الأعشاب والمكمّلات الغذائية في مرض السكري – الجزء الأول
الأعشاب والمكمّلات الغذائية في مرض السكري – الجزء الأول
مرض السكري، من الأمراض المنتشرة جدًا في العالم بشكل عام، وفي الأردن بشكل خاص، ونسب المصابين في تزايد مستمر! لذلك كان مرض السكري وما زال مثار حديث دائم لما يشكله من عبء على المصاب وعلى المجتمع لكونه مرض مزمن يُحتم على المريض اتباع التعليمات العلاجية باستمرار للحصول على النتائج الصحية المرجوّة وتجنب المضاعفات لاحقًا.
ربما قد سمعت من معارفك أو قرأت في وسائل التواصل الاجتماعي عن أعشاب تعالج السكري نهائيًا، أو على الأقل تغنيك عن استخدام الأنسولين أو غيره من الأدوية الخافضة لسكر الدم، فما صحة هذه المعلومات؟ وهل يمكنك الاعتماد عليها في العلاج؟
بدايةً، فلنتعرف بشكل مقتضب إلى مرض السكري؛ يعتمد الجسم الطبيعي على سكر الجلوكوز للحصول على الطاقة بشكل أساسي، ولكن معظم خلايا الجسم لا تستطيع الاستفادة من الجلوكوز إلا بوجود الأنسولين ( وهو هرمون يفرز من البنكرياس)، في بعض الحالات المرضية يتوقف إفراز الأنسولين أو يقل بشكل كبير نتيجة خلل ما في البنكرياس مما يسبب مرض السكري من النوع الأول. وفي حالات أخرى تفقد الخلايا استجابتها للأنسولين، فيصبح وجوده كعدمه، نتيجة لأسباب كثيرة منها الوراثة والسمنة، فيصاب الإنسان بمرض السكري من النوع الثاني.
ونظرًا لتزايد الاهتمام بالأعشاب العلاجية والمكملات الغذائية في كثير من الأمراض، فقد حظي مرض السكري بنصيب كبير من هذا الاهتمام، مما حفز القيام بكثير من الأبحاث العلمية لدراسة فعالية وسلامة هذه الأعشاب.
ومن الجدير بالذكر أنّ كثيرًا من الأدوية المنتشرة الآن منشؤها نباتيّ، فمثلًا دواء ميتفورمين (metformin) مشتق من نبتة ” المدرة
المخزنية” Galegaofficinalis.
” المدرة المخزنية” Galegaofficinalis.
في هذا المقال أنقل لكم نتائج دراسة منهجية قامت بها الجمعية الأمريكية للسكري عن بعض الأعشاب والنباتات الطبية المتداولة شعبيًا لعلاج السكري من حيث الفعالية والسلامة.
القرع القرمزي ( cocciniaindica)
وهو من النباتات التي تنمو في الهند وما حولها، استخدم في الطب الهندي الشرقي التقليدي لعلاج السكري. آلية عمله غير واضحة تمامًا ولكن يبدو بأنّ للعشبة خصائص تحاكي ( تشابه) خصائص الانسولين .
أجريت عدة دراسات منضبطة معشّاة على هذه النبتة، وتظهر بأنّ لها فعالية في خفض سكر الدم، وحين تمت مقارنتها في إحدى الدراسات بأدوية خفض السكر المستخدمة أظهرت نتائج متقاربة.
ولم تذكر هذه الدراسات أعراضًا جانبيةً عند استخدامها. لذلك يبدو أنّ الدليل الأولي يدعم كون هذه النبتة قد يكون لها دور في علاج السكري، إلا أن مزيدًا من
الدراسات ينبغي أن تجرى للتأكد من الفعالية.
القرع القرمزي ( cocciniaindica)
الجينسنغ (Ginseng)
هنالك عدة أنواع من النباتات تنتمي لنوع الجينسنغ، منها الصينيّ/الكوريّ، والصربيّ، والأمريكيّ، واليابانيّ. وتعد الجلايكوسيدات ثلاثية تيربنويد الصابونين: جينسنسويد أو باناكسوسيد (Ginsensoid or panaxosides) مكونًا أساسيًا.
من آليات عمله المقترحة:
تقليل سرعة امتصاص النشويات إلى الجهاز البوابي الكبدي (Portal hepatic circulation)، زيادة تخزين الجلايكوجين، وضبط إفراز الأنسولين.معظم الدراسات السريرية استخدمت الجينسنغ الأمريكي، بعضها وجدت فوائد بعيدة المدى بتقليل السكر الصيامي (Fasting blood glucose) وكذلك السكر التراكمي(HbA1C). وتم توثيق حالة أرق واحدة في هذه الدراسات.
