السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قرأت هذا الموضوع في مدونة واعجبني وأحببت ان أشارككم أحبائي اعضاء هذا المنتدى الرائع والمتنوع المواضيع كاول مشاركة لي بعنوان :


كيف تخرج من دوامة الحزن؟



تحدثتُ في كتابي : "الصبر عند الصدمة الأولى" المراحل الـ 7 التي يمرّ بها الفرد الذي باغته خبرٌ مؤلم ، وفي هذه التدوينة سأقوم بشرح هذه المراحل مرحلة مرحلة لكي يكون الفرد واعيًا فيها ويُتقن التعامل معها حتى لاتعصف به أحداث الحياة وتلعب به أمواجها العاتية..

المرحلة الأولى : تلقي الخبر :

هي لحظة نزول الخبر الصادم على الفرد كفقد عزيز أو خسارة في تجارة ، ومشكلة هذه المرحلة في المباغتة والمفاجأة ، وهذا مايجعل الفرد يفقد توازنه النفسي ، والروحي ، والعقلي لفترة تمتد لدقائق وربما لأشهر تعتمد على مستوى الوعي لديه.

المرحلة الثانية : الإنكار :

وهي المرحلة التي يدخلها الفرد بعد تلقيه الخبر الصادم ، وهي إفراز للمرحلة الأولى ، وهذه المرحلة تتميز بأن الفرد يكون منذهلاً غير مصدق لما حصل ، وقد يقوده ذلك إلى إنكار ماحصل لقوة نزول الخبر الذي وقع عليه ، كما حصل مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه عندما وصله خبر وفاة النبي عليه الصلاة والسلام فكان الخبر مفاجئاً مباغتاً للجميع ، فحمل ـ رضي الله عنه ـ سيفه ، وقال من زعم أن محمداً مات ضربت عنقه ، بل ذهب إلى ربه وسيعود كما ذهب موسى إلى ربه ، ووازنه بموقف أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ الذي تلقى الخبر بثبات ، فدخل على النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ وقبله بين عينيه وقال :"ماأطيبك حياً وميتاً يارسول الله" ، ثم خرج إلى الناس وقال لهم : أيها الناس من كان يعبد محمداً فإنّ محمداً قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لايموت ، ثم قرأ وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضرّ الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ) آل عمران ، 144) ، قال عمر : فلم تحملني قدماي ، وأيقنت حينها أن رسول الله قد قُبض ، ومرحلة الإنكار مرتبطة بشدة الموقف ، وليس شرطاً أن يمرّ بها الجميع.

المرحلة الثالثة : الشعور بالذنب :

هذه المرحلة أخطر مرحلة قد يصل إليها الفرد الذي ابتلاه الله بنازلة ، فيبدأ بتكوين فكرة أنّ ماحصل له بسبب ذنوبه ، والغوص في تفكير كهذا قد يجره إلى أفكار لامنطقية ، وليست شرعية أيضاً كأن يعتقد أن الله ـ والعياذ بالله ـ ينتقم منه ، وأنه سيّئ يستحق ماجرى له ، وهنا يبدأ يتكون لدى الفرد قناعة مؤذية له ؛ الإبتلاءات أفهمها بأنها أحداث خارجية تقع على الجميع ، وهي أحداث محايدة تقع في العالم الخارجي ولا نملك منعها أو التحكم بها لكن نملك إيقاف الإنفعالات السلبية واختيار السلوكيات البنّاءة فعندما توفيت والدتي ـ رحمها الله ـ فجأة حزنت جدا لكنني قمت بأفعال بنّاءة فاعتمرت عنها وتصدقت ودعوت لها وكنت أذهب لزيارة قبرها كل يومين والدعاء لها وهذا مافعلته أيضا عندما توفي والدي ـ رحمه الله ـ بعدها بثلاثة أشهر وتعاونت وإخوتي ذكورًا وإناثًا وبنينا لهما مسجدًا في مدينة الدمام في حيينا أسميناه مسجد بر الوالدين نسأل الله أن يكون خالصًا لوجهه الكريم ، فالأحداث المؤلمة عندما تقع لايعني ذلك أنك سيء أو أنّ الله يعاقبك لا بل هي أحداث قدرها الله وهي تقع في العالم الخارجي الذي لانسيطر عليه في "الكون" لكننا نستطيع السيطرة على انفعالاتنا وردود أفعالنا نسيطر على "الكيان" والكيان نحن ، سُئل الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ " أيهما أفضل للرجل أن يُمكّن أو يُيبتلى ؟ فقال : لايُمكّن حتى يُبتلى ، والله تعالى ابتلى أولي العزم من الرّسل فلما صبروا مكّنهم " ، ووجه آخر لاينتبه له الكثير ، الله يبتلي أحبابه ليرفع منزلتهم ، وليختبر صبرهم وليسمع شكواهم ، وأنينهم ، وتضرعهم بين يديه هذه هي رسائل الابتلاء الخفية ، ويأتي ابتلاء الأنبياء والصالحين من هذا الوجه ، فما نريده منك ـ أيها الموفق ـ ألاّتؤنب نفسك تأنيبا لاتستحقه ، فإن نزل بك البلاء فبادر إلى الإصلاح ، وقد صمّمت منهجاً عملياً في كتابي الصبر إن كنتًُ راغبًا فاحصل عليه ، ففيه ستحصل على نتائج لا توصف من تخفيف البلاء وقلب المحنة إلى منحة ، والألم إلى أمل ، والعذاب إلى عذوبة.

