رشفات من رحيق مختوم

**الشيخ / خالد الجعفري** · 06:40 AM

وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51)) الأنبياء.
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ (26) وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ (27) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا المُقَرَّبُونَ (28) ﴾ سورة المطففين

رشفات من الرحيق المختوم
فقد قال الحق في محكم التنزيل وهو أصدق القائلين (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51)) الأنبياء. وقال سيدى فخر الدين فى القصيدة التائية :
سعيت إلي مولاي مرفوع هامة *** وما زلت للدنيا شعاع الهداية
وآتيت إبراهــــيم من قـبل رشده *** فما هو إلا فلذتي وعطــــــيتي
وقال أيضا في القصيدة (12) :
من كمال العطاء من فيض وهب *** أيها الناس جـــــــاءكم إبراهيم

فبالنظر إلي الآية الكريمة وأبيات الديوان المسمي ( شراب الوصل ) نرى أن مولانا ينادى أبنائه وأحبابه قائلاً : يا أيها الناس جاءكم صاحب الإسم العظيم إبراهيم ، جاءكم من كمال العطاء ، عطاء المعطى الكريم , ومن فيض وهب الوهاب ، واهب النعم بارئ النسم وذراري الأمم القائل في الآية (31) من سورة البقرة (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا) .
فمن رشفات هذه الآية الكريمة :
• أن الله مسمى الأسماء وخالقها وكل إبن آدم له من إسمه نصيب .
• أن مولانا الشيخ محمد عثمان عبده شهد كواشف الظلمات عن معان جل وصف غراسها ، ومناقب جلت عن الأفهام لصاحب الاسم الشريف إبراهيم المكون من سبعة أحرف وهي :
حرفى الألف – والباء ( إب ) من الإياب من الآية ( 44 ) سورة ص (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِّعْمَ العَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) .
حرف الراء ( ر ) من الرؤيا من الآية ( 77 ) سورة الأنعام (فَلَمَّا رَأَى القَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي) ـ ومن الرشد من الآية ( 51 ) الأنبياء (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ) .
إبرأ : من الباري من الآية ( 24 ) الحشر (هُوَ اللَّهُ الخَالِقُ البَارِئُ) .
أواه : من الآية ( 114 ) التوبة (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) و الآية ( 75 ) هود (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ) .
ومن الأحاديث :
عن أبي إسحاق عن عمر بن شرحبيل قال : الأواه هو الرحيم .
وعن بن وكيع قال حدثنا محمد بن بشر عن سعيد عن قتادة عن الحسن قال هو : الرحيم .
نعم لكل إبن آدم من إسمه نصيب ، والله مسمي المسميات جميعها ، خالق الأحرف ومازجها لتنبئ عما في الإسم من معاني ذاتية فتبارك الله أحسن الخالقين الذي قال في محكم التنزيل :
• فناداه بقوله (وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ) 104 الصافات .
• وسلم عليه بقوله (سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ) 109 الصافات .
• وجعل فيه الأسوة بعد حبيبه سيدنا محمد صل الله عليه وسلم بقوله : (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ) 44 الممتحنة .
• واتخذه خليلا بقوله (وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً) من الآية 125 النساء.
• وأمرنا بإتباع ملته بقوله (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً) من الآية 125 النساء .
• وجعل ذكره يساوي ذكر أمه كاملة بل وأربي أمة بقوله : (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِّلَّهِ حَنِيفاً) 120 النحل . و (أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ) من الآية 92 النحل.
• واجتباه ربه وهداه وجعله من الصالحين بقوله : (شَاكِراً لأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ، وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) 121، 122 النحل .
• وخاطبه في ياسين بقوله (إِنَّكَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ) 1 سورة ياسين .
