النتائج 1 إلى 5 من 5
  1. تكبير الخط تصغير الخط
    بتاريخ : 20-03-2017 الساعة : 10:38 PM رقم #1

    افتراضي الطابع الإسلامى والثقافة العربية فى غرب إفريقيا



    نائب المدير العام


    الصورة الرمزية نسائم الرحمن

    • بيانات نسائم الرحمن
      رقم العضوية : 6009
      عضو منذ : Jan 2012
      المشاركات : 5,178
      بمعدل : 1.15 يوميا
      معدل تقييم المستوى : 64
      التقييم : Array


  2. الطابع الإسلامى والثقافة العربية فى غرب إفريقيا



    يهمنا الآن أن نتحدث عن الطابع الإسلامى ومظاهر الحضارة فى غربى إفريقيا، وعن المراكز التى نهضت بهذا العمل وحفظت للإسلام نقاءه وقوته حتى بداية تعرض المنطقة للكشوف الجغرافية الأوربية والاستعمار الأوربى فى العصر الحديث.

    ونلاحظ أن الامتزاج الكامل بين التقاليد الإسلامية والتقاليد السودانية الزنجية فى بداية هذا الدور قد تم، كما تمت المواءمة بين هذين العنصرين، وظهرت تقاليد إسلامية الشكل والطابع، إفريقية الروح، وروايات الرحالة والجغرافيين والمؤرخين العرب مثل: «ابن بطوطة» و «الحسن الوزان» و «القلقشندى» وغيرهم، ومن مؤرخى «السودان» مثل «السعدى» صاحب كتاب «تاريخ السودان»، و «محمود كعت» صاحب كتاب «الفتاش» وغيرهما؛ تشعرنا بأننا نتعامل مع مجتمع إفريقى صميم، اكتسب الثوب والصبغة الإسلامية الواضحة.


    فالقلقشندى يتحدث عن تقاليد البلاط فى سلطنة «مالى»، فيشير إلى جلوس السلطان على مصطبة كبيرة عليها دكة أو كرسى من خشب الأبنوس، تحيط بها أسنان الفيلة من كل صوب، ويتحدث عن رجل مهمته أن يكون سفيرًا بين السلطان والناس اسمه أو لقبه الشاعر، وعن المحيطين بالسلطان وهيئة الداخلين عليه، وغير ذلك.

    ورواية «ابن بطوطة» لا تبعد كثيرًا عن هذا الوصف، وهو يشير إلى دار السلطان التى تطل على المشور (دار الشورى)، ويصف السلطان وترتيب الجالسين فيشير إلى نائبه، ثم الفرارية، وهم الأمراء، ثم الخطيب، والفقهاء.

    ولم ينفرد سلاطين «مالى» بهذا اللون الفريد من الحياة، فقد شاركهم فيه أهل «صنغى» وغيرهم من شعوب «السودان الغربى» والأوسط، فى إمارات «الهوسا» السبع فى شمالى «نيجيريا» وفى بلاد «الكانم والبرنو».

    وكانت العلاقة بين السلاطين والرعية تقوم على الخضوع الشديد لهؤلاء السلاطين، يدل على ذلك العادات التى كانت منتشرة فى بلاد «السودان الغربى»، والأوسط.

    ومع ذلك فثمة مظاهر إسلامية أو عربية خالصة، تتجلى فى التشدد والتمسك بمذهب «مالك»، وحرص الفقهاء على التقاليد وعزوفهم عن مصاحبة السلطان وتولى الوظائف، مثلما كان الحال فى بلاد شمال إفريقيا و «الأندلس». وقد تغلغل العلماء فى الحياة وتمتعوا بالزعامة الدينية والشعبية؛ إذ صاروا لسان حال الشعب والمدافعين عنه أمام ظلم الحكام وعنتهم، وهى الصورة نفسها التى نلحظها فى المغرب الإسلامى وبلاد «الأندلس»؛ مما يدل على وحدة تلك المنطقة من الناحية الدينية والثقافية، كذلك نشعر بتقدير سلاطين السودان لهؤلاء الفقهاء واحترامهم لهم، حتى إن من يلجأ إلى ديارهم يأمن عقاب السلطان ولايجرؤ أحد على التعرض له بسوء.


