|
بتاريخ : 27-04-2017 الساعة : 04:17 PM
رقم
#1
قصة وعبرة :عصفور النافذة
|
نائب المدير العام
|
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
عصفور النافذة
تجاوز السبعين من عمره بقليل , كل من حوله من الأحباب والأقارب والمعارف والأصدقاء إختفوا تماماً
من حياته .. واحداً تلو الأخر . شريكة حياته خطفها المصير المُقدر المحتوم
في ليلة مظلمة من ليالي الشتاء البارد الحزين . ربما منذ عام , ربما منذ بضع سنين .
لا يهم الزمن .. ولا يهم السكن .
. ضاع الزمن والسكن .. ترك منزله البسيط المتواضع , وسريره النحاسي القديم
, وفِراشه الدافئ الوثير , وكتبه القديمة الكثيرة , وأتى إلى هنا .
يطلقون على هذا المكان الكئيب دار الضيافة !! .. حيث تختفي معالم الدار .
. وصفات الضيافة . إنها حفرة عميقة , أو مقبرة فسيحة , تجمع فيها كل ألوان و أشكال البشر .
. كل من بلا أهل أو صديق أو ولد .
ولكنه منهم , وليس منهم .. لا يُقر , ولا يعترف .. " أنا لىّ أقارب و ولد .. إبني الأكبر هاجر وتركني في
رعاية إبني الأصغر و حماية الله و الأم و الجار .
إبني الأصغر شغلته متاعب الحياة و الزوجة و الأبناء . عاش معي في منزلي , حتى رحلت رفيقة عمري , فضاق بي و بوجودي معه و صرخ من مشاكلي الصحية . حررت نفسي من قيود الأوامر و النواهي من إبني و زوجته, بالبقاء طوال اليوم خارج المنزل .. حتى يقهرني التعب و يهزمني الإرهاق .. فأعود متسللاً كل يوم بعد منتصف الليل , إلى غرفتي .. لأنام وحيداً .. فلا أنام ".
كان مناسباً أن يستمع إلى نصيحة الجيران , و إصرار الإبن و الأقارب .. في الدار ستلقى العناية و الرعاية .. ستعيش مع أقرانك و أمثالك , من كبار السن , و فاقدي القدرة على الحياة .
ماذا تفيدك أموالك ؟ .. ماذا تبقى من أحلامك ؟
تمر الأيام .. بل الأسابيع و الشهور .. ولا أحد يسأل عنه . خادم الغرفة , جامد الوجه , عنيف الحركات , لا يتكلم , لا يبتسم . عامل المطبخ .. رجل طيب ولكنه يعتذر و يأسف على كل شئ .
. هذه هى الأوامر . طعام بلا مذاق أو رائحة .. بلا ملح أو حلوى .. كل شئ مر .
. لا شاي , لا قهوة , لا سكر .. كله منكر !! .
في الصباح الباكر لأحد الأيام , إستيقظ على صوت عصفور يدق بمنقاره من خلف زجاج النافذة .
. دقائق قليلة مرت .. دخل عامل الغرفة ليخبره أن زيارة في إنتظاره .
كان الإبن الأكبر ينتظر في الردهة . تعانقا .. وبكى الأب .. طلب من إبنه الجلوس فإعتذر طائرتي ستقلع بعد ساعة واحدة .. آسف مضطر للإنصراف .
. وضع في جيب والده حفنة قليلة من الأوراق المالية , و انصرف ..
في اليوم التالي .. وفي نفس الموعد في الصباح الباكر ..
إستيقظ على دقات منقار العصفور على زجاج النافذة . وبعد دقائق معدودة , دخل خادم الدار يخبره بأن نجله في إنتظاره .
إحتضن إبنه الأصغر في لهفة .. وقبل أن يسأله عن زوجته و أولاده , بادره الإبن بطلب مساعدة مالية عاجلة ,
وأنه يعلم أن أخاه الأكبر ترك له بعض المال بالأمس . تلقى الابن المال من أبيه, و اختفى في لحظات .
أصبح عصفور النافذة صديقه الوحيد .. يتعمد كل يوم أن يختلس بعض حبات الأرز من على مائدة الغذاء
, يضعها في مظروف صغير يصنعه من ورق الصحف , ويخبئها في جيب بنطاله .
. ينظر عن يمينه و يساره خشية إفتضاح أمره .. وفي المساء , وقبل أن ينام يضع حبات الأرز على حافة النافذة لصديقه الوحيد .
. في الصباح الباكر يأتي العصفور ليلقي عليه تحية الصباح .. يفتح النافذة .. و يتحدث مع عصفوره الجميل ,
ويرد عليه التحية . وأصبح العصفور أمله الوحيد المنتظر في الحياة , الذي يأتي كل يوم , من أجله هو فقط , ليلقي عليه تحية الصباح .