فهذا صاحب الإسم الشريف إبراهيم الذى ناداه ربه بقوله : (وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ) وكان المسمي إبراهيم والمنادي عليه الذي نودي بصيغة الجمع من حضرة القدس عندما تمت معرفته وشوهد ( إنسان عين ) في حضرة البر الصمد ، فمن بين الذين شاهدوه غيباً فى هذه الحضرة ونادوه سيدي فخر الدين وسيدي أبو العينين في القصيدة الأحدية التي تشير الى جماله الطالع من كنز الأحدية معلنينً أنه شيخاً واصلا ًبقولهم :
من حبا شيخك شيخـاً واصــلاً *** يا مـريدي قـــل هـــو الله أحـــــد
إنه إنســــان عـــين شاهــــــــدت *** نوره في حضــــــرة البـــر الصــــمد
كل عـــــين بالجمــــــال اكتحلت *** طاب كحــــــلاً ليجــافيــها الرمــــد
يا مـــــريدي والد أنعــــــــــم بــه *** مــن ودود مـــالـــــه أم الــولـــــــد
وعن المعنى المقصود بـــ ( الوالد الذى ليس له أم الولد ) أى : ( الرجل الذى لم يتزوج بأمة ، فالرجل إذا تزوج بالامة وأنجبت له ولداً فولدها يحررها فتسمى هنا أم الولد ) فأشار سيدي فخر الدين الى أن صاحب الإسم إبراهيم : هو الذى لم يتزوج بأمة فتلد له الولد الذى يحررها .
فأمامنا ثلاث اسماء لابراهيم :
الاول "سيدنا الخليل ابراهيم الذى تزوج بالسيدة هاجر فأتت له بالولد الذى حررها وهو سيدنا اسماعيل عليه السلام فكانت هاجر أم الولد ".
الثانى " سيدنا ابراهيم بن سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى مات صغيراً" .
والثالث " سيدى ابراهيم القرشى الدسوقى الذى لم يتزوج أصلاً " .
فهنا كلمة أم الولد تعني أن فيها الإشارة إلي ( السر ) الذي قال فيه سيدي إبراهيم الدسوقي ( فصار السر سري من حبيبي *** وسر السر من مولي الموالي ) فالسر المقصود ـ كان سراً علي كل العظام ، وفيه خاطب سيدي فخر الدين صفوة أبناءه الخاصة من الناس قائلا :
من كمال العطاء من فيض وهب *** أيها النــــــاس جــــــاءكم إبراهــــــيم
• فابراهيم هو السرالمقصود بالدرالمنظوم والرحيق المختوم والظل الممدود وهو( الكتاب ) المعبرعن الإنسان الذى عدد حروفه سبعة أحرف , بعدد آيات فاتحة الكتاب السبعة التي تشير إلي الإنسان الكامل , الكتاب الذي أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير , وهو علم الكتاب الذي لما قرأه سيدى فخر الدين في باقوره علمه قال : إني رأيت ، وقلت يا قومي أري , إني رأيت وصدق ذاك ألم تر ، يعنى الآيات ( ألم تر إلي ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلاً ، ثم قبضناه إلينا قبضاً يسيراً ، وهو الذي جعل لكم الليل لباساً والنوم سباتاً وجعل النهار معاشاً ) من 45 -47 الفرقان .
• فهو صاحب ( الظل والعود ) المشار إليه في القصيدة (81) :
أول آخــــر ولكـــــن ببـــــــدء *** أنت للأوليــاء ظل وعود 6/ 81
أي ظل للعود الأصل الحبيب المصطفي صل الله عليه وسلم .
• فهو القبضة النورانية ( الميم ) التى برزت من الحقيقة الأحدية , حقيقة ( أحمد ) صاحب الحقيقة الأحمدية التى إشارتها في البيت الثاني من القصيدة (81) في قول سيدي فخر الدين رضي الله عنه عندما عاينه نوراً وسراً سارياً :
يا من الأمر حول جيدك عقد *** وبك الأنبيـــــــاء تعــــطي العقــــود
• وهو النبأ العظيم المشار إليه في سورة النبأ :
(وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً (11))
الآيات من 9-11 ، التى قال الحق تبارك وتعالى فيها إنه النبأ العظيم الذى هم فيه مختلفون وعنه معرضون ، ويقول الشيخ رضى الله عنه للمعرضين والمنكرين من أبناء الطريقة لماذا الإعراض والإنكار ؟ وإلي متي تظلوا علي إعراضكم , فلا تضطرونا إلي الإمساك وتقبلوا عطاءنا بقلوبكم .