    وقد سبقت الإشارة إلى مواظبة أهل «السودان الغربى» على الصلوات والتزامهم بها فى الجماعات، وضربهم أولادهم إذا ما قصروا فى أدائها أو فى حفظ القرآن، وازدحام المساجد بالمصلين حتى إنه إذا لم يبكر المرء بالذهاب إلى المسجد لم يجد موضعًا، كما سبقت الإشارة إلى كثرة عدد المساجد واعتناء السلاطين ببنائها وتعيين الأئمة والخدم لها، وقد التزم الجميع بمذهب الإمام «مالك».


    كما نلاحظ أن جميع الأسر الحاكمة فى «السودان الغربى» والأوسط اصطنعت لنفسها نسبًا عربيا؛ فسلاطين «مالى» يدعون الانتساب إلى «عبدالله بن صالح بن الحسن بن على»، وانتسب سلاطين «كانم وبرنو» إلى «حِمْيَر»، واتخذ سلاطين «صنغى» مثل هذا النسب العربى، بل وحرصوا على الحج والحصول على تقليد من الخليفة العباسى بالحكم، كل ذلك ليكتسبوا صبغة إسلامية كاملة وليفوزوا برضا الرعية، وليفسحوا لأنفسهم مجالا فى الحياة الإسلامية الدولية.


    وقد حرص سلاطين «السودان الغربى» والأوسط وملوكهم ورعيتهم على أن يقتبسوا من التقاليد الشائعة فى الحياة الإسلامية المعاصرة لهم، فهم فى لباسهم يتشبهون بأهل «المغرب»، وتأثر كل من «منسا موسى» و «أسكيا محمد الأول» اللذين زارا «مصر» بأساليبالحياة فى «مصر المملوكية»، فسلطان «مالى» مثلا يتخذ حاشية من ثلاثين مملوكًا من الترك، اشتراهم من «مصر»، وطريقة جلوسهم وخروجهم إلى المسجد يوم العيد لاتختلف كثيرًا عما كان مألوفًا عند سلاطين المماليك وغيرهم من ملوك الإسلام.


    كما حرصوا على أن تكون وثائقهم ومكاتباتهم الرسمية باللغة العربية، حتى التنظيمات الإدارية والحربية تأثروا فيها بما شاهدوه فى «مصر»، فملوك «صنغى» يقسمون الإمبراطورية إلى ولايات أو أقاليم وكل ولاية إلى مدن ثم إلى قرى، ثم ينظمون الجيش إلى فرق للمشاة والخيالة والأبالة، بل استخدموا الأسلحة النارية وخاصة ملوك «الكانم والبرنو»؛ مما ساعدهم فى مشروعاتهم السياسية والحربية إلى حد كبير.


    أما عن الثقافة الإسلامية فإنه يمكننا القول: إن هذه الثقافة كانت عربية خالصة، لم تدخلها تأثيرات أخرى؛ لعدم وجود تقاليد ثقافية زنجية فى ذلك الوقت، وكانت هذه الثقافة الإسلامية ذات صبغة مغربية أندلسية؛ حيث إن الإسلام دخل إلى تلك البلاد من «المغرب»، وبالتالى انتقلت ثقافة «المغرب» إلى «أودغشت» و «تمبكت وجاو» وبقية مدن «السودان الغربى» والأوسط، حتى طريقة الكتابة نفسها تأثرت بالطابع المغربى، فالقلم المستخدم هو القلم المغربى، والمناهج والكتب المتداولة هى المناهج والكتب المالكية المغربية نفسها مثل كتب «عياض» و «سحنون» و «موطأ مالك» و «المدونة» وغيرها، وكلها كانت تدرس فى مدارس غربى إفريقيا فى «جنى» و «تمبكت» و «كانو» و «كاتسينا» و «برنو».


    حتى التأثيرات الأندلسية دخلت إلى مدارس «المغرب» وغربى إفريقيا وخاصة بعد سقوط دولة الإسلام فى «الأندلس»، فقد رحل علماؤها إلى غربى إفريقيا وأقام كثير منهم فى «تمبكت»، وشواهد بعض القبور التى كشف عنها فى منطقة «النيجر» ظهر أنها صنعت فى مدينة «ألمرية» بالأندلس عام (494هـ = 1100م)، وتحمل نقوشًا عربية أندلسية، كما تأثرت قصور ملوك «السودان الغربى» والأوسطبالعمارة المغربية الأندلسية.