مرت الأيام و الشهور , و أُغلقت النافذة تماماً ..
ولازال العصفور يأتي كل يوم ليلقي تحية الصباح على زجاج النافذة ..
بدون حبات الأرز .. وبدون إنتظار لرد التحية .
إنتهى .
كم هذه الحياه غريبه ابناء تتعب بتربيتهم يتركونك ويرحلون
واذ تذكروك فـ اعلم لمصالحم الشخصيه
وهذا الطائر الذي لم تقدم له شئ سوى عدد قليل من حبات الارز وهو الى الان يزور تلك النافذة
اين نحن من قوه تعالى :
﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ (الإسراء: 23-24).
﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا* وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا* وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا﴾ (مريم: 30-32).
﴿وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (لقمان: 14-15).
﴿وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ (الأحقاف: 15).
الأحاديث:
ومما ورد في فضل برّ الوالدين ما رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول ا لله صلى الله عليه وسلم يقول: "انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيت إلى غار، فدخلوه فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار فقالوا إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم قال رجل منهم اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالا (أي لا أقدم عليهما في الشرب أهلا ولا مالا كرقيق وخادم) فنأى بي طلب الشجر يوما فلم أرح عليهما حتى ناما فجلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين فكرهت أن أوقظهما حتى برق الفجر والصبية يتضاغون عند قدمي (أي يصيحون من الجوع) فاستيقظا فشربا غبوقهما اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنّا ما نحن فيه من هذه الصخرة فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج منه" ودعا الاثنان الآخران بفضل أعمالهما فانفرجت عنهم الصخرة وخرجوا يمشون.
عن عبدالله بن مسعود أنه قال (سألت رسول الله، قلت : يا رسول الله ،أي العمل أفضل ؟ قال : ( الصلاة على ميقاتها ) قلت : ثم أي ؟ قال : ( ثم برالوالدين ) قلت : ثم أي ؟ قال : ( الجهاد في سبيل الله ) . فسكت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو استزدته لزادني . ( البخارى )
جاء رجل إلى رسول الله فقال : يا رسول الله ، من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : ( أمك ) قال : ثم من ؟ قال : ( ثم أمك ) قال : ثم من ؟ قال : ( ثم أمك ) قال : ثم من ؟ قال : ( ثم أبوك )
( البخارى
ومما ورد:
. وروي أنرجلاً طاف بأمه حول الكعبة سبعة أشواط وهو يحملها على ظهره ، وعندما انتهى سأل بنعمر رضي الله عنهما ، فقال : يابن عمر أتراني قد جزيتها قال : لا ، ولا بزفرة منزفراتها . هكذا فليكن البر .
7. وهذا أحد العلماء المحدثين يجلس حوله مئاتالتلاميذ ليدرسهم ويحدثهم وإذا بأمه تدخل عليه أثناء درسه وتقول له : يافلان فيقول : لبيك يا أماه فتقول : اذهب وأطعم الدجاج ، فيقول : لبيك يا أماه ، انظر أخيالكريم ؟ عمل حقير صدر من قلب كبير ، صدر من الأم الحنون ، من الأم التي تحت قدميهاالجنة ، فلم يرد عليها بقوله انتظري حتى ينتهي الدرس ، ولم يقل لها بعد قليل ، بلأغلق كتابه وذهب وأطعم الدجاج ، ثم رجع إلى درسه وأكمل حديثه ، (( أولئك الذيننتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوايوعدون )) [ الأحقاف16 ] .
8. ولما ماتت أم إياس القاضي المشهور بكى عليهافقيل له في ذلك فقال : كان لي بابان مفتوحان إلى الجنة فغلق أحدهما .
وكانرجل من المتعبدين يقبل كل يوم قدم أمه فأبطأ يوماً على أصحابه فسألوه فقال : كنتأتمرغ في رياض الجنة ، فقد بلغنا أن الجنة تحت أقدام الأمهات . عن معاوية بن جاهمةرضي الله عنهما أن جاهمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يارسول الله أردتأن أغزو وقد جئت أستشيرك ، فقال صلى الله عليه وسلم (( هل لك من أم )) ؟ قال : نعم، قال (( فالزمها فإن الجنة عند رجلها)) وفي رواية (( الزمها فإن الجنة تحتأقدامها)) [ النسائي وأحمد بسند صحيح] .
وإنني أتسائل أين نحن من بر أولئك السابقين ؟ لا شك أننا في تقصير وتفريط ، نشكوا إلى الله سوء الحال ، ونعوذ بالله من شر المآل.
يمكنك مشاهدة توقيعي بالنقر على زر التوقيع
|
|
|
المفضلات