يكون للجينسنغ الأمريكي فوائد في مرض السكري، إلا أننا بحاجة لمزيد من الدراسات السريرية طويلة الأمد وبحجم أكبر للتأكد من فعاليته.
الجينسنغ (Ginseng)
البصل والثوم
الثوم (garlic / Allium sativum) من أشهر منكهات الطبخ في العالم. معظم المصادر الطبية عن الثوم ركزت على دوره كمضاد للأكسدة، ودوره في مرض ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع شحوم الدم. أما تأثيره على سكر الدم فكانت الدراسات قليلة. والتجارب التي أجريت على الحيوانات أظهرت أنه له تأثيرًا معتدلًا لخفض سكر الدم.
أما البصل (Onion/ Allium cepum) فقد كان له تأثير مشابه للثوم من ناحية خفض سكر الدم نظرًا لاحتوائه على نفس الزيت الطيّار الموجود في الثوم والمعروف بـ أليل بروبل داي سلفايد (Allyl propyl disulphide).
آلية عملهم المقترحة تتضمن زيادة في إفراز أو بطء تكسر الأنسولين، زيادة نشاط الإنزيم جلوتاثيون بيروكسيديز(مضاد للأكسدة)، و تحسين تخزين الكبد للجلايكوجين.
أفضل دراسة أجريت على الثوم كانت تهدف لدراسة تأثير الثوم على تخثر الدم في الأشخاص غير المصابين بالسكريّ، وجدت الدراسة انخفاضًا في سكر الدم الصيامي.
الدراسة الوحيد المتوفرة عن الثوم في مرضى السكري من النوع الثاني لم تصل إلى نتائج متناسقة حول تأثير استخدام مكمل غذائي من الثوم على مدى شهر واحد على السكر أو الأنسولين.
أما البصل فلا يوجد إلا دراسة واحدة صغيرة جدًا ( عدد المشاركين6) وجد الباحثون نقصانًا في سكر الدم الصيامي وزيادة في الأنسولين.
ولم تذكر الدراسات آثارًا جانبية لأي من الثوم او البصل. إلا أنّ النتائج المحدودة لم تمنحنا دليلًا قويا متناسقًا حول تأثيرهما على مرض السكري.
البصل Onion
(Allium cepum)
الثوم Garlic
(Allium sativum )
الحلبة (Trigonellafoenumgraecum)
من البقوليات التي تستخدم بكثرة في الهند. ذُكرت بذورالحلبة في دساتير الأدوية القديمة اللاتينية والإغريقية كعلاج لارتفاع سكر الدم. ولكن يبدو أنّ لبقية أجزاء نبتة الحلبة تأثيرًا مشابهًا على سكر الدم. من آليات عملها المقترحة: تأخير تفريغ المعدة لمحتوياتها في الأمعاء، بطء امتصاص النشويات، زيادة مستقبلات الانسولين على كريات الدم الحمراء، ضبط استهلاك الجلوكوز في الأنسجة.
تتوفر دراسات متعددة عن تأثير الحلبة على مرض السكري إلا أن معظمها غير مضبوطة (non-controlled) وقد أظهرت هذه الدراسات باختلاف تصاميمها و أعداد المشاركين فيها أنّ البذور الكاملة النيئة، مستخلص البذور،الصمغ المعزول من البذور، البذور الكاملة المطبوخة أدت لانخفاض مستويات السكر ما بعد الوجبة،
ولم يكن للبذور المطحونة أو الأوراق المطبوخة تأثيرًا مشابهًا.
بعض الدراسات الأخرى التي تابعت مرضى يتناولون الحلبة لمدة تصل ل 6 أشهر أشارت لفوائد في المحافظة على مستويات السكر في الدم. ولم تذكر أية أعراض جانبية للحلبة. الدراسات الأولية تشير لدور الحلبة في مرض السكري، إلا أننا بحاجة لدراسات أوسع وبجودة أكبر لتأكيد الدليل.
الحلبة (Trigonellafoenumgraecum)
هذا كان جزء من كثير من الفائدة التي تمنحها بعض المكملات الغذائية لمرضى السكري والتي بدورها قد تساعد على التحكم في هذا المرض المزمن والتي سنذكر المزيد منها في الجزء الثاني من هذا المقال ولكننا نحتاج المزيد من الدراسات التي تمكن الأطباء من التوصية بهذه المكملات لمرضى السكري.
رهف زيدان
|
|
المفضلات