    وقد تأثرت مدارس «السودان الغربى» والأوسط بالمدارس الإسلامية الأخرى، خاصة مدارس «مصر» المملوكية، ورحل أهل «السودان» إلى «مصر» وتعلموا فيها، ورحل بعضهم إلى «الشام» و «الحجاز»، ووصلت مؤلفات المصريين إلى هذه البلاد، وقد عرفنا كيف ابتاع «منسا موسى» الكتب وحملها معه إلى بلاده، كما أن مؤلفات «السيوطى» وغيره من علماء «مصر» شاعت فى هذه البلاد، وكان تأثر الطلاب السودانيين بمدارس «مصر» لايقل عن تأثرهم بمدارس «المغرب العربى».


    وليس معنى ذلك أن الثقافة الإسلامية فى غربى إفريقيا كانت تقل عن نظيرتها فى بلاد «المغرب»، من حيث الغزارة والعمق، فعلماء «السودان» وفقهاؤه لم يختلفوا عن نظائرهم فى «المغرب العربى»، فقد روى «السعدى» أن فقيهًا اسمه «عبدالرحمن التميمى» جاء من الحجاز بصحبة السلطان «منسا موسى» حين عاد من الحج فأقام بتمبكت زمنًا، ولما رأى فقهاءها يتفوقون عليه غادرها إلى «فاس» حتى يتزود من العلم ثم يعود إليهم.


    وهناك من اشتهر من مؤرخى السودان الغربى والأوسط وكُتَّابه أمثال: «أحمد بابا التمبكتى»، الذى وُلد بوهران عام (963 - 1037هـ = 1556 - 1627م) فهو من أصل صنهاجى، ثم رحل إلى «تمبكت» وفيها ظهرت مواهبه وارتفعت مكانته العلمية وكان رجلا واسع الثقافة، ألَّف فى كل العلوم المألوفة فى عصره، وذيَّل كتاب الديباج المذهب لابن فرحون وسماه «نيل الابتهاج بتطريز الديباج»، وأرَّخ فيه حتى سنة (1006 هـ = 1597م) وهو يعطينا صورة طريفة لتاريخ الحركة الفكرية فى «السودان الغربى» كله.


    وهناك المؤرخ «السعدى» وهو من رجال القرن السابع عشر الميلادى، وقد أقام بتمبكت و «جنى» ورحل إلى «المغرب»، وهو صاحب الكتاب المشهور المسمى «تاريخ السودان»، والذى يعطينا معلومات وافية عن تاريخ «دولة صنغى» وعن أحوالها الاجتماعية والثقافية، كذلك كان شأن «محمود كعت التمبكتى» صاحب كتاب«الفتاش فى أخبار السودان»، فقد كان فقيهًا من فقهاء «تمبكت» صَحِبَ «أسكيا محمد الكبير»، وألف كتابه بالأسلوب المغربى المألوف نفسه.


    وهناك أيضًا الإمام المؤرخ «أحمد بن فرتو»، الذى عاش فى سلطنة «برنو» وكان يعاصر الماى «إدريس ألوما» (978 - 1012هـ= 1570 - 1603م)، وهذا الإمام سليل أسرة دينية كان لها أثرها الكبير فى نشر الإسلام فى «برنو»، وجده البعيد هو الإمام «محمد بن مانى» الذى أسلم على يديه سلاطين «كانم وبرنو» الأوائل فى القرن الحادى عشر الميلادى.

    وقد كتب «أحمد بن فرتو» تاريخًا لبلاده يعتبر المرجع الرئيسى، وخاصة تاريخ الفترة التى عاصرها زمن «إدريس ألوما»، ومؤلفاته مدونة باللغة العربية ونشرت فى عام (1349هـ = 1930م) على يد أمير «كانو» فى «نيجيريا».

