|
بتاريخ : 02-11-2017 الساعة : 10:05 PM
رقم
#1
مقتطف من كتاب إزالة الأوهام عن دين الإسلام للشيخ خالد محمود :
|
شاملى ذهبى
|
مقتطف من كتاب إزالة الأوهام عن دين الإسلام للشيخ خالد محمود :
"سارعوا
قال تعالى: و"َمَاكَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّىٰ يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ …(115)" {التوبة}, وذلك يعني أن الله يمنح كل إنسان هداه للإسلام فرصته إلى تبين الخير، وهي فرصة قد تطول أو تقصر، ولكنها تكفي دائما لإقامة الحجة عليه، وتسوغ أنه محاسب على عمله، لا يمكنه الاعتذار عن ضلاله بجهله بالحق والصواب، حيث إن هذه الفرصة تكون كافية لإدراك ذلك واضحا جليا، وهي نظير بلوغ الدعوة بلوغا واضحا جليا كشرط لكون الكافر مكلفا بالإسلام، فمن عاش في بيئة عائلية فاسدة لن يسعه الاعتذار بها عن فساده لأن الله يريه الصلاح في عائلة صديق أو جار أو زميل، ومن ترك الصلاة لم يعدم من يذكره بوجوبها، ومن شرب الخمر رأى ما يذكره بحرمتها، ومن انغمس في المعاصي أفاق أحيانا بصدمة موت أو مرض أو خوف، ومن نسي الموت تذكره فيمن عرفهم من الموتى، ومن نسي الآخرة صادف ناصحا يعظه كعالم أو صديق، ومن اغتر بقوته وماله وسلطته رأى ما يعتبر به فيمن فقد ذلك وتبدل حاله، وقد يجد ما ينبهه ويبصره في كتاب يقرؤه، أو درس يسمعه، أو آية أو حديث يقع أثره في قلبه، وهكذا يعرض الحق والصواب على الإنسان في فرص تعبر حياته، وتنبهه إلى ما هو غافل عنه.
وهنا تظهر أهمية ما أمر به القرآن من المسارعة للخير والاستباق إليه لا بمجرد فعله، لأن هذه الفرص كثيرا ما تكون كلمحات سريعة أو ومضات، تلمع جلية ثم لا تلبث أن تغيب، وقد لا تعود، وإن عادت لم ينتفع بها ثانيا كما لم ينتفع بها أولا، بسبب طبعه المهمل لاقتناص الفرص، المتكاسل عن حمل النفس على ما تدركه من صواب، وإن لم يستثمرها الإنسان فضاعت ولم تعد خلفت وراءها الإلزام بالحجة، وبذلك يكون مبدأ المبادرة والمسارعة كطبع يتطبع به المرء أمرا في غاية الخطورة والأهمية، لتوقف الهداية إلى الحق عليه، فليسارع الإنسان في اقتناص كل فرصة تسنح للخير قبل تفلتها، لا يهمل فيها ولا يرجئ، ولا يترك شيئا استصغارا له أو كسلا، حتى تصير المسارعة للخير طبعا فيه ونهجا له، فلا تضيع منه الفرص التي هو أحوج ما يكون إليها، وذلك أن الإنسان لا يتمكن من إصلاح نفسه المعيبة بنفسه المعيبة، لأن تلك العيوب هي المانعة أصلا من إدراك الصواب، فلا بد حينئذ من معين من خارج النفس، فإذا عرض العون على الإنسان وأهمله لم يبق له طريق للهداية، قال تعالى : "إنما يستجيب الذين يسمعون (36)…" }الأنعام{ يعني سماع التفهم والتقبل بحياد وموضوعية وتعقل، فالذي يهدر الفرص هو المقول فيه إنه ينظر ولا يبصر، ويسمع ولا يعقل، وتمر به الحوادث ولا يتفكر، فهذا الذي اتخذ إلهه هواه، وحرم نفسه من وسائل الهداية، فأنى له أن يهتدي."
|
|
|
المفضلات