وما عرف الإنكار غير من أدعي *** بأن لها في الجهل مثــــــقال ذرة 61/1
هلا عرفــــتم بعــــض قدر للـذي *** أعطيت إبراهيم وهو عطـــــيتي 320/1
إذا أمسكت فالإعـــراض منــــكم *** وإن أعطيت والمعطــــون نحـن 8/52
• وبالنظر أيضاً إلي حروف ( ألم تر ) من سورة الفرقان تجدها هي نفس حروف (الـم ، ذَلِكَ الكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ) سورة البقرة , ولكن في الآية الأولي ( ألم ) تجدها كلمة ضمن الآية , أما في الآية الثانية ( فالألف حرف ـ واللام حرف ـ والميم حرف ) فهي رموز آيات القرآن المحكمات مثل ( ألف – لام - راء ) و (ص‌ وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) .
وكلاهما يشير إلي معاني عاليه فعند الصوفية نجدها :
الألف من ( ا ) الله ـ واللام جبريل ـ والميم محمد صلي الله عليه وسلم
ومعني آخر :
الألف : يشير إلي الحضرة الإلهية .
واللام : تشير إلي الذات الأحمدية .
والميم : تشير إلي الحضرة النبوية .
فالحقيقة الأحدية غيب الأحدية ( أحدية والواحدة دونها )
فالأحدية تشير إلي حضرة النبي صل الله عليه وسلم وهي ثلاثة حقائق له صل الله عليه وسلم .
الحقيقة الأحمدية ـ والحقيقة المحمدية ـ والذات الأحمدي .
أما الحقيقة الواحدية : فهى تشير إلي الواحد بجانب الواحد , وهي( حضرة ) كلهم فيها آحادها , والكل واحد في واحديته : وإذا سما الواحد منهم , تسمي في الحضيرات باسمها , لذلك أضحي واحد الواحدية , والأصل فيه واحد : أب واحد .
وإنما نحن إخوان بلا جـدل *** أب لنا واحد أصل لأمتنا 8/35
وكلنا واحد في واحـــــديته *** وإنما فرق التوحــيد رتبتنا 49/35
والواحدية لها ثلاثة حقائق ( حقيقة أحمدية ـ وحقيقة محمدية ـ وذات محمدية ) في حضرة التقريب , ولذا يقول الشيخ رضى الله عنه :
في حضرة التقريب كنا ثلاثة *** لدي واحد التوكيد إني وأنها 9/80
كما يقول لنا : وإنى وإبراهيم في الأصل واحد 11/82
• ويقول الإمام بن عجيبه في البحر المديد في تفسير القرآن المجيد صــ 72 .
( الألف : تشير إلي سريان الوحدة في مظاهر الكون )
( واللام : فيضان أنوار الملكوت من بحر الجبروت )
( والميم : تشير إلي تصرف الملك من عالم الملك )
• أما الصاد : تشير لظهور تصرفها في عالم الملك .
• إذاً الـ ( ميم ) من ( أ ل م ) تشير إلي الحقيقة المحمدية .
• و الـ ( راء ) من ( أ م ر) تشير إلي الحقيقة المحمدية .
• وأيضاً ( صاد ) من { ص والقرآن ذي الذكر} تشير إلي الحقيقة المحمدية
• ويقول سيدي فخر الدين في كتابه تبرئة الذمة صــ289ــــ حول تفسير الآيتين الأول من سورة البقرة ( ألم * ذلك الكتاب لا ريب فيه ) .
• الألف يشار به إلي الذات الأحدية ، أي الحق من حيث هو أول الأشياء في أزل الآزال .
• واللام : يشار به إلي الوجود المنبسط علي الأعيان فإن اللام له قائمة وهي ألف وله ذيل وهي النون ، والنون عبارة عن دائرة الكون ، فاتصال القائمة بالذيل إنبساط الوجود علي الكون ، والقائمة ظل الألف الذاتي المنبسط علي الكون .
• والميم : يشار بها إلي الكون الجامع ، وهو الإنسان الكامل فالحق والعالم والإنسان ، كتاب لا ريب فيه ، ثم قال فهذا يا ولدي هو الكتاب وعلم الكتاب وأنت الكتاب , فإذا كانت الألف يشار به إلي أول الأشياء في أزل الآزال فالرمز فيه لحضرة النبي صل الله عليه وسلم وحقيقته هي الذات الأحدية .
• وإذا كانت الميم يشار بها إلي الكون الجامع وهو الإنسان الكامل الذي هو الكتاب الذي لا ريب فيه , وهو الذي أحكمت آياته , ثم فصلت , وقد ظهر هذا المعني في سورة هود ( ألـــر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ) والميم تساوي الراء وكلاهما يشير إلي الرقيقة المحمدية لنواب وخلفاء هذا الكتاب الجامع الذي هو الإنسان الكامل . والذي ناداه الحق سبحانه في الآية 104 الصافات ( وناديناه أن يا إبراهيم ) .
• فهو المسمي الشريف إبراهيم صاحب الحقيقة أولاً التي بيانها في سورة الرحمن مصداقا لقول الإمام فخر الدين في ديوانه التفصيلي المسمي شراب الوصل ق2 البيت 45، 46 :
فلتسمعوا قولي صحيحا مسنداً *** إن البيان بسـورة الرحــــــــمن
سبحان من خلق الحقيـقة أولاً *** نور النــــــبي معـــــــلم القـــرآن
ثم ناجاه من خلال هذا الديوان بقوله :
عن الألف :
يا أول الخلق في أطلاقة ألفا *** به التالف يا قاب الهـــــدايات 7/71
يا كاملاً من علوم الله أجمعها*** يا أحمد أيها المخصــوص بالذات 4/71
وعن الباء :يقول :
وما هو إلا نقطة البدء وإلبها *** وما هو إلا مظهر الذات صائر 5/21
وناداه أيضاً :
يا نقطة البدء والتمكين خصته *** يا حكمة الفصل يا مجلي الخفيات 6/71
إن البداية في رمــــوز أجملت *** باء البـــــداية خصــــــمهم تعظياًف 4/94
وعن الراء :
1 ـ راء الرمز الذي أعجز الجميع : يقول :
لأنك الرمز والإعجاز أجمعه *** لمن توهم في أوصاف أنعات 8/71
إمام في كتـــــاب الله رمز *** يكناه الأئمــــة قــــد رمـــــزت 14/4
2 ـ راء الرشد : يقول:
وآتيت إبراهيم من قبل رشده *** فما هو إلا فلــــذتي وعطيتى 4/1
وعن الهاء : هاء الهوية :يقول :
هو الهـــو هـــو بأســــتار التجـــــلي *** هو الهو ليـــس هو فالغيب ذاتى 53/39
هو السين وهو الهو كذا الهاء والأنا*** هو القدم المشهود والغيب سائر 12/21
وعن الياء : ياء اليمن .يقول :
في يمنيه قـــوتي ومـراسي*** بلســــــانية عــــــالم وعـليم 15/12
فأسلموا إن إبراهيم بينكم *** ولي يمين من الغر الميامين 28/37
وعن الميم : ميم متاع . يقول :
وعلي كاهـــــل الأمـــــــين متـــاعي *** وعليه الأمـــــان وهو الصريم 18/12
وأخذت من فيها جـــواهر حكمتي *** وكذا خـــــفائي والخفـاء متاع 13/23
وما استطاعة حج البيت عن سعة *** من المتاع ولا ظـــعن وأسـفار 3/33
فهذه هي الحقيقة الأزلية التي أودعت غيابة جب يوسفي بفطنة , أودعت كي تصان لوقتها , فإذا بسيدي أبي العينين وارد مائها يدلي دلوه لاستخراجها من جب غيبها من ( سماء عالم الغيب ) , حيث تجلي الحق بإنفطارها , ثم انشقاقها له عندما قال رضى الله عنه ( نوافح الجود فى العليا لى انفردت ) ,
أى توجهت إليه سراً فكان هو المقصود بالتوجه الحبى بمشاهدتها نوراً وسراً سارياً فعند رؤيتها صاح بأعلى صوته قائلاً :
نوافح الجود في العـــليا لي انفــردت *** من عالم الغيب في سـر إلي أتت
أقول لا فخر أسراري بدت فعـلت *** أنا الدسوقي بروقي في السما لمعت
وصنجكي في العلا من ذا يضا هيه
تجمــــعت بي رجـــــال كنت عاهدهم *** يســـــاءلوني عن حـــــالي فأوهمهم
لما أتي الوقـــــت حــــــتماً أن أكلـمهم *** رأيت إسمي مكــــتوباً فقـــــلت لهم
هذا مقامي فمن فيكم يساويه
( أي لقد رأينا إبراهيم اسمي مكتوب في أم الكتاب في هذا المقام المسمي بالمقام الإبراهيمي فقلت لهم هذا مقامى فمن فيكم فى مقام يساويه ) ثم يقول في نهاية القصيدة :
اسمع كلامي في سر وفي علن *** أنا الدسوقي وكل الكون يعرفني
كل يقول إمام الدين حاميه
( جوهره الدسوقي – ابتسام المواقع ) .