    ورغم أن هؤلاء الكتَّاب وغيرهم كتبوا باللغة العربية فإننا لا ندرى بالضبط مدى انتشار اللغة العربية بين عامة الناس فى تلك الفترة، ويبدو أنهم كانوا يستخدمون لغتهم الأصلية فى حياتهم الخاصة، ويقتصر استعمال العربية عندهم على المكاتبات والعقود التجارية، ومما يدُّل على ذلك أن «ابن بطوطة» حضر صلاة الجمعة فى أحد مساجد «مالى»؛ فرأى رجلا يقف ويبين للناس بلسانهم كلام الخطيب، أى أنه كان يترجم كلام الخطيب إلى اللغة المحلية، ويشير هو وغيره إلى وجود وظيفة الترجمان فى بلاط السلطان، ويتضح ذلك أيضًا من اختلاط «ابن بطوطة» و «الحسن الوزان» ببعض أهالى «السودان»، وكانا لايعرفان لغة هؤلاء الناس إلا عن طريق ترجمان.


    هذا عن انتشار الثقافة العربية الإسلامية فى غربى إفريقيا، أما المراكز التى استقرَّت فيها هذه الثقافة وانطلقت منها إلى نواحى «السودان» المختلفة فعديدة؛ من أهمها: مدينة «تمبكت»، و «جنى»، و «أودغشت»، و «كانو»، و «كتسينا»، و «جاو».


    يمكنك مشاهدة توقيعي بالنقر على زر التوقيع

    نسائم الرحمن غير متواجد حالياً
    • توقيع نسائم الرحمن






  3. رد مع اقتباس
  4. تكبير الخط تصغير الخط
    بتاريخ : 21-03-2017 الساعة : 12:45 AM رقم #2
    كاتب الموضوع : نسائم الرحمن


    شاملى ذهبى


    الصورة الرمزية الجاسم

    • بيانات الجاسم
      رقم العضوية : 204
      عضو منذ : Sep 2008
      المشاركات : 970
      بمعدل : 0.17 يوميا
      معدل تقييم المستوى : 25
      التقييم : Array


  5. شكرا على الموضوع والافادة جزاكم الله كل خير

    يمكنك مشاهدة توقيعي بالنقر على زر التوقيع

    الجاسم غير متواجد حالياً
  6. رد مع اقتباس
  7. تكبير الخط تصغير الخط
    بتاريخ : 23-03-2017 الساعة : 05:22 PM رقم #3
    كاتب الموضوع : نسائم الرحمن


    شاملى ذهبى


    الصورة الرمزية ياسر فتحى

    • بيانات ياسر فتحى
      رقم العضوية : 6106
      عضو منذ : Feb 2012
      المشاركات : 654
      بمعدل : 0.15 يوميا
      معدل تقييم المستوى : 19
      التقييم : Array


  8. شكرا على الموضوع الهادف والقيم جزاكم الله كل خير

    ياسر فتحى غير متواجد حالياً
    رد مع اقتباس
  9. تكبير الخط تصغير الخط
    بتاريخ : 06-04-2017 الساعة : 06:37 AM رقم #4
    كاتب الموضوع : نسائم الرحمن


    مشرف


    الصورة الرمزية وليد البلوشى

    • بيانات وليد البلوشى
      رقم العضوية : 6011
      عضو منذ : Jan 2012
      المشاركات : 2,375
      بمعدل : 0.53 يوميا
      معدل تقييم المستوى : 36
      التقييم : Array


  10. بارك الله فيكم وجعلها فى ميزان حسناتكم

    وليد البلوشى غير متواجد حالياً
    رد مع اقتباس
  11. تكبير الخط تصغير الخط
    بتاريخ : 07-04-2017 الساعة : 02:49 AM رقم #5
    كاتب الموضوع : نسائم الرحمن


    شاملى ماسى


    الصورة الرمزية ابراهيم الدالى

    • بيانات ابراهيم الدالى
      رقم العضوية : 6013
      عضو منذ : Jan 2012
      المشاركات : 1,175
      بمعدل : 0.26 يوميا
      معدل تقييم المستوى : 24
      التقييم : Array


  12. مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه

    ابراهيم الدالى غير متواجد حالياً
    رد مع اقتباس



معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك