدار التي تصدره فقليلي المعرفة بعالم العطور لا يعرفون سوى أن أساسها الكحول وتباع في زجاجات وأن رائحة العطر والأنف الخبيرة هما ما يميّزان عطراً عن غيره.

العطور المستقلة





وفي سبعينيات القرن العشرين كان هناك عدد قليل من ماركات العطور الكبرى يسيطر على الساحة ويغطي على الباقين ويستحوذ على معظم الإعلانات والمبيعات وتبقى الغالبية العظمى من المستهلكين تدور في رحاها ولم تكن تتاح لهم أبداً فرصة تعلم كيفية الشم بأنفسهم.

والنتيجة، كما يقول صانع العطور المستقل روجا دوف، إن معظم الناس لا يشمون العطور بالفعل، بل يشمون التسويق. لكن كان أول تحدٍّ حقيقي لهيمنة المؤسسات الضخمة إياها على سوق العطور وجد عندما قام سيرجي لوتنز، وبدعم مادي من دار شيسيدو، بفتح مركز عطوره “ليه صالون دي باليه رويال” في باريس.

بموقعه الفريد وديكوراته الحالمة، ثم سرعان ما أصبح هذا المركز العطري المكان الذي يفضّل محبّو العطور زيارته من كل أنحاء العالم وبذلك دشن نموذجاً مميزا بعيداً عن الصخب السائد بالسوق. فباتت عطوره توصف بالمتفردة

ريادة لوتنز هذه في مجال العطور المميزة تبعها فريدريك مال، ابن أخ المخرج السينمائي الفرنسي لوي مال الذي فتح بوتيك “بارفان فريدريك مال” في شارع جرينيل العام 2000. وبرز ذكاء وعبقرية مال في جعل المتخصصين المحترفين في ابتكار العطور يطورون عطوراً تحمل أسماءهم بدلاً من صنعها بشكل مجهول الإسم لواحدة من ماركات الموضة والعطور الكبرى.



أهلاً بالتفرد!

الرواد أمثال لوتنز ومال فتحوا الطريق لعدد من صانعي العطور المستقلين ذوي الخصوصية والتفرد في السوق بعيداً عن السائد فيه. ومنذ ذلك الحين رأينا أسماء لامعة في هذا المجال من بينها على سبيل المثال لا الحصر: كيليان أونيسي صاحب ماركة باي كيليان، ديفيد سيث وكافي مولتس من ديز آند دورجا، كارلوس هوبر من أركيست، إيدي تشاي وبول بيراردي من أودين، فابريس بينو من لو لابو، جام ألجرين من فيلهين بيرفيوم.

ولو أخذنا رؤى كيليان أونيسي كمثال شديد التميز لهذا الجيل من صناع العطور المستقلين والذي كانت مجلة اليقظة قد التقته بشكل حصري، لتبين لنا أن هؤلاء جاؤوا ليبقوا وينيروا الطريق لغيرهم.


مقتنيات ثمينة

يقول أونيسي: “أعتقد أن عطور “باي كيليان” أقيمت على أساس راسخ، وأن مشاعر الناس هدف أساسي في ما نصنعه لهم. كل شيء نقوم بصنعه مهم جداً بالنسبة لي وهذه هي فلسفتنا. نحن نعتبر علبة العطر وزجاجة العطر مقتنيات ثمينة يجب ألاّ تلقى أبداً في سلة المهملات. الزجاجة من النفائس ولهذا فنحن نحرص على أن تكون قابلة للملء من جديد بعد نفاد ما بداخلها. الفخامة الحقيقية يجب أن تبقى للأبد.”

ويضيف صاحب عطور باي كيليان: “بعض الرجال وبعض النساء يشترون عطوراً شهيرة لارتياحهم لذلك. آخرون لا يريدون أن يكونوا كملايين غيرهم.

إنهم يريدون التفرد، وهذه الفئة من الرجال والنساء هي التي أستهدفها في ما أبتكر من عطور.”