البيرونيّ

ساهم البيرونيّ في محاربة الجمود المدرسيّ والخرافة؛ فسعى في مؤلّفاته إلى تفسير الظّواهر تفسيرًا عقلانيًّا، فكان إنسانًا في نزعته وتفكيره، وأعطى البيرونيّ صورةً واضحةً عن تثليث الزّوايا، كما قدّم بحثًا عن طـول الّليل والنّهار في المناطـق المتجمّدة، ونتيجة للاختلاف في التّقويم، فقد قام البيرونيّ بدراسات نافعة للطّرق المختلفة المتّبعة في تقسيم الزّمن وتاريخ الحوادث (حوالي سنة 390هـ /1000م)، وواصل هارون بن مشلام وأبراهام بارخبة هذه الدّراسة في عامي (499هـ /1106م و 515هـ /1122م).

ابتكر أبو ريحان البيرونيّ الأسطرلاب الاسطوانيّ الّذي لم يقتصر على رصد الكواكب والنّجوم فقط بل كان يستخدم في تحديد أبعاد الأجسام البعيدة عن سطح الأرض وارتفاعها.


صفحة من كتاب استيعاب الوجوه الممكنة في صنعة الأسطرلاب للبيرونيّ


وكتب أبو ريحان البيرونيّ حول تصميم خطوط الطّول والعرض ودوران الأرض والجاذبيّة، كما قال بوجود قوًى للجاذبيّة للأجسام قبل أن يكتشفها نيوتن، ووضع نظريّةً لحساب محيط الأرض لا تزال تُعرف باسمة حتّى الآنَ في الكتب المدرسيّة.


حساب أبو الريحان البيرونيّ لمحيط الأرض

وقد استطاع البيرونيّ ابتكار أمور جديدة في علم الكيمياء حيث كان أوّل من حضّر كربونات الرّصاص القاعديّة، وصنع الزّجاج ولوّنه بطريقة تشبه طريقة الصّودا لصنع الزّجاج المستعملة حاليا، كما ذكر البيرونيّ طريقةً لتحويل الحديد إلى فولاذ عن طريق إجراء عمليّة تعدين للحديد وتسخينه مع إضافة موادّ فلزيّة فيتحوّل إلى فولاذ.

أبو القاسم العراقيّ

لقد كان لأبي القاسم العراقيّ دور كبير في النّهوض بعلم الكيمياء خاصّة أنّ أبا القاسم العراقيّ ظهر في وقت كان فيه علم الكيمياء في حالة ركود، فعمل على تحويل علم الكيمياء من علم فلسفيّ قائم على الشّعوذة والسّحر إلى علم علميّ قائم على التّجربة والاستنباط والتّوثيق العلميّ (الأمانة العلميّة).

كما أنّ أعمال أبي القاسم العراقيّ توضّح التّقدم الّذي أحدثه قي علم الكيمياء، وخاصّة نظرته (تحويل المعادن)، وكلّ من جاء بعده من العلماء استفاد من آرائه وكتبه.

استطاع أبو القاسم العراقيّ أن يخترع نظريّة (تحويل المعادن) الّتي تحدّث عنها في كتابه (العلم المكتسب في زراعة الذّهب)، فكانت هذه النّظريّة محصلة جهده وتحليله لتجارب العلماء السّابقين من الإغريق والعرب.

وتقوم نظريّة تحويل المعادن لأبي القاسم العراقيّ على استخدام النّار؛ لتسخين المعدن إلى درجة معيّنة بحيث يصبح بالإمكان فصل المعدن عن الشّوائب العالقة به معتمدًا على الطّبيعة المكوّنة للمعادن حيث أنّ الفلزات الأساسيّة في الكون هي ستّة، جميعها تتبع لنفس النّوع وما يميّزها عن بعضها البعض هو شكل وخواصّ كلّ فلزّ من هذه الفلزّات، وهذه الخواصّ المميّزة لكلّ منها يمكن إحداث تبديل فيها وإزالتها، وبالتّالي يصبح من السّهل تحويل الحديد إلى فولاذ لأنّ الفولاذ عنصر من الحديد.

تابع