المرحلة الرابعة : الإنفعال الشديد :

هذه المرحلة تعد إفرازًا طبيعيًا للمراحل التي سبقتها من الإنكار ، والشعور بالذنب فيتكون لدى الفرد صورٌ سلبية متلاحقة ، وسريعة عمّا حصل معه ، فيكون مستثاراً لأي انفعال مهما صغر ، وتصدر منه نوبات غضب ، وحنق غير معتادة منه ، لكنها مؤقتة وتبدأ بالزوال تدريجيا مع عودة الفرد إلى حالته الطبيعية ، وفي هذه المرحلة أقترح على الفرد بالرياضة والمشي والصلاة والاستغفار ، أسميتها في الحركة بركة ، وقد صمّمنا لك في المنهج العملي في كتابي الصبر عند الصدمة الأولى ممارسات لتهدئة هذا الانفعال تجدها تجدها مفصلة في الكتاب ، والكتاب متوافر لدى جرير ومعظم مكتبات المملكة والخليج.

المرحلة الخامسة : مرحلة التقبّل :

وتتميز هذه المرحلة ببداية عودة الشخص إلى وضعه الطبيعي ، وبداية تقبل القضاء والقدر ، واندماجه في الحياة الطبيعية ، وبداية زوال الحزن والضيق الذي أصابه من جرّاء الحدث المؤلم.

المرحلة السادسة : الرجوع :

وهي العودة الحقيقية للفرد إلى حياته الاجتماعية ، وعلاقاته ، وعمله ، وبداية الخروج الحقيقي من نفق الأزمة التي مرت به وعصفت بكيانه.

المرحلة السابعة : التعلّم :

وأعدّها ثاني أخطر مرحلة بعد الشعور بتأنيب الضمير، وكثير من الناس لايصل إليها ، وهي تعني باختصار " ماذا تعلمتنا من الحدث الذي مرّ بنا؟" ماهي الدروس المستفادة التي يمكن أن تخرج بها؟ فتكون لديك خبرات مختزنة تستفيد منها في حياتك مستقبلا ، وكما قيل فإن دروس الحياة معادة ومكررة ، وينبغي علينا أن نتعلم ممّا حصل معنا حتى لانكون أسرى في كل مرة للشعور المؤلم والذي يقطعنا عن ممارسة أدوارنا في الحياة.

سؤال : هل يجب أن يمرّ الجميع بهذه المراحل كما هي ؟

الناس يتفاوتون في المرور على هذه المراحل ، و قدرتهم على التعامل مع الأخبار المؤلمة حين وقوعها ، وهذا التفاوت مرجعه الأساس إلى التربية الدينية التي تلقيناها ، والبرمجة البيئية التي عشناها ، فهناك أشخاص أقدر على الاحتساب والصبر من آخرين ، وهناك أشخاصٌ تربوا في بيئات إيجابية عودتهم على التحرك للبحث عن الحلول لا التصلب عند حصول التحدي ، وهدفنا أن نقفز بك في هذه المراحل من المرحلة الأولى : تلقي الخبر إلى المرحلة الخامسة : التقبل ، دون أن تمر بمرحلة الإنكار ، والشعور بالذنب ، والانفعال الشديد ، هدفنا معك أن تتعلم كيف تقلب المحنة إلى منحة والألم إلى أمل ، كيف تجعل الابتلاء تهذيباً وليس تعذيباً ، فالله لايبتلي ليعذب بل يبتلي ليهذب ، والتدريب والمران والاستمرار في التطبيق فترة البرنامج العملي يجعلك لائقاً نفسياً ، وذهنياً للتعامل مع أحداث الحياة قبل وقوعها "تصورها كبروفة" ، أثناء وقوعها ، وبعد وقوعها فالعلم بالتعلم ، والحلم بالتحلم كما أخبر المعصوم عليه أفضل الصلاة والسلام ، كما ينبغي أن تصبر على تطبيق المنهج العملي الذي ذكرناه في كتابنا على الأقل ستة أشهر ، فالنتائج تثمر فقط مع التطبيق الجاد ، والعزيمة ، والصبر ، والإصرار على الوصول لهدفك بعون الله.

من مقالات د.خالد محمد المدني

خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة

رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي olto

دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا