|
بتاريخ : 23-11-2017 الساعة : 12:57 PM
رقم
#1
مدح الإخـــلاص
|
نائب المدير العام
|
مدح الإخـــلاص
الإخلاص منزل من منازل الدين ، و مقام من مقامات الموقنين ، و هو الكبريت الأحمر، و توفيق الوصول إليه من اللّه الاكبر، و لذا ورد في فضيلته ما ورد من الآيات و الأخبار، قال اللّه تعالى : {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } [البينة : 5] ، وقال : { أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر : 3] ، و قال : {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ} [النساء : 146] ، و قال : {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110].
نزل فيمن يعمل للّه و يحب أن يحمد عليه.
وفي الخبر القدسي : «الإخلاص سر من أسراري ، استودعته قلب من أحببت من عبادي»، و قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) «أخلص العمل يجزك منه القليل» ، و قال (صلى اللّه عليه و آله): «ما من عبد يخلص العمل للّه تعالى أربعين يوما إلا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه»، و قال (صلى اللّه عليه و آله): «ثلاث لا يغل عليهن».
وعد منها قلب رجل مسلم أخلص العمل للّه عز و جل ، و قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «لا تهتموا لقلة العمل ، و اهتموا للقبول» ، و قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «طوبى لمن أخلص للّه العبادة و الدعاء ، و لم يشغل قلبه بما ترى عيناه ، و لم ينس ذكر اللّه بما تسمع أذناه و لم يحزن صدره بما أعطى غيره!»، و قال الباقر(عليه السلام): «ما أخلص عبد الايمان باللّه أربعين يوما ( أو قال : ما أجمل عبد ذكر اللّه أربعين يوما الا زهده اللّه تعالى في الدنيا و بصره داءها و دواءها ، و أثبت الحكمة في قلبه و انطق بها لسانه» ، و قال الصادق (عليه السلام) في قول اللّه عز و جل.
{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } [هود : 7] ، «ليس يعني أكثركم عملا ، و لكن اصوبكم عملا ، و انما الإصابة خشية اللّه و النية الصادقة» ، ثم قال : «الايفاء على العمل حتى يخلص أشد من العمل ، و العمل الخالص الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلا اللّه عز و جل ، و النية أفضل من العمل ، ألا و ان النية هي العمل».
ثم تلا قوله عز و جل «قل كل يعمل على شاكلته» : يعني على نيته» ، وقال الصادق (عليه السلام): «الإخلاص يجمع فواضل الاعمال و هو معنى مفتاحه القبول و توفيقه الرضا ، فمن تقبل اللّه منه و رضى عنه فهو المخلص و ان قل عمله ، و من لا يتقبل اللّه منه فليس بمخلص و ان كثر عمله ، اعتبارا بآدم (عليه السلام) و ابليس ، و علامة القبول وجود الاستقامة ببذل كل المحاب مع اصابة علم كل حركة و سكون ، و المخلص ذائب روحه باذل مهجته في تقويم ما به العلم و الأعمال و العامل و المعمول بالعمل ، لأنه إذا أدرك ذلك فقد أدرك ذلك الكل ، و إذا فاته ذلك فاته الكل ، و هو تصفية معاني التنزيه في التوحيد كما قال الأول : هلك العاملون إلا العابدون ، و هلك العابدون إلا العالمون و هلك العالمون إلا الصادقون ، وهلك الصادقون إلا المخلصون ، و هلك المخلصون إلا المتقون و هلك المتقون إلا الموقنون ، و أن الموقنين لعلى خطر عظيم! قال اللّه لنبيه (صلى اللّه عليه و آله) : و اعبد ربك حتى يأتيك اليقين ، و أدنى حد الإخلاص بذل العبد طاقته ، ثم لا يجعل لعمله عند اللّه قدرا فيوجب به على ربه مكافاة بعمله لعلمه أنه لو طالبه بوفاء حق العبودية لعجز، و أدنى مقام المخلص في الدنيا السلامة في جميع الآثام ، وفي الآخرة النجاة من النار و الفوز بالجنة» .
ومن تأمل في هذه الاخبار و في غيرها مما لم يذكر، يعلم أن الإخلاص رأس الفضائل و رئيسها ، و هو المناط في قبول الأعمال و صحتها ، ولا عبرة بعمل لا الإخلاص معه ، ولا خلاص من الشيطان إلا بالإخلاص ، لقوله : {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [الحجر: 40]
المرجع
المؤلف : محمد مهدي النراقي.
الكتاب أو المصدر : جامع السعادات
الجزء والصفحة : ج2 , ص415-418
يمكنك مشاهدة توقيعي بالنقر على زر التوقيع
|
|
|
المفضلات