النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. تكبير الخط تصغير الخط
    بتاريخ : 15-03-2017 الساعة : 04:21 PM رقم #1

    افتراضي ماذا تعرف عن أم صلاح الدين المسيحية؟



    نائب المدير العام


    الصورة الرمزية نسائم الرحمن

    • بيانات نسائم الرحمن
      رقم العضوية : 6009
      عضو منذ : Jan 2012
      المشاركات : 5,178
      بمعدل : 1.15 يوميا
      معدل تقييم المستوى : 64
      التقييم : Array




  2. ماذا تعرف عن أم صلاح الدين المسيحية؟

    ذكرنا في المقال السابق جانبا من صدمة المؤرخين الغربيين من فروسية صلاح الدين، لكن لم يكن هذا موقف الكل، بل لقد سلك بعض الغربيين مسلكا غير نزيه في إثبات فروسية صلاح الدين، فمنهم من سلبه مكانته العسكرية ليعترف له بنبل أخلاقه كما فعل المؤرخ الصهيوني يوشع براور، إذ اعتبره زعيما وقائدا عسكريا متوسط القيمة قبل أن يمدح كونه "رجل دولة موهوبا، كريما مع الصديق والعدو محبا للغير يبعث عن الثقة"(1).

    ومنهم من جعله استثناء وحيدا فدخل إلى مدحه عبر باب ذم قومه كما فعل تشارلز روزبولت بقوله: "طبقا لجميع نظريات الوراثة والبيئة كان ينبغي لصلاح الدين الكردي أن يكون قاسيا بلا رحمة، جشعا لا يبالي بغيره، طاغية متعجرف تتحكم فيه نزواته. لقد كان القوم الذين نشأ فيهم غارقين في البداوة، مقاتلين، لصوص، يحتقرون الحضارة..." وبعد أن انتهى من التحقير قال: "كان صلاح الدين فارس كل العصور، مثالي الأخلاق، مثالي السلوك، عظيم السخاء، بالغ الدماثة"(2).
    "
    يفسر ول ديورانت ما أحاط بصلاح الدين من أساطير غربية بقوله: "كان في العادة شفيقا على الضعفاء، رحيما بالمغلوبين، يسمو على أعدائه في وفائه بوعده سموا"
    "

    ومنهم من خلط مدحا بذم، كما فعل مؤرخ الحروب الصليبية ستيفن رنسيمان الذي وصفه بالقول: "لم يتجرد من الأخطاء، ففي سبيل الوصول إلى السلطة أظهر من المكر والقسوة ما لا يتلاءم مع ما حصل عليه من شهرة وصيت فيما بعد" ووصفه باضطهاد "المفكرين الأحرار" ولم يقبل أن صلاح الدين كان يعتقد أن المسيحيين مصيرهم جهنم!! ومع ذلك أسبغ عليه هذا المدح: "لم يحمله على القسوة إلا مصلحة قومه ودينه. كان شديد التقوى، وبرغم ما أحس به من الرحمة والعطف نحو أصدقائه المسيحيين، فإنه اعتقد أن أرواحهم مصيرها جهنم. ومع ذلك احترم أساليبهم، واعتبرهم رفاقا، واختلف عن ملوك الصليبيين في أنه لم ينقض عهده متى بذل العهد لأحدهم، مهما اختلف عنه في الدين... كان دمثا سخيا، وباعتباره غازيا وقاضيا اشتهر بالرحمة، وباعتباره سيدا كان متسامحا شديد التعقل والرزانة، ومع أن بعض أمرائه نفروا منه لأنه كردي محدث النعمة، ومع أن الدعاة في غرب أوروبا نعتوه بأنه المسيخ الدجال، فما من أحد من رعاياه لم يكن له الاحترام ويشتد تعلقا به، كما أن إعجاب أعدائه به لم يشذ عنه إلا عدد ضئيل... اشتهر دائما بالميل إلى البساطة، يكره الخشونة والتظاهر... على أنه كان محبا للاطلاع، ويجد متعة في المناقشات العقلية... اشتهر صلاح الدين بالتواضع والهدوء برغم ما بلغه من سلطان"(3).

    وبالمجمل، فكما تقول المستشرقة الألمانية المختصة في تاريخ الحروب الصليبية كارولين هيلينبراند، "لم يحدث أن تعلقت مخيلة الأوروبيين بشخص مسلم قدر تعلقها بـ(صلاح الدين). إن تفوقه على معاصريه، من مسلمين ونصارى، أقر به أعداؤه الصليبيون، إبان حياته. وإن صورته، حتى في ظل التعصب الأعمى للعصور الوسطى، قد بقيت نقية، لا بل أُضْفِيَ عليها عناصر رومانسية، في وقت كان فيه موقف أوروبا من الإسلام مزيجاً مؤسفاً من الجهل والعداء"(4).

    يفسر ول ديورانت ما أحاط بصلاح الدين من أساطير غربية بقوله: "كان في العادة شفيقا على الضعفاء، رحيما بالمغلوبين، يسمو على أعدائه في وفائه بوعده سموا جعل المؤرخين المسيحيين يعجبون كيف يخلق الدين الإسلامي -"الخاطئ" في ظنهم- رجلا يصل في العظمة إلى هذا الحد"(5).

    ولذلك تعرض المسيحيون -كما تقول كارين أرمسترونج- لأزمة أمام ذلك المسلم الذي "سلك مسلكا يتوافق مع المبادئ المسيحية بخلاف مسلك محاربيهم الصليبيين لدى فتحهم أورشليم. وهكذا خرجوا بأساطير جعلت من صلاح الدين "مسيحيا شرفيا"، حتى إن بعض تلك الأساطير قالت بأنه كان قد تم تعميد صلاح الدين في السر"(6).

    ويختصر مكسيم رودنسون هذه الأساطير في قوله: "أثار العدو الأكبر صلاح الدين إعجابا واسع الانتشار بين الغربيين؛ فقد شن الحرب بإنسانية وفروسية، برغم قلة من بادلوه هذه المواقف... ووصل الأمر إلى حد أنه ظهرت في القرن الرابع عشر قصيدة طويلة جرى العرف على تسميتها "صلاح الدين" وأعيدت فيها صياغة حوادث الأساطير القديمة، وذلك لأن فارسا من هذا الطراز الرفيع يجب بالضرورة أن يصبح منتميا إلى الأسرة المسيحية، وهكذا قيل إن أمه هي الكونتيسة بونثيو التي تحطمت سفينتها على الساحل المصري، وأنه هو نفسه اعتنق المسيحية وهو على فراش الموت"(7).
    "
    تأتي قصة عن صلاح الدين الذي يجيد اللاتينية ويتنكر في ثياب تاجر قبرصي مسيحي بالغ الرقة والتهذب، ثم ينقذ أصحابه التجار المسيحيين إذا وقعوا أسرى بيد المسلمين ويسبغ عليهم حمايته
    "


    وتفصيل هذه الرواية توردها المستشرقة كارول هيلينبراند، فتورد أن كتابا مجهول المؤلف يرجع إلى القرن الثالث عشر ومكتوبا بالفرنسية القديمة عنوانه "تاريخ ما وراء البحار وأصل صلاح الدين" يذكر أن صلاح الدين "كان باسلا جدا وحكيما"، وأنه سليل عائلة بونثيو الفرنسية النبيلة، وأن صلاح الدين طلب من سجينه هيو الذي كان يحكم طبرية أن يعلمه "كيف يصبح فارساً مسيحيًا، كما أنه لما أحس بقرب أجله أرسل إلى خليفة بغداد وبطريرك القدس وحكيم اليهود كي يرسل كل منهم إليه ممثلا عن دينه، ثم أمرهم بمناظرة بعضهم ليصل إلى "أي من هذه الديانات هو الأفضل"، ولما انتهت المناظرة لم يقرر أي دين يختار لكنه قسم مملكته إلى ثلاثة أقسام، وأعطى الأفضل للمسيحيين، والثاني للمسلمين، والثالث لليهود.

    كذلك ظهرت رواية عن صلاح الدين في مجموعة ديكاميرون -وهي مجموعة أدبية ظهرت في منتصف القرن الرابع عشر- تروي أن صلاح الدين سأل اليهودي الذي كان يستدين منه أحيانا: أي الأديان أفضل اليهودية أم المسيحية أم الإسلام؟ ولما أجابه إجابة حكيمة أعطاه هدايا نفسية جداً، وأبقاه في مركز مرموق ومشرف، وجعله من المقربين. وفي نفس هذه المجموعة الأدبية تأتي قصة أخرى عن صلاح الدين الذي يجيد اللاتينية ويتنكر في ثياب تاجر قبرصي مسيحي بالغ الرقة والتهذب، ثم ينقذ أصحابه التجار المسيحيين إذا وقعوا أسرى بيد المسلمين ويسبغ عليهم حمايته(8).

