الخيالات الحاصلة للإنسان


الحمد لله, والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم.

وبعد:

فإن الخيالات الحاصلة للإنسان باتجاه الموت مثلاً, وباتجاه الحشر بعد خروج الناس وذهابهم إلى الحشر, وكذلك الحسابات, وكذلك هذه الخيالات بوجود الله جل وعلا, هذه كلها خيالات, لا بد من ثبات هذه الأمور في القلب قبل أن نموت, قبل أن نحشر, قبل أن نعطى الحساب, مع كل هذا لا بد من الحضور التام الدائم مع الله تبارك وتعالى جل وعلا, حينذاك يثبت للإنسان كأنه ذهب قبل أن يذهب, ومات قبل أن يموت, وحوسب قبل أن يحاسب.

لا بد للمؤمن أن يخرج عن هذه الخيالات, وإذا سأل عن علاجها وكيفية حصولها فإنه بالمجاهدة وترك الهوى وترك حب الدنيا والأنانية والطبيعة البشرية البهيمية, والله تبارك وتعالى أرحم الراحمين, إذا كان هذا الطلب من العبد بهذا الاعتقاد الجازم فإنه جل وعلا يحب هداية عبده, أحياناً برحمته كأنه يأخذنا ويضمنا إلى رحمته, هذا منه وله جل وعلا ليس لنا ولا لعلمنا, وهو جل وعلا يقول: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُون} [البقرة: 46], ويقول في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي) [أخرجه البخاري]. والظن هنا بمعنى اليقين, يعني أن الخيالات لا تفيد إلا باليقين,

قال سيدنا علي رضي الله عنه: (لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً) [قال الملا علي القاري رحمه الله في المصنوع:

قال القشيري رحمه الله في رسالته: هو قول عامر بن عبد الله بن عبد قيس. قلت: والمشهور أنه من كلام علي كرم الله وجهه]. نحن على هذا الطريق, وهذا الطريق من سيدنا علي رضي الله عنه, ونحن على هذا الاعتقاد, لو قلت لواحد لا يصلي: هل تموت؟ يقول: أنا أموت, هل تحشر؟ يقول: أنا أحشر, إذاً لم حالك هكذا؟ معناه هذه خيالات, لأن هذا الاعتقاد لم ينزل من الخيالات إلى القلب والاعتقاد الاطمئناني. اللهم نوِّر قلوبنا وبصيرتنا, وحبِّب إلينا ما تحب وترضى. وصلى الله على سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه وسلم, والحمد لله رب العالمين.