القمر الأزرق!
القمر الأزرق!
يعود سبب تسمية هذه الظاهرة إلى عبارة مقتبسة قديمة “Once in a blue moon” وتعني ترجمتها الفنيّة: “نادرًا ما يحدث”.
لكن، هل سبق وأن رأيت قمرًا ذا لون أزرق ؟ في الحادي والثلاثين من يوليو/تموز الحالي (والذي يصادف اليوم بالطبع) ربما سيتوجب عليك النظر إلى القمر لأنه قد يكون أزرق اللون.
بالعودة الى نعريف ظاهرة “القمر الازرق The blue moon “، فإن القمر الأزرق هو اكتمالٌ ثانٍ للقمر خلال شهر ميلادي واحد. في العادة يتضمن الشهر اكتمال واحد للقمر، لكن في هذه الظاهرة يكتمل القمر مرتين في ذلك الشهر. يفسّر ذلك بأن دورة اكتمال القمر هي 29 يومًا (مدّة الشهر في السنة القمرية) أما مدة الشهر في التقويم الميلادي 31-30؛ لذلك فإن الاكتمال مرّتين منطقيًا سيحدث كل سنتين والنصف تقريبًا.
“طريقة واحدة لجعل القمر أزرقًا، استخدم منقَّ عدسة أزرقًا” هذا ما قاله ملتقط الصورة أعلاه كوستين لفتيكا مطلع الشهر الحالي تحديدًا في الثاني من يوليو الجاري في برايتون. حيث أن القمر قد اكتمل في ذلك التاريخ وسوف يكتمل مرة أخرى في آخر أيام نفس الشهر وهذا بالطبع يوافق تعريف الظاهرة فانه سيكتمل القمر مرتين في يوليو الجاري. لكن هل حقا يظهر القمر باللون الازرق؟ الجواب في الغالب هو لا. كما ذكرنا أن السبب في التسميه يعتمد على تاريخ اكتمال القمر لا على لونه. لذلك فإن قمر الحادي والثلاثين من الشهر الجاري سيظهر بلونه المعتاد الرمادي اللؤلؤي، إلا إذا …
في ماضٍ ليس ببعيد، شاهد الناس القمر بلون أزرق كل يوم، شاهدوا البدر الأزرق والهلال الأزرق وجميع أطوار القمر بلونها الأزرق إلا ليالٍ معدودة ظَهر فيها القمر باللون الأخضر!
عام 1883 تحديدًا في إندونيسيا عندما انفجر بركان “كراكاتوا”، يشبه العلماء هذا الانفجار بقنبلة ذريّة تزن 100 مليون طن! حتى أن الناس على بعد 600كم سمعوا صوت الانفجار و كأنه مدفاع قريب! أعمدة من الرماد والأبخرة تصاعدت إلى أعلى الغلاف الجوي ليتحول لون القمر إلى الأزرق.
رماد بركان كراكاتوا كان السبب وراء ذالك، بعض أسحبة الرماد كانت تحتوي على جزيئات بحجم 1 مايكرو وهو حجم مناسب ليشتت الضوء الأحمر ويسمح بمرور باقي الألوان، مما جعل أشعة ضوء القمر التي تمر عبرها تظهر باللونين إما الأزرق أو الأخضر .
بعد هذا الانفجار بقي القمر يظهر باللون الازرق لعدة سنوات، حتى أن الناس شاهدو الشمس بلون ارجواني! كما شاهدو ولأول مرة الغيوم المتألقه ذات اللون الفضي أو الوردي.
براكين عديدة تسببت في إظهار اللون الازرق للقمر وكانت أقل عنفًا من بركان اندونيسا -سالف الذكر منها- مثل بركان تشيكو في المكسيك سنة 1983، و جبل بيناتوبو عام 1991 .
والسبب في ذلك كلة وجود جزيئات متناثرة عرضها أكثر من الطول الموجي للّون الأحمر، ومع أن وجود مثل هذه الجزيئات نادر إلا أنها تنبعث من البراكين والحرائق الضخمة كذلك.
ففي عام 1950 تحديدًا الثالث والعشرين من سبتمبر/أيلول، اندلعت عدة حرائق في أماكن متعددة في ألبرتا –كندا وسرعان ما تحولت إلى حرائق ضخمة وكثيفة الدخان. وصفها الفيزيائي البروفيسور سيو آن بولينغ من جامعة ألاسكا:”حملت الرياح الدّخان باتجاه الشرق والجنوب بسرعة غير مسبوق، حيث أسهمت ظروف الأحتراق لخلق كمية من الجزيئات الزّيتيّة بحجم 1 مايكرو كانت كافية لتشتت اللونين الاحمر والأصفر.” وحتى أن ضوء الشمس التي لم تكن لترى إلا بعد زوال الدخان كانت باللون الأرجواني أو الأزرق.
تأثرت كذلك ولاية انتاغيو والساحل الشرقي من الولايات المتحدة، لكن الدخان بقي مستمرًا في السير حتى أنه وصل وجهته في انجلترا بعد يومين لتشهد شمسًا أرجوانيه وسماء ملبّدة بالدّخان وقمرًا أزرقًا.
في 31-يوليو (والذي هو اليوم) ستكون الحرائق مشتعلة في الولايات المتّحدة الغربيّة، إذا أنتجت منها رمادًا أو دخانًا زيتيًّا بحجم 1 مايكرو سيكون القمر الأزرق حقًّا يحمل اللون الأزرق. لكنّ في الغالب سيحمل اللون الأحمر؛ لأن الدخان والرماد المتطاير في الغلاف الجويّ المنبعث من الحرائق والعواصف يبلغ حجمه أقل من 1 ميكرو. ذلك يعني أنه سيشتت اللون الأزرق ونتيجة لذلك سنرى قمرًا أحمرًا. هنا قد يبدو الأمر منطقيّاً أكثر فربما جميعنا شاهدنا قمرًا أحمراً فهو أكثر شيوعًا من الأزرق بكثير.
غريب؟ ربّما، ولكن هذا ما هو حول القمر الأزرق، اخرج اليوم مساءً في وقت الغروب ووجّه نظرك نحو الشرق وراقب بنفسك. ��
|
|
المفضلات