    ومن المؤسف أن آثار بعض هذه الأساطير موجودة حتى اليوم في دراسات يُفترض فيها العلمية والتحرر من هذه الخرافات؛ فمن ذلك كتاب فرنسي صدر عام 2005، يذكر مؤلفاه أن "صلاح الدين كان قد درس في مدارس مسيحية"(9).


    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ

    المصادر:

    (1) يوشع براور، عالم الصليبيين، ترجمة وتعليق: د. قاسم عبده قاسم ود. محمد خليفة حسن، ط1 (الجيزة: عين، 1999م)، ص59.

    (2) Charles J Rosebault، Saladin prince of chivalry، (New York: Robert M. McBride and Company MCMXXX، 1930)، pp xi، xii

    (3) ستيفن رنسيمان، تاريخ الحروب الصليبية، ترجمة: د. السيد الباز العريني، (بيروت: دار الثقافة، 1997م)، 3/148.

    (4) كارول هيلينبراند، تطور أسطورة صلاح الدين في الغرب، ترجمة وتعليق: ناصر عبد الرزاق الملا جاسم، مجلة الحوار (إربيل، يناير 2015م).

    (5) ول ديورانت، قصة الحضارة، مرجع سابق، 15/44، 45.

    (6) كارين أرمسترونج، القدس: مدينة واحدة عقائد ثلاث، ترجمة: د. فاطمة نصر ود. محمد عناني، (القاهرة: سطور، 1998م)، ص482.

    (7) مكسيم رودنسون، الصورة الغربية والدراسات العربية والإسلامية، ضمن "تراث الإسلام" بإشراف شاخت وبوزوروث، ترجمة د. محمد زهير السمهوري وآخرين، سلسلة عالم المعرفة 8 (الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 1985م)، 1/41، 42.

    (8) كارول هيلينبراند، تطور أسطورة صلاح الدين في الغرب، مرجع سابق.

    (9) جان كلود بارو وغيوم بيغو، التاريخ الكامل للعالم: منذ ما قبل التاريخ إلى يومنا هذا، (بيروت ودبي: الفارابي ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، 2008م)، ص108.



    يمكنك مشاهدة توقيعي بالنقر على زر التوقيع

    التعديل الأخير تم بواسطة نسائم الرحمن ; 31-01-2019 الساعة 08:36 PM
    نسائم الرحمن غير متواجد حالياً
    • توقيع نسائم الرحمن






  3. رد مع اقتباس
  4. تكبير الخط تصغير الخط
    بتاريخ : 15-03-2017 الساعة : 09:40 PM رقم #2
    كاتب الموضوع : نسائم الرحمن


    Moderator


    الصورة الرمزية الراعى

    • بيانات الراعى
      رقم العضوية : 92
      عضو منذ : Jul 2008
      المشاركات : 763
      بمعدل : 0.13 يوميا
      معدل تقييم المستوى : 23
      التقييم : Array


  5. شكرا على الطرح جزاك الله كل خير

    الراعى غير متواجد حالياً
    رد مع اقتباس
  6. تكبير الخط تصغير الخط
    بتاريخ : 16-03-2017 الساعة : 03:58 AM رقم #3
    كاتب الموضوع : نسائم الرحمن


    شاملى ماسى


    الصورة الرمزية حنين

    • بيانات حنين
      رقم العضوية : 132
      عضو منذ : Aug 2008
      المشاركات : 3,671
      بمعدل : 0.64 يوميا
      معدل تقييم المستوى : 52
      التقييم : Array


  7. شكرا على المعلومات والافادة

    حنين غير متواجد حالياً
    رد مع اقتباس
  8. تكبير الخط تصغير الخط
    بتاريخ : 20-03-2017 الساعة : 06:50 AM رقم #4
    كاتب الموضوع : نسائم الرحمن


    شاملى ماسى


    الصورة الرمزية المغربية

    • بيانات المغربية
      رقم العضوية : 26
      عضو منذ : Jul 2008
      المشاركات : 1,201
      بمعدل : 0.21 يوميا
      معدل تقييم المستوى : 28
      التقييم : Array


  9. شكرا على المعلومات والافادة

    المغربية غير متواجد حالياً
    رد مع اقتباس



معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك