البداية والنهاية

فصل فيما ورد في صفة خلق العرش والكرسي 1



الكرسي


وأما الكرسي فروى ابن جرير من طريق جويبر وهو ضعيف عن الحسن البصري أنه كان يقول الكرسي هو العرش وهذا لا يصح عن الحسن بل الصحيح عنه وعن غيره من الصحابة والتابعين أنه غيره وعن ابن عباس وسعيد بن جبير أنهما قالا في قوله تعالى وسع كرسيه السموات والأرض أي علمه والمحفوظ عن ابن عباس كما رواه الحاكم في مستدركه وقال إنه على شرط الشيخين ولم يخرجاه من طريق سفيان الثوري عن عمار الدهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال الكرسي موضع القدمين والعرش لا يقدر قدره إلا الله عز وجل وقد رواه شجاع بن مخلد الفلاس في تفسيره عن أبي عاصم النبيل عن الثوري فجعله مرفوعا والصواب أنه موقوف على ابن عباس وحكاه ابن جرير عن أبي موسى الأشعري والضحاك بن مزاحم واسماعيل بن عبدالرحمن السدي الكبير ومسلم البطين وقال السدي عن أبي مالك الكرسي تحت العرش وقال السدي السموات والأرض في جوف الكرسي والكرسي بين العرش يدي وروى ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس انه قال لو أن السموات السبع والأرضين السبع بسطن ثم وصلن بعضهن إلى بعض ما كن في سعة الكرسي إلا بمنزلة الحلقة في المفارة وقال ابن جرير حدثني يونس حدثنا ابن وهب قال قال ابن زيد حدثني أبي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما السموات السبع في الكرسي إلا كدارهم سبعة ألقيت في ترس قال وقال أبو ذر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض أول الحديث مرسل وعن أبي ذر منقطع وقد روى عنه من طريق أخرى موصولا فقال الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني أنبأنا عبدالله ابن وهيب المغربي أنبأنا محمد بن أبي سري العسقلاني أنبأنا محمد بن عبدالله التميمي عن القاسم بن محمد الثقفي عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر الغفاري أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكرسي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده ما السموات السبع والأرضون السبع عند الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة وقال ابن جرير في تاريخه حدثنا ابن وكيع قال حدثنا أبي عن سفيان عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير قال سئل ابن عباس عن قوله عز وجل وكان عرشه على الماء على أي شيء كان الماء قال على متن الريح قال والسموات والأرضون وكل ما فيهن من شيء تحيط بها البحار ويحيط بذلك كله الهيكل ويحيط بالهيكل فيما قيل الكرسي وروى عن وهب ابن منبه نحوه وفسر وهب الهيكل فقال شيء من أطراف السموات يحدق بالأرضين والبحار كأطناب الفسطاط وقد زعم بعض من ينتسب إلى علم الهيئة أن الكرسي عبارة عن الفلك الثامن الذي يسمونه فلك الكواكب الثوابت وفيما زعموه نظر لأنه قد ثبت أنه أعظم من السموات السبع بشيء كثير ورد الحديث المتقدم بان نسبتها إليه كنسبة حلقة ملقاة بأرض فلاة وهذا ليس نسبة فلك إلى فلك فإن قال قائلهم فنحن نعترف بذلك ونسميه مع ذلك فلكا فنقول الكرسي ليس في اللغة عبارة عن الفلك وإنما هو كما قال غير واحد من السلف بين يدي العرش كالمرقاة إليه ومثل هذا لا يكون فلكا وزعم أن الكواكب الثوابت مرصعة فيه لا دليل لهم عليه هذا مع اختلافهم في ذلك أيضا كما هو مقرر في كتبهم والله أعلم

اللوح المحفوظ

ذكر اللوح المحفوظ قال الحافظ أبو القاسم الطبراني حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة حدثنا منجاب بن الحارث حدثنا إبراهيم بن يوسف حدثنا زياد بن عبدالله عن ليث عن عبدالملك بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله خلق ولوما محفوظا من درة بيضاء صفحاتها من ياقوتة حمراء قلمه نور وكتابه نور لله فيه في كل يوم ستون وثلثمائة لحظة يخلق ويرزق ويميت ويحيي ويعز ويذل ويفعل ما يشاء وقال إسحاق بن بشر أخبرني مقاتل وابن جريج عن مجاهد عن ابن عباس قال إن في صدر اللوح لا إله إلا الله وحده دينه الإسلام ومحمد عبده ورسوله فمن آمن بالله وصدق بوعده واتبع رسله أدخله الجنة قال واللوح المحفوظ لوح من درة بيضاء طوله ما بين السماء والأرض وعرضه ما بين المشرق والمغرب وحافتاه الدر والياقوت ودفتاه ياقوتة حمراء وقلمه نور وكلامه معقود بالعرش وأصلح في حجر ملك وقال أنس بن مالك وغيره من السلف اللوح المحفوظ في جبهة إسرافيل وقال مقاتل هو عن يمين العرش