فالمقام الإبراهيمى موطن فيه الحمى (مقام إبراهيم) المقام الذى يحدثنا عنه سيدى فخر الدين فى القصيدة الرجية (15) قائلاً :
من أجل ابراهيم بعد رجـــــائه *** هذا الحديث ومنحتى وكلامـى
فهو الحبيب ولا يخيب رجـاؤه *** أورثتـــــه ســــراً عليـــه لثـــــامى
ماغير إبراهيم عبد ذو حـــــمى *** هو مجتبى حتى يقوم مقامـــى
وقد جاءت الأشارة اليه بسورة النبأ بأنه النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون وسوف يعلمون نباه في وقته , ووقته سيكون يوم الفصل .( ولتعلمن نبأه بعد حين )
وقال سيدى فخر الدين عندما حان وقته وأتى زمانه :
قلت لما حان حيني*** كان بي ربى حفيا 26/17
وقال أيضاً فى القصيدة (62) :
قد وعدنا فارتقب فتحا قـريباً *** بعده فتحــــاً نـرى نوراً مبينا ً
ذاك يوم يجعل الوالدان شيباً *** فيه إطلاق الفتوح بدا يقينا ً
ثم قال عنه الحق جل شأنه فى سورة ص آية ( 67 ,68 ) ( قل هو نبأ عظيم ، أنتم عنه معرضون )
ويقول سيدى فخر الدين فى القصيدة الحادية عشر :
عم الســـــؤال ومــــا النـــبا *** ومن العظـــــيم بالإجتـبا
ومن الخــــــــــــلافة فيهم *** تـــربوا عـــــلى كل الربا
فهو المبجـــل ذو حمــــــي *** من أمه يكفــــــي الردى
وهو المخاطب في الضحى *** ولسوف أعطيك الرضا
المصطفي المعصـــــوم من *** هـــو قــــــدوة للاقــتدا
فإبراهيم هو الرمز والإسم الشريف مولاي الذي سعيت إليه مرفوع هامة وما زلت للدنيا شعاع الهداية , وأقول أيضاً فما هو غير من يسعي إليه وصار الخلق تحت لواه حشداً , وهو أحمد حيث الأحمدية صاحب لواء الحمد فيها :
هو أحمد في قاب قوسين أنجلي *** وله لواء الحمد ما أسماه 10/19
فعلينا أيها الأخوة الأحباب إذا فهمنا ما سبق أن نعرف حق المعرفة ماهى حقيقة شيخنا وكفانا ضياعا للعمر دون أن نعرف حقيقتة فهـــــو الذي أشار اليه سيدي فخر الدين أنه حقيقة الحقائق من أزل الآزال عندما قال فى القصيدة الخامسة عشر :
من أجل إبراهيم بعــــــد رجائه *** هذا الحديث ومنــحتي وكلامي
وله معان جل وصـــف غراسها *** ومناقــــب جلـــــت عن الإفهام
وأيضاً أراد سيدى فخر الدين رضى الله عنه أن يكشف النقاب للأحباب عن حقيقة إمام الدين مولانا الشيخ محمد إبراهيم الذى جاءنا وهونائب أى خليفة لمولانا الإمام صاحب الأسم الشريف الشيخ ابراهيم محمد عثمان عبده البرهانى رضي الله عنهم في القصيدة (14) :
وصرحي باسم الله بوأت ركنه *** وآية إبراهـــــــــيم رفــــع القواعد
يطــــهره للطــــــــــــائفين وإنـــه *** لقبلة قصادي وبـــــيت العقائد
فذانك إبراهـــــيم بيتي ومعبدى *** ومعدن فضلي وإبـن أم المعابد
حتي آخر القصيدة :
ويحمد عند الله عبد مجاهد *** وذو جـــلد في كل أمر مكابد
وختاماً : اشربوا من كفى علوم مشربى الصفى بتجلد متثبت
ماذا عـليكم لــو وردتم مـشربى *** وهو الصفى بتجلد وتثبت
عــــــــــلــــــو م
فـ ( هلا عرفتم بعض قدر للذى *** أعطيت إبراهيم وهو